الجبير: تركيا أكدت أن ولي العهد ليس المقصود باتهاماتها

أكد لـ{الشرق الأوسط} أن العقوبات الأميركية في قضية خاشقجي فردية ولم تستهدف السعودية أو اقتصادها

الجبير: تركيا أكدت أن ولي العهد ليس المقصود باتهاماتها
TT

الجبير: تركيا أكدت أن ولي العهد ليس المقصود باتهاماتها

الجبير: تركيا أكدت أن ولي العهد ليس المقصود باتهاماتها

كشف وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، أن السلطات التركية أكدت للرياض، رداً على استفسارات «على أعلى المستويات»، أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ليس هو المقصود بالتصريحات التركية التي تتهم شخصية رفيعة بإصدار الأمر بتصفية المواطن السعودي جمال خاشقجي، ودعا أنقرة إلى تقديم ما لديها من أدلة في القضية إلى النيابة العامة في المملكة، للمساعدة في الوصول إلى الحقائق كافة.
وشدد الجبير، في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، على أن «قيادة المملكة حريصة على الحفاظ على العلاقة الاستراتيجية والشراكة التاريخية» مع الولايات المتحدة وتعزيزها، ولفت إلى أن «العقوبات الأميركية في قضية خاشقجي فردية، ولم تستهدف حكومة المملكة أو اقتصادها»، وأوضح أن «المملكة هي أول من قام باتخاذ إجراءات ضد المتهمين في قضية مقتل جمال خاشقجي، وتبعتها الدول الأخرى، عبر فرض إجراءات تجاه أشخاص بشكل لا يمس بالعلاقات الاستراتيجية والمصالح السياسية والاقتصادية المشتركة بيننا وبين حلفائنا».
وقال إن «بعض التصريحات التي صدرت من أفراد في تركيا تساهم في إحداث شرخ في العلاقة، ونحن في المملكة لا نريد ذلك، لأنه يبعدنا عن القضايا المهمة التي نسعى لمعالجتها»، مؤكداً «رفض محاولات الاستغلال السياسي لقضية خاشقجي، ومن يريد العدالة وتحقيقها يتفضل بتقديم ما يملكه من أدلة للقضاء السعودي، وهو صاحب الاختصاص».
وأكد أن ما حدث هو أن الفريق الذي نفذ العملية قدم تقريراً مضللاً وكاذباً، وبناءً على ذلك صدرت تصريحات بالنفي، وعندما بدأ يتضح تضارب الحقيقة عما قدموه في تقريرهم، وجه خادم الحرمين الشريفين النائب العام بإجراء تحقيق، وتم الإعلان عن النتائج الأولية التي تم التوصل إليها، ومع استمرار التحقيقات والوصول إلى اعترافات وأدلة كافية لإحالة المتهمين للمحاكمة، قام النائب العام بإعلان ما توصل إليه، وتم توجيه الاتهام لعدد من الأشخاص وإحالتهم إلى المحكمة، وإذا تبين أي مستجدات أو أدلة جديدة في هذه القضية فإن النيابة العامة ستعلن عنها بشكل شفاف وواضح.

