اتهامات لانفصاليي أوكرانيا بإتلاف أدلة في موقع سقوط الطائرة

صعوبات تواجه عمل فرق الإنقاذ.. واتفاق أميركي ـ روسي على إجراء تحقيق دولي مستقل

رجال إنقاذ يبحثون عن ضحايا محتملين في موقع تحطم الطائرة الماليزية في حقل بمنطقة دونيتسك الأوكرانية أمس (إ.ب.أ)
رجال إنقاذ يبحثون عن ضحايا محتملين في موقع تحطم الطائرة الماليزية في حقل بمنطقة دونيتسك الأوكرانية أمس (إ.ب.أ)
TT

اتهامات لانفصاليي أوكرانيا بإتلاف أدلة في موقع سقوط الطائرة

رجال إنقاذ يبحثون عن ضحايا محتملين في موقع تحطم الطائرة الماليزية في حقل بمنطقة دونيتسك الأوكرانية أمس (إ.ب.أ)
رجال إنقاذ يبحثون عن ضحايا محتملين في موقع تحطم الطائرة الماليزية في حقل بمنطقة دونيتسك الأوكرانية أمس (إ.ب.أ)

واجه المحققون صعوبات هائلة أمس في محاولتهم الوصول إلى مكان تحطم الطائرة الماليزية في شرق أوكرانيا، في قطاع يسيطر عليه المتمردون الانفصاليون الذين حملتهم كييف وواشنطن مسؤولية إسقاط الطائرة بصاروخ. وفي خطوة تؤشر إلى صعوبة التحقيق في الحادث الذي يرجح أنه نجم عن إطلاق صاروخ متطور، أعربت حكومتا أوكرانيا وماليزيا عن خشيتهما من تغيير المعطيات في موقع تحطم الطائرة. وكانت الطائرة التابعة للخطوط الجوية الماليزية سقطت الخميس الماضي بينما كانت في رحلة بين أمستردام وكوالالمبور، مما أدى إلى مقتل الركاب الـ298 الذين كانوا على متنها.
وأعلنت برلين وموسكو أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الروسي فلاديمير بوتين متفقان على إجراء تحقيق دولي ومستقل بإدارة المنظمة الدولية للطيران المدني لكشف ملابسات الحاث. وقالت برلين إنهما اتفقا على تمكين لجنة دولية مستقلة تحت إدارة المنظمة الدولية للطيران المدني من الوصول سريعا إلى مكان الحادث. في حين قال الكرملين إن «ميركل وافقت على أن تجري المنظمة الدولية للطيران المدني التحقيق بمشاركة كل الأطراف المعنية» ومنها روسيا.
لكن وزير النقل الماليزي ليو تيونغ لاي الذي توجه أمس إلى أوكرانيا، أعرب عن أسفه لإتلاف أدلة في موقع سقوط الطائرة، وقال إنه «جرى العبث بالموقع وهناك مؤشرات على أنه لم يجر الحفاظ على أدلة حيوية في الموقع. الدخول إلى موقع تحطم الطائرة يمكن أن يؤثر على التحقيق نفسه». وأضاف في مؤتمر صحافي: «لا يمكن التساهل حيال أي عمل يمنعنا من كشف حقيقة ما حصل للرحلة. إن عدم منع التدخل يشكل خيانة للأرواح التي أزهقت». وقال إن «الأمر المهم الآن هو أن نعرف من أسقط الطائرة الماليزية (إم إتش 17)».
وفي الوقت نفسه تقريبا، اتهمت الحكومة الأوكرانية الانفصاليين بـ«طمس أدلة هذه الجريمة الدولية بدعم من روسيا»، بعد أن اتهمتهم بإسقاط الطائرة.
ولذلك بدا التحقيق حول إطلاق الصاروخ الذي أطلق، كما ذكرت الولايات المتحدة، من المنطقة التي يسيطر عليها الانفصاليون المدعومون من روسيا، بالغ الصعوبة، فيما وصلت أولى الفرق الأجنبية، الهولندية والماليزية، إلى أوكرانيا. وشدد رئيس جهاز مكافحة التجسس الأوكراني على وجود «دليل قاطع» لدى بلاده على أن الفريق الذي أدار النظام الصاروخي الذي تقول كييف إنه أسقط طائرة الركاب الماليزية من روسيا وإنه يجب استجوابهم. وقال فيتالي نادا في مؤتمر صحافي: «لدينا دليل قاطع على أن هذا العمل الإرهابي نفذ بمساعدة روسيا الاتحادية. نعرف بوضوح أن فريق هذا النظام يتألف من مواطنين روس». كما دعا روسيا إلى إبلاغ أوكرانيا بأسماء الفريق كي يتسنى لها استجوابه.
