زعيم «إخوان» ليبيا لـ {الشرق الأوسط}: نريد الحوار لكن بشروط

بشير الكبتي يقول إن لا علم له بـ {الجيش المصري الحر}

بشير الكبتي
بشير الكبتي
TT

زعيم «إخوان» ليبيا لـ {الشرق الأوسط}: نريد الحوار لكن بشروط

بشير الكبتي
بشير الكبتي

حذر المسؤول العام لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، بشير الكبتي، الحكومة من الاستعانة بقوات دولية لحفظ الأمن في البلاد، وقال إنها فشلت في إيجاد حلول للكثير من الملفات وأفلست، وتريد أن تنقل ذلك للمجتمع الدولي. وشدد في حوار مع «الشرق الأوسط» عبر الهاتف، على أن أكبر خطأ يمكن الوقوع فيه هو أن إرسال قوات خارجية إلى ليبيا، وأضاف أن الحكومة كان ينبغي عليها أن تدخل وتحل الخلافات الواقعة بين الليبيين، لكنها «تركت الحبل على الغارب».
وعما إذا كان يؤيد حوارا شاملا بين جميع الأطراف الليبية بمن في ذلك جماعة اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي يقود «عملية الكرامة» ضد المتشددين، وجماعة «أنصار الشريعة» التي تصنفها الولايات المتحدة جماعة إرهابية، وأنصار العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، المرفوضين من جماعة ثورة 17 فبراير (شباط) 2011، قال الكبتي إنه يدعو للحوار بين الجميع لكن بشرط تقبل المسار الديمقراطي ونتائج الصندوق الانتخابي وإقامة دولة المؤسسات والتداول السلمي للسلطة.
ودافع الكبتي عن دور جماعة الإخوان المسلمين الليبية، وقال إنها ليست سببا في القلاقل التي تشهدها بلاده، ورفض وصف النتائج المبدئية لانتخابات البرلمان الجديد بأنها هزيمة للجماعة من جانب الناخبين الليبيين، قائلا إن الكثير من الإسلاميين فازوا بشكل فردي في هذه الانتخابات. ورد الكبتي على الاتهامات التي تتردد في بعض وسائل الإعلام المصرية عن أن إخوان ليبيا يساعدون على تكوين جيش من جماعة الإخوان المسلمين المصريين تحت اسم «الجيش المصري الحر» للقيام بعمليات ضد السلطات المصرية انطلاقا من ليبيا، وقال إنه لا علم له بهذا الأمر إلا من خلال ما يشيعه البعض. وأضاف موضحا أن إخوان ليبيا ليسوا جزءا من تنظيم إخوان مصر. وانتقد بشدة الإعلام المصري وقال إنه مصاب بهستيريا ويحتاج لعلاج يتلخص في أن يفتح الباب أمام الرأي والرأي الآخر. وعن رغبة بعض النواب الجدد في نقل مقر البرلمان الليبي إلى بنغازي أو إحدى المدن الشرقية بعيدا عن العاصمة طرابلس التي يستعر فيها القتال بين الفرقاء الليبيين، قال إن المشكلة ليست في نقل المقر إلى بنغازي أو بقائه في طرابلس، ولكن الأهم هو أن يكون هناك أمن وأمان في المكان الذي سيعمل منه البرلمان، حتى تكون لديه القدرة على قيادة البلاد وتشكيل حكومة جديدة في هذه المرحلة الحرجة. وإلى أهم ما جاء في الحوار..