* أين تقف الدبلوماسية السعودية اليوم إثر الهجمة غير المسبوقة التي تعرضت لها المملكة بعد مقتل المواطن جمال خاشقجي.. والتي وصفتموها بأنها هستيرية؟
- بداية أود أن أقدم أصدق التعازي والمواساة لأسرة وأبناء المواطن جمال خاشقجي (رحمه الله)، الدبلوماسية السعودية تمثل دولة ذات مكانة رائدة، ليس على الصعيدين العربي والإسلامي فحسب، وإنما في العالم أجمع. المملكة العربية السعودية كانت عبر التاريخ - ولا تزال - قوة تسعى إلى السلام والاستقرار والرخاء في المنطقة والعالم، ومواجهة قوى الشر والدمار ودحرها، لذلك وبسبب ما تمثله هذه الدبلوماسية، فإنها تقف على أرضية صلبة وموقف راسخ، مهما كانت الظروف والتحديات. أما بالنسبة للهجمات التي تعرضت لها المملكة، في ما يتعلق بالجريمة النكراء التي أدت إلى مقتل المواطن جمال خاشقجي، فقيادة المملكة قامت بتوجيه النائب العام بالتحقيق في القضية، ومحاسبة المذنبين، وقد أحالت النيابة العامة المتهمين إلى القضاء، كما وجه خادم الحرمين الشريفين بتشكيل لجنة برئاسة ولي العهد لمراجعة الإجراءات في رئاسة الاستخبارات العامة، وإعادة هيكلة هذا الجهاز، لضمان عدم حصول مثل هذه الجريمة مستقبلاً. فالمملكة قامت بكل الإجراءات الكفيلة بتحقيق العدالة، ومحاسبة المذنبين في مقتل المواطن السعودي جمال خاشقجي. أما الحملات الإعلامية، ومحاولات التسييس، فقد أصبحت دوافعها مفضوحة، ومن يقف ورائها، وذلك بعد إعلان نتائج التحقيق بكل شفافية، وإحالة المتهمين إلى المحاكمة. ونحن في المملكة، عبر تاريخنا، تم استهدافنا بكثير من الحملات الإعلامية المغرضة، باختلاف مصادرها والحجج المستخدمة فيها، للانتقاص من دور المملكة ومكانتها.
* أعلنت الولايات المتحدة عن فرض عقوبات على عدد من الأشخاص بشأن القضية.. ما تقييمكم لهذه العقوبات؟ وكيف تنظرون إلى مستقبل العلاقات السعودية - الأميركية؟
- علاقاتنا بالولايات المتحدة الأميركية استراتيجية، وتجمعنا مصالح مشتركة مهمة وحيوية لأمن واستقرار المنطقة والعالم. وقيادة المملكة حريصة على الحفاظ على هذه العلاقة الاستراتيجية والشراكة التاريخية التي امتدت لأكثر من سبعة عقود وتعزيزها، كما نقدر اهتمام الإدارة الأميركية، ونثمن مواقف الدول الصديقة حول العالم، في ما يتعلق بقضية المواطن السعودي جمال خاشقجي، وتأييدهم لإجراءات تحقيق العدالة والمحاسبة التي وجهت بها قيادة المملكة. وفي ما يتعلق بما تم فرضه من عقوبات، فقد كانت جميعها عقوبات فردية، ولم تستهدف العقوبات حكومة المملكة أو اقتصادها.
* كيف تنظرون إلى التصريحات التركية التي أشارت إلى أهمية إجراء تحقيق دولي في القضية؟
- نرفض بشكل كامل محاولات الاستغلال السياسي لقضية خاشقجي، ومن يريد العدالة وتحقيقها يتفضل بتقديم ما يملكه من أدلة للقضاء السعودي، وهو صاحب الاختصاص في هذه القضية.
* في ضوء الموقف التركي الذي سعى - حسب ما يبدو - إلى تسييس القضية.. كيف تقيمون مستقبل العلاقات السعودية - التركية؟
- نقدر الموقف الإيجابي التركي حيال تشكيل فريق العمل الأمني المشترك، وقد تعاونت المملكة مع الجانب التركي، إذ طلبت النيابة العامة بالمملكة من نظيرتها التركية تفاصيل الأدلة، من خلال ثلاث مذكرات لاستكمال ملف القضية، إلا أنه للأسف لم يتم تزويد النيابة العامة بالأدلة المطلوبة، ونحن نأمل من الجانب التركي تزويد النيابة بأي أدلة متعلقة بالقضية، ليتم إحالتها للمحكمة، وأود التأكيد على أن ما تم اتخاذه من إجراءات قانونية يكفل تحقيق العدالة، ومحاسبة المتهمين، ويقطع الطريق على محاولات تسييس القضية.
