وفد بصري في بغداد لمناقشة المطالب... وعودة الاحتجاجات قائمة

زيارة متوقعة لرئيس الوزراء إلى المحافظة في غضون أيام

TT

وفد بصري في بغداد لمناقشة المطالب... وعودة الاحتجاجات قائمة

يرجّح ناشطون بصريون أن تتواصل في بحر الأيام المقبلة الاحتجاجات المطلبية التي انطلقت في شهر يوليو (تموز) الماضي ووصلت إلى ذروتها بداية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، حين أقدم المحتجون على حرق مقرات «الحشد الشعبي» وبعض الأحزاب السياسية والقنصلية الإيرانية، لكنها تراجعت في نهاية سبتمبر بعد دخول السنة الهجرية الجديدة وحلول موسم التعزية في شهر محرم.
التوقعات بعودة الاحتجاجات إلى ساحات البصرة تأخذ بنظر الاعتبار الخطوات التي سيقدم عليها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي لمعالجة مشكلات المحافظة وما إذا كانت الحكومة قادرة، أم لا، على إقناع البصريين بجديتها في تلبية المطالب الواسعة التي دفعت الناس إلى الاحتجاج، وفي مقدمتها توفير الخدمات وفرص العمل ومعالجة مشكلة تلوث وملوحة المياه المزمنة.
وفيما تؤكد مصادر قريبة من كواليس الحكومة لـ«الشرق الأوسط» عزم رئيس الوزراء زيارة محافظة البصرة اليوم أو في غضون الأيام المقبلة، يؤكد ناشطون حدوث «انقسامات» بين صفوف التنسيقيات الاحتجاجية في البصرة، إذ يذهب البعض إلى ضرورة مواصلة الحراك الاحتجاجي للضغط على الحكومة، في مقابل تشديد البعض على ضرورة إعطاء الوقت الكافي للحكومة الجديدة لترتيب أولوياتها كي تتمكن من التركيز على حل مشكلات البصرة.
وفي المستوى الثاني الذي يشدد على ضرورة منح الوقت الكافي لحكومة عبد المهدي لمعالجة مشكلات البصرة، اجتمع أمس وفد من تنسيقيات البصرة وشيوخ العشائر برئيس الوزراء في بغداد. وكما يذكر بيان صادر عن هذه التنسيقيات بشأن المواضيع التي تطرح على طاولة اللقاء مع رئيس الوزراء، فإن حماية المتظاهرين وإعادة التحقيق في الاعتداءات التي وقعت عليهم من أولى المطالب، إضافة إلى تعويض الضحايا من القتلى والجرحى الذين سقطوا في الاحتجاجات بنيران القوات الأمنية.
كذلك، يشير بيان التنسيقيات إلى ضرورة تعديل قانون البصرة العاصمة الاقتصادية وأن يكتب على يد خبراء في المجال الاقتصادي. كذلك تؤكد التنسيقيات معالجة المشكلات الملحة المرتبطة بالخدمات وتوفير المياه الصالحة للشرب، والمطالبة بفتح نافذة للتواصل المستمر مع رئيس الوزراء وتشكيل لجنة وزارية لزيارة جميع الأقضية والنواحي في البصرة واللقاء بالتنسيقيات وممثلي المظاهرات.
وكانت أغلب التنسيقيات في البصرة تشتكي من أن المسؤولين الرسميين في بغداد لا يلتقون بجماعات الاحتجاج أو ممثليه أثناء زياراتهم إلى البصرة، ويكتفون بلقاء المسؤولين الرسميين المتهمين من قبل المتظاهرين بالتقصير وسوء الإدارة.
الناشط والكاتب أحمد صحن، من بين الداعين إلى إعطاء فسحة من الوقت لرئيس الوزراء، لرؤية ما يمكنه تقديمه لمحافظة البصرة. ويقول صحن لـ«الشرق الأوسط»: «هناك تنسيقيات تضغط هذه الأيام لمواصلة الاحتجاجات، وقد خرجت في اليومين الأخيرين أعداد قليلة من العاطلين أمام شركة نفط البصرة، لكن مع التريث قليلاً وإعطاء رئيس الوزراء الجديد بعض الوقت». ويخشى صحن من أن «تستغل المطالب المحقة لسكان البصرة في هذه الفترة من قبل أحزاب وجهات سياسية للضغط على حكومة العبادي للحصول على بعض المناصب والمواقع الوزارية». ويشير إلى أن «بوادر هذا الاستغلال طفت على السطح أخيراً، عبر سعي تلك الأحزاب إلى تحريك الشارع البصري بذريعة حق البصرة في أن يكون لها ممثلون في الكابينة الحكومية، علماً أن مجيء وزراء أكفاء، سواء من البصرة أو غيرها، هو الشيء المفيد للبصرة ولجميع المحافظات العراقية».
وترددت أنباء في وقت متأخر أمس، عن قيام رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، بإسقاط جميع الدعاوى القضائية ضد المتظاهرين في البصرة.
من جهة أخرى، يولي بعض الوزراء الجدد في حكومة عادل عبد المهدي أهمية استثنائية في البصرة، فبعد أن قام وزير التجارة محمد هاشم بزيارة إلى البصرة أول من أمس، أكد وزير الصناعة والمعادن صالح الجبوري، أنه سيبدأ مهام عمله من محافظة البصرة. وقال الجبوري في بيان أمس، إن «الوزارة حريصة على إعادة الإنتاج إلى جميع الشركات التابعة للوزارة في جميع المحافظات وستولي الشركات والمصانع في محافظة البصرة اهتماماً كبيراً»، لافتاً إلى اختياره المحافظة لأولى جولاته الميدانية التي سينفذها قريباً، معتبراً أن البصرة «لها أولوية قصوى في تنفيذ المشاريع الاستراتيجية ضمن عمل الوزارة للظروف التي تمر بها المحافظة وأنها لكل العراقيين». وأضاف الوزير الذي ينحدر من محافظة صلاح الدين: «سوف أكون الوزير البصري الذي يهتم بأبناء المحافظة التي تحتاج إلى كثير من الجهود، لا سيما في إعادة المشاريع الصناعية التي توفر للمواطنين فرص عمل، إضافة إلى دعمها المنتج الوطني الذي سيكون له حضور فعال في السوق العراقية في المرحلة المقبلة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».