* ما تعليقك على ما يقال من أن جماعة الإخوان تعد من الأسباب المباشرة للقلاقل الموجودة في ليبيا؟
- أولا من يقول هذا أقلام غير صادقة، لأن هذا ليس هو منهج الإخوان. نحن منذ بداية الثورة أصبحنا نعمل من خلال مؤسسات الدولة ومن خلال وزارة الثقافة، ويوم أن تعرضنا للعمل السياسي كان توجهنا أن يكون هناك حزب يدخل فيه الإخوان مع غيرهم. حزب وطني بمرجعية إسلامية، وهو الذي يمارس السياسة في العلن ودخل في الانتخابات وانسحب من الحكومة، وله مواقفه بمنأى عن الجماعة.. بقي دور الجماعة إصلاحيا، تحاول أن توفق بين المختصمين، وتتواصل مع كل الأحزاب، وتلعب دورا توفيقيا في هذه المرحلة الحرجة من هذا التاريخ الذي تمر به البلاد. وبالتالي ما يقال عن أن الإخوان من أسباب القلاقل في ليبيا هو كلام عار عن الصحة.
* وهل توجد محاولات قامت بها جماعة الإخوان الليبية في الفترة الأخيرة، أو حتى من جانبك بشكل شخصي، من أجل تهدئة الأوضاع في ليبيا؟
- نحن دعونا وندعو الأطراف المتنازعة للجلوس على طاولة المفاوضات، ونعيب على الحكومة قصورها وعدم تأديتها للدور الذي يجب أن تقوم به، ونرى أن مثل هذه الخلافات الواقعة الآن يجب أن تكون تحت سيطرة الدولة بالدرجة الأولى، وبالتالي كنا نأمل أن الحكومة، سواء حكومة السيد الثني أو من تحل محلها من الحكومات الأخرى، أن تقوم بدورها في هذا الجانب، لكنها للأسف تركت الأمور، أو كما يقول المثل «تركت الحبل على الغارب». ونحن ندعو للجلوس لطاولة المفاوضات والتباحث في المسائل والاحتكام إلى العقل وإلى عقلاء البلد.
* لكن ما تعليقك على خسارة ما يطلق عليه «الإسلام السياسي» لانتخابات البرلمان الجديد، رغم أن النتيجة الرسمية لم تعلن بعد؟
- من خلال النتائج المبدئية التي ظهرت لانتخابات البرلمان، هناك الكثير من الأسماء الإسلامية التي دخلت مجلس النواب. بقيت مسألة الانتماء الحزبي.. وتعلم أن هذه الانتخابات كانت على أساس فردي، وليست أحزابا، فخاض الانتخابات مرشحون إسلاميون وغير إسلاميين، لكن كثيرا منهم ليست لهم انتماءات حزبية.
* يعني لا تعدون أنفسكم قد خسرتم في هذه الانتخابات، أو بالأحرى في البرلمان الجديد؟
- نحن، جماعة الإخوان، لسنا طرفا في المعادلة السياسية أصلا.. حزب العدالة والبناء لم يخض الانتخابات بصفته حزبا، وكذلك التحالف وبعض الأحزاب الأخرى، لكن خاضوا الانتخابات أفرادا.
* هناك كثير من الأقاويل عن جماعة الإخوان في ليبيا، وعلاقتها بهذه الدولة أو تلك. ما تعليقك؟
- البعض يأخذ علينا أننا نكن كل تقدير واحترام للدول التي ساعدتنا في بداية الثورة، سواء قطر أو الإمارات أو السودان، أو غيرها من الدول التي وقفت معنا. فلهذا لا بد دائما أن نتوجه لهم بالشكر والعرفان. هذا رقم واحد.. رقم اثنين نقول إن القرار الليبي لا بد أن يبقى مستقلا عن الكيانات الإقليمية والدولية دون أن يتدخل أي منها في شؤون ليبيا. نحن نشجب تدخل قطر إن كان لها تدخل في القرار الليبي، كما نشجب تدخل الإمارات، أو غيرها، في القرار الليبي وتقسيمها للصف الليبي، فهذا الأمر مسألة مبدأ. نشجب تدخل الدول، أيا كانت، في الشأن الداخلي.
* يجري في الوقت الحالي تدارس مقترحات من أجل نقل مقر البرلمان من طرابلس إلى بنغازي. وكذلك يوجد حديث عن احتمال نقل مقر الحكومة أيضا. هل برأيك يمكن لنقل هذه المقرات من المنطقة الغربية في البلاد إلى المنطقة الشرقية، أن تسهم في تخفيف النزاع في ليبيا، أم يزيده تعقيدا؟
