تراجع أسعار اللوحات السورية في المزادات العالمية بسبب الحرب

لوحة للفنان لؤي كيالي
لوحة للفنان لؤي كيالي
TT

تراجع أسعار اللوحات السورية في المزادات العالمية بسبب الحرب

لوحة للفنان لؤي كيالي
لوحة للفنان لؤي كيالي

كشفت مبيعات مزاد كريستيز لفنون الشرق الأوسط في لندن مؤخراً عن تراجع الإقبال على اللوحات التشكيلية السورية وانخفاض أسعارها عما كانت عليه قبل اندلاع الحرب في سوريا، حيث بيعت لوحتان نادرتان للفنان فاتح المدرس، الأولى بعنوان «العشاء الأخير» بـ120 ألف جنيه إسترليني، وهي تستحق أكثر من هذا الثمن، والثانية من أعمال مدرس بيعت بـ50 ألف جنيه إسترليني. وهناك أيضا لوحتان أخريان بيعتا بسعر 21 و22 ألفاً، ولوحة لم تبع. أما لوحة «فدائيون» للفنان نعيم إسماعيل، التي تعد من الأعمال النادرة أيضا، ولها خصوصية تاريخية وسياسية، فقد بيعت بـ25 ألف جنيه. في ذات الوقت، حافظ الفنان صفوان داحول (مواليد 1961)، الذي يعد من أشهر الفنانين السوريين الشباب، على سعر يقارب أسعار لوحاته، فبيعت لوحته بـ56250 ألف جنيه، أما لوحات الفنان الراحل مروان قصاب باشي فحافظت على أسعارها المرتفعة وحققت لوحته «رؤوس» سعر 150 ألف جنيه، في حين تراوح سعر باقي اللوحات ما بين 20 و80 ألف جنيه، فبيعت لوحة «رئيس» بـ20 ألفا، ولوحة «منارة» بـ80 ألفا. وجاءت المفاجأة بانخفاض أسعار لوحات لؤي كيالي حيث بيعت له لوحتان «بائع المثلجات» بـ62 ألف جنيه، علما بأنها بيعت في مزاد سابق بـ90 ألف دولار، ولوحة «معلولا» بـ35 ألف جنيه، علما بأن لوحات كيالي كانت تصنف ضمن اللوحات المرتفعة الثمن، وسبق أن حقق مبيعها في مزادات عالمية أرقاماً أعلى.
وكان لافتا أن تباع لوحة للفنانة السورية ليلى نصير (مواليد 1941) التي تعد من رائدات الفنانات التشكيليات في سوريا، بسعر لم يتجاوز 625 جنيه!! بالمقابل بيعت لوحة للفنانة الشابة ديانا الحديد (مواليد 1981) بـ5 آلاف جنيه، ولوحتان للفنان الشاب تمام عزام، واحدة بـ6875 جنيهاً، وأخرى بـ625.
صاحب صالة لوحات وتحف سوري ينشط في دمشق وبيروت ودبي، قال لـ«الشرق الأوسط» إن سوق أعمال الفنانين العرب تراجعت عموما، والأعمال السورية خصوصا، وذلك لعدة أسباب، أبرزها اضطراب الأوضاع السياسية منذ عام 2011، التي أدت إلى اضطراب الاقتصادات في المنطقة العربية. ولفت صاحب الصالة، الذي فضّل عدم ذكر اسمه إلى أن دار كريستيز التي لديها مقر في دبي، كانت تقيم مزاد فنون الشرق الأوسط في دبي منذ أكثر من 10 سنوات، وكانت تحقق أرقاما مرتفعة، إلا أن تلك الأرقام تراجعت في السنوات القليلة الماضية، واضطرت إلى نقل المزاد هذا العام إلى لندن، وقد حقق المزاد عموما أرقاما جيدة جدا حيث وصلت مبيعاتها إلى 83 في المائة من أعداد القطع المعروضة للبيع، و86 في المائة من القيمة. أما حصيلة المزاد فكانت 3921000 جنيه إسترليني. وأبرز 3 أعمال كانت لوحة «ودن من طين وودن من عجين» للفنان المصري عبد الهادي الجزّار، بيعت بـ584750 جنيهاً إسترلينياً، ولوحة «بلا اسم» لأيمن بعلبكي، بيعت بـ200 ألف جنيه إسترليني، ومنحوتة «البرونز والنَّص» من البرونز للفنان الإيراني برويز تانفولي، بيعت بـ150 ألف جنيه إسترليني.
لكن من جانب آخر، لوحظ أن الأعمال السورية حققت أقل من قيمتها التقديرية أو الرائجة، خاصة بالنسبة لكبار الفنانين، فلوحات لؤي كيالي كان سعرها مضاعفاً قبل الحرب عما هو الآن، وردّ صاحب الصالة ذلك إلى ظروف الحرب في سوريا واضطرار كثير من السوريين لبيع مقتنياتهم من اللوحات والتحف، حيث زاد العرض وتراجع الطلب.
ناهيك عن أسباب أخرى تتعلق بما تعرضت له الأعمال الفنية من سرقة وتزوير ضربت الثقة بأعمال بعض مشاهير الفن السوري. ولا سيما أن التحقق من التزوير عن طريق تحليل مواد اللوحة مكلف للغاية، والتحقق عن طريق تعقب مسار اقتناء اللوحة من مصادر موثوقة أيضاً صعب، جراء تشتت السوريين في أصقاع العالم.



