مطالبات بدخول الجيش اللبناني «المية ومية» بعد اشتباكات دامية

العمل على تثبيت وقف النار في المخيم الفلسطيني

مخيم «المية ومية» بعد اغتيال أحد عناصر قوات الأمن الوطني الفلسطيني في مارس الماضي (المركز الفلسطيني للإعلام)
مخيم «المية ومية» بعد اغتيال أحد عناصر قوات الأمن الوطني الفلسطيني في مارس الماضي (المركز الفلسطيني للإعلام)
TT

مطالبات بدخول الجيش اللبناني «المية ومية» بعد اشتباكات دامية

مخيم «المية ومية» بعد اغتيال أحد عناصر قوات الأمن الوطني الفلسطيني في مارس الماضي (المركز الفلسطيني للإعلام)
مخيم «المية ومية» بعد اغتيال أحد عناصر قوات الأمن الوطني الفلسطيني في مارس الماضي (المركز الفلسطيني للإعلام)

انفجر الصراع المستمر منذ سنوات بين حركتي «فتح» و«أنصار الله» في مخيم المية ومية للاجئين الفلسطينيين الواقع في الجنوب اللبناني، ليل الاثنين - الثلاثاء، إذ تطور إشكال فردي بين عنصرين مسلحين إلى مواجهات واشتباكات استمرت حتى الصباح. واستنفرت القوى الأمنية والسياسية الفلسطينية واللبنانية لاستيعاب التطورات، ونجحت بفرض عملية وقف إطلاق نار، على أن يلي ذلك سحب المسلحين من الشوارع وتشكيل لجنة تتابع ذيول ما حصل وخلفياته.
ويشهد «المية ومية» الذي يبعُد نحو 2 كلم عن مخيم «عين الحلوة» صراعا بين «فتح» و«أنصار الله» على القيادة، إذ يحاول جمال سليمان، أمين عام حركة «أنصار الله»، وفق مصادر «فتح»، فرض نفسه منذ فترة كزعيم للمخيم. وبدأ منذ نحو 5 سنوات بتحصين منزله وإقامة مقر قيادي له، كما عمل على التمدد داخل المخيم ككل. وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»: «شهد المية ومية في الفترة الماضية أكثر من عملية اغتيال آخرها راح ضحيتها بلال زيدان، وهو أحد عناصر أنصار الله الذي اتهمه سليمان بمحاولة قتله». وأشار المصدر إلى أن «الأوضاع توترت كثيرا في المخيم بعد اغتيال زيدان، وازدياد الممارسات غير اللائقة والحادة لعناصر أنصار الله وعمليات التشبيح التي أدت إلى نقمة في صفوف المدنيين وحركة فتح».
وبدأت الاشتباكات بين الفريقين مساء الاثنين على إثر إشكال فردي تطور إلى إطلاق نار ومن ثم مواجهات مسلحة استخدم خلالها القذائف الصاروخية. وقد أسفرت، بحسب مصدر «فتح» عن مقتل عنصرين للحركة وقوات الأمن الوطني الفلسطيني وجرح نحو 16 من مدنيين وعناصر «أنصار الله».
ويسود هدوء حذر محاور الاشتباكات في المخيم بعد التوصل إلى اتفاق لـ«وقف دائم لإطلاق النار»، هو الثاني بعد سقوط الاتفاق الأول مساء الاثنين. وتم التوصل إلى هذا الاتفاق خلال اجتماع طارئ عُقد في ثكنة محمد زغيب العسكرية في صيدا بين مدير فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد فوزي حمادة وقائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي أبو عرب ونائب الأمين العام لحركة أنصار الله ماهر عويد، بمشاركة المسؤول السياسي لحركة حماس في لبنان أحمد عبد الهادي. وأعلن أبو عرب بعد الاجتماع أنه «تم الاتفاق على وقف إطلاق النار في المخيم وسحب المسلحين من الشوارع من أجل طمأنة الأهالي وعودتهم إلى المخيم». وأشار إلى أنه «أعطى تعليماته لجميع قوات الأمن الوطني الفلسطيني بوقف تام لإطلاق النار»، مؤكدا حرصه على «أمن المخيمات وضرورة تعاون الجميع لحماية شعبنا». وقال نائب المسؤول السياسي لحركة «حماس» في لبنان جهاد طه، إن الاتفاق يلحظ أيضا تشكيل لجنة متابعة لمعالجة ذيول ما حصل ومنع تكراره، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن دور «حماس» هو «تقريب وجهات النظر بين الطرفين»، علما بأن مصدر «فتح» تحدث عن دعم كبير تقدمه الحركة لـ«أنصار الله». وأوضح طه أنه سيتم تفعيل اللجنة الأمنية المشتركة في المخيم والتي تضم ممثلين عن «فتح» و«حماس» و«أنصار الله» متمنيا على الجميع التعاون كي تستعيد هذه اللجنة دورها. واستبعدت مصادر ميدانية في «المية ومية» أن يكون الاتفاق الذي تم بين الأطراف الثلاثة كفيلا بسحب فتيل التوتر من المخيم، مشددة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على وجوب «انطلاق حوار عميق بين الفرقاء كافة إذا كان هناك حقيقة حرص على عدم تكرار حصل، خاصة أن التراكمات كثيرة».
وأدان نواب لبنانيون ما شهده «المية ومية» في الساعات الماضية، ودعا عضو «كتلة التنمية والتحرير» النائب علي عسيران إلى «دخول الجيش اللبناني إلى المخيم ليتمركز في داخله ومحيطه ويضع حدا لهذه الاشتباكات، ولهذه الخلافات بين الأطراف الفلسطينية المتقاتلة ويبسط الأمن، ويمنع انفلات الأمور نحو الأسوأ»، لافتا إلى أن «دخول الجيش إلى المخيم أمر ملح وضروري، لحماية الشعب الفلسطيني الأعزل والمعذب من السلاح المتفلت والفوضوي»، داعيا القيادات الفلسطينية للعودة إلى رشدها. كذلك حثّ النائب في تكتل «لبنان القوي» سليم خوري «الدولة اللبنانية بكل أجهزتها المدنية والعسكرية إلى تحمل مسؤوليتها في وضع حد للأحداث الأمنية الحاصلة في مخيم المية ومية، وما يرافقها من تهديد لأمن المواطنين، إضافة إلى الأضرار في الممتلكات والشلل الاقتصادي».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.