- أعتقد أن هذه المسألة مسألة شكلية سواء كان المقر في طرابلس أم في بنغازي. هذا لا يشكل فرقا كبيرا، لكن الشيء الأساسي الذي ينبغي الاستفادة منه من تجربة المؤتمر الوطني (البرلمان) السابق، هو أنه لا بد أن يتوفر الأمن والأمان لمجلس النواب حتى يستطيع أن يشتغل بحيث لا يعمل تحت تهديدات، ولذلك حتى لو جرى نقل المقر إلى بنغازي فيجب أن تكون هناك تهيئة للأجواء حتى يستطيع أن يكون لمجلس النواب القدرة على قيادة البلاد في هذه المرحلة الحرجة. ثم ما الإشكال في أن يكون مقره في بنغازي طالما توفر الأمن والأمان؟!
* توجد اتهامات من جانب بعض وسائل الإعلام المصرية تقول إن جماعة إخوان ليبيا تستقبل وتخفي كوادر وعناصر من جماعة الإخوان المصريين الهاربين، وتحشد داخل ليبيا من أجل تشكيل ما يسمى «الجيش المصري الحر» لتنفيذ عمليات عبر الحدود ضد السلطات المصرية مستقبلا.
- الإعلام المصري مصاب بهستيريا ويحتاج إلى علاج، وعلاجه هو أن يفتح الباب أمام الرأي والرأي الآخر. هذا أمر.. والأمر الثاني هو أننا، إخوان ليبيا، لسنا جزءا من تنظيم الإخوان المصري.. نحن نحمل فكر الإخوان المسلمين، ولكننا تنظيم ليبي نشأ من ليبيين، وهو تنظيم مستقل في إدارته وفي أعماله وفي اهتماماته. وهذا ما أؤكد عليه باستمرار.. أما المسألة الثالثة فنحن لم نستقبل أيا من الإخوان المسلمين المصريين.. إخوان مصر موجودون في السجون أو خارج السجون، لكن ليس في ليبيا. الأمر الآخر هو أن الإخوة المصريين عليهم ألا يصدروا مشاكلهم الداخلية إلى الشأن الليبي. نحن في ليبيا لنا معادلة تختلف تماما عن المعادلة في مصر. وفي ليبيا نحن لا نقبل مثلا عودة حكم العسكر مرة ثانية إلى ليبيا. نحن عانينا من حكم عسكري أكثر من 40 سنة، والآن لا نقبل بذلك.. أما كون أنه في مصر قبلوا ومشوا في هذا الاتجاه فلهم ظروفهم ولهم أسبابهم ومسبباتهم، لكن نحن في ليبيا نرفض هذه العودة للعسكرة من جديد. نحن ندعو إلى إقامة دولة ديمقراطية فعلية فيها توزيع للسلطات وفيها استقلالية للقضاء واستقلالية للإعلام. هذه هي كل المسائل التي ندعو إليها.. نحن، الإخوان المسلمين في ليبيا، شركاء، وجزء من فعاليات هذا المجتمع، ولسنا أصحاب هيمنة أو سيطرة. نحن من البداية، منذ ما بعد ثورة 17 فبراير 2011 اعتمدنا مبدأ المشاركة، وليس مجرد شعار، بل مبدأ المشاركة وليس المغالبة. نحن جزء من تيار إسلامي عريض موجود في ليبيا. ونتحرك في هذا الإطار.
* لكن ما ردك على ما يقال عن دعم إخوان ليبيا لما يسمى «الجيش المصري الحر»؟
- هذه أكاذيب تصنع في الغرف المغلقة يراد منها الوصول لعمل سياسي معين، لكن أنا أقول إننا، أصلا، لم نعلم عن مصطلح «الجيش الحر» إلا من خلال القنوات الإعلامية التي تردد هذا الكلام الذي لا يوجد له أصل في الواقع. وليس لنا «جيش حر مصري» ولا غير مصري، ولسنا نتعامل في السر في مثل هذه المسائل. ونأمل أن تكون علاقتنا مع جيراننا المصريين علاقة حسن جوار ومصالح مشتركة بين البلدين وألا يجري جرهم إلى مثل هذه الاتهامات والعمل الاستخباراتي الذي يسيء للعلاقات في المستقبل.
