التخلص من ملف «التعيينات بالوكالة» أولوية في العراق

تقديرات تشير إلى وجود 4 آلاف منصب منها

التخلص من ملف «التعيينات بالوكالة» أولوية في العراق
TT

التخلص من ملف «التعيينات بالوكالة» أولوية في العراق

التخلص من ملف «التعيينات بالوكالة» أولوية في العراق

ليس أمام رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي الكثير من الوقت للوفاء بمجموعة التعهدات التي قطعها على نفسه أمام البرلمان أثناء التصويت على كابينته الوزارية في الأسبوع الأخير من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خصوصاً تلك المتعلقة بإنهاء ملف العمل بـ«الوكالة» بالنسبة لشاغلي المناصب العليا في الدولة خلال 6 أشهر.
وملف التعيين بالوكالة الذي يقوم به رئيس الوزراء عادة من دون الرجوع إلى مجلس النواب لإقراره بالأصالة، يشمل طيفاً واسعاً من الوزراء ووكلاء الوزارات، إضافة إلى كثير من المسؤولين والرؤساء في الهيئات المستقلة والمناصب الكبيرة في وزارتي الدفاع والداخلية. ولعل من اللافت في هذا الجانب تدشين عبد المهدي عهده بمجموعة من الأوامر التي أوكلت لبعض الوزراء المعينين إدارة وزارات أخرى بالوكالة لحين التصويت على وزرائها في مجلس النواب، كما أوكل عبد المهدي لنفسه إدارة وزارتي الدفاع والداخلية لحين اختيار وزيرين لهما.
خصوم حزب «الدعوة» من الكتل والشخصيات السياسية، يتهمونه بـ«تعمده تكريس سياق العمل بالوكالة» طوال السنوات التي سيطر فيها على منصب رئاسة الوزراء، سواء في دورتي (2006 - 2014) التي شغل فيها نوري المالكي منصب رئاسة الوزراء، أو حتى الدورة الأخيرة (2014 - 2018) التي شغل منصب رئاسة الوزراء فيها حيدر العبادي. ويرى خصوم «الدعوة» أن إجراء «الوكالة»، كان غالبا طريقة «متحايلة» تستهدف تعيين الموالين والمقربين من «الدعوة»، أو التخلص من التعقيدات التي تواجه عمليات التصويت على أصحاب الدرجات الخاصة في مجلس النواب. كما يقولون إن «كثيراً من شاغلي الدرجات الخاصة لا يتمتعون بالكفاءة والشهادة الجامعية المؤهلة لشغل المنصب».
وبغض النظر عن عدد مناصب الوكالة الموجود اليوم في مفاصل الدولة، الذي يشير بعض الإحصاءات إلى أنه يناهز 4 آلاف منصب، فإن كثيراً من الجهات البرلمانية، خصوصاً تلك القريبة من ائتلاف «الإصلاح» المؤلف من تحالف «سائرون» و«تيار الحكمة» وقوى سياسية أخرى، تعدّ أن «التخلص من ملف التعيين بالوكالة أولوية نيابية» خصوصاً مع اقترانه بالوعود التي قطعها رئيس الوزراء على نفسه. ويقول النائب عن تحالف «سائرون» صباح العكيلي، إن «بقاء المناصب تدار بالوكالة أو استمرار عمل مديرين عامين بالمكان نفسه لفترات طويلة، باب من أبواب تشريع الفساد، وأغلب تلك المناصب كان يتم وفق مبدأ المحاصصة الحزبية والسياسية».
وتؤكد النائب عن ائتلاف «دولة القانون» عالية نصيف على الأهمية التي يوليها مجلس النواب إلى ملف المناصب بالوكالة، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «هناك اتجاه قوى في مجلس النواب للانتهاء من ملف المناصب بالوكالة، ويشمل أغلب مفاصل الدولة؛ ضمنها القنصليات والسفارات خارج البلاد». وترى أن «وجهة النظر السائدة في البرلمان تشدد على ضرورة الفصل بين الجهازين السياسي والإداري للدولة، والأخير من حصة المواطن، وهو مفتاح الإصلاح والعمل المؤسسي، ولا بد من أن يتولى أمره موظفون يعملون بالأصالة وليس بالوكالة».
وتضيف: «وقعت أخطاء في السنوات الماضية بحيث ظل البعض يشغل مناصب رفيعة لأكثر من 10 سنوات، فيما مدتها القانونية لا تتجاوز 5 سنوات. أظن أن عادل عبد المهدي قادر على تحقيق تقدم ملموس في ملف التعيينات بالوكالة، لأنه يحظى بالدعم الشعبي والسياسي المطلوب».
بدروه، يرى القيادي في تحالف «سائرون» جاسم الحلفي أن «ملف التعيين بالوكالات بحاجة إلى المعالجة الجذرية لتمكين الدولة من المضي قدما». ويقول الحلفي لـ«الشرق الأوسط»: «القاعدة الثابتة هي أن الدولة المستقرة بحاجة ماسة إلى جهاز إداري مستقر، وهذا ما لا يتحقق في حالة الإدارة بالوكالة... وعليه؛ يجب التخلص من هذا الاتجاه في الإدارة». ويعتقد الحلفي أن «الانتهاء من ملف الإدارة بالوكالة سيتيح فرصة جيدة للعناصر ذات الكفاءة للوصول إلى المناصب العليا في الدولة، والتخلص من ظاهرة المحاصصة الحزبية في توزيع المناصب، وأيضا التخلص من احتكار حزب معين أغلب المناصب الحكومية».
أما القيادي في تيار «الحكمة» محمد حسام الدين الحسيني، فيرى أن «المشكلة تكمن في وجود دويلات عميقة تشكلت داخل مؤسسات الدولة على امتداد السنوات الماضية، وكل حزب امتلك وزارة لدورة أو دورتين قام بتأسيس دويلة صغيرة فيها قادرة على إعاقة أي عملية إصلاح». ويشير الحسيني في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المشكلة لا تتعلق اليوم بكبار المسؤولين في الدولة فقط، بل بأصغر الموظفين في بعض الأحيان، خصوصاً أولئك التابعين لبعض الأحزاب، بحيث إنهم يستطيعون إفشال عمل أي وزير بمجرد طلب الجهة التابعين لها». وعن فرص نجاح عبد المهدي في التخلص من ملف التعيينات بالوكالة ومدى الدعم الذي سيحصل عليه من الكتل السياسية، يقول الحسيني: «نحن في (تيار الحكمة) داعمون لعبد المهدي بقوة في هذا الملف، وإذا كنا قد منحناه تفويضا باختيار الوزراء، فمن الأولى أن نمنحه تخويلا لمعالجة ملف الدرجات الخاصة من المديرين والوكلاء وغيرهم».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.