بكين وواشنطن تستأنفان الاتصالات العسكرية

لجعل العلاقات بين جيشيهما «أقل هشاشة» للحد من اندلاع نزاع مدمر

ماتيس مع نظيره الصيني وي (رويترز)
ماتيس مع نظيره الصيني وي (رويترز)
TT

بكين وواشنطن تستأنفان الاتصالات العسكرية

ماتيس مع نظيره الصيني وي (رويترز)
ماتيس مع نظيره الصيني وي (رويترز)

لطالما كانت الاتصالات بين الجيشين الأميركي والصيني أحد أكثر بنود العلاقة بين البلدين هشاشة إذ تحد بكين منها عندما تتصاعد التوترات. وشكل هذا مصدر قلق لسنوات لدى المسؤولين الأميركيين الذين يخشون أن يتفاقم تصادم عرضي أو حادث مؤسف على نحو سريع. وغضبت الصين من فرض الولايات المتحدة عقوبات على جيشها لشرائه السلاح من روسيا وما تراه بكين تصعيدا للدعم الأميركي لتايوان المتمتعة بالحكم الذاتي والتي تعتبرها بكين إقليما منشقا. وعبّرت بكين عن غضبها بعد أن فرضت واشنطن عقوبات مالية على وحدة أساسية في وزارة الدفاع الصينية بسبب شراء بكين طائرات مقاتلة وتجهيزات مرتبطة بمنظومة الدفاع الروسية المضادّة للطيران (إس - 400).
ولهذا جاءت تصريحات راندال شرايفر، وهو مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون آسيا والمحيط الهادي، لتصب في هذا التوجه للطرفين. وقال شرايفر، على هامش محادثات وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس أمس الخميس مع نظيره الصيني وي فنغ خه، إنه يعتقد أن هذا شعور مشترك مع الجيش الصيني إذ أنه طلب مؤخرا إجراء محادثات في سنغافورة بعدما قررت بكين إلغاء اجتماع ماتيس ووي في الصين. وقال إن جعل العلاقات بين الجيشين الأميركي والصيني أقل هشاشة أمر جوهري للمساعدة في الحد من احتمالات اندلاع نزاع مدمر.
وأجرى ماتيس محادثات أمس الخميس مع وي في إطار سعي الولايات المتحدة إلى علاقات عسكرية أكثر مرونة يمكنها تحمل التوترات المتنامية بين أكبر اقتصادين في العالم. ورأى ماتيس بنفسه الشهر الماضي كيف يمكن أن يؤدي الشقاق المتنامي بين الصين والولايات المتحدة إلى تقويض الاتصالات العسكرية. وفي الأول من الشهر الجاري، ألغت واشنطن لقاء بين ماتيس ووي، بعد امتناع بكين عن تحديد موعد للقاء، في رد فيما يبدو على العقوبات الأميركية. ولم يدل ماتيس ووي بتصريحات عندما تصافحا في بداية المحادثات التي جرت في سنغافورة أمس على هامش اجتماع لوزراء الدفاع الآسيويين.
وقال شرايفر مخاطبا صحافيين مرافقين لماتيس «قوتان مسلحتان نوويا لهما مصالح إقليمية، إن لم تكن عالمية، يتعين علينا التأكد من أنه عندما تتداخل مصالحنا ألا يتفاقم هذا إلى شيء سيكون كارثيا... ما نريده فيما يتعلق بالاستقرار هو التواصل المنتظم على مستوى عال ليتفهم كل طرف نوايا الطرف الآخر واتخاذ إجراءات لبناء الثقة تساعدنا على تجنب أي أحداث أو حوادث غير مقصودة». وتابع «وفي حال حدوث ذلك أن تكون لدينا القدرة على إدارته بحيث لا تسوء الأمور».
وفي مؤشر جديد على المخاطر وسط تنامي التوترات اتهمت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الصين هذا الشهر بالإقدام على مناورة غير آمنة وغير احترافية في بحر الصين الجنوبي. إذ اقتربت سفينة حربية صينية لمسافة «خطرة» تقلّ عن 45 ياردة (41 متراً) من مدمّرة أميركية في المياه المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، في مناورة وصفتها البحرية الأميركية بأنها «عدائية» وقالت إن المدمّرة الأميركية اضطرت «للقيام بمناورة لتفادي الاصطدام» بالسفينة الصينية.
