السلطة تطالب بحماية دولية إثر تصاعد «جرائم الاحتلال»

دعوات إلى محاكمة مسؤولين إسرائيليين بعد قتل سيدة فلسطينية رشقاً بالحجارة في الضفة

مئات الفلسطينيين يشاركون في تشييع جنازة الشاب عبد الله دغمة الذي قتل خلال مواجهات أول من أمس (أ.ف.ب)
مئات الفلسطينيين يشاركون في تشييع جنازة الشاب عبد الله دغمة الذي قتل خلال مواجهات أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

السلطة تطالب بحماية دولية إثر تصاعد «جرائم الاحتلال»

مئات الفلسطينيين يشاركون في تشييع جنازة الشاب عبد الله دغمة الذي قتل خلال مواجهات أول من أمس (أ.ف.ب)
مئات الفلسطينيين يشاركون في تشييع جنازة الشاب عبد الله دغمة الذي قتل خلال مواجهات أول من أمس (أ.ف.ب)

طالبت الحكومة الفلسطينية بالتطبيق الفوري للقوانين الدولية، وتوفير حماية دولية للشعب الفلسطيني، وذلك على «أثر تصاعد الجرائم والاعتداءات والدموية من قبل المستوطنين وقوات الاحتلال على أبناء شعبنا».
وقال يوسف المحمود، المتحدث الرسمي باسم الحكومة، أمس إن «الهجوم الإرهابي الذي نفذته عصابات المستوطنين ضد مركبة فلسطينية قرب حاجز زعترة الاحتلالي جنوب نابلس، الذي أدى إلى استشهاد المواطنة عايشة محمد طلال الرابي (47 عاماً) من بلدة بديا، وإصابة زوجها بجروح، يترافق مع الهجمة الدموية، التي نفذها الاحتلال ضد المتظاهرين السلميين من أهلنا في قطاع غزة، التي خلفت سبعة شهداء و250 إصابة يوم الجمعة».
وحمَّل المحمود الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية عن هذا التصعيد في الضفة الغربية، وفي مقدمتها القدس المحتلة، وأيضاً في قطاع غزة المحاصر. مجدِّداً دعوة حكومة الوفاق الوطني إلى «تحقيق المصالحة الوطنية بشكل فوري وسريع، والتعالي فوق الجراح أمام متطلبات المصلحة الوطنية العليا، وأمام التحديات الخطيرة التي تهدد المشروع الوطني برمته».
وجاءت المطالب الفلسطينية بحماية دولية في وقت أدانت فيه منظمة التحرير الفلسطينية «الهجمة العدوانية للاحتلال الإسرائيلي بدعم أميركي»، ضد أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة. وطالبت المنظمة على لسان أحمد التميمي، عضو لجنتها التنفيذية ورئيس دائرة حقوق الإنسان والمجتمع المدني، المجتمع الدولي، بـ«التحرك الفوري لوضع حد للعدوان الإسرائيلي المتواصل ضد شعبنا، خصوصا المجازر التي تُرتكب بحق المتظاهرين السلميين في القطاع، وعمليات التهجير والتطهير العرقي بحق التجمعات البدوية، وفي مقدمتها قرية الخان الأحمر».
كما طالب التميمي الحكومات العربية والإسلامية والدولية بالتحرك الفوري، واتخاذ الإجراءات السياسية والدبلوماسية والقانونية، التي تضمن توفير الحماية لشعبنا، ومحاكمة إسرائيل على جرائمها، وتقديم مرتكبي هذه الجرائم إلى العدالة الدولية، مؤكدا أن «الاحتلال الإسرائيلي وحكومته الاستيطانية المتطرفة يستفيدان من الدعم الأميركي الشامل لسياستهم الاستيطانية والعدوانية، التي يدفع ثمنها المواطن الفلسطيني وقضيته الوطنية، وذلك في خرق واضح لقرارات الشرعية الدولية وقوانين واتفاقيات حقوق الإنسان».
وكان مستوطنون قد هاجموا بالحجارة سيارات فلسطينية قرب حاجز زعترة جنوب نابلس، فأصابوا سيدة في رأسها قبل أن تقضي متأثرة بجراحها. وجاء ذلك بعد قتل سبعة فلسطينيين بالرصاص في مظاهرات على الحدود مع قطاع غزة.
من جهته، طالب محمود الهباش، قاضي قضاة فلسطين ومستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية «بمحاكمة قادة وحكومة دولة الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين الإسرائيليين بتهمة الإرهاب وارتكاب جرائم حرب». مبرزا أن قتل السيدة عائشة الرابي البشعة «هي جريمة حرب مركبة ومكتملة الأركان، ويعاقب عليها القانون الدولي لأن مرتكبيها لصوص، وسارقون لأرض الفلسطينيين، ويقيمون في مستوطنات غير شرعية تخالف القوانين الدولية، ويعيثون فساداً وإجراماً في جميع مناطق الضفة الغربية، بما فيها مدينة القدس المحتلة، كما يرتكبون الجريمة تلو الأخرى بحق البشر والشجر والحجر».
وطالب الهباش جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، ومنظمة عدم الانحياز «بدعم ومساندة جهود القيادة الفلسطينية أمام مؤسسات المجتمع الدولي، ومحاكم الجنايات الدولية لمعاقبة دولة الاحتلال، التي ترعى إرهاب هؤلاء المستوطنين، وتسانده بكافة الوسائل»، معتبراً حكومة اليمين المتطرف في دولة الاحتلال «حكومة إرهاب ترتكب الجرائم صباح مساء بحق أبناء شعبنا الفلسطيني ومقدساته».
كما دعا الهباش الفلسطينيين إلى مزيد من الصمود والثبات والوحدة من أجل التصدي لمحاولات إرهاب المستوطنين، الرامية لفرض واقع جديد في أنحاء الضفة الغربية «عبر تزايد جرائمهم وإرهابهم»، مؤكداً أن نضال الشعب الفلسطيني «لن يتوقف ولن يخفت حتى طرد آخر مستوطن مجرم من أرضنا، ونيل شعبنا حريته عبر زوال الاحتلال الظالم، وهو ما يرونه بعيداً، ونراه قريباً».
وخلَّفت عملية قتل السيدة الفلسطينية توترات كبيرة في الضفة، حيث هاجم فلسطينيون مركبات المستوطنين بالحجارة في الطرق القريبة شمال الضفة الغربية، في وقت ادعى فيه الجيش الإسرائيلي أنه أحبط عملية طعن صباح أمس عند حاجز الياهو، جنوب قلقيلية شمال الضفة الغربية، واعتقل شاباً يبلغ من العمر 19 عاماً، قال إن بحوزته سكيناً.
وكانت القوات الإسرائيلية قد اعتقلت أمس سبعة فلسطينيين في الضفة، بينهم والد ووالدة أشرف نعالوة، الذي قتل اثنين من المستوطنين في الهجوم داخل المنطقة الصناعية «بركان» شمال الضفة الغربية الأحد الماضي.
ويلاقي الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) صعوبة في مطاردة نعالوة. وقد وسعت إسرائيل من عمليات البحث عنه، واعتقلت عائلته وأصدقاء له، وأخضعتهم للتحقيق في محاولة للوصول إليه.
وكان نعالوة قد اقتحم، صباح الأحد، مكاتب «مجموعة ألون» المتخصصة في صناعة أنظمة الصرف الصحي في المنطقة الصناعية بركان، شمال الضفة، فقيد إسرائيلية هناك، وقتلها ثم قتل إسرائيلياً، وجرح ثالثة وفرَّ من المكان.
ويحاول الإسرائيليون، الذين منحوا نعالوة تصريحاً لدخول المنطق الصناعية للعمل هناك، تحديد سبب قيامه بتنفيذ عمليته، والدافع وراء ذلك. كما يحاولون فهم لماذا أجبر عاملاً على تقييد الفتاة قبل أن يقتلها.
وتعتقد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن الجمع بين مشكلة شخصية لديه ونظام التحريض أديا إلى إقدامه على شراء أسلحة والتخطيط الدقيق للهجوم وتنفيذه. فيما قالت مصادر إنه كان يُفترض أن يواصل عمليته. لكن أيضاً من غير المعروف لماذا انسحب.
وتبحث إسرائيل عن نعالوة في قريته شويكة في طولكرم وفي قرى أخرى، متتبعة كاميرات أمنية، ومستعينة بأحدث الوسائل التكنولوجية وأعينها على الأرض.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».