تونس: الجبهة الشعبية تقدم مرشحها للانتخابات الرئاسية

أكدت المراهنة الفعلية عليه لمواجهة أبرز المرشحين

TT

تونس: الجبهة الشعبية تقدم مرشحها للانتخابات الرئاسية

أكد جلول عزونة، رئيس الحزب الشعبي للحرية والتقدم، أحد الأحزاب المؤسسة لتحالف الجبهة الشعبية اليساري المعارض، أن الجبهة الشعبية سيكون لها مرشح للمنافسة في الانتخابات الرئاسية المقررة خلال السنة المقبلة، موضحا أن الجبهة، التي قبلت منذ تأسيسها بمبدأ التداول السلمي على السلطة، متأهبة للمشاركة في كل المحطات الانتخابية، على الرغم من عدم رضا قياداتها بالنتائج الانتخابية المسجلة، سواء في انتخابات المجلس التأسيسي سنة2011، أم خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت سنة 2014، أم في الانتخابات البلدية التي عرفتها البلاد خلال شهر مايو (أيار) الماضي.
وقال عزونة في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن الجبهة «لم تحدد حتى الآن اسما معينا لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة؛ لأن الأمر سابق لأوانه، لكنها ستعمل على تقديم مرشح تمكن المراهنة الفعلية عليه في هذه الانتخابات قصد مواجهة أهم المرشحين، خاصة من حزب النداء، أو من تدعمه حركة النهضة في حال رفضت الترشح».
وبخصوص إمكانية اندلاع منافسة سياسية قوية بين قيادات الجبهة، الطامحة إلى الترشح في الانتخابات الرئاسية المقررة خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، أوضح عزونة أن فرصة الترشح «ستكون مفتوحة أمام أعضاء المجلس المركزي للحزب، وهو الذي سيحسم عبر مؤسسات الجبهة في مسألة الترشح، وهو سيراعي في كل الأحوال مبدأ المراهنة الجدية في هذه الانتخابات، ومدى إشعاع المرشح وقربه من القاعدة الانتخابية».
مؤكدا في السياق ذاته استعداد الجبهة الشعبية للمشاركة الفعالة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وقال إنها أعدت مخططا للترشح في كل الدوائر الانتخابية، وتطمح إلى تجاوز النتائج الإيجابية الهامة التي عرفتها في انتخابات 2014، بعد نيلها 15 مقعدا برلمانيا، واحتلالها المرتبة الرابعة بين الأحزاب المشاركة في تلك الانتخابات.
في غضون ذلك، كشف عزونة وجود خلافات بين قيادات الجبهة، لكنه قال إنها ليست بالأمر الجديد، بل «كانت موجودة منذ التأسيس، وتحدث خلال كل اجتماع من اجتماعات الجبهة، وهي علامة صحية»، معتبرا أن الجبهة الشعبية «كوّنت ائتلافا سياسيا موحدا، لكن كل حزب سياسي حافظ على هامش حرية، ويتخذ مواقف ويصدر بيانات خاصة به».
واعتبر عزونة أن هذه «الاختلافات»، وليس الخلافات كما يروج لها بعض مناهضي الجبهة، لم تكن سرا، حيث تم الاتفاق بين الأحزاب السياسية الأحد عشر على الحد الأدنى من التوافق السياسي، وهو ما يعني الإبقاء على نسبة 90 في المائة من حرية العمل السياسي، مقابل 10 في المائة فقط في باب الالتزام بمقررات الجبهة.
وكان المنجي الرحوي، قيادي «تحالف الجبهة الشعبية» المنتمي إلى حزب «الوطنيين الديمقراطيين الموحد»، الذي أسسه القيادي اليساري شكري بلعيد، الذي اغتيل سنة 2013، قد طالب بـ«ضرورة إعادة هيكلة الجبهة وتغيير قيادتها»، ممثلة في حمة الهمامي، المتحدث باسم التحالف الذي نجح في ضمان المرتبة الرابعة في انتخابات 2014، خلف حزب «نداء تونس»، و«حركة النهضة»، و«التيار الوطني الحر».
واعتبر الرحوي أن «الجبهة» باتت مطالبة بالتطور، وقال إنه «في حال بقائها على حالها فقد لا تحصل على عدد المقاعد، التي فازت بها في الانتخابات البرلمانية الماضية»، داعيا إلى «ضرورة حسم المسائل التنظيمية داخل التحالف، وتطوير هيكل الجبهة الشعبية». كما شدد على «ضرورة تغيير الزعامة في الجبهة»، ورأى أنها «لا تفي بالحاجة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المنتظر إجراؤها خلال سنة 2019، إن بقيت على وضعها الحالي».
وأحيت هذه الدعوة من جديد روح المنافسة الحادة المعروفة بين «حزب العمال» (الشيوعي سابقاً)، الذي يمثله حمة الهمامي، وحزب «الوطنيين الديمقراطيين الموحد»، الذي أسسه شكري بلعيد، وتتعلق هذه المنافسة بالأساس بقيادة الأحزاب اليسارية والصراع على تزعمها.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.