* هناك بعض الأطراف في الحكومة الليبية ترى أنه ينبغي الاستعانة بالمجتمع الدولي لحل المشاكل الداخلية العالقة في ليبيا، وهناك اجتماعات لدول الجوار بخصوص الوضع الداخلي الليبي المثير للقلق خاصة فيما يتعلق بتأمين الحدود. ما رأيك في هذا الحراك؟
- أولا نحن نسمع من بداية ثورة 17 فبراير أنه يوجد رفض من كل الليبيين لإيجاد أي قوات في ليبيا من غير الليبيين. ثانيا نحن الليبيين نستطيع أن نحل مشاكلنا فيما بيننا. ثالثا ما يحدث هو توجه من الحكومة الحالية وهو ينم عن ضعف بعد أن عجزت عن تسيير الأمور الداخلية سواء في الملف الأمني أو في ملف الجيش أو ملف الثوار، وعدد من الملفات الأخرى التي ورثتها الثورة من العهد السابق.. وفشلت الحكومة في أن تجد حلولا لكل هذه الملفات، وهي تريد اليوم، بعد أن أفلست، أن تنقل ذلك للمجتمع الدولي. أعتقد أن أكبر خطأ يقعون فيه هو أن يجري إرسال قوات خارجية إلى ليبيا. عندئذ سيتناسى الليبيون كل مشاكلهم ويقفون أمام القوى القادمة من الخارج سواء كانت عربية أو عالمية. لذلك، ما نوصي به هو أنه على الأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات الدولية أن تساعد وتدعم الحوار الليبي والوصول إلى اتفاقات «ليبية - ليبية» وليست خارجية. إنما إدخال قوات إلى ليبيا بحجة حفظ النظام أو بحجة تطوير شوكة الحكومة أو غيرها فهذا سيؤدي إلى نبذ الحكومة وإلى اتفاق الليبيين ضد مثل هذا التدخل الخارجي إذا حدث.
* وبالنسبة لاجتماعات دول الجوار الليبي والنشاط الذي تقوم به الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي بهذا الخصوص. كيف تنظر لها؟
- الموضوع جد حساس.. نحن نثمن ونقدر هذه المساعي الحميدة من الجامعة العربية ومن الأمم المتحدة، وغيرها من المؤسسات الدولية. وهذا جهد طيب طالما يصب في النهاية في حوار «ليبي - ليبي»، وهذا يوجب على الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي أن يقفوا مع مجلس النواب المقبل الذي ينبغي أن يعقد سريعا حتى يتسلم زمام الأمور ويشكل حكومة قوية تستطيع أن تواجه التحديات الموجودة. وأن يؤيدوا ويساعدوا في طريق إتمام لجنة الدستور لعمل مشروع الدستور الذي تعده سريعا، حتى ينطلق، وأن تستمر عمليات الانتخابات المحلية في البلديات لتكوين مجالس بلدية للقضاء على المركزية التي تعانيها مناطق كثيرة. إذا ساروا في هذه الخطوات؛ الحوار ودعم المؤسسات القائمة، أعتقد أن هذا سيكون جهدا طيبا. أما إذا تجاوزوا ذلك إلى أن يصبح هناك تدخل خارجي، عندئذ المعادلة ستتغير بالكامل، وهذا ما نحذر منه باستمرار.
* حتى تكون الأمور واضحة.. هل الدعوة للحوار «الليبي - الليبي» تشمل جميع الأطياف الليبية بمن فيها من يسمون «الأزلام»، أي أنصار النظام السابق، ومجموعة قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وبعض الميليشيات المصنفة ميليشيات إرهابية من جانب الولايات المتحدة الأميركية؟ هل الحوار سيشمل الجميع أم أن هناك استثناءات في رأيك؟
- أي فصيل أو مجموعة طالما تقبل بالمسار الديمقراطي وبنتائج الصندوق الانتخابي وبإقامة دولة المؤسسات والتداول السلمي للسلطة.. طالما قُبلت هذه الثوابت فأنا أعتقد أن الكل يحضر، أما إذا كان هناك من يرى أن مسألة الديمقراطية كفر أو غير مقبولة، أو غيرها مما يصب في هذا الاتجاه، فهؤلاء هم من حكموا على أنفسهم بالإبعاد.