وكما تعلم فإن المملكة العربية السعودية وجمهورية تركيا دولتان مهمتان في العالم الإسلامي، وتربطهما علاقات تاريخية. وللأسف، فإن بعض التصريحات التي صدرت من أفراد في تركيا لا تخدم هذا الهدف، بل تساهم في إحداث شرخ في العلاقة، ونحن في المملكة لا نريد ذلك، لأنه يبعدنا عن القضايا المهمة، وعلى رأسها وحدة صف العالم الإسلامي، وقد وضعت المملكة قضية المواطن جمال خاشقجي في إطارها القانوني، وأي تسييس لهذه القضية هو أمر مرفوض، ولا يخدم تعزيز العلاقات بين المملكة وتركيا والعمل الإسلامي المشترك.
* ما موقفكم إزاء التصريحات التركية التي رددت أن هناك شخصية سعودية رفيعة هي من أمر بتصفية خاشقجي.. في إشارة غير مباشرة إلى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان؟
- سبق واستفسرنا من الجانب التركي على أعلى المستويات عن المقصود بهذه التصريحات، وأكدوا لنا بشكل قطعي أن ولي العهد ليس المقصود بهذه التصريحات، وأبلغناهم من طرفنا إذا كانت لديهم أي أدلة بأن يسلمونها لنا، حيث إننا نسمع تصريحات متعددة. وحسب ما أعلنت النيابة العامة، لم يتم تسليم أي أدلة لها حتى تاريخه. وهدفنا الذي نركز عليه هو جمع المعلومات والأدلة كافة حول هذه القضية، من أجل سلامة التحقيقات، وإبعادها عن أي مؤثرات إعلامية لا تصب في صالح تحقيق العدالة التي هي مطلب لنا جميعاً.
وهنا، أود أن أؤكد أن قيادة المملكة العربية السعودية، ممثلة بخادم الحرمين الشريفين وولي العهد، خط أحمر، ولن نسمح بمحاولات المساس بقيادتنا أو النيل منها، من أي طرف كان، وتحت أي ذريعة كانت، فالمساس بقيادة المملكة هو مساس بكل مواطن ومواطنة.
* لكن نشرت تقارير إعلامية في الولايات المتحدة تشير إلى أن تقييم الاستخبارات الأميركية هو أن ولي العهد هو من أصدر الأمر.. ما ردكم على هذه الأمر؟
- لقد اطلعت على التقارير الإعلامية التي تشير إليها، وهي تسريبات لا نعلم عن صحتها ولم تصدر بشكل رسمي، وقد لاحظت أنها مبنية على تقييم، وليس أدلة قطعية. وفي كل الأحوال، نحن في المملكة نعلم أن مثل هذه المزاعم بشأن ولي العهد لا أساس لها من الصحة تماماً، ونرفضها بشكل قطعي، سواء كانت من خلال تسريبات أو غيره. كما رأينا كيف نشرت بعض الصحف خبراً عن اتصال سفير المملكة بالولايات المتحدة الأمير خالد بن سلمان بالمرحوم جمال قبل توجهه للقنصلية، وهو أمر غير صحيح، حيث لم يتم أي اتصال هاتفي بينهما، وتم نفي الأمر بشكل قاطع، وهو ما يشير إلى ضعف المصادر التي تستند إليها مثل هذه التسريبات.
* تعهدت السعودية بإجراء تحقيقات كاملة وشفافة لاستجلاء حقيقة ما تعرض له جمال خاشقجي.. وقد قامت النيابة العامة بعرض نتائج تحقيقاتها يوم الخميس الماضي.. كيف تقيمون رد الفعل الدولي على نتائج التحقيقات؟
- المملكة لم تحقق في قضية مقتل جمال خاشقجي من أجل الرأي العام الدولي، نحن حققنا فيها لأنها قضية قتل لمواطن سعودي، وهذا أمر غير مقبول، وجريمة يجب محاسبة من ارتكبها. النيابة العامة أعلنت النتائج الأولية لتحقيقاتها، وأعلنت أن التحقيقات مستمرة، وتوصلت إلى ما يكفي لاقتناعها بتوجيه الاتهام إلى 11 شخصاً، وإحالتهم للقضاء، بينما تستمر التحقيقات مع البقية. والمملكة ستمضي في محاكمة هؤلاء، طبقاً لما توصلت إليه من أدلة واعترافات.
