بوتين وإردوغان يبحثان تشكيل اللجنة الدستورية السورية

قصف تركي على «الوحدات» الكردية شرق الفرات... وحلفاء واشنطن يتوعدون أنقرة بـ«حرب واسعة»

صورة وزعتها وزارة الدفاع الروسية لمقاتلة «سو-57» في أجواء سوريا (رويترز)
صورة وزعتها وزارة الدفاع الروسية لمقاتلة «سو-57» في أجواء سوريا (رويترز)
TT

بوتين وإردوغان يبحثان تشكيل اللجنة الدستورية السورية

صورة وزعتها وزارة الدفاع الروسية لمقاتلة «سو-57» في أجواء سوريا (رويترز)
صورة وزعتها وزارة الدفاع الروسية لمقاتلة «سو-57» في أجواء سوريا (رويترز)

بحث الرئيسان التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين التطورات في سوريا وفي شكل خاص ملف اللجنة الدستورية والوضع في إدلب.
وبحسب مصادر في الرئاسة التركية، ركزت المباحثات بين إردوغان وبوتين، التي عقدت بينهما في إسطنبول أمس عقب مشاركتهما في افتتاح الخط البحري من مشروع السيل التركي لنقل الغاز الروسي إلى تركيا وأوروبا عبر الأراضي التركية، على ملف اللجنة الدستورية في محاولة للتوصل إلى اتفاق في أعقاب عدم نجاح وفدي البلدين التقنيين في التوصل إلى توافق حول تشكيل اللجنة في الاجتماعات السابقة، وبخاصة الاجتماع الأخير، الذي عقد في أنقرة الخميس الماضي.
ويتمحور الخلاف حول القائمة الثالثة المتعلقة بمنظمات المجتمع المدني، التي تعدها الدول الضامنة لعملية أستانة تركيا وروسيا وإيران، بعد قبول قائمتين واحدة من المعارضة، وأخرى من النظام، وينبع الخلاف من توزيع النسب المتعلقة بأسماء القائمة الثالثة.
ويفترض أن تتشكل اللجنة الدستورية من 3 قوائم، قائمة من النظام، وأخرى من المعارضة، وقائمة ثالثة تضعها الدول الضامنة، على أن تبدأ مهامها في مدينة جنيف السويسرية، وفق مخرجات مؤتمر الحوار السوري الذي عقد في سوتشي الروسية، نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي.
وكانت القمة التركية الروسية الفرنسية الألمانية، التي عقدت في إسطنبول أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، دعت إلى تشكيل اللجنة الدستورية وبدء عملها قبل نهاية العام الجاري، فيما مدد أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، مهمة المبعوث الأممي الحالي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، شهراً واحداً، لنهاية العام الجاري، بعد أن كان الأخير قد أعلن عزمه ترك مهامه نهاية الشهر الجاري، وقام غوتيريش بتعيين الدبلوماسي النرويجي غير بيدرسن خليفة لدي ميستورا.
وبحسب ما نقلت وسائل الإعلام التركية عن مصادر قريبة من المباحثات، تناول اللقاء بين إردوغان وبوتين الذي استغرق ساعة و15 دقيقة، أيضا ملف المعتقلين السوريين، بعدما عقدت مجموعة العمل الخاصة المنبثقة عن مسار أستانة، اجتماعها الرابع في العاصمة الإيرانية طهران، في 11 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، دون أن تحرز تقدماً واضحاً فيما يخص الملف.
وفي وقت سابق أمس، قال وزير خارجية كازاخستان، خيرت عبد الرحمنوف، أمس إن روسيا وتركيا وإيران (الدول الضامنة في مباحثات أستانة) اتفقت على عقد لقاء جديد رفيع المستوى حول سوريا، في إطار عملية أستانة، يومي 28 و29 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري. وأضاف أن المحادثات ستعقد «في إطار تقليدي بمشاركة وفود تمثل الدول الضامنة والنظام والمعارضة المسلحة السوريين كما ستتم دعوة مراقبين من الأمم المتحدة والأردن».
وأسفرت الجولات السابقة من المحادثات في أستانة عن إقامة مناطق لخفض التصعيد في سوريا، أتاحت الحد من مستوى العنف فيها لفترات متفاوتة.
