ضجة في العراق حول «تلف» 12 مليار دينار بسبب الأمطار

أعلنه محافظ «المركزي»... وجهات لا تستبعد «السرقة»

TT

ضجة في العراق حول «تلف» 12 مليار دينار بسبب الأمطار

أثارت التصريحات التي أدلى بها محافظ البنك المركزي العراقي، علي العلاق، بشأن تلف 12 مليار دينار عراقي بسبب مياه الأمطار، جدلاً واسعًا بين مختلف الأوساط العراقية. وفيما تقلل أوساط البنك المركزي من أهمية المبلغ التالف، تشكك بعض المصادر في رواية البنك، وتضع كثيراً من علامات الاستفهام حول خسارة مبلغ ضخم بهذا الشكل، كذلك تستغرب سكوت الجهات الرقابية على ما يعتبرونه «إهمالا» في المحافظة على ثروة البلاد بعد مرور نحو 6 سنوات على حادث «غرق النقود» في مصرف الرافدين التابع للبنك المركزي.
وكان العلاق ردّ خلال استضافته أمام مجلس النواب أول من أمس على سؤال تقدم به أحد النواب يتعلق بأسباب تلف 12 مليار دينار، بالقول إن «التلف كان قبل تسلمه المنصب عندما تعرضت خزائن مصرف الرافدين إلى غرق بسبب الأمطار الكبيرة التي هطلت عام 2012 وتسببت بوقوع ضرر في الأوراق النقدية بعد وصول المياه إلى المخازن». وأوضح العلاق أن «البنك المركزي يقوم باستبدال العملات عند تعرضها لأي تلف كما تم فرض غرامة معينة على إدارة مصرف الرافدين جرى تخفيضها بعد اعتبار ما جرى قضاء وقدرًا». وسبق أن تعرض العلاق إلى انتقادات واسعة مطلع الشهر الماضي بعد أن قام بوضع اسمه الثلاثي على الأوراق النقدية بدلا عن توقيعه.
وفيما ذكر العلاق أن «(المركزي) خسر تكلفة طباعة الأوراق النقدية وهي لا تمثل شيئا كثيرا، وأن المبلغ كان بحدود 7 مليارات دينار»، يرى خبراء في الاقتصاد أن قيمة طباعة العملات العراقية مرتفعة جدا وتكلف فئة الـ25 ألف دينار نحو 20 سنتا أميركيا.
وبشأن المبنى الجديد للبنك المركزي في منطقة الجادرية بيَّن العلاق أن «مشروع المبنى بدأ قبل تسلمه المنصب عام في 2010 من خلال التعاقد مع مكتب المعمارية (الراحلة) زها حديد بشكل مباشر ويتمتع بمواصفات خاصة ومتطورة إلكترونيا».
بدوره، قال وليد عيدي عبد النبي، المستشار في البنك المركزي، أثناء جلسة الاستضافة في البرلمان إن «الكلفة التخمينية لمشروع المبنى بلغت نحو 823 مليون دولار، بينما الكلفة التي تم التفاوض عليها خفضت إلى 772 مليون دولار».
من جهته، يرى الخبير القانوني جمال الأسدي أن «البنك المركزي يتحمل من الناحية القانونية تلف هذا المبلغ الضخم، لكن المشكلة أن الدوائر الرقابية صامتة عن ذلك، ويبدو أن التحقيق في هذا النوع من القضايا محظور لوقوف جماعات مصالح كبيرة وراءه».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.