«من القلب إلى اليدين»... معرض يطير من ميلانو إلى باريس

حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)
حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)
TT

«من القلب إلى اليدين»... معرض يطير من ميلانو إلى باريس

حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)
حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)

للمرّة الأولى، تجتمع في باريس، وفي مكان واحد، 200 قطعة من تصاميم الإيطاليَيْن دومنيكو دولتشي وستيفانو غبانا، الشريكَيْن اللذين نالت أزياؤهما إعجاباً عالمياً لعقود. إنه معرض «من القلب إلى اليدين» الذي يستضيفه القصر الكبير من 10 يناير (كانون الثاني) حتى نهاية مارس (آذار) 2025.

تطريز فوق تطريز (إعلانات المعرض)

وإذا كانت الموضة الإيطالية، وتلك التي تنتجها ميلانو بالتحديد، لا تحتاج إلى شهادة، فإنّ هذا المعرض يقدّم للزوار المحطّات التي سلكتها المسيرة الجمالية والإبداعية لهذين الخيّاطَيْن الموهوبَيْن اللذين جمعا اسميهما تحت توقيع واحد. ونظراً إلى ضخامته، خصَّص القصر الكبير للمعرض 10 صالات فسيحة على مساحة 1200 متر مربّع. وهو ليس مجرّد استعراض لفساتين سبقت رؤيتها على المنصات في مواسم عروض الأزياء الراقية، وإنما وقفة عند الثقافة الإيطالية واسترجاع لتاريخ الموضة في ذلك البلد، وللعناصر التي غذّت مخيّلة دولتشي وغبانا، مثل الفنون التشكيلية والموسيقى والسينما والمسرح والأوبرا والباليه والعمارة والحرف الشعبية والتقاليد المحلّية الفولكلورية. هذه كلّها رفدت إبداع الثنائي ومعها تلك البصمة الخاصة المُسمّاة «الدولتشي فيتا»، أي العيشة الناعمة الرخية. ويمكن القول إنّ المعرض هو رسالة حبّ إلى الثقافة الإيطالية مكتوبة بالخيط والإبرة.

للحفلات الخاصة (إعلانات المعرض)

عروس ميلانو (إعلانات المعرض)

هذا المعرض الذي بدأ مسيرته من مدينة ميلانو الساحرة، يقدّم، أيضاً، أعمالاً غير معروضة لعدد من التشكيليين الإيطاليين المعاصرين، في حوار صامت بين الفنّ والموضة، أي بين خامة اللوحة وخامة القماش. إنها دعوة للجمهور لاقتحام عالم من الجمال والألوان، والمُشاركة في اكتشاف المنابع التي استمدَّ منها المصمّمان أفكارهما. دعوةٌ تتبع مراحل عملية خروج الزيّ إلى منصات العرض؛ ومنها إلى أجساد الأنيقات، من لحظة اختيار القماش، حتى تفصيله وتزيينه بالتطريزات وباقي اللمسات الأخيرة. كما أنها مغامرة تسمح للزائر بالغوص في تفاصيل المهارات الإيطالية في الخياطة؛ تلك التجربة التي تراكمت جيلاً بعد جيل، وشكَّلت خزيناً يسند كل إبداع جديد. هذه هي باختصار قيمة «فيتو آمانو»، التي تعني مصنوعاً باليد.

دنيا من بياض (إعلانات المعرض)

رسمت تفاصيل المعرض مؤرّخة الموضة فلورنس مولر. فقد رأت في الثنائي رمزاً للثقافة الإيطالية. بدأت علاقة الصديقين دولتشي وغبانا في ثمانينات القرن الماضي. الأول من صقلية والثاني من ميلانو. شابان طموحان يعملان معاً لحساب المصمّم كوريجياري، إذ شمل دولتشي صديقه غبانا برعايته وعلّمه كيف يرسم التصاميم، وكذلك مبادئ مهنة صناعة الأزياء وخفاياها؛ إذ وُلد دولتشي في حضن الأقمشة والمقصات والخيوط، وكان أبوه خياطاً وأمه تبيع الأقمشة. وهو قد تكمَّن من خياطة أول قطعة له في السادسة من العمر. أما غبانا، ابن ميلانو، فلم يهتم بالأزياء إلا في سنّ المراهقة. وقد اعتاد القول إنّ فساتين الدمى هي التي علّمته كل ما تجب معرفته عن الموضة.

الخلفية الذهبية تسحر العين (إعلانات المعرض)

الأحمر الملوكي (إعلانات المعرض)

عام 1983، ولدت العلامة التجارية «دولتشي وغبانا»؛ وقد كانت في البداية مكتباً للاستشارات في شؤون تصميم الثياب. ثم قدَّم الثنائي أول مجموعة لهما من الأزياء في ربيع 1986 بعنوان «هندسة». ومثل كل بداية، فإنهما كانا شبه مفلسين، جمعا القماش من هنا وهناك وجاءا بعارضات من الصديقات اللواتي استخدمن حليهنّ الخاصة على منصة العرض. أما ستارة المسرح، فكانت شرشفاً من شقة دولتشي. ومع حلول الشتاء، قدَّما مجموعتهما التالية بعنوان «امرأة حقيقية»، فشكَّلت منعطفاً في مسيرة الدار. لقد أثارت إعجاب المستثمرين ونقاد الموضة. كانت ثياباً تستلهم الثقافة الإيطالية بشكل واضح، وكذلك تأثُّر المصمّمين بالسينما، لا سيما فيلم «الفهد» للمخرج لوتشينو فيسكونتي. كما أثارت مخيّلة الثنائي نجمات الشاشة يومذاك، مثيلات صوفيا لورين وكلوديا كاردينالي. وكان من الخامات المفضّلة لهما الحرير والدانتيل. وهو اختيار لم يتغيّر خلال السنوات الـ40 الماضية. والهدف أزياء تجمع بين الفخامة والحسّية، وأيضاً الدعابة والجرأة والمبالغة.

جمال الأزهار المطرَّزة (إعلانات المعرض)

اجتمعت هذه القطع للمرّة الأولى في قصر «بالازو ريالي» في ميلانو. ومن هناك تنتقل إلى باريس لتُعرض في واحد من أبهى قصورها التاريخية. إنه القصر الكبير الواقع على بُعد خطوات من «الشانزليزيه»، المُشيَّد عام 1897 ليستقبل المعرض الكوني لعام 1900. وعلى مدى أكثر من 100 عام، أدّى هذا القصر دوره في استضافة الأحداث الفنية الكبرى التي تُتقن العاصمة الفرنسية تقديمها.