وريث عرش العراق يرشح نفسه وزيراً للخارجية

عبد المهدي يغلق نافذته الإلكترونية لاستقطاب التكنوقراط وسط جدل سياسي

الشريف علي بن الحسين
الشريف علي بن الحسين
TT

وريث عرش العراق يرشح نفسه وزيراً للخارجية

الشريف علي بن الحسين
الشريف علي بن الحسين

وسط جدل حاد بين مختلف الأوساط السياسية، أغلق رئيس الوزراء العراقي المكلف عادل عبد المهدي، النافذة الإلكترونية للترشح للمناصب الوزارية في حكومته المقبلة، فيما وصف مرجع شيعي معارض الخطوة بأنها «غير قانونية».
وطبقاً لمصادر سياسية مطلعة، فإن من بين الـ36 ألفاً المتقدمين للترشح للمناصب الوزارية عبر الإنترنت، هناك نحو 200 شخصية من الكفاءات الحاصلة على شهادات عليا، وتتخذ من دول المهجر موطناً لها. ومن أبرز المتقدمين عبر النافذة الإلكترونية، الشريف علي بن الحسين راعي الملكية الدستورية في العراق ووريث العرش السابق لحقيبة الخارجية. وتقول المصادر إن عبد المهدي سيعكف على دراسة السير الذاتية، وتقديم الأنسب منها، لبعض الكتل السياسية للحصول على دعمها، وتقديمهم للبرلمان على رأس الوزارات الجديدة، وحصولهم على ثقة مجلس النواب.
وكان توجب على المتقدمين عبر النافذة الإلكترونية، التي فتحت من صباح الثلاثاء إلى عصر الخميس الماضي، أن يسجلوا معلوماتهم الشخصية، ويفصحوا عن توجهاتهم السياسية، وما إذا كانوا ينتمون إلى أي كتلة أو حزب، وذلك حسب ما تنص عليه التعليمات الموضحة في الموقع. ونصت شروط التقديم على أنه يحق للنساء والرجال ترشيح أنفسهم، شريطة أن يكونوا حائزين على شهادة جامعية أو ما يعادلها. وحق للمتقدمين اختيار الحقيبة الوزارية التي يرغبون في شغلها، وطلب منهم كتابة ملخص لرؤيتهم حول «القيادة الناجحة» و«كيفية إدارة فرق العمل بصورة فعالة». كما طلب من المتقدمين طرح آرائهم حول الكيفية التي سيتصدون بها للمشكلات التي تواجه الوزارات التي يختارونها و«الحلول العملية» التي سيختارونها في سبيل ذلك.
من جهته، فإن السياسي المستقل والأكاديمي العراقي نديم الجابري عدَّ، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، «فتح باب الترشح عبر النافذة الإلكترونية، في ظل أزمة الثقة بين الشارع والطبقة السياسية، استهانة بعقلية المواطن العراقي»، مبيناً أن «هذه الطريقة تعد آلية غير مناسبة لاختيار الكابينة الوزارية، حيث إنه يفترض أن تكون في ذهن رئيس الوزراء المكلف مجموعة من الكفاءات المعروفة، ويقوم بمفاتحتهم شخصياً لشغل الحقائب الوزارية التي يقترحها عليهم».
وأضاف الجابري أن «المرشح للمنصب هو سياسي قبل كل شيء، وأهم ما يتوجب عليه التمتع به هو الكاريزما الشخصية، ومن ثم تأتي قدراته السياسية والإدارية، وهذا أمر لا يتيحه التقديم عبر الموقع الإلكتروني بأي شكل من الأشكال، إلا إذا كان هناك اتفاق مسبق مع بعض الأحزاب لتمرير شخصيات متفق عليها بهذه الطريقة، بوصفها مستقلة وتكنوقراطاً».
وأوضح الجابري أن «هناك عدم تمييز بين التكنوقراط الفني والتكنوقراط السياسي، حيث إن الوزير منصب سياسي، وما يحتاجه هو تكنوقراط سياسي لا فنياً، فليس بالضرورة يصلح أفضل طبيب وزيراً للصحة، أو أفضل مهندس وزيراً للإعمار، أو أفضل سائق شاحنة وزيراً للنقل».
وبشأن رؤيته للحكومة المقبلة، يقول الجابري إن «الحكومة المقبلة سوف تتشكل على مرحلتين؛ الأولى هي تقسيم المناصب السيادية على المكونات، والثانية هي توزيع الوزارات على الأحزاب السياسية المنضوية تحت لواء المكونات». إلى ذلك قدم وريث عرش العراق، الشريف علي بن الحسين راعي الملكية الدستورية في العراق، نفسه، وزيراً للخارجية عبر النافذة الإلكترونية، ليصبح حتى الآن أشهر من رشح نفسه عبر هذه الطريقة. وكان الشريف آخر من بقي من الأسرة المالكة التي قُتل جميع أفرادها في 14 يوليو (تموز) 1958، حيث كان خارج قصر الرحاب في ذلك الوقت.
الشريف شخص، الأسبوع الماضي، عبر ندوة حوارية لمركز «الرافدين» في العراق، العديد من الملاحظات حول السياسة الخارجية العراقية، مبيناً أن «السياسة الخارجية العراقية لم تستفد من الإنجازات التي يحققها العراق من أجل تحقيق منفعة وطنية، على سبيل المثال الانتصار على (داعش)، فعلى الرغم من أن العراقيين قاتلوا (داعش)، وهزموهم، وأبعدوا تمددهم عن جميع دول العالم، إلا أن القائمين على السياسة الخارجية العراقية قد فشلوا في تسويق ذلك في المؤتمرات الدولية، التي عقدت لدعم العراق، ومنها مؤتمر الكويت».
وأضاف أن «الجانب الآخر يتمثل في أن وزارة الخارجية العراقية لا تنطلق من الوقائع الميدانية في مفاوضاتها مع الدول الأخرى».
من جهته، عد النائب عن ائتلاف «دولة القانون»، عبد الهادي موحان السعداوي، «فتح باب الترشح لمنصب وزير عن طريق النافذة الواحدة الإلكترونية خطوة لمجرد إرضاء كتلة أو كتلتين»، مشيراً إلى أن أعداد المرشحين كبيرة جداً، وتحتاج إلى وقت للتدقيق فيها، وهذا أمر لا يمكن تحقيقه بأي شكل من الأشكال، وهي فترة لن تسعف رئيس الوزراء المكلف.
وفي سياق المباحثات التي يجريها عبد المهدي مع قادة الكتل السياسية، فقد بحث أمس الجمعة مع رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي عملية تشكيل الحكومة المقبلة. وطبقاً لبيان عن مكتب عبد المهدي، فإن الجانبين أكدا على «أهمية توحيد الجهود من أجل السير بالبلد لتحقيق ما يتطلع إليه المواطن».
في سياق ذلك، هاجم مرجع شيعي بارز، حكومة عادل عبد المهدي المقبلة، واصفاً إياها بأنها غير قانونية. وفي خطبة الجمعة بمدينة الكاظمية، قال المرجع الشيعي المعارض الشيخ جواد الخالصي إن «سوء الوضع الأمني والاغتيالات التي تجري هنا وهناك، وعودة التفجيرات، خصوصاً التي حصلت خلال الفترة الماضية والآن، هي كلها لإلهاء الشعب العراقي عن حقيقة ما يجري من قضايا الانتخابات والتزييف الحاصل، وتشكيل حكومة التي هي مبنية على أسس غير شرعية وغير قانونية».



مطالب دولية بمواجهة المجاعة في اليمن ورفض ممارسات الحوثيين

الأمم المتحدة رفضت تحريض الحوثيين واتهام المنظمة باستهداف مناهج التعليم (أ.ب)
الأمم المتحدة رفضت تحريض الحوثيين واتهام المنظمة باستهداف مناهج التعليم (أ.ب)
TT

مطالب دولية بمواجهة المجاعة في اليمن ورفض ممارسات الحوثيين

الأمم المتحدة رفضت تحريض الحوثيين واتهام المنظمة باستهداف مناهج التعليم (أ.ب)
الأمم المتحدة رفضت تحريض الحوثيين واتهام المنظمة باستهداف مناهج التعليم (أ.ب)

في حين تسببت حملة الاختطافات التي شنتها الجماعة الحوثية على الموظفين الأمميين وعاملي الإغاثة بتقليص أنشطة الأمم المتحدة، طالبت عدد من المنظمات الإغاثية العاملة في اليمن إنقاذ ملايين اليمنيين من المجاعة، وإطلاق عمال الإغاثة، بينما جدد مسؤول حكومي الدعوة إلى نقل أنشطة المنظمات وتعاملاتها المالية إلى عدن.

وطالبت المنظمات في إحاطة لاجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة التاسع والسبعين بتأمين إطلاق العشرات من العاملين في قطاع الإغاثة، الذين اعتقلهم الحوثيون منذ ما يزيد على 3 أشهر، وحذّرت من أن الأزمة الحالية قد تقود ملايين اليمنيين إلى المجاعة والموت.

عجز شديد في الوصول إلى المياه والصرف الصحي يعاني منه اليمنيون خصوصاً في مناطق النزوح (أ.ف.ب)

وشكت 11 منظمة من الضغوط الهائلة التي تعرقل الوصول الإنساني والاستجابة، بما في ذلك تقييد حركة الموظفين والموظفات المحليين، والتدخلات في العمليات الداخلية واحتجاز العمال الإنسانيين من طرف الجماعة الحوثية، وعدم تمكنهم من أداء عملهم في بيئة آمنة تحترم القانون الإنساني الدولي.

ووفقاً لإحاطة، كل من «العمل من أجل الإنسانية» الدولية، و«كير» و«المجلس الدنماركي للاجئين» و«دوركاس الدولية للإغاثة» و«لجنة الإنقاذ الدولية»، و«إنترسوس» و«ماري ستوبس الدولية» و«ميرسي كوربس» و«المجلس النرويجي للاجئين» و«أوكسفام» و«إنقاذ الطفولة الدولية» للأمم المتحدة؛ فإن الفيضانات الأخيرة أثرت على أكثر من 56 ألف أسرة في 20 محافظة، وشردت أكثر من 1000 أسرة.

وشملت مطالب المنظمات تقديم تمويل إنساني متعلق بالمناخ لدعم مرونة المجتمع ومواجهة الطوارئ المناخية، وإعادة إنشاء حدث تعهد سنوي مخصص لليمن، وتكثيف الاستثمار التنموي لتعزيز الاستقرار الاقتصادي وإيجاد حلول دائمة للنازحين، وتحسين الوصول وخلوه من التدخلات التشغيلية.

وبينت أن التصعيد الإقليمي للصراع، مع آثاره المترابطة التي تظهر في دول مثل اليمن، قد يؤدي إلى مستوى غير مسبوق من الكارثة الإنسانية في جميع أنحاء المنطقة.

تحرير الأنشطة والأموال

في مواجهة الانتهاكات الحوثية للعمل الإنساني واختطاف العاملين الإغاثيين والموظفين الأمميين، وجّه جمال بلفقيه، رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية دعوة للأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الإغاثية الدولية إلى نقل أنشطتها إلى المناطق المحررة، وتحويل الأموال التي تخصّ المنظمات إلى البنك المركزي في عدن.

طفلة يمنية في مخيم للنازحين في محافظة مأرب (الأمم المتحدة)

ولفت بلفقيه في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن العملية الإنسانية في اليمن شهدت تغيّرات كبيرة خلال السنوات الأخيرة بفعل عوامل عدة أدت إلى انخفاض الدعم ونقص التمويل، مثل الممارسات الحوثية داخلياً أو في طرق الملاحة والإمدادات، ما زاد من التدهور المعيشي وصولاً إلى المجاعة.

وبحسب بلفقيه، فإن الحل الأمثل لهذه الأزمة هو نقل أنشطة المنظمات إلى المناطق المحررة، وتحويل تعاملاتها المالية إلى البنك المركزي في عدن، ما سينتج عنه التخفف من الممارسات الحوثية، وتقديم خدمات إغاثية أفضل.

وتوقعت المنظمات أن تكون أرقام الوضع الإنساني المتدهور أعلى في المحافظات الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، حيث يقيم نحو 70 في المائة من السكان، والتي لم يتم تقديم تقييمات للوضع فيها نظراً للقيود المفروضة على الوصول إلى السكان، والحصول على البيانات.

ويكشف الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار لـ«الشرق الأوسط» أن الاحتياجات الإنسانية في اليمن خلال العام الحالي حسب بيانات الأمم المتحدة تبلغ 4 مليارات دولار، بينما الاحتياج الفعلي لا يقل عن 10 مليارات دولار، ويفسر ذلك بتراكم الأزمات في اليمن بسبب العجز المتوالي في توفير الدعم المطلوب للاحتياجات خلال السنوات السابقة.

بعد اعتقال الحوثيين الموظفين الأمميين وعاملي الإغاثة لجأت الأمم المتحدة إلى تقليص مساعداتها (أ.ف.ب)

وبالمقارنة بين أرقام الاحتياجات الإنسانية في اليمن خلال الأعوام الماضية وصولاً إلى العام الحالي، يوضح النجار أن هناك تراكماً للفجوات بين الأزمات الإنسانية والتمويل الموجه لها، حيث كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الاثني عشر عاماً الماضية، تزيد على 33 مليار دولار، بينما تم تحصيل أقل من 20 مليار دولار، أي أن حجم الفجوة يصل إلى 42 في المائة.

وينفي النجار حدوث تراجع في متطلبات الاستجابة الإنسانية أو تعافٍ اقتصادي في اليمن، منوهاً بالأزمات التي ظهرت في العالم والمنطقة، نتج عنها تراجع الاهتمام بالوضع الإنساني في اليمن، وتوجيه الاهتمام والدعم لمناطق هذه الأزمات.

وانتقد سياسات ونهج المنظمات الأممية والدولية الذي وصفه بالفاسد، مذكّراً برفضها الاستجابة لطلبات الحكومة اليمنية بنقل تعاملاتها المالية عبر البنك المركزي اليمني في عدن، ما جعل التمويلات تصب في صالح الجماعة الحوثية التي لم تتورع عن ممارسة الانتهاكات ضد المنظمات وموظفيها.

تدهور مطرد

كشفت مسؤولة أممية أن التدخل المباشر من الجماعة الحوثية في الأنشطة الإنسانية في الأشهر السبعة الأولى من هذا العام كان مسؤولاً عن 217 حادثة أعيق فيها وصول المساعدات.

وذكرت القائمة بأعمال رئيسة الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة جويس مسويا أن حوادث هذا العام شهدت زيادة كبيرة عن 169 حادثة تم الإبلاغ عنها، العام الماضي.

وأبلغت مسويا مجلس الأمن أن الأمم المتحدة اتخذت خطوات «للحد من تعرض الموظفين للخطر في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون»، وركزت أعمالها على «الأنشطة الأساسية المنقذة للحياة والمستدامة».

عناصر حوثيون في صنعاء حيث تفرض الجماعة الحوثية رقابة مشددة على أعمال الإغاثة (إ.ب.أ)

وأعربت عن رفض الأمم المتحدة الشديد لـ«الادعاءات الكاذبة» التي أطلقتها الجماعة الحوثية ضد العاملين في المجال الإنساني، بما في ذلك الادعاءات الأخيرة بتدخل الأمم المتحدة في النظام التعليمي في اليمن، منوهة بأن ذلك يهدد سلامة الموظفين، ويعوق قدرة الأمم المتحدة وشركائها على خدمة الشعب اليمني.

ويتدهور الوضع الإنساني في اليمن باطراد طبقاً لتعبير مسويا التي نقلت عن 62 في المائة من الأسر شملها استطلاع للأمم المتحدة أنها لا تملك ما يكفي من الطعام، وعدّت تلك النسبة «مرتفعة تاريخياً».

وتواجه 3 مناطق، اثنتان في الحديدة وواحدة في تعز، مستويات حرجة للغاية من سوء التغذية، وهي المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، حيث توجد مجاعة، بحسب مسويا التي قالت إن من المتوقع أن تصل 4 مناطق أخرى إلى هذا المستوى بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

ولفتت إلى أن نداء الأمم المتحدة الإنساني لجمع 2.7 مليار دولار لليمن هذا العام جرى تمويله بنسبة 28 في المائة فقط.