من جانبهما، اتفق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري، خلال محادثة هاتفية بينهما أمس، على أن تستخدم روسيا والولايات المتحدة نفوذهما للعمل على وقف أعمال العنف في أوكرانيا. وأعلنت وزارة الخارجية الروسية أن «لافروف وكيري توافقا على استخدام نفوذ روسيا والولايات المتحدة على الطرفين المتحاربين في أوكرانيا لتشجيعهما» على وقف المعارك والتفاوض، مشيرة في بيان إلى محادثة «صريحة ومن دون مواربة» بين الوزيرين. واتفق وزيرا الخارجية أيضا على «ضرورة إجراء تحقيق دولي نزيه وشفاف ومستقل» لإلقاء الضوء على حادث تحطم الطائرة التجارية التابعة لشركة الخطوط الجوية الماليزية في شرق أوكرانيا. ولفت البيان إلى أن «توضيح ملابسات هذا الحادث يجب أن يدري تحت إدارة منظمة الطيران المدني الدولي مع مشاركة كل الذين على استعداد للمساعدة على كشف الحقيقة».
واتفق لافروف وكيري من جهة أخرى على أن «تطرح كل الأدلة بما فيها الصندوقان الأسودان، على البحث في إطار التحقيق الدولي». وقال البيان أيضا: «ميدانيا، يتعين توفير كل الظروف اللازمة لكي يتمكن فريق الخبراء الدوليين من الوصول» إلى مكان وقوع الحادث.
أما وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند فأعرب أمس عن أسفه «لعدم وجود دعم كاف من جانب الروس» للتحقيقات في حادث الطائرة الماليزية. وصرح هاموند للصحافيين: «نتلقى دعما غير كاف من جانب الروس، لا نرى أن روسيا تستخدم ما يكفي من نفوذها لكي يسمح الانفصاليون الذين يسيطرون على المنطقة بالحصول على ما نحتاج إليه للوصول إلى مكان تحطم الطائرة. كل الأنظار متجهة إلى روسيا للتأكد من أنها تفي بالتزاماتها في الساعات المقبلة». وأوضح أيضا أنه سيجري استدعاء السفير الروسي في لندن إلى وزارة الخارجية التي ستطلعه على موقف الحكومة البريطانية. وأكد الوزير البريطاني أن «هدفنا الآن هو أمن الموقع لكي يجري تحقيق دولي يهدف إلى تحديد أسباب ومنفذي (الحادث) وإحالتهم إلى القضاء والتأكد من أنه يجري التعامل مع الضحايا بكرامة واحترام مناسبين». وكرر هاموند أن هذا الحادث «حرك كل المجتمع الدولي» الذي «يطلب السماح بوصول ملائم وسحب الضحايا بشكل يليق بهم والمحافظة على الأدلة». وقال أيضا: «لا يمكننا أن نكون قاطعين فيما يتعلق بالسبب وراء هذا الحادث الرهيب، وإنما هناك مجموعة أدلة تشير بوضوح إلى أن صاروخا أطلقه الانفصاليون انطلاقا من شرق أوكرانيا».
من جهته، أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمس أنه يجب «عدم الاكتفاء بالفرضيات»، بل يتعين السعي للحصول على أدلة «راسخة». وقال هولاند الذي كان يتحدث في إنجامينا على هامش رحلة في أفريقيا: «إذا ما أردنا التوصل إلى نتيجة، يجب ألا نكتفي بالفرضيات، بل يجب أن نسعى إلى الخلاصة المؤكدة». وأضاف أن «فرنسا طلبت إجراء تحقيق دولي من دون عوائق يساهم فيه شركاء يتمتعون بصدقية» و«يتيح جمع كل الأدلة».
وسقطت الطائرة الماليزية بالقرب من مدينة شاختارسك، ويجعل النزاع المسلح الجاري بين الانفصاليين الموالين لروسيا الذين رفضوا وقفا محددا لإطلاق النار، والحكومة الأوكرانية عمليات التحقيق بالغة التعقيد.
وقالت حكومة كييف في بيان رسمي إن «الإرهابيين نقلوا 38 جثة إلى مشرحة دونيتسك حيث قال أطباء يتحدثون بلكنة روسية واضحة إنهم سيقومون بتشريحها. ويبحث الإرهابيون أيضا عن وسائط نقل لنقل بقايا الطائرة إلى روسيا». وتتهم كييف الانفصاليين الموالين لروسيا بأنهم لم يسمحوا للجهات الأوكرانية المختصة بالبدء في التحقيق ولا للمندوبين والخبراء الأجانب بالوصول إلى مكان وقوع الكارثة. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية أمس عن «زعيم انفصالي» قوله في غرابوف، حيث سقطت الطائرة، إنه جرى نقل جثث إلى مشرحة دونيتسك. وقال: «نقلت 27 جثة هذا الصباح». ويمنع المقاتلون الموالون لروسيا الوصول إلى المكان الذي وقعت فيه الطائرة.
وخرج عدد من عناصر الإنقاذ الذين كانوا يرتدون الزي الرسمي وقفازات بيضاء وزرقاء من حقل للقمح لوضع الأشلاء في أكياس كبيرة سوداء. وتجري العملية تحت إشراف المتمردين. وفي دونيتسك كان مسلحان يحرسان مدخل المشرحة ويمنعان تصويرها، وفق ما أفادت وكالة الصحافة. وفي بيانها، طلبت الحكومة الأوكرانية من روسيا «استدعاء إرهابييها والسماح للخبراء الأوكرانيين والدوليين بإجراء بحوث تتعلق بكل جوانب المأساة».
وقال الزعيم الانفصالي (رئيس حكومة جمهورية دونيتسك الشعبية) المعلنة من جانب واحد، ألكسندر بوروداي، في مؤتمر صحافي أمس، إنه لم يجر العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة، كما نفى ما تردد عن إقامة منطقة أمنية في موقع تحطم الطائرة. وكان بوروداي يرد على ما صرح به رئيس أجهزة الأمن الأوكرانية فالنتين ناليفايتشنكو عندما قال إن أعضاء مجموعة الاتصال التي تضم أوكرانيا وروسيا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا توصلوا إلى اتفاق مع الانفصاليين الموالين لروسيا على إقامة منطقة أمنية حول موقع تحطم الطائرة الماليزية.
وكان فريق منظمة الأمن والتعاون في أوروبا تمكن من الوصول أول من أمس إلى قسم من الموقع الذي سقطت فيه الطائرة ووضع رجال الإطفاء المحليون إشارات عند كل الجثث البشرية الموزعة على عدة كيلومترات مربعة لأن الطائرة انشطرت في الجو. وحتى يوم أمس، جرى انتشال جثث 182 راكبا على الأقل تعود غالبيتها لهولنديين. وقال ألكسندر هوغ أحد المسؤولين في فريق منظمة الأمن والتعاون في أوروبا والموجود منذ وقت طويل في أوكرانيا لمراقبة النزاع في الشرق، للانفصاليين: «لسنا فريق محققين. نحن هنا للتحقق مما إذا كان المحيط آمنا وما إذا كانت تجري معالجة (رفات) الضحايا بالطريقة الأكثر إنسانية».
وأرسلت هولندا التي كان 192 من رعاياها بين 298 مسافرا على متن الطائرة، فريقا من المكتب الهولندي للأمن، يرافقه وزير الخارجية فرانس تيمرمنس. وأرسلت ماليزيا فريقا من 62 شخصا. كما أعلنت السلطات الأميركية أن مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) والهيئة الأميركية لسلامة النقل يستعدان لإرسال محققين إلى موقع تحطم الطائرة الماليزية. وسيرسل مكتب «إف بي آي» محققا واحدا «على الأقل» إلى أوكرانيا، لكنه أكد أن «الوضع يبقى قابلا للتغيير والوقائع ستملي علينا أعمالنا كلما اتضحت». وكانت أوكرانيا أعلنت إنشاء مركز استقبال لعائلات الضحايا في خاركيف التي ستنقل الجثث إليها لأن المشرحة في دونيتسك في المنطقة المتمردة لم تعد قادرة على الاستيعاب.



ساركوزي: لن أنضم إلى «جبهة جمهورية» ضد اليمين المتطرف

الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (أ.ف.ب)
TT

ساركوزي: لن أنضم إلى «جبهة جمهورية» ضد اليمين المتطرف

الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (أ.ف.ب)

أكّد الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي لزعيمة اليمين المتطرّف مارين لوبن أنه لن ينضمّ إلى «جبهة جمهورية» مناوئة لحزبها، داعياً إلى «روحية جامعة بأكبر قدر ممكن»، بحسب مقتطفات من كتابه المرتقب صدوره قريباً.

ويروي ساركوزي في «لو جورنال دان بريزونييه» (يوميّات سجين)، وهو كتاب مخصّص لفترة سجنه لعشرين يوماً، من المرتقب صدوره الأربعاء، نشرت صحيفة «لا تريبون» مقتطفات منه الأحد، تفاصيل مكالمة هاتفية أجراها مع مارين لوبن.

وقد اتصّل ساركوزي بلوبن بعد الحكم عليه بالسجن خمس سنوات على خلفية تمويل ليبي لحملته سنة 2007 كي يشكرها على الدفاع عنه.

وخلال المكالمة، سألته لوبن إن كان ينوي الانضمام إلى «جبهة جمهورية» خلال الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.

وأتى الجواب: «قطعاً لا، وأنا سأتحمّل التبعات مع اتّخاذي في الوقت المناسب موقفاً عاماً في هذا الصدد»، وفق ما روى ساركوزي في كتابه. وفي جزء لاحق من الكتاب، اعتبر أن «طريق إعادة بناء صفوف اليمين لن يكون سوى عبر روحية جامعة بأكبر قدر ممكن، من دون حصرية أو إقصاء».

وقال المسؤول عن منطقة أو-دو-فرانس (الشمال) كزافييه برتران، الذي كان وزير العمل في عهد ساركوزي، إنه «يفضّل المواقف السياسية لنيكولا ساركوزي في 2007 على تلك في 2025»، مشيراً إلى أنه كان في تلك الفترة «يتصدّى للتجمّع الوطني (حزب لوبن) فعلاً وقناعة».

واعتمد ساركوزي في كتابه لهجة عالية النبرة إزاء إيمانويل ماكرون الذي اجتمع به قبيل دخوله السجن في 21 أكتوبر (تشرين الأول). وهو كشف «لم يكن لدي ما أقوله له ولم أكن أرغب في محادثة ودّية معه».

في 25 سبتمبر (أيلول)، حُكم على ساركوزي بالسجن خمس سنوات للمشاركة في «عصابة إجرامية» إثر إدانته بالتستّر عمداً على محاولات معاونيه التواصل مع أوساط معمر القذافي في ليبيا للحصول على تمويل للحملة التي فاز بها سنة 2007.

وهو أودع السجن وطعن في القرار الصادر في حقّه وستنظر محكمة الاستئناف في باريس في قضيّته بين 16 مارس (آذار) و3 يونيو (حزيران).

وأخلى القضاء سبيله بعد 20 يوماً في الحبس ومنعه من مغادرة الأراضي الفرنسية والتواصل مع المتّهمين الآخرين في القضيّة وعدد من الأشخاص، من بينهم وزير العدل جيرار دارمانان الذي زاره في السجن في 29 أكتوبر؛ في خطوة أثارت جدلاً.


مصرع 18 مهاجراً في غرق قارب مطاطي جنوب كريت

عناصر خفر السواحل في اليونان يحملون أكياساً تضم جثث مهاجرين غرقى (رويترز)
عناصر خفر السواحل في اليونان يحملون أكياساً تضم جثث مهاجرين غرقى (رويترز)
TT

مصرع 18 مهاجراً في غرق قارب مطاطي جنوب كريت

عناصر خفر السواحل في اليونان يحملون أكياساً تضم جثث مهاجرين غرقى (رويترز)
عناصر خفر السواحل في اليونان يحملون أكياساً تضم جثث مهاجرين غرقى (رويترز)

لقي ما لا يقل عن 18 مهاجراً حتفهم أثناء محاولتهم عبور البحر المتوسط في قارب مطاطي، بعدما انقلب جنوب جزيرة كريت، وفق ما أعلنت السلطات اليونانية، السبت.

وقالت السلطات إن سفينة تجارية تركية عابرة عثرت على القارب الذي غمر نصفه في الماء أمس؛ حيث جرى إنقاذ ناجيين اثنين، فيما تتواصل عمليات البحث عن آخرين.

وتُعدّ اليونان إحدى نقاط الدخول الرئيسية إلى الاتحاد الأوروبي للأشخاص الفارين من النزاعات والفقر في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، وكثيراً ما تشهد هذه الرحلات وقوع حوادث مميتة.

وكانت الرحلة القصيرة، ولكن الخطيرة من السواحل التركية إلى الجزر اليونانية القريبة، في قوارب مطاطية أو صغيرة غالباً ما تكون في حالة سيئة، تُعدّ الطريق الرئيسي للهجرة. إلا أن تكثيف الدوريات وعمليات إعادة المهاجرين أسهما في تراجع محاولات العبور. وفي الأشهر الأخيرة، تزايدت محاولات الوصول من ليبيا إلى جزيرة كريت.

ولم تُحدد السلطات بعد الجهة التي أتى منها القارب.

وتُشارك سفينة وطائرة من وكالة حماية الحدود الأوروبية (فرونتكس) ومروحية تابعة لخفر السواحل اليوناني و3 سفن تجارية في عملية البحث.


​ «الترويكا» الأوروبية تُكثّف مشاوراتها وسط مخاوف من ضغوط أميركية على أوكرانيا ​

ستارمر وزيلينسكي وماكرون يحضرون اجتماعاً في تيرانا بألبانيا يوم 16 مايو 2025 (أ.ب)
ستارمر وزيلينسكي وماكرون يحضرون اجتماعاً في تيرانا بألبانيا يوم 16 مايو 2025 (أ.ب)
TT

​ «الترويكا» الأوروبية تُكثّف مشاوراتها وسط مخاوف من ضغوط أميركية على أوكرانيا ​

ستارمر وزيلينسكي وماكرون يحضرون اجتماعاً في تيرانا بألبانيا يوم 16 مايو 2025 (أ.ب)
ستارمر وزيلينسكي وماكرون يحضرون اجتماعاً في تيرانا بألبانيا يوم 16 مايو 2025 (أ.ب)

لا تُوفّر الاتصالات المتسارعة لوضع حد للحرب في أوكرانيا صورة واضحة لما آلت إليه حتى اليوم، نظراً للتصريحات الأخيرة المتضاربة الصادرة عن الأطراف المعنية بالحرب.

فمن جهة، أعلن كيث كيلوغ، المبعوث الأميركي الخاص لأوكرانيا، في كلمة له السبت في «منتدى ريغان للدفاع الوطني»، أن التوصل إلى اتفاق يُنهي الحرب أصبح «قريباً جداً» وما زالت دونه «الأمتار العشرة النهائية». وبحسب كيلوغ، فإن عقبتين رئيسيتين ما زالتا عالقتين، هما مصير منطقة الدونباس الأوكرانية التي تطالب موسكو بضمها بالكامل، بما في ذلك الأراضي لم تسيطر عليها عسكرياً، ومصير محطة زابوروجيا للطاقة النووية الأكبر في أوروبا. وبرأيه أنه «إذا حللنا هاتين القضيتين، فإن بقية الأمور ستسير بشكل جيد نسبياً»، مُضيفاً: «نحن على وشك الوصول... نحن قريبون جداً، جداً».

روبيو متحدّثاً خلال اللقاء بين الوفدين الأوكراني والأميركي في هالانديل بيتش بفلوريدا يوم 30 نوفمبر (أ.ف.ب)

في المقابل، نقلت وسائل إعلامية روسية عن يوري أوشاكوف، مستشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومفاوضه الرئيسي في الملف الأوكراني الأحد، أنه يتعين على الولايات المتحدة «أن تجري تغييرات جدية، بل جذرية» في مقترحاتها بشأن أوكرانيا. وقال أوشاكوف لقناة «آر تي» التلفزيونية الروسية إن الجهود المبذولة لصياغة النصوص الخاصة بأوكرانيا ما زالت في «مراحلها المبكرة». وتجدر الإشارة إلى أن أوشاكوف شارك في اجتماع الساعات الخمس في موسكو، الأسبوع الماضي، إلى جانب الرئيس بوتين، مع المبعوثين الأميركيين ستيف ويتكوف وجارد كوشنر. وبحسب مصدر دبلوماسي أوروبي في باريس، فإن كلام أوشاكوف، إذا كان يعكس حقيقة المفاوضات الروسية - الأميركية، يعني أن الطرفين «ما زالا بعيدين عن التوصل إلى اتفاق، علماً بأن المقترحات الأميركية تميل بشدة إلى جانب موسكو».

زيلينسكي وحيداً

رغم التضارب البيّن في تقدير التقدم الحاصل في المفاوضات، فإن الترويكا الأوروبية؛ بريطانيا وفرنسا وألمانيا، تستشعر الهلع من التقارب الأميركي - الروسي من جهة، ومن احتمال أن تعمد إدارة الرئيس دونالد ترمب إلى فرض حل لا يضمن المصالح الأوكرانية.

الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال اجتماعهما في لاهاي على هامش قمة الحلف الأطلسي 25 يونيو الماضي (د.ب.أ)

وهذا التخوف يفسر تداعي واستعجال الترويكا لعقد قمة جديدة في لندن، هذه المرة، بدعوة من رئيس الوزراء كير ستارمر وحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني ميرتس، وبالطبع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. واللافت أن الأربعة تشاوروا مطولاً بداية الشهر الحالي بمناسبة الزيارة التي قام بها الأخير إلى باريس، وما تبعها من جولة اتصالات واسعة مع كبار القادة الأوروبيين ومع الفريق الأميركي المفاوض.

وما يقلق الأوروبيين، بحسب مصدر الإليزيه، استبعادهم من المفاوضات، «ما يعني ترك زيلينسكي وحيداً بمواجهة ضغوط فريق الرئيس دونالد ترمب». كما يعني أن أي اتفاق يتم إبرامه بعيداً عنهم «لن يأخذ بعين الاعتبار أمن الدول الأوروبية ومصالحها». ولخص وزير شؤون مجلس الوزراء البريطاني بات ماكفادن جانباً من المخاوف بوصف ذلك «اللحظة الراهنة» بأنها «محورية للغاية. الجميع يريد انتهاء الحرب، ولكنهم يريدون أن يتم ذلك بطريقة تمنح أوكرانيا حرية الاختيار في المستقبل».

خلفيات مخاوف «الترويكا»

على ضوء هذين العنصرين، يمكن فهم خلفيات ما كشفت عنه مؤخراً صحيفة «دير شبيغل» الألمانية مع فحوى مكالمة هاتفية جرت الأسبوع الماضي بين ماكرون وميرتس بشأن أوكرانيا، حيث قال الأول إن «هناك احتمالية أن تخون الولايات المتحدة أوكرانيا فيما يتعلق بالأراضي، دون وضوح بشأن الضمانات الأمنية».

الرئيسان الفرنسي ماكرون والأوكراني زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني ستارمر ونظيره البولندي تاسك والمستشار الألماني ميرتس في كييف يوم 10 مايو (إ.ب.أ)

ولما سُئلت مصادر قصر الإليزيه عن صحة ما نشرته «دير شبيغل»، اكتفت بالقول إن ماكرون لم ينطق بهذه الكلمة؛ أي خيانة. لكن الأهم أن الاتحاد الأوروبي، وخصوصاً «الترويكا»، غير مطمئنة «لمزاجية» ترمب في إدارة الملف الأوكراني. وكان الأوروبيون قد اطمأنوا نسبياً بعدما عدّوا أنهم نجحوا في تعديل الخطة الأميركية الأصلية المكونة من 28 بنداً، بعد اجتماعات جنيف التي حرصوا على الوجود فيها إلى جانب الوفد الأوكراني.

وعدّت «الترويكا» أن إرغام أوكرانيا على التخلي عن كامل مقاطعة دونباس، ومنع كييف من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ورفض موسكو نشر قوات أوروبية - أطلسية على الأراضي الأوكرانية، وامتناع واشنطن عن الالتزام بتوفير ضمانات أمنية لأوكرانيا لجهة ردع روسيا عن مهاجمتها لاحقاً وبعد التوصل إلى وقف لإطلاق النار أو اتفاق سلام، كل ذلك يشكل عوامل تثير القلق.

صورة جماعية في البيت الأبيض تضم الرئيسين دونالد ترمب وفولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين 18 أغسطس 2025 بمناسبة محادثات حول أوكرانيا (رويترز)

بيد أن ما فاقم المخاوف الأوروبية هو ما ورد في وثيقة «الاستراتيجية الأمنية الأميركية» التي نشرت الجمعة، التي تعد أن لأوروبا «توقعات غير واقعية» بالنسبة لنتائج الحرب، وأن واشنطن سوف تعمل على تعزيز «المقاومة السياسية للمسار الحالي» لأوروبا. وما يزيد الطين بلة، أن رؤية الوثيقة لأوروبا ليست من النوع الذي يدعو الأوروبيين إلى الاستكانة لوقوف أميركا إلى جانبهم، أو لمدى قوة الرابط الأطلسي والبند الخامس من معاهدة الحلف التي تنص على الدفاع عن أي عضو فيه يتعرض لاعتداء خارجي.

مصير الأصول الروسية

من هذه الزاوية، يمكن تفهم الاستعجال الأوروبي لمشاورات إضافية.

وتعاني «الترويكا» من وضع غير مريح لها، إذ إنها لا تستطيع، من جهة، الوقوف بشكل واضح وصلب بوجه الرئيس ترمب لتخوفها من ردود فعله، ومن أن ينفض يديه من الملف الأوكراني. كما أنها، من جهة ثانية، لا يمكنها قبول طروحاته والسير بخطته بسبب المخاطر والنتائج المترتبة عليها حاضراً ومستقبلاً.

زيلينسكي وستارمر خلال لقاء «تحالف الراغبين» في لندن يوم 24 أكتوبر (إ.ب.أ)

لذا، فإنها في «منزلة بين المنزلتين»، حيث تؤيد من دون حماسة وتعارض بلطف. ولم يتضح بعدُ أبعاد قول مسؤول أميركي الجمعة إن واشنطن توصلت مع كييف إلى «إطار لترتيبات أمنية». ولا شك أن هذه المسألة ستكون رئيسية في قمة الاثنين في لندن.

ثمة مسألة أخرى ملحة يتعين على الأوروبيين بتّها سريعاً، وتتناول مصير الأصول الروسية المجمدة في مؤسسة «يوروكلير» المالية في لوكسمبورغ، التي يرغب الأوروبيون باستخدام 90 مليار يورو منها لتقديمها، خلال عامي 2026 و2027، بشكل قروض لأوكرانيا لتمويل ماليتها ومجهودها الحربي.

وبالنظر لرفض بارت دي ويفر رئيس وزراء بلجيكا، وفاليري أوبان، المديرة العامة للمؤسسة المالية، المسّ بالأصول الروسية لما يترتب على ذلك من تبعات مالية واقتصادية وقانونية، فإن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين وميرتس اجتمعا مطولاً مساء الجمعة مع دي ويفر وأوبان لإقناعهما بقبول استخدام الأصول المذكورة. بيد أن الأخيرين ما زالا يعارضان، رغم الوعود التي أغدقها ميرتس وفون دير لاين. وسيكون ملف الأصول مطروحاً لدى انعقاد قمة الاتحاد الأوروبي يومي 18 و19 من الشهر الحالي في بروكسل.