كما ندّدت الصين بالتحليق «الاستفزازي» لقاذفات أميركية من طراز بي - 52 في أجواء منطقة بحرية متنازع عليها في بحري الصين الجنوبي والشرقي، وألغت أيضا زيارة مقررة لسفينة حربية أميركية لمرفأ في هونغ كونغ.
ويهاجم الرئيس الأميركي دونالد ترمب الصين باستمرار بشأن سياساتها الاقتصادية، وفي وقت سابق من هذا الشهر اتهم نائب الرئيس الأميركي مايك بنس الصين بممارسة نهج عدائي في مجالات عدة بينها الأمن والتجارة، وصور الصين على أنها طرف شرير يتدخل في الانتخابات الأميركية لإخراج ترمب من البيت الأبيض.
ومنذ توليه منصبه، قام ماتيس بثماني رحلات إلى ما يسميه منطقة المحيط الهندي - الهادي، وتمحورت مهمته الأساسية على تشجيع دول المنطقة على الوقوف في وجه مزاعم الصين بأحقيتها بالسيادة على بحر الصين الجنوبي الاستراتيجي والحيوي.
ودخلت واشنطن وبكين في حرب تجارية، إذ أعلنت الإدارة الأميركية فرض رسوم جمركية جديدة بقيمة 10 في المائة على 200 مليار دولار من الواردات الصينية، وردت الصين بإعلان رسوم جمركية جديدة على 60 مليار دولار من السلع الأميركية.
وفي سياق متصل حذّر وزراء مالية بلدان منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (آبيك) بأن الخلاف التجاري بين الولايات المتحدة والصين يعرض المنطقة برمتها للخطر، خلال اجتماع عقد الأربعاء في عاصمة بابوا غينيا الجديدة. وقال وزراء مالية «آبيك» في بيان صدر ليل الأربعاء في بورت مورسبي إن المخاطر على الاقتصاد العالمي ازدادت بفعل «التوترات التجارية والجيوسياسية المتصاعدة»، في إشارة إلى الخلاف التجاري بين واشنطن وبكين. وحذّر وزير مالية بابوا غينيا الجديدة التي استضافت اللقاء شارل أبيل بأن «التوجهات الحمائية الناتجة عن التوترات التجارية وتزايد الديون أمران يثيران القلق ويشكلان تهديدا حقيقيا على النمو والازدهار في جميع أرجاء منطقة آسيا والمحيط الهادي». وسيجتمع قادة آبيك الشهر المقبل في بابوا غينيا الجديدة بحثا عن تسوية للخلاف.

- لجنة التعاون الصيني ـ الروسي تجتمع في بكين
> قال نائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية الصينية الفريق أول شيوي تشي ليانج أن العلاقات الصينية الروسية تمر بأفضل المراحل في تاريخها. أما سيرجي شويجو وزير الدفاع الروسي، الذي وصل بكين أمس، فأكد أن التعاون العسكري بين روسيا والصين يهدف لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة وخارجها، وغير موجه ضد الدول الأخرى ولا يشكل تهديدا عليها، إنما يساهم في تعزيز السلام والاستقرار.
ويشارك وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو في أعمال الجلسة الـ23 للجنة الحكومية للتعاون العسكري التقني بين البلدين. ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية عن السكرتيرة الصحافية لوزير الدفاع الروسي روسيانا ماركوفسكايا أن الجلسة ستنعقد في بكين، وسيشارك فيها نائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية الصينية تشانج يوسيا. وقالت ماركوفسكايا للصحافيين: «في نهاية الجلسة، من المفترض توقيع بروتوكول. سيتم فيه تحديد التوجهات الواعدة للتفاعل، فضلا عن تحديد سبل تنفيذ المشاريع المخطط لها».



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.