محادثات مغربية ـ إسبانية تتناول الأمن والهجرة والاقتصاد

رئيسا الوزراء المغربي والإسباني خلال لقائهما في الرباط أمس (ماب)
رئيسا الوزراء المغربي والإسباني خلال لقائهما في الرباط أمس (ماب)
TT

محادثات مغربية ـ إسبانية تتناول الأمن والهجرة والاقتصاد

رئيسا الوزراء المغربي والإسباني خلال لقائهما في الرباط أمس (ماب)
رئيسا الوزراء المغربي والإسباني خلال لقائهما في الرباط أمس (ماب)

أجرى رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني محادثات مع نظيره الإسباني بيدرو سانشيز، في الرباط، أمس، ركزت على ملفات التعاون الأمني والاقتصادي ومكافحة الهجرة غير القانونية.
والزيارة هي الأولى لسانشيز الاشتراكي إلى المغرب منذ تعيينه في 2 يونيو (حزيران) الماضي على رأس الحكومة الإسبانية، خلفاً لماريانو راخوي من «الحزب الشعبي». ويرافق سانشيز وفد يضم عدداً من أعضاء الحكومة، بينهم وزير الداخلية ومسؤولون رفيعون. وحضر المحادثات وزير الدولة المغربي المكلف بحقوق الإنسان مصطفى الرميد، ووزير الداخلية عبد الوافي لفتيت.
وعقب لقائه نظيره المغربي، قال سانشيز إن محاربة الهجرة غير القانونية تتطلب مسؤولية مشتركة من قبل البلدان المعنية، بما فيها إسبانيا، لافتاً إلى أن دعم الاتحاد الأوروبي في هذا الملف «لا غنى عنه». ونوه بالجهود التي يبذلها المغرب لمواجهة هذه الظاهرة، مشدداً على أهمية التعاون في هذا المجال.
وأكد التزام مدريد بدعم مبادرة «3 س» ضد التصحر، التي يرأسها كل من المغرب والسنغال لدعم الاستدامة والاستقرار والأمن في أفريقيا، نظراً لوجود صلة مباشرة بين ظاهرتي التصحر والهجرة. وشدد على أهمية الشراكة الاقتصادية، مشيراً إلى أن الجانبين قررا «تنظيم منتدى اقتصادي مغربي - إسباني العام المقبل».
من جهته، أوضح العثماني أن «المغرب يبذل كل ما في وسعه في مجال مكافحة الهجرة السرية»، وتابع أن قضية الهجرة «معقدة، ولا يمكن حلها بالمقاربة الأمنية، رغم أهميتها، بل يجب اعتماد مقاربة تنموية في البلدان التي تشكل مصدراً للهجرة السرية انطلاقاً من أفريقيا». ودعا إلى «مقاربة تنهض بالتنمية في المناطق المصدرة للهجرة السرية»، مشيداً بالتزام إسبانيا بالدعم السياسي والمالي لمبادرة «3 س».
وتشيد إسبانيا بالجهود التي يبذلها المغرب في مجال محاربة الهجرة غير الشرعية، وتدافع عن زيادة المساعدات المالية له من الاتحاد الأوروبي، للمساعدة في وقف تدفق المهاجرين.
من جهة أخرى، كشفت صحيفة «الباييس» الإسبانية عن تقدم رئيس الوزراء الإسباني بمقترح ملف مشترك لتنظيم نهائيات كأس العالم 2030 مع المغرب، على هامش زيارته إلى البلد ولقائه العثماني.
وأوضحت الصحيفة أن لويس روبياليس، رئيس الاتحاد الإسباني لكرة القدم، طرح فكرة تقديم ملف مشترك يجمع قارتين، ويضم كلاً من إسبانيا والمغرب، مع إمكانية إضافة بلد ثالث، هو البرتغال، وأن رئيس «الفيفا» جياني إنفانتيو اعتبر الفكرة «صحيحة وجيدة، على أن تتم دراستها مع بقية المسؤولين عن ترشيحات مونديال 2030»، وأضاف أن «المغرب رحب بتنظيم مشترك مع الإسبان، بعد أن أعلن في وقت سابق تقدمه رسمياً لسباق تنظيم كأس العالم 2030».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».