تمسّك «حزب الله» بـ«تمثيل سنة 8 آذار»... إحراج لعون وتصعيد ضدّ الحريري

«المستقبل» يؤكد أنهم لا يمثلون أكثر من 8.9 % من أصوات السنة

TT

تمسّك «حزب الله» بـ«تمثيل سنة 8 آذار»... إحراج لعون وتصعيد ضدّ الحريري

تحوّل موضوع تمثيل «سنة 8 آذار» بشكل مفاجئ مؤخراً، إلى عقدة تعيق تشكيل الحكومة التي كادت أن تكون قاب قوسين من التأليف. وكان رفع سقف «حزب الله» حيال هذا الموضوع متوقعاً لدى البعض ومستغرباً لدى البعض الآخر، لكنّه بالنسبة إلى «الحزب» نفسه، فهو «ليس إلا موضوعاً قديماً جديداً سبق له أن طرحه لدى رئيس الجمهورية ميشال عون وأمام الرئيس المكلف سعد الحريري، وبالتالي على المعنيين بالتأليف إيجاد حلّ له كما وجدوا حلاً لـ(عقدة حزب القوات)».
وبعدما كان واضحاً عدم مقاربة رئاستي الجمهورية والرئيس المكلف طوال الفترة الماضية لهذا الموضوع بأهمية كبيرة، بحيث ترى الأولى أن الحل لن يكون صعباً، وسيتم العمل على المخرج المناسب، كانت ولا تزال الثانية ترفض وصفه بالعقدة من الأساس وتمانع أخذ حقيبة من حصّته لصالحهم، وهو ما سبق أن أعلنه الحريري نفسه. لكن اليوم وبعدما تحوّلت العقدة إلى أمر واقع، بات الجميع يطرح أسئلة عدّة، أهمّها هل هذا التصعيد موجّه ضد الحريري أم رسالة إلى رئيس الجمهورية و«عهده»، أم إلى الاثنين معاً؟
ترفض مصادر مطّلعة على موقف «الحزب» رفضاً قاطعاً وضع الأمر في هذه الخانة، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن «الموضوع ليس موجهاً لا ضد عون ولا ضد الحريري اللذين تربط (الحزب) علاقة جيدة بهما، لكّنه مطلب محقّ لمن يمثّلون نحو 35 في المائة من أصوات السنة في لبنان، وهو ما طرحه ممثلو (الحزب) أمام الحريري»، في وقت يرى القيادي في «تيار المستقبل» مصطفى علوش، أن التصعيد المفاجئ من قبل «حزب الله» موجّه ضدّ الرئيس عون و«عهده» بالدرجة الأولى قبل أن يكون ضد الحريري، إضافة إلى خشيته من خسارة «الحزب» لحلفائه الذين وجّهوا له اللوم في الفترة الأخيرة عندما شعروا بتخليه عن مطلبهم، مع إقراره بأن الحكومة باتت في مأزق إلا إذا وافق عون على توقيع التشكيلة الحكومية كما هي.
ويوضح علوش لـ«الشرق الأوسط» بقوله، أن عدم تسهيل «حزب الله» للحكومة موجه ضدّ عون و«عهده»، وهو الذي يعوّل على هذه الحكومة لانطلاقته الفاعلة، وبالتالي كل تأخير إضافي في الحكومة سينعكس سلباً عليه. ويعتبر علوش في الوقت عينه، أن «الحزب»، وإن أكد أن مطلبه ليس جديداً، غير أنه كان صامتاً حياله في ظل كل «معارك الحصص» الحاصلة، وجاء تصعيده بعد رسالة اللوم التي بعثها حلفاؤه له نتيجة شعورهم بخذلانه، ما جعله يخشى من خسارتهم، فلم يكن أمامه إلا التصعيد.
كذلك، تردّ مصادر في «المستقبل» على ما يروّجه «حزب الله» ونواب «سنة 8 آذار» لجهة توزيع نسبة أصوات الناخبين بالأرقام، موضحة: «بحسب النتائج الرسمية حصل النواب الستة على الأصوات التفضيلية السنية الآتية، فيصل كرامي: 6564 صوتاً، وجهاد الصمد: 10114، وعبد الرحيم مراد: 10640 صوتاً، وعدنان طرابلسي: 11425 صوتاً، وقاسم هاشم: 3504 أصوات، والوليد سكرية: 1053 صوتاً، أي ما مجموعه 43300 صوت تفضيلي سني من أصل 481680 المجموع العام للأصوات التفضيلية السنية في كل الدوائر، أي ما يعادل بالنسبة المئوية 8.9 في المائة».
مع العلم، أنه وفي خضم معركة الحصص المستجدة، ظهرت مفارقة جديدة حيال تمثيل ومواقف هؤلاء النواب وبين موقف حليفهم «حزب الله». إذ وبعدما سبق لـ«الحزب» أن أعلن أن لا مشكلة بالنسبة إليه من أن يكون تمثيل هؤلاء من حصّة عون أو من حصّة الحريري، لأن الهدف الأساس يكمن في توزير أحدهم، في موازاة المعلومات التي تشير إلى أنه سيتم اختيار النائب فيصل كرامي، أتى تصعيد مواقف النواب السنة في اليومين الأخيرين عبر رفضهم أن يكون تمثيلهم من حصة عون، متمسكين بالحصول على حقيبة من حصّة الرئيس المكلّف، وهو ما عبّر عنه أمس النائبان كرامي وعبد الصمد.
ومع هذا الاختلاف في المواقف، تعتبر المصادر المطلعة على موقف «حزب الله» لـ«الشرق الأوسط»، أن الأخير غير معني بما يقوله النواب السنة، مجددة التأكيد على أن موقف «الحزب» لم يتغيّر في هذا الإطار، وأن «لا مشكلة في كيفية تمثيلهم، الأهم هو أن يتقيّد الحريري بما سبق أن أعلنه لجهة تشكيل حكومة وحدة وطنية تجمع كل الأطراف ومنهم هؤلاء النواب».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.