تحقيق العدالة في هذه القضية هو مطلب سعودي، قبل أن يكون مطلباً دولياً، خصوصاً أن هؤلاء الأشخاص ارتكبوا جريمة مضاعفة، بتقديمهم تقريراً مضللاً حول حقيقة ما حدث في القنصلية ذلك اليوم.
* أكثر من 45 يوماً مرت منذ حادثة جمال خاشقجي، ولا تزال الجثة مجهولة الموقع، وسط تضارب الروايات والمعلومات حول ما تعرضت له فعلياً.. هل تملكون الحقيقة؟
- النيابة العامة أصدرت يوم الخميس إيجازاً بنتائج التحقيق بناءً على ما توصلت إليه من أدلة واعترافات حتى الآن، وأكدت أن التحقيقات لا تزال جارية ومستمرة. ومهم الإشارة إلى أن تعاون الجانب التركي، وتقديم ما لديه من أدلة، سيساعد في الوصول إلى الحقائق كافة. وكما أعلنت النيابة العامة، فإن ما توصلت إليه هو بناء على تحقيقاتها، وإنها تأمل في تقديم الجانب التركي لما لديه من أدلة.
* هذا يعيدنا إلى موضوع الرواية الصادرة عن المملكة عن حقيقة ما حدث، التي تغيرت مرات عدة، وكرر ذلك الإعلام الدولي كثيراً.. هل هذه هي الرواية النهائية؟
- ما حدث هو أن الفريق الذي نفذ العملية قدم تقريراً مضللاً وكاذباً، وبناءً على ذلك صدرت تصريحات بالنفي، وعندما بدأ يتضح تضارب الحقيقة عما قدموه في تقريرهم، وجه خادم الحرمين الشريفين النائب العام بإجراء تحقيق، وتم الإعلان عن النتائج الأولية التي تم التوصل إليها، ومع استمرار التحقيقات والوصول إلى اعترافات وأدلة كافية لإحالة المتهمين للمحاكمة، قام النائب العام بإعلان ما توصل إليه، وتم توجيه الاتهام لعدد من الأشخاص وإحالتهم إلى المحكمة، وإذا تبين أي مستجدات أو أدلة جديدة في هذه القضية فإن النيابة العامة ستعلن عنها بشكل شفاف وواضح.
* أعلن الرئيس التركي أن بلاده عرضت التسجيلات الصوتية على مسؤول في الاستخبارات السعودية.. هل صحيح أنكم استمعتم إلى التسجيلات الموجودة لدى أنقرة؟
- النيابة العامة أعلنت أنها لم تتسلم أي أدلة من الجانب التركي، ونأمل في تسليم ما لدى الجانب التركي من أدلة، بما في ذلك أي تسجيلات، وذلك لكي تتمكن النيابة العامة من تقديم تلك الأدلة بشكل رسمي تقبله المحكمة، فما يهمنا هو الحصول على أي أدلة تساعدنا في تحقيق العدالة في القضية بشكل شفاف وواضح.
* هل تخشون انعكاس القضية على عقود وصفقات السلاح والعتاد مع بعض القوى؟ وما الخيارات الموجودة أمامكم في هذا الصدد، لا سيما أنكم لا تزالون تحاربون في اليمن، وتسعون لصد التهديدات الإيرانية عن أراضيكم؟
- المملكة ملتزمة بالدفاع عن أرضها وحدودها وشعبها ضد أي تهديدات إقليمية، ونحن نفضل دائماً أن يكون تسليحنا من خلال الدول الحليفة، حيث يعد هذا جزءاً من منظومة العلاقات الاستراتيجية معها، لكن التزام المملكة بالدفاع عن أرضها وشعبها يلزمها بالحصول على السلاح الذي تحتاجه من أي مصدر كان.
* إلى أي حد ستؤثر حادثة مقتل جمال خاشقجي على علاقات المملكة بشركائها حول العالم، خصوصاً في ضوء ما يثار بشأن فرض عقوبات على المملكة؟
- علاقات المملكة مع شركائها حول العالم هي علاقات استراتيجية ومهمة في مواجهة التحديات المشتركة، وتحقيق أمن واستقرار المنطقة والعالم، وشركاء المملكة حول العالم يقدرون دور المملكة ومكانتها، ونحن على تواصل مستمر مع شركائنا، والمملكة هي أول من قام باتخاذ إجراءات ضد المتهمين في قضية مقتل جمال خاشقجي، وتبعتها الدول الأخرى، عبر فرض إجراءات تجاه أشخاص بشكل لا يمس بالعلاقات الاستراتيجية والمصالح السياسية والاقتصادية المشتركة بيننا وبين حلفائنا.



ترمب: أتوقع لقاءً «جيداً» مع زيلينسكي وقد أتحدث مع بوتين قريباً

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يستقبل نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض - 17 أكتوبر 2025 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يستقبل نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض - 17 أكتوبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

ترمب: أتوقع لقاءً «جيداً» مع زيلينسكي وقد أتحدث مع بوتين قريباً

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يستقبل نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض - 17 أكتوبر 2025 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يستقبل نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض - 17 أكتوبر 2025 (أ.ف.ب)

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الجمعة، إنه يتوقع عقد لقاء «جيد» مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وإنه قد يتحدث قريباً مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين بشأن الحرب في أوكرانيا.

وفي حوار حصري مع موقع «بوليتيكو» الإخباري، قدّم ترمب نفسه بصفته صاحب القول الفصل في أي اتفاق سلام بين أوكرانيا وروسيا، وقال إن زيلينسكي «ليس لديه أي شيء حتى أوافق عليه. لذا سنرى ما لديه».

كان زيلينسكي، الذي سيلتقي مع ترمب في فلوريدا، الأحد، قد صرح للصحافيين بأنه سيحمل معه خطة سلام جديدة من عشرين بنداً، تتضمن مقترحات عن منطقة منزوعة السلاح. ومن المتوقع أن يركز الاجتماع على الضمانات الأمنية الأميركية.

وأشار ترمب إلى أنه قد يتحدث مع الرئيس الروسي بوتين «قريباً»، مضيفاً: «أعتقد أن الأمور ستسير معه على ما يرام».

من جانبه، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لموقع «أكسيوس»، الجمعة، ‌إنه يأمل في ‌إقناع ‌الرئيس الأميركي ​دونالد ‌ترمب بالعدول عن اقتراح أميركي يقضي بانسحاب القوات الأوكرانية من كامل إقليم دونباس.

وأوضح أنه إذا لم يتمكن ‌من دفع الولايات المتحدة إلى اتخاذ موقف «قوي» بشأن قضية التنازلات عن أراض، فإنه منفتح على ​طرح خطة السلام «ذات النقاط العشرين» التي تقودها واشنطن للاستفتاء، وذلك إذا وافقت روسيا على وقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً للسماح لأوكرانيا بالاستعداد لمثل هذا التصويت وإجرائه.

وأشار الرئيس الأميركي إلى إنه سيلتقي برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مطلع الأسبوع، مؤكداً: «سألتقي زيلينسكي وكذلك نتنياهو. إنهم جميعاً قادمون إليّ. إنهم يحترمون بلدنا مجدداً».


ترمب وزيلينسكي يبحثان «عقبتين رئيسيتين» أمام اتفاق السلام

صورة للقاء عاصف بين ترمب وزيلينسكي في البيت الأبيض يوم 28 فبراير (أ.ف.ب)
صورة للقاء عاصف بين ترمب وزيلينسكي في البيت الأبيض يوم 28 فبراير (أ.ف.ب)
TT

ترمب وزيلينسكي يبحثان «عقبتين رئيسيتين» أمام اتفاق السلام

صورة للقاء عاصف بين ترمب وزيلينسكي في البيت الأبيض يوم 28 فبراير (أ.ف.ب)
صورة للقاء عاصف بين ترمب وزيلينسكي في البيت الأبيض يوم 28 فبراير (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الجمعة، أنه سيلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأحد، على الأرجح في فلوريدا، في محاولة لوضع اللمسات الأخيرة على خطة سلام أميركية لوقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا المستمرّة منذ فبراير (شباط) 2022.

ووسط ترقّب لما يمكن أن يعلنه الرئيس ترمب على منصته «تروث سوشيال» للتواصل الاجتماعي، أو من البيت الأبيض في هذا الشأن، كشف زيلينسكي على منصاته عن الاجتماع، مؤكداً أن أوكرانيا تعمل جاهدة على المضي في محادثات السلام. وأضاف: «يمكن حسم الكثير قبل حلول العام الجديد»، علماً بأن ترمب صرّح سابقاً بأنه لن يلتقي زيلينسكي إلا عندما يقترب الجانبان من التوصل إلى اتفاق سلام.

وفي حديث لاحق مع الصحافيين، أشار زيلينسكي إلى «جدول أعمال واسع» للاجتماع مع ترمب في منتجع «مارالاغو»، موضحاً أن موضوعات النقاش ستشمل ما عدّه أهم نقطتَي خلاف بين واشنطن وكييف في مفاوضات السلام؛ مصير منطقة دونباس في شرق أوكرانيا، والسيطرة على محطة الطاقة النووية في زابوريجيا التي تحتلها روسيا.