في غضون ذلك، استهدفت قوات الجيش التركي، ليل الأحد - الاثنين، مواقع تابعة لوحدات حماية الشعب الكردية في شرق نهر الفرات، وتحدثت أنباء عن قتلى وجرحى في صفوف «الوحدات» الكردية، التي تشكل القوة الأساسية في تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعوم من واشنطن.
وأفادت تقارير بأن المدفعية التركية استهدفت سيارة عسكرية تابعة لـ«الوحدات» الكردية لدى اقترابها من بوابة تل أبيض في شمال مدينة الرقة، ما أدى لتدميرها وقتل مَن بداخلها. كما استهدفت المدفعية التركية نقطة مراقبة عسكرية لـ«الوحدات» بالقرب من بلدة سلوك شمال الرقة، ما أسفرت عن مقتل وإصابة 5 من عناصرها.
وتقصف المدفعية التركية مواقع «الوحدات» الكردية، بشكل متقطع بالتزامن مع تهديدات تركية بالبدء بعملية عسكرية موسعة في شرق الفرات.
وتسير الولايات المتحدة دوريات مشتركة مع «قسد» على طول الحدود في شمال شرقي سوريا بهدف خفض التصعيد بعد تبادل القصف المدفعي مؤخرا مع القوات التركية، لكن أنقرة أعلنت أن تسيير هذه الدوريات «أمر غير مقبول».
وتوعد «قسد» تركيا بحرب واسعة في حال شنت معركة ضد قواته في مناطق شرق الفرات.
وجاء التهديد خلال زيارة وفد من أعضاء التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، أول من أمس، إلى منطقة رأس العين غرب الحسكة الخاضعة لسيطرة القوات الكردية، وقال القيادي في «قسد»، شرفان قامشلو، إن دخول تركيا إلى شرق الفرات يعني بالنسبة لنا «قضية حياة أو موت».
ونقلت وكالة «هاوار» الكردية أمس، عن قامشلو قوله خلال اللقاء مع وفد التحالف «إنه إذا دخلت تركيا، ولو لشبر واحد، في أي منطقة كانت فإننا سوف نبدأ حرباً واسعة». واعتبر أن قوات قسد مكلفة بمهام حماية المنطقة، ولا أحد يرغب في دخول الحرب مع تركيا، لكن في حال شنت تركيا هجوماً فإن الجميع مستعد للقتال.
كان وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، قال إن تركيا حذرت الجانب الأميركي من تكرار مشاهدة جنوده وهم جالسون مع «الإرهابيين». وأضاف خلال لقائه رئيس الأركان الأميركي، جوزيف دانفورد، في كندا، أول من أمس، إن تركيا تتطلع لوقف واشنطن دعمها لوحدات حماية الشعب الكردية في سوريا.
وقال أكار إن الأميركيين يجدون بعض الصعوبة في فهم موقف تركيا بشأن الوحدات الكردية.
وأضاف أكار، في كلمة خلال مشاركته في ندوة أقيمت، الليلة قبل الماضية، هامش منتدى «هاليفاكس» للأمن الدولي في كندا، أن هناك مشكلتين أساسيتين بين تركيا والولايات المتحدة، وهما تسليح الوحدات الكردية والامتناع عن تسليم الداعية فتح الله غولن الذي تتبعه حركة الخدمة، التي تتهمها أنقرة بالوقوف وراء محاولة انقلاب عسكري فاشلة وقعت في منتصف يوليو (تموز) 2016.
ولفت الوزير التركي، في الوقت ذاته، إلى تحسن العلاقات التركية الأميركية في الآونة الأخيرة، مؤكداً استمرار الدوريات المشتركة في منطقة «منبج» في شمال سوريا في إطار خريطة الطريق والمبادئ الأمنية المتفق عليها بين البلدين.
وأضاف أكار أن «مسألة الوحدات الكردية مهمة جداً بالنسبة لتركيا، وأن «أصدقاءنا الأميركيين» يجدون بعض الصعوبة في فهم موقفنا في هذا الشأن، فنحن نقول إنه لا فرق بين التنظيمات الإرهابية «العمال الكردستاني والوحدات الكردية وداعش وغولن والقاعدة»، لأن هؤلاء كلهم «إرهابيون» يلحقون الضرر بشعبنا وقواتنا الأمنية ونحن نقف ضدهم جميعاً».
وتابع أنه «من الصعب جدا على تركيا وشعبها وإعلامها فهم إرسال «أصدقائنا بالولايات المتحدة» أسلحة وذخائر ومعدات متنوعة على متن آلاف الشاحنات إلى الوحدات الكردية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».