آلاف الفلسطينيين يتظاهرون ضد قانون الضمان

غضب وانتقادات لمنعهم من الوصول إلى رام الله

فلسطينيون يتظاهرون في رام الله أمس ضد قانون الضمان الاجتماعي (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتظاهرون في رام الله أمس ضد قانون الضمان الاجتماعي (أ.ف.ب)
TT

آلاف الفلسطينيين يتظاهرون ضد قانون الضمان

فلسطينيون يتظاهرون في رام الله أمس ضد قانون الضمان الاجتماعي (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتظاهرون في رام الله أمس ضد قانون الضمان الاجتماعي (أ.ف.ب)

تظاهر آلاف الفلسطينيين الغاضبين وسط رام الله، أمس الإثنين، ضد قانون الضمان الاجتماعي، مطالبين بإلغاء القانون بصورته الحالية، وإجراء حوار واسع لتعديله.
وشهدت رام الله أوسع مظاهرة منذ بدء الحراك ضد قانون الضمان، على الرغم من منع الأجهزة الأمنية حافلات للمتظاهرين من الوصول إلى المدينة.
وزحف الآلاف نحو مجلس الوزراء أمس، وسلكوا طرقاً أخرى للوصول بعد إغلاق الشرطة وقوى الأمن الطرق الرئيسية.
ونصبت الشرطة الفلسطينية حواجز عدة في طريق المتظاهرين، وأغلقت محيط مجلس الوزراء لمنعهم من الاقتراب.
وهتف المتظاهرون الذي حملوا الإعلام الفلسطينية: «هي هي هي، شلة حرامية»، و«الشعب يريد إسقاط الضمان»، و«يا... طق وموت، على الضمان ما راح نفوت».
وطالب متظاهرون بإسقاط الحكومة، ورحيل رئيسها رامي الحمد الله.
وجاءت المظاهرة بعد يوم من اتفاق بين الكتل البرلمانية والنقابات المهنية، واللجنة الوزارية المكلفة بالحوار من قبل الرئيس، يقضي باستمرار الحوار حول قانون الضمان، وإلغاء إلزامية الاشتراك في القانون خلال مدة أقصاها 6 أشهر من دون غرامة؛ لكن الحراك ضد القانون رفض هذا الاتفاق، وأكد على مواصلة التظاهر ضده.
وصب كثير من المتظاهرين غضبهم على منع الحكومة عمال وموظفي الخليل، وهي أكبر محافظة فلسطينية، من الوصول إلى رام الله.
ومنعت الشرطة حافلات المتظاهرين من الانطلاق، فاضطروا إلى التظاهر وسط الخليل وإغلاق الشوارع.
ورفع متظاهرون في رام الله شعارات ضد الشرطة: «من شو خايفين، كل هالشرطة جايين»، و«يا دولة الخليل واجبكم علينا وصوتكم وصل».
كما انتقد مسؤولون فلسطينيون تدخل الأجهزة الأمنية لمنع حركة المتظاهرين.
وقال النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني قيس أبو ليلى: «نرفض تدخل الأجهزة الأمنية ومنعها المواطنين من المشاركة في مسيرات ضد الضمان الاجتماعي. نحن ضد هذه الإجراءات التعسفية، ونعتبر أنها تشكل تطاولاً على حقوق المواطنين في التعبير وحرية الرأي والاجتماع والتظاهر التي يكفلها القانون الأساسي. هذا التصرف من قبل أجهزة الأمن يجب أن يتوقف».
وأضاف: «بصرف النظر عن رأينا في هذه القضية أو تلك، فمن حق أي مواطن وحق الحراك أن يقرر التعبير عن رأيه بالوسائل التي يختارها، بما في ذلك وسائل التظاهر والاعتصام في الموقع الذي يشاء، دون الإخلال بالأمن والسلم الأهلي».
وأردف: «نشجب هذه الخطوة، ونطالب الأجهزة الأمنية ووزير الداخلية باحترام حق المواطنين في التعبير عن آرائهم، بكل الوسائل المشروعة». وتابع: «تواصلنا مع كل الأطراف التي على علاقة بالموضوع، بما في ذلك الحراك، ولدينا جدول من اللقاءات يستمر حتى 15 نوفمبر (تشرين الثاني)، مع جميع الأطراف المعنية، التي لها تعديلات على القانون، وهناك لقاء مع الحراك خلال بضعة أيام».
ويسعى «الحراك الفلسطيني الموحد لقانون ضمان اجتماعي عادل»، إلى تأجيل تطبيق القانون نهائياً، والاتفاق على قانون ضمان يضمن الحماية الاجتماعية للعمال، ويوفر الحياة الكريمة لهم؛ لكن الحكومة تقول إنها ستطبقه الآن، ثم تجري أي تعديلات لازمة عليه.
ويوجد خلاف حول بنود مهمة في القانون، مثل سنوات الخدمة والانقطاع، ونسبة احتساب الراتب التقاعدي، والقدرة على شراء سنوات، وفي حالات الوفاة والمتعطلين عن العمل والمسنين، والفئات الاجتماعية الأكثر احتياجاً للحماية الاجتماعية، وبشكل أساسي، حول كيفية ضمان صندوق الضمان.
وكان القانون قد تسبب في خلاف علني نادر بين حركة فتح والحكومة الفلسطينية.
وطالبت «فتح» بتأجيل تطبيق قانون الضمان، وجعله اختيارياً لمدة 6 أشهر، يجري خلالها فحص عيوب القانون وتعديله؛ لكن رئيس الحكومة أصر على تطبيقه ثم إدخال تعديلات عليه.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن القانون مهم للحفاظ على حقوق العمال والموظفين؛ لكنه ليس مقدساً، وإنه يمكن تعديله بأثر رجعي.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.