الحوثيون يجهّزون لمحاكمة دفعة جديدة من موظفي الأمم المتحدة

محكمة يديرها الحوثيون أصدرت أحكاماً بإعدام 17 معتقلاً (إ.ب.أ)
محكمة يديرها الحوثيون أصدرت أحكاماً بإعدام 17 معتقلاً (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يجهّزون لمحاكمة دفعة جديدة من موظفي الأمم المتحدة

محكمة يديرها الحوثيون أصدرت أحكاماً بإعدام 17 معتقلاً (إ.ب.أ)
محكمة يديرها الحوثيون أصدرت أحكاماً بإعدام 17 معتقلاً (إ.ب.أ)

فيما تواصل الجماعة الحوثية تجاهل الدعوات الدولية المطالِبة بوقف ملاحقة موظفي المنظمات الدولية والإغاثية، كشفت مصادر قضائية عن استعداد الجماعة لإحالة دفعة جديدة من موظفي الأمم المتحدة والعاملين لدى منظمات إغاثية دولية ومحلية، إضافة إلى أفراد من بعثات دبلوماسية، إلى المحاكمة أمام محكمة متخصصة بقضايا «الإرهاب».

يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان محامٍ يمني بارز، تولّى منذ سنوات الدفاع عن عشرات المعتقلين لدى الحوثيين، دخوله في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجاً على استمرار اعتقاله ووضعه في زنزانة انفرادية منذ 3 أشهر، وفق ما أفاد به أفراد من أسرته.

وقالت المصادر القضائية لـ«الشرق الأوسط»، إن الجماعة بدأت فعلياً بمحاكمة 3 دفعات من المعتقلين، أُصدرت بحقهم حتى الآن أحكام إعدام بحق 17 شخصاً، في قضايا تتعلق باتهامات «التجسس» والتعاون مع أطراف خارجية. وأوضحت أن التحضيرات جارية لإحالة دفعة رابعة، تضم موظفين أمميين وعاملين في المجال الإنساني، إلى المحاكمة خلال الفترة المقبلة.

العشرات من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية مهددون بأوامر الإعدام الحوثية (إعلام محلي)

وبحسب المصادر نفسها، فإن الحوثيين نقلوا العشرات من المعلمين والنشطاء في محافظة إب إلى العاصمة صنعاء، في خطوة وُصفت بأنها تمهيد لمحاكمتهم، بعد أشهر من اعتقالهم. وأكدت أن جهاز مخابرات الشرطة، الذي يقوده علي الحوثي نجل مؤسس الجماعة، بدأ بنقل أكثر من 100 معتقل من إب إلى صنعاء، عقب فترات تحقيق مطوّلة داخل سجن المخابرات في المحافظة.

وأشارت إلى أن المعتقلين حُرموا من توكيل محامين للدفاع عنهم، كما مُنعت أسرهم من زيارتهم أو التواصل معهم، رغم مرور أكثر من 6 أشهر على اعتقال بعضهم، في مخالفة صريحة لأبسط ضمانات العدالة والإجراءات القانونية.

دور أمني إيراني

وفق ما أفادت به المصادر في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، فإن خبراء أمن إيرانيين تولّوا الإشراف على حملات الاعتقال الواسعة، التي انطلقت بذريعة منع الاحتفال بالذكرى السنوية لثورة 26 سبتمبر (أيلول) 1962، التي أطاحت بحكم أسلاف الحوثيين في شمال اليمن. وانتهت تلك الحملات باعتقال العشرات بتهم «التجسس» لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل.

وأضافت أن إحكام القبضة الإيرانية على ملف المخابرات لدى الحوثيين، جاء في إطار احتواء الصراعات بين الأجهزة الأمنية المتعددة التابعة للجماعة، إلى جانب الإشراف على خطط تأمين قياداتها السياسية والعسكرية.

غير أن هذا الترتيب، بحسب المصادر، أدى إلى إغلاق معظم قنوات الوساطة القبلية التي كانت تُستخدم سابقاً للإفراج عن بعض المعتقلين، مقابل دفع فِدى مالية كبيرة وتقديم ضمانات اجتماعية بحسن السيرة.

إضراب محامي المعتقلين

في سياق هذه التطورات القمعية الحوثية، أعلن المحامي اليمني المعروف عبد المجيد صبرة، الذي تولّى الدفاع عن عشرات المعتقلين لدى الحوثيين، إضراباً عاماً عن الطعام، احتجاجاً على استمرار احتجازه منذ نهاية سبتمبر الماضي. ونقل شقيقه وليد صبرة، في نداء استغاثة، أنه تلقى اتصالاً مقتضباً من شقيقه أبلغه فيه ببدء الإضراب، وبأن إدارة سجن المخابرات أعادته إلى الزنزانة الانفرادية.

دفاع صبرة عن المعتقلين أغضب الحوثيين فاعتقلوه (إعلام محلي)

وأوضح وليد صبرة أن سبب اعتقال شