جدل سياسي في الجزائر بسبب مصافحة بوتفليقة لرئيس البرلمان الجديد

TT

جدل سياسي في الجزائر بسبب مصافحة بوتفليقة لرئيس البرلمان الجديد

خلّفت صورة لمعاذ بوشارب، رئيس البرلمان الجزائري الجديد، وهو يصافح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، خلال احتفالات تفجير ثورة الاستقلال الخميس الماضي، انطباعاً قوياً بأن حركة الإطاحة بسعيد بوحجة من رأس الهيئة التشريعية تمّت برعاية السلطات العليا في البلاد.
وقال عبد الرزاق مقري، رئيس الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، أمس، في مؤتمر صحافي بمدينة معسكر (غرب البلاد)، إن «المصافحة بين رئيس الجمهورية والسيد بوشارب تعني أن الأول تم ترسيمه رئيساً للمجلس الشعبي الوطني (الغرفة البرلمانية الأولى)، وهي عملية غير دستورية وغير قانونية». مبرزاً أن نواب حزبه «سيتعاملون مع بوشارب في حدود ضيقة، إيماناً منّا بأنه لا يستحق ثقتنا».
وظهر بوشارب في مقبرة العالية، حيث تنقل بوتفليقة للترحم على أرواح شهداء ثورة الاستقلال (1954 - 1962)، رفقة وزراء «قطاعات سيادية»، كالداخلية والعدل والخارجية، ورئيس «مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الأولى)، الرجل الثاني في الدولة، حسب الدستور، ورئيس الوزراء، زيادة على رئيس أركان الجيش، الذي يشغل في ذات الوقت منصب نائب وزير الدفاع. كما كان مع وفد مستقبلي بوتفليقة في المقبرة الرسمية، كبار الموظفين برئاسة الجمهورية، مثل الطيب بلعيز مستشاره الخاص برتبة وزير.
وكان بوشارب (47 سنة) يتوسط رئيس الوزراء أحمد أويحيى، ورئيس «مجلس الأمة» عبد القادر بن صالح، في المقبرة، فاقترب منه بوتفليقة بواسطة كرسيه المتحرك، على غرار بقية المسؤولين، ومد يده له، وهي الصورة الأبرز التي شدت إليها الأوساط السياسية والإعلامية في هذه المناسبة الرسمية.
وفي سهرة نفس اليوم، بث التلفزيون الحكومي صور الطاقم الحكومي مكتملاً، عندما نزل «ضيفاً» عند رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد في «نادي ضباط الجيش» بأعالي العاصمة. وظهر بوشارب ضمن المدعوين وهو يحتفل بعيد الثورة. وكان هذان المشهدان بمثابة «شرعية» ممنوحة لبوشارب من القيادة العليا للبلاد، السياسية والعسكرية.
ويواجه رئيس البرلمان الجديد سيلاً من الانتقادات بحجة أنه «يحتل منصباً غير شرعي»، بعد أن تمّت الإطاحة ببوحجة قبل 20 يوماً، خارج إطار القانون والدستور، حسب المعني نفسه وغالبية المراقبين. وقد برر خصومه تنحيته بـ«سوء تسييره للبرلمان»، بينما ينص «النظام الداخلي» لمؤسسة التشريع بشكل صريح على أن تنحي رئيسها يكون طواعية بالاستقالة، ولا يمكن بأي حال «سحب الثقة» منه كما فعل نواب الأغلبية، التي ينتمي إليها بوحجة، وبوشارب واحد منها أيضاً. وظل بوحجة طيلة أيام أزمة البرلمان يصرح للإعلام بأن رئاسة الجمهورية «تنأى بنفسها» عن حركة الإطاحة به، بل قال إن «مسؤولاً كبيراً جاءني إلى مكتبي وطلب مني مواصلة مهامي». لكن الشيء الثابت أن أي رئيس برلمان لا يصل إلى هذا المنصب دون موافقة الرئاسة وجهاز المخابرات. أما الدستور فيمنع أن تتدخل أي سلطة في شؤون البرلمان، وفق «مبدأ الفصل بين السلطات». وقد رفض رئيس البرلمان المعزول خلال اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أمس، التعليق على وجود خصمه اللدود في «مقبرة العالية»، و«نادي الضباط» مع كبار المسؤولين، واكتفى بالقول: «أنا رئيس البرلمان الشرعي بقوة القانون، مهما حدث».
وقال بوحجة لصحيفة محلية إنه لن يلجأ إلى القضاء لطلب إعادته إلى منصبه «لأن القاضي غير مستقل في قراراته». وعُد هذا الكلام «خطيراً» و«غير مسبوق» من جانب مسؤول كبير في البلاد، لا يزال في منصبه بقوة القانون.
يشار إلى أن المعارضة الإسلامية وكتلة العلمانيين واليساريين بالبرلمان، قاطعوا عملية انتخاب بوشارب. أما نواب أقدم حزب معارض (جبهة القوى الاشتراكية)، فقرروا تجميد عضويتهم في كل هياكل «المجلس الوطني»، تنديداً بما حصل.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.