20 بنداً

كشف زيلينسكي هذا الأسبوع عن خطة منقّحة من 20 بنداً لإنهاء الحرب، طُوّرت بالتعاون مع الولايات المتحدة، وهي تشمل طيفاً واسعاً من القضايا، ومنها الضمانات الأمنية التي تسعى إليها أوكرانيا لمنع أي عدوان مستقبلي من روسيا. وعلى الرغم من أنه أقر بوجود نقاط خلافية في شأن الأراضي ومحطة الطاقة، فإن القضية الأهم هي ما إذا كانت روسيا ستوافق على المسودة من الأساس.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في لاهاي يوم 25 يونيو (د.ب.أ)

وأكد مسؤول أميركي رفيع أن الولايات المتحدة مستعدة لإرسال الضمان الأمني، بنص يستند إلى المادة الخامسة من معاهدة حلف «الناتو» إلى مجلس الشيوخ للتصديق عليه.

وأكد زيلينسكي أن الخطة صارت «جاهزة بنسبة 90 في المائة تقريباً»، مضيفاً أنه ستتم أيضاً مناقشة «اتفاق اقتصادي»، لكنه لم يتمكن من تأكيد «ما إذا كان سيتم التوصل إلى اتفاق نهائي بحلول نهاية اللقاء». وأوضح أن الجانب الأوكراني سيثير أيضاً «قضايا حدودية». وأكد أن أوكرانيا «ترغب في مشاركة الأوروبيين»، لكنه شكّك في إمكانية تحقيق ذلك في وقت قصير. وقال: «يجب علينا، بلا شك، إيجاد صيغة ما في المستقبل القريب لا تقتصر على أوكرانيا والولايات المتحدة فحسب، بل تشمل أوروبا أيضاً».

هل توافق روسيا؟

رجّح محللون أن يرفض الكرملين هذه الخطة. وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن هناك «تقدماً بطيئاً، ولكنه ثابت» في المفاوضات مع الولايات المتحدة.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال حفل تقديم ميداليات إلى أفراد الخدمة العسكرية ضمن حملة بلاده ضد أوكرانيا في موسكو يوم 17 ديسمبر (رويترز)

وصرح الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، الجمعة، بأن المسؤولين الروس على اتصال بالفعل مع الممثلين الأميركيين منذ اجتماعات المبعوث الرئاسي الروسي كيريل ديميترييف أخيراً في فلوريدا. وقال: «جرى الاتفاق على مواصلة الحوار».

وأفاد زيلينسكي، الجمعة، بأنه لا يملك الوقت للتفكير فيما إذا كانت روسيا ستوافق في نهاية المطاف على الخطة. وقال: «لماذا؟ لأن روسيا تبحث باستمرار عن أعذار للرفض. والجواب بسيط للغاية: إذا أوضحت أوكرانيا موقفها وكان بناءً، فيما ترفضه روسيا، على سبيل المثال، فهذا يعني أن الضغط غير كافٍ. وهذا أيضاً أمر أرغب في مناقشته مع الرئيس الأميركي».

وفي مقابل الموقف الروسي المتصلب، حرص زيلينسكي على إظهار دعمه الكامل لجهود ترمب الرامية إلى السلام، واستعداده لتقديم تنازلات، بما في ذلك بشأن القضايا الحدودية. وصرّح بأن «روسيا ستواجه عواقب وخيمة، تشمل فرض عقوبات جديدة وزيادة الدعم العسكري الغربي لكييف، إذا ما رفضت جهود السلام الأخيرة».

وتستمرّ المحادثات بين المفاوضين الأوكرانيين والأميركيين، بعدما قدّم زيلينسكي تفاصيل الخطة المكونة من 20 بنداً هذا الأسبوع. وأوضح أن الولايات المتحدة ستقدّمها إلى الكرملين.

وفي خطابه المسائي، الخميس، قال زيلينسكي إن الجهود الدبلوماسية في الأسابيع المقبلة يمكن أن تكون «مُكثّفة»، مُضيفاً أنه تحدّث لمدة ساعة تقريباً في وقت سابق من ذلك اليوم مع المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وصهر ترمب جاريد كوشنر، وقال: «تطرقنا إلى تفاصيل كثيرة، وهناك أفكار جيدة ناقشناها»، في إشارة إلى بعض الأفكار الجديدة فيما يتعلق بالصيغ والاجتماعات، وبالطبع التوقيت، لتقريب السلام الحقيقي.

المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف وصهر الرئيس دونالد ترمب جاريد كوشنر ينتظران وصول ترمب إلى مطار في نيوجيرسي يوم 13 يوليو (أ.ب)

وتُعدّ الخطة المكونة من 20 بنداً ثمرة أحدث حملة دبلوماسية قادتها إدارة ترمب، التي بدأت في الخريف. وحدّد ترمب في البداية عيد الشكر موعداً نهائياً لموافقة أوكرانيا على اتفاق سلام مع روسيا، لكن على الرغم من ادعاء الرئيس ترمب هذا العام قرب التوصل إلى تسوية، فإنه شعر بالإحباط من رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التنازل عن مطالبه واسعة النطاق، ومنها إصراره على تسليم روسيا أراضي لم تتمكن قواتها من السيطرة عليها في أوكرانيا، فضلاً عن مطالبته كييف بالموافقة على إجراءات من شأنها تقويض سيادتها.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، صرّح زيلينسكي بأنه على استعداد لسحب قواته من مناطق دونباس التي لا تزال تحت سيطرة كييف، وتحويل تلك المناطق إلى منطقةٍ منزوعة السلاح بوصفها جزءاً من اتفاق سلام محتمل. وقال إنه سيفعل ذلك بشرط واحد فقط، وهو أن تسحب روسيا قواتها من منطقة مماثلة، وأن تنتشر شرطة أوكرانية في المنطقة.


بوتين لبوش عام 2001: أوكرانيا مصطنعة وكانت تابعة لروسيا

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي جورج دبليو بوش خلال مؤتمرهما الصحافي في مدينة سوتشي على البحر الأسود جنوب روسيا 6 أبريل 2008 (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي جورج دبليو بوش خلال مؤتمرهما الصحافي في مدينة سوتشي على البحر الأسود جنوب روسيا 6 أبريل 2008 (أ.ب)
TT

بوتين لبوش عام 2001: أوكرانيا مصطنعة وكانت تابعة لروسيا

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي جورج دبليو بوش خلال مؤتمرهما الصحافي في مدينة سوتشي على البحر الأسود جنوب روسيا 6 أبريل 2008 (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي جورج دبليو بوش خلال مؤتمرهما الصحافي في مدينة سوتشي على البحر الأسود جنوب روسيا 6 أبريل 2008 (أ.ب)

كشفت وثائق أميركية كانت مُصنّفة سريّة، ورفع عنها هذا التصنيف أخيراً، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبلغ الرئيس جورج بوش الابن عام 2001 أن أوكرانيا كان يفترض أن تكون تابعة لروسيا، بيد أن مسؤولي الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفياتي تخلوا عنها. كما سأله أيضاً عن فكرة انضمام روسيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).

ونشرت مؤسسة غير حكومية، تُسمّى «أرشيف الأمن القومي» التي تتخذ من جامعة جورج واشنطن في العاصمة الأميركية مقراً لها وتعنى بالأبحاث ونشر الوثائق، عدداً غير محدد من الأوراق والمحاضر التي كانت مصنفة سرية، ولكنها حصلت عليها أخيراً بحكم قضائي بموجب قانون حرية المعلومات.

ويورد أحد المحاضر تفاصيل حرفية عن المحادثات التي أجريت في اللقاء الأول المغلق بين الرئيسين الروسي والأميركي في 16 يونيو (حزيران) 2001 في سلوفينيا، حين قدّم بوتين لبوش ما وُصف بأنه «محاضرة تاريخية موجزة» تتضمن تفسيراته لانهيار الاتحاد السوفياتي في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي. وقال بوتين: «ما حدث حقاً؟ غيّرت النيات السوفياتية الحسنة العالم، طواعية. وتنازل الروس عن آلاف الكيلومترات المربعة من أراضيهم، طواعية». وأضاف أن ذلك «أمر لم يُسمع به من قبل. أوكرانيا جزء من روسيا لقرون، جرى التنازل عنها. كازاخستان، جرى التنازل عنها أيضاً. القوقاز كذلك. من الصعب تصديق ذلك، وجرى ذلك على يد قادة الحزب» الشيوعي السوفياتي.

وهو كان يشير بذلك إلى انفصال الجمهوريات عن الاتحاد السوفياتي بسبب مزيج من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بما في ذلك تداعيات غزو أفغانستان والإصلاحات السياسية التي حفزتها المعارضة المتزايدة والركود الاقتصادي.

