جامعة بريطانية تمنع المحاضرين من استخدام الأحرف الكبيرة في الكتابة

لتجنب إزعاج الطلاب

أرسلت الجامعة مذكرة إلى فريق التدريس تشير فيها إلى أن الأحرف الكبيرة قد تخيف الطلبة (رويترز)
أرسلت الجامعة مذكرة إلى فريق التدريس تشير فيها إلى أن الأحرف الكبيرة قد تخيف الطلبة (رويترز)
TT

جامعة بريطانية تمنع المحاضرين من استخدام الأحرف الكبيرة في الكتابة

أرسلت الجامعة مذكرة إلى فريق التدريس تشير فيها إلى أن الأحرف الكبيرة قد تخيف الطلبة (رويترز)
أرسلت الجامعة مذكرة إلى فريق التدريس تشير فيها إلى أن الأحرف الكبيرة قد تخيف الطلبة (رويترز)

طلب رؤساء إحدى الجامعات البريطانية من المحاضرين التوقف عن استخدام الأحرف الكبيرة «capital letters» في الكتابة، لأنها قد «تزعج الطلاب وتجعلهم يتركون المهام الدراسية بأكملها».
ووفقاً لصحيفة «مترو» البريطانية، فقد أرسلت جامعة ليدز ترينيتي مذكرة إلى فريق التدريس تشير فيها إلى أن الأحرف الكبيرة قد تخيف الطلبة وتشعرهم بصعوبة المهام الدراسية، ومن ثم يمكن أن تتسبب في فشلهم.
كما تضمنت المذكرة أيضاً اقتراحات ونصائح حول كيفية التعامل مع الطلاب، من ضمنها الكتابة بنبرة ودية وتجنب اللغة المتعجرفة والسلبية.
وأثارت الفكرة استياء وانتقاد كثير من المحاضرين الذين قالوا إنها تقوم بتدليل الطلاب.
وقال واحد من فريق التدريس بالجامعة إن استخدام الأحرف الكبيرة ضروري للغاية في بعض الأحيان، إذ إنه قد يشعر الطلاب بأهمية جزء معين من المادة التي يستذكرونها.


مقالات ذات صلة

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

الولايات المتحدة​ دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

أظهر بحث جديد أن مدى جودة مدرستك الثانوية قد يؤثر على مستوى مهاراتك المعرفية في وقت لاحق في الحياة. وجدت دراسة أجريت على أكثر من 2200 من البالغين الأميركيين الذين التحقوا بالمدرسة الثانوية في الستينات أن أولئك الذين ذهبوا إلى مدارس عالية الجودة يتمتعون بوظيفة إدراكية أفضل بعد 60 عاماً، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز». وجد الباحثون أن الالتحاق بمدرسة مع المزيد من المعلمين الحاصلين على تدريب مهني كان أوضح مؤشر على الإدراك اللاحق للحياة. كانت جودة المدرسة مهمة بشكل خاص للمهارات اللغوية في وقت لاحق من الحياة. استخدم البحث دراسة استقصائية أجريت عام 1960 لطلاب المدارس الثانوية في جميع أنحاء الولايات المتحدة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

نفت الحكومة المصرية، أمس السبت، عزمها «إلغاء مجانية التعليم الجامعي»، مؤكدة التزامها بتطوير قطاع التعليم العالي. وتواترت أنباء خلال الساعات الماضية حول نية الحكومة المصرية «إلغاء مجانية التعليم في الجامعات الحكومية»، وأكد مجلس الوزراء المصري، في إفادة رسمية، أنه «لا مساس» بمجانية التعليم بكل الجامعات المصرية، باعتباره «حقاً يكفله الدستور والقانون لكل المصريين».

