الأحمد: حراك مصري جديد من أجل المصالحة

الهدنة تبدأ بمشاريع في غزة... لكن أموال الرواتب معلقة بآلية أمنية

الأحمد: حراك مصري جديد من أجل المصالحة
TT

الأحمد: حراك مصري جديد من أجل المصالحة

الأحمد: حراك مصري جديد من أجل المصالحة

وافقت إسرائيل على سلسلة مشاريع جديدة في قطاع غزة، اتُّفق على أن تخدم عوائل فقيرة وتوفر فرص عمل جديدة. لكنها ما زالت تبحث عن آلية لإدخال الأموال المخصصة لرواتب موظفي «حماس»، حتى لا تذهب إلى أيدي الحركة مباشرة، ولا تشمل عناصر في جناحها المسلح.
ويفترض أن يكون المجلس الوزاري السياسي والأمني الإسرائيلي «الكابنيت»، قد بحث أمس، آليات إدخال رواتب موظفي «حماس».
كانت إسرائيل قد اتفقت مع «حماس» على تثبيت هدنة جديدة في قطاع غزة، تقوم على قاعدة هدوء يقابله هدوء، مع السماح بإدخال الوقود القطري، إضافة إلى منحة قطرية مخصصة لرواتب موظفي الحركة، بشكل يستمر حتى تحقيق مصالحة (حتى 6 أشهر)، على أن يخضع تحويل الأموال لآلية رقابة أمنية، وذلك مقابل وقف المسيرات والهجمات المتبادلة، بما في ذلك البالونات الحارقة.
ودخلت الهدنة حيز التنفيذ فعلاً، لكنها في حالة اختبار الآن.
ويسود قطاع غزة هدوء حذر، بعدما قررت «حماس» كبح جماح أي هجمات على الحدود، ووجهت بالتظاهر السلمي فقط. ومقابل الهدوء، تشكلت في إسرائيل حالة من التفاؤل، تُوجت بالسماح بإقامة مشاريع في القطاع كخطوة أولى.
وأكد القيادي في «حماس» عصام الدعاليس، وجود مجموعة من المشاريع الجديدة في غزة، قائلا: إن ذلك تحقق بسبب «تضحيات شعبنا الفلسطيني وإرادته وعزيمته الجبارة، وبجهود الوسطاء الأمميين والمصريين، وبأموال المنحة القطرية الكريمة».
وأَضاف: «بسبب كل ذلك، أعلنت الجهات المختصة عن مجموعة من المشاريع التي تعزز صمود شعبنا على أرضه، ليواصل المسير حتى تحقيق أهدافه، وفي مقدمتها كسر الحصار عن غزة».
وكان وكيل وزارة المالية في غزة يوسف الكيالي، قد أعلن عن صرف دفعة من راتب شهر يوليو (تموز) بنسبة 60 في المائة لموظفي قطاع غزة، في وقت أعلنت فيه وزارات أخرى عن صرف مساعدات مالية بقيمة 100 دولار، لخمسين ألف أسرة محتاجة، اختيروا حسب معايير دقيقة.
جاء ذلك في وقت أعلن وكيل وزارة العمل موسى السماك، عن «إطلاق برنامج تشغيل مؤقت لـ10 آلاف عامل وخريج خلال الأيام المقبلة».
وينتظر أن تعلن قطر في وقت قريب، عن مجموعة أخرى من المشاريع، على الرغم من معارضة السلطة الفلسطينية دفع قطر أموالاً مباشرة للقطاع.
ورفضت السلطة الفلسطينية مراراً، اتفاق التهدئة، باعتباره يرسخ الانقسام. لكنّ مصر أبلغت المسؤولين الفلسطينيين، أن الحديث يدور عن تفاهمات ميدانية، وأن الاتفاق الرسمي سيوقّع بعد المصالحة.
وأكد عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والمركزية لحركة «فتح» عزام الأحمد، وجود حراك مصري جديد خلال الأيام المقبلة لتحقيق المصالحة، يقوم على قاعدة الاتفاقات الموقعة، وآخرها الثاني عشر من أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي.
وأعرب الأحمد عن أمله بألا تستمر «حماس» بمناوراتها وإضاعة الوقت والتسويف، مضيفاً: «لنعطِ فرصة كاملة للجهود المصرية، إما أن تنجح وإما لكل حادث حديث».
وأعاد الأحمد تأكيد رفض القيادة اتفاقاً في غزة يمثل بعداً سياسياً.
وأوضح: «مصر كانت تقوم بجهود من أجل التهدئة مقابل التخفيف عن قطاع غزة ومنع وقوع الحرب مجدداً، ولكن دون الوصول إلى توقيع اتفاق، غير أن (حماس) وعبر جهود ميلادينوف وقطر، كانت تسعى إلى توقيع اتفاق، حتى يكون له بعد سياسي، إلا أن الرئيس محمود عباس والقيادة وكل فصائل منظمة التحرير عارضوا ذلك».
وتابع: «الاتفاق مع إسرائيل هو شكل من أشكال المفاوضات، وبالتالي هو شأن وطني وليس فصائلياً، ويجب أن يتم كما جرى عام 2014». مشدداً على «حرص الكل الفلسطيني وكل الفصائل على تحقيق المصالحة قبل التهدئة».
وأردف: «شيء مؤلم أن تتم المقايضة على الدم الفلسطيني بالمال، وأن تقْدم (حماس) على مثل هذه الخطوة، وأن يتواطأ بعض الفصائل وأطراف إقليمية في ذلك».
وعلى الرغم من موقف السلطة، فإن إسرائيل و«حماس» ماضيتان في الاتفاق المؤقت.
وبعد أسبوع من الهدوء النسبي في غزة، تتكون في «إسرائيل» حالة من التفاؤل الحذر، بشأن إمكانية التوصل إلى تحقيق اتفاقية وقف إطلاق نار طويل المدى.
وكتب عاموس هارئيل، المحلل السياسي في «هآرتس»، «إسرائيل، حالياً، وكجزء من سياسات الحكومة الإسرائيلية، وعلى وجه الخصوص رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، تبحث عن حلول وسط، للتوصل إلى تهدئة مع (حماس) بغزة، وهي ستسمح لمصر وقطر، بالمزيد من العمل في غزة، ومن ضمن ذلك إدخال كميات كبيرة من الأموال من قطر إلى غزة».
وأضاف: «تقديرات المنظومة الأمنية الإسرائيلية، تشير إلى أن مصر ستوافق على نقل الأموال القطرية لغزة، لأنها العنصر الأكثر تأثيراً على مساعي التوصل إلى تهدئة. وهذا العنصر، يخلق حالة من التفاؤل في (إسرائيل)، بإمكانية التوصل إلى تهدئة، لأول مرة منذ أكثر من شهر».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.