روسيا من الغرب؟

في سياق رده على ذلك، أكد الرئيس بوش لنظيره الروسي أنه ينظر إلى روسيا كجزء من الغرب لا كخصم، مشجعاً بوتين على «إعادة تعريف التهديدات الجديدة القادمة من أولئك الذين يكرهون أميركا»، والذين يمكن أن يكرهوا روسيا أيضاً. ولفت أيضاً إلى أن الصين يمكن أن تصبح تهديداً خلال النصف الأول من القرن الحادي والعشرين.

صورة للرئيس الأميركي السابق جورج بوش في البيت الأبيض (أ.ف.ب)

وعلى الأثر، قال بوتين: «والآن دعني أعود إلى موضوع توسيع حلف (الناتو). أنتم تعرفون موقفنا. أنت أدليت بتصريح مهم عندما قلت إن روسيا ليست عدواً. ما قلته عن الأعوام الـ50 المقبلة مهم». وأضاف أن «روسيا أوروبية ومتعددة الأعراق، مثل الولايات المتحدة. أتصور أننا قد نصبح حلفاء. لن نتحالف مع الآخرين إلا في ظل حاجة ماسة. لكننا نشعر بأننا مُستبعدون من حلف (الناتو)».

وذكّر بأنه «في عام 1954، تقدم الاتحاد السوفياتي بطلب للانضمام إلى (الناتو)»، مضيفاً: «لدي الوثيقة» التي تؤكد هذا الطلب. واستطرد أن «(الناتو) رفض الطلب لأربعة أسباب محددة: عدم التوصل إلى تسوية مع النمسا، وعدم التوصل إلى تسوية مع ألمانيا، والسيطرة الشمولية على أوروبا الشرقية، وضرورة تعاون روسيا مع عملية نزع السلاح التابعة للأمم المتحدة. والآن، استوفيت كل هذه الشروط. ربما يمكن لروسيا أن تكون حليفاً». ولكن بوتين أضاف أيضاً أن المشكلة في عدم انضمام روسيا تكمن في أن «(الناتو) يتوسع، وليس لدينا ما نقوله حيال ذلك».

وفي محادثة منفصلة عام 2008، سعى بوتين إلى إقناع بوش بأن أوكرانيا «دولة مصطنعة» لديها مجتمع منقسم، موضحاً أن «أوكرانيا دولة بالغة التعقيد. إنها ليست أمة بُنيت بشكل طبيعي، بل دولة مصطنعة أُنشئت في الحقبة السوفياتية». وأضاف: «إذا ذهبت إلى غرب أوكرانيا، فسترى قرى لا يتحدث سكانها إلا اللغة الهنغارية، ويرتدون تلك القبعات التقليدية. أما في الشرق، فيرتدي الناس البدلات الرسمية وربطات العنق والقبعات الكبيرة. وينظر جزء كبير من الشعب الأوكراني إلى (الناتو) على أنه منظمة معادية». ورأى أن هذا الأمر «يخلق مشاكل لروسيا؛ إذ يُهدد بنشر قواعد عسكرية وأنظمة عسكرية جديدة على مقربة منها، مما يثير حالة من عدم اليقين والتهديدات لنا».

«ساحة صراع»

وفي اجتماع بوش وبوتين في سوتشي عام 2008، عبر بوتين عن مخاوف تُدرج اليوم كمبررات لحرب روسيا في أوكرانيا. وقال: «لن يكون هذا جديداً عليكم، ولا أتوقع رداً. أردت فقط أن أقوله بصراحة. أود التأكيد على أن انضمام دولة مثل أوكرانيا إلى (الناتو) سيخلق، على المدى البعيد، ساحة صراع بيننا وبينكم - مواجهة طويلة الأمد».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يترأس اجتماعاً لمجلس الدولة في الكرملين (أ.ف.ب)

وتعكس هذه التصريحات بعضاً من كلام قاله بوتين في العقد الأول من الألفية الثانية، ومنه أن «من لا يندم على تفكك الاتحاد السوفياتي فليس له قلب. ومن يريد إحياءه على صورته السابقة فليس له عقل».

وخلال السنوات اللاحقة، استغل بوتين الحنين إلى الحقبة السوفياتية كأداة لترسيخ سيطرته وتبرير الحرب مع أوكرانيا، مشبهاً إياها بحرب ضد النازية.