إيمان مبروك (القاهرة)
«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

لا يزال برنامج «تشات جي بي تي» يُربك مستخدميه في كل قطاع؛ وما بين إعجاب الطلاب والباحثين عن معلومة دقيقة ساعدهم «الصديق (جي بي تي)» في الوصول إليها، وصدمةِ المعلمين والمدققين عندما يكتشفون لجوء طلابهم إلى «الخصم الجديد» بهدف تلفيق تأدية تكليفاتهم، لا يزال الفريقان مشتتين بشأن الموقف منه. ويستطيع «تشات جي بي تي» الذي طوَّرته شركة الذكاء الصناعي «أوبن إيه آي»، استخدامَ كميات هائلة من المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت وغيرها من المصادر، بما في ذلك حوارات ومحادثات بين البشر، لإنتاج محتوى شبه بشري، عبر «خوارزميات» تحلّل البيانات، وتعمل بصورة تشبه الدماغ البشري. ولا يكون النصُّ الذي يوفره البرنامج

حازم بدر (القاهرة)
تحقيقات وقضايا هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

رغم ما يتمتع به «تشات جي بي تي» من إمكانيات تمكنه من جمع المعلومات من مصادر مختلفة، بسرعة كبيرة، توفر وقتاً ومجهوداً للباحث، وتمنحه أرضية معلوماتية يستطيع أن ينطلق منها لإنجاز عمله، فإن للتقنية سلبيات كونها قد تدفع آخرين للاستسهال، وربما الاعتماد عليها بشكل كامل في إنتاج موادهم البحثية، محولين «تشات جي بي تي» إلى أداة لـ«الغش» العلمي.

حازم بدر (القاهرة)
العالم العربي بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

اعتبر محمد بن عيسى، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، ووزير الخارجية المغربي الأسبق، أن مسألة التعايش والتسامح ليست مطروحة على العرب والمسلمين في علاقتهم بالأعراق والثقافات الأخرى فحسب، بل أصبحت مطروحة حتى في علاقتهم بعضهم ببعض. وقال بن عيسى في كلمة أمام الدورة الحادية عشرة لمنتدى الفكر والثقافة العربية، الذي نُظم أمس (الخميس) في أبوظبي، إن «مسألة التعايش والتسامح باتت مطروحة علينا أيضاً على مستوى بيتنا الداخلي، وكياناتنا القطرية، أي في علاقتنا ببعضنا، نحن العرب والمسلمين».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

تكريم عمر خيرت في الدورة الأولى لـ«مهرجان الأوبرا» بقطر

الموسيقار المصري عمر خيرت (وزارة الثقافة المصرية)
الموسيقار المصري عمر خيرت (وزارة الثقافة المصرية)
TT

تكريم عمر خيرت في الدورة الأولى لـ«مهرجان الأوبرا» بقطر

الموسيقار المصري عمر خيرت (وزارة الثقافة المصرية)
الموسيقار المصري عمر خيرت (وزارة الثقافة المصرية)

يستهل «مهرجان الأوبرا العربية» فعاليات دورته الأولى في قطر بتكريم الموسيقار المصري عمر خيرت، وذلك برعاية وتنظيم «المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم» (الألكسو)، حيث اختيرت مصر ضيف شرف المهرجان بوصفها صاحبة أقدم دار أوبرا في العالم العربي.

وتنطلق الدورة الأولى للمهرجان بالتعاون مع المؤسسة العامة للحي الثقافي (كتارا) خلال الفترة من 8 حتى 10 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وقد تقرَّر تكريم عمر خيرت «تقديراً لعطائه وعرفاناً بدوره الرائد في إثراء ساحة الإبداع العربي»، وفق بيان لوزارة الثقافة المصرية. ويقدِّم «أوركسترا القاهرة السيمفوني» بقيادة المايسترو أحمد عاطف حفلاً يتضمن مجموعة من المؤلفات المصرية لكل من علي إسماعيل، وفؤاد الظاهري، ويوسف شوقي، وعمار الشريعي، وحسن أبو السعود، وعمر خيرت، وأندريا رايدر.

وعدَّ الدكتور علاء عبد السلام، رئيس «دار الأوبرا المصرية»، اختيار الأوبرا المصرية ضيف شرف الدورة الأولى «تأكيداً لأعرقيَّتها عربياً»، مشيراً إلى أن ذلك «يُبرز عمق العلاقات بين الأشقاء ويعكس التطلعات إلى مستقبل أكثر إشراقاً للفنون في المنطقة». وأضاف أن «احتضان دولة قطر للمهرجان خطوة ثقافية رائدة تعكس تقديرها للمسار الفني العربي، وتُبرز أهمية تلاقي التجارب والمؤسسات الفنية في فضاء واحد تُصاغ فيه مشروعات جديدة وتُفتح آفاق رحبة للتعاون والإبداع».

«دار الأوبرا المصرية» ضيف شرف «مهرجان الأوبرا» بقطر (وزارة الثقافة المصرية)

وقال الناقد الفني المصري أحمد السماحي إن «عمر خيرت يستحق هذا التكريم عن جدارة؛ فهو منذ بداياته يقدِّم نغمة مختلفة ومتجددة، وعمل على تطوير الموسيقى المصرية من خلال توزيعاته أولاً ثم من خلال مؤلفاته». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «خيرت من أوائل من ساهموا في تطوير التوزيع الموسيقي في الوطن العربي، ونجح في جذب أجيال واسعة، خصوصاً من الشباب، إلى الموسيقى، وقدّم ألبومات موسيقية خالصة بأسلوب متفرد حظيت بنجاح وانتشار كبيرين».

وقدّم عمر خيرت عدداً كبيراً من الألبومات والمقطوعات التي ارتبطت بالدراما والسينما، وغنَّى من أعماله نجوم الطرب في مصر والعالم العربي، مثل علي الحجار، ومحمد الحلو، ومدحت صالح، وحنان ماضي، ولطيفة. ومن أشهر مقطوعاته السينمائية «قضية عم أحمد»، و«إعدام ميت»، و«ليلة القبض على فاطمة»، و«عفواً أيها القانون»، ومن موسيقاه في الدراما «ضمير أبلة حكمت»، و«البخيل وأنا»، و«غوايش».

وكان مؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية، الذي عقد دورته الـ24 في الرباط (المغرب)، قد أقر إقامة «مهرجان الأوبرا العربية» في قطر، واختيرت «دار الأوبرا المصرية» ضيف شرف دورته الأولى بالنظر إلى أسبقيتها التاريخية، إذ أسَّست مصر أول دار أوبرا في الوطن العربي، وفق بيان وزارة الثقافة.

ويرى الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين أن «تكريم عمر خيرت في (مهرجان الأوبرا العربية) الأول يعكس القيمة الكبيرة التي يُمثِّلها في الموسيقى العربية، وليس المصرية فقط»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الاختيار موفَّق جداً، سواء في تكريم خيرت أو في اختيار (دار الأوبرا المصرية) ضيفَ شرفٍ بوصفها الأقدم عربياً».

أُنشئت «دار الأوبرا المصرية» عام 1869 على يد الخديو إسماعيل ضمن احتفالات افتتاح قناة السويس. وبعد أكثر من قرن كانت فيه الأوبرا الخديوية المنارة الثقافية الأبرز في الشرق الأوسط وأفريقيا؛ احترق مبناها في أكتوبر (تشرين الأول) 1971. ومن ثَمَّ اختيرت أرض الجزيرة مقراً للمبنى الجديد بالتنسيق مع هيئة التعاون الدولية اليابانية (JICA) والاتفاق على تصميم معماري إسلامي حديث، ليُفتتح المبنى الجديد في 10 أكتوبر 1988.


«حجر رشيد»... رحلة الأثر الذي فك طلاسم الحضارة المصرية

«حجر رشيد» فيلم وثائقي جديد بمكتبة الإسكندرية (مكتبة الإسكندرية)
«حجر رشيد» فيلم وثائقي جديد بمكتبة الإسكندرية (مكتبة الإسكندرية)
TT

«حجر رشيد»... رحلة الأثر الذي فك طلاسم الحضارة المصرية

«حجر رشيد» فيلم وثائقي جديد بمكتبة الإسكندرية (مكتبة الإسكندرية)
«حجر رشيد» فيلم وثائقي جديد بمكتبة الإسكندرية (مكتبة الإسكندرية)

تحت عنوان «حجر رشيد: مفتاح الحضارة المصرية»، أنتجت مكتبة الإسكندرية فيلماً وثائقياً جديداً هو الخمسون ضمن مشروع «عارف... أصلك مستقبلك» الذي يتناول موضوعات تاريخية وبيئية، ورموزاً في مجالات شتى، ويقدم رحلة بصرية شيقة تمزج بين دقة المعلومة التاريخية وسحر الحكاية.

الفيلم الأحدث بسلسلة الأفلام الوثائقية يتناول حجر رشيد؛ ليس كمجرد قطعة أثرية؛ بل كقصة حضارة خالدة ألهمت العالم أجمع، من خلال استعراض أن الحضارة المصرية قد بدأت قبل عملية التدوين.

يستعرض الفيلم تطور أنظمة الكتابة المصرية القديمة، عبر الخطوط الثلاثة المنقوشة على الحجر، وهي: الهيروغليفية (الرسم المقدس)، والهيراطيقية (خط الكهنة)، والديموطيقية (الخط الشعبي)، وصولاً إلى القبطية التي مثلت الجسر الصوتي للغة المصرية القديمة.

ويتتبع الفيلم رحلة الحجر الأثري، بدءاً من معبد «سايس» بمحافظة الغربية، ومروراً باستخدامه كحجر بناء في قلعة «قايتباي» ببرج رشيد خلال العصور الوسطى، حتى اكتشافه عام 1799 على يد الملازم الفرنسي بيار بوشار.

ويسرد الفيلم قصة الصراع اللاحق عليه بين القوات الفرنسية والإنجليزية، الذي انتهى بوجود الحجر في المتحف البريطاني حالياً.

ويُبرز الفيلم المعركة العلمية الطويلة التي دارت لفك طلاسم الحجر، مسلطاً الضوء على جهود العلماء الأوائل، مثل السويدي يوهان أكربلاد، والإنجليزي توماس يانغ. ويُظهر الوثائقي كيف نجح العبقري الفرنسي جان فرنسوا شامبليون في تحقيق الانتصار العلمي. ويكشف أن تفوق شامبليون جاء نتيجة إجادته للغة القبطية التي استخدمها لربط الصوت بالصورة في النصوص القديمة. ففي سبتمبر (أيلول) 1822، أعلن شامبليون نجاحه في فك أول رموز الكتابة المصرية القديمة. وبهذا الإنجاز، تحول حجر رشيد رسمياً من مجرد وثيقة ملكية قديمة للإعفاء من الضرائب إلى أيقونة عالمية، ومفتاح جوهري لفهم التراث الإنساني.

الكتابة المصرية القديمة ظلت لغزاً لزمن طويل (مكتبة الإسكندرية)

ووفق مدير مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي، بقطاع التواصل الثقافي في مكتبة الإسكندرية، الدكتور أيمن سليمان، فإن الاهتمام بإنتاج فيلم عن حجر رشيد يعود لأهمية هذا الحجر، ودوره في الكشف عن أسرار الحضارة المصرية القديمة، بعد فك طلاسم لغتها ومعرفة أبجديتها، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «فمن خلال لوحة تعود للعصر اليوناني– البطلمي عبارة عن مرسوم ملكي للإعفاء من الضرائب، وُضعت في كل المعابد تقريباً، نقل جزء منها لإعادة بناء قلعة قايتباي على نهر النيل بمدينة رشيد، استطاع العلماء فك رموز الكتابة المصرية»؛ لافتاً إلى أن عالم الآثار الفرنسي جان فرنسوا شامبليون (1790– 1832) استطاع أن يترجم ويكشف عن اللغة المصرية القديمة، نظراً لمعرفته اليونانية والقبطية، وبالمقارنة استطاع أن يترجم منطوق اللفظ والكلمة من الخط المصري القديم؛ سواء المقدس (الهيروغليفي) أو الخط الشعبي (الديموطيقي).

وقدمت سلسلة «عارف... أصلك مستقبلك» 49 فيلماً وثائقياً من قبل، من بينها أفلام: «وادي حيتان»، و«بورتريهات الفيوم»، و«أبو العباس المرسي»، و«الألعاب في مصر القديمة»، و«حديقة الزهرية»، و«توت عنخ آمون الملك الذهبي»، و«أمير الخرائط».


«مَن الذي لا يزال حيّاً» يوثق أحوال الفلسطينيين الفارين من «جحيم غزة»

عرض الفيلم للمرة الأولى عربياً ضمن فعاليات «مهرجان القاهرة السينمائي» (الشركة المنتجة)
عرض الفيلم للمرة الأولى عربياً ضمن فعاليات «مهرجان القاهرة السينمائي» (الشركة المنتجة)
TT

«مَن الذي لا يزال حيّاً» يوثق أحوال الفلسطينيين الفارين من «جحيم غزة»

عرض الفيلم للمرة الأولى عربياً ضمن فعاليات «مهرجان القاهرة السينمائي» (الشركة المنتجة)
عرض الفيلم للمرة الأولى عربياً ضمن فعاليات «مهرجان القاهرة السينمائي» (الشركة المنتجة)

لم يكن المخرج السويسري نيكولا واديموف يدرك أن اندلاع «حرب غزة» سيقلب أولوياته رأساً على عقب، لكنه وجد نفسه عاجزاً عن التفكير في أي شيء آخر. فالرجل الذي يصوّر في فلسطين منذ نحو 30 عاماً، ويعرف كثيرين بين غزة والضفة، عاش طوال الأسابيع الأولى للحرب تحت وطأة الخوف على أصدقائه العالقين تحت القصف، كما يقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط».

ويصف واديموف فكرة أن يكون أولئك الذين يعرفهم جيداً تحت النار من دون أن يعرف مصيرهم بأنها كانت «أمراً لا يُحتمل». ورغم محاولته الاستمرار في مشروعاته الأخرى، سرعان ما اكتشف أن «العقل والقلب كانا في غزة»، وأن المضي في أي مشروع آخر «أصبح مستحيلاً». عندها قرر تجميد جميع أعماله، وحاول مرتين الذهاب إلى غزة ولم ينجح، قبل أن تقوده الصدفة إلى القاهرة، حيث التقى صديقه الفلسطيني جودات هوّاري الذي خرج من القطاع بعد بدء الحرب.

يتذكر واديموف حالة صديقه النفسية في تلك الفترة، ويقول: «وجدته منهاراً كلياً، نفسياً وذهنياً، والصدمة التي رأيته فيها كانت الشرارة التي ألهمتني فكرة الفيلم، والحاجة الملحّة إلى أن تُسمَع هذه الأصوات، خصوصاً في الغرب، حيث تعمل ماكينة سياسية وإعلامية منذ سنوات طويلة على خلق مسافة بين الجمهور والفلسطينيين، وتقديمهم باعتبارهم أرقاماً، إلى حد أن التعاطف معهم بات أصعب مما ينبغي أن يكون».

الفيلم عَرض قصصاً لشخصيات فلسطينية (الشركة المنتجة)

من ذلك اللقاء وُلدت نواة فيلمه «مَن الذي لا يزال حيّاً» الذي عُرض في النسخة الماضية من مهرجان «القاهرة السينمائي»، فقد عرّفه صديقه الفلسطيني على آخرين من أبناء غزة المقيمين في القاهرة، فسجّل أصواتهم أولاً، ومن ثَّم بدأت بينهم فكرة بناء فيلم كامل، قبل أن يضمّ شخصيات أخرى يعرفها هو شخصياً من غزة، ليكتمل الفريق المكوّن من 9 أشخاص.

تقوم فكرة فيلم «مَن الذي لا يزال حيّاً» على «إعادة البشر إلى الواجهة في لحظة يُراد لهم فيها أن يتحولوا إلى أرقام»، كما يقول واديموف، مضيفاً أن «الفيلم يقدّم 9 فلسطينيين من غزة: كتّاباً وصحافيين وفنانين وطلاباً ومديرين ومؤثّرين تتراوح أعمارهم بين 14 و62 عاماً، جميعهم فقدوا بيوتهم وأعمالهم وذكرياتهم تحت القصف، وتحولوا إلى لاجئين».

ويشير إلى أنه شعر تجاههم بما يشبه «العائلة الصغيرة» التي ستحمل الفيلم على عاتقها. وبينما كان من المقرر تصويره في سويسرا، فإن رفض منح الحكومة أبطال الفيلم التسعة تأشيرات دخول دفعه إلى نقل الخطة إلى جنوب أفريقيا، وهي من الدول القليلة التي تستقبل الفلسطينيين من دون تأشيرة.

المخرج السويسري نيكولا واديموف (الشرق الأوسط)

ويرى واديموف أن لهذا القرار بعداً رمزياً مهماً بالنظر إلى «العلاقة التاريخية والأخوّة» بين جنوب أفريقيا وفلسطين، مستحضراً رمزية مانديلا وعرفات ونضالهما، قبل أن يمضي الفريق هناك 3 أسابيع لإنجاز التصوير.

ويعترف بأن الفيلم «كان امتحاناً قاسياً على الصعيد النفسي، ليس لي فقط، بل لكل المشاركين. استعادة الذكريات في خضم الصدمة ليست خطوة بسيطة. عادةً يعمل العلاج النفسي على إبعاد تلك الذكريات أو وضعها في مكان آمن حتى يستطيع الإنسان أن يتعافى، في حين طلبتُ العكس من المشاركين بأن يغوصوا في ذواتهم ويستدعوا ما يحاولون نسيانه».

الفيلم صُوّر في جنوب أفريقيا لعدم تمكن فريق العمل من الحصول على تأشيرات سويسرا (الشركة المنتجة)

ويضيف أنه كان يدرك أن ذلك «خطر عليهم»، لكن البيئة التي كوّنها الفريق كانت حاضنة وقائمة على الدعم المتبادل. «كنا بمثابة عائلة قوية نتشارك كل شيء، وكانوا يدعمون بعضهم طوال الوقت»، مؤكداً أن الشخصيات أمام الكاميرا لم تكن بحاجة إلى توجيه، فـ«الصدق جعل حضورهم أقوى من حضور الممثلين».

ورغم حساسية الموضوع، يوضح واديموف أن الهدف لم يكن نقل المعلومات، فالعالم - من وجهة نظره - «يعرف كل شيء»، والجميع شاهد تفاصيل الإبادة «دقيقة بدقيقة عبر وسائل التواصل»، لكن المشكلة، كما يقول، «ليست في المعرفة، بل في الإحساس. فالناس يعرفون لكنهم لا يشعرون. لذلك اعتبرت أن وظيفة الفيلم ليست إخبار الجمهور بما حدث، بل مساعدته على الشعور به؛ لأن المعرفة بلا تعاطف لا تغيّر شيئاً».

وعن المناخ السياسي في سويسرا تجاه ما يحدث في غزة وصعوبات التمويل، يتحدث بوضوح عن «انقسام البلاد إلى شطرين»، لكنه يؤكد أن هذا الانقسام لم ينعكس على تمويل الفيلم؛ إذ حصل على دعم المؤسسات الثقافية الفيدرالية والتلفزيون السويسري، الذي يصفه بأنه «شجاع ويقوم بواجبه». ويضيف: «أصدقائي دعموا خياري منذ البداية. مَن حولي يقفون في الجانب الصحيح من التاريخ، ولا أحتفظ بصداقات مع أشخاص يلتزمون الصمت أمام الإبادة؛ لأن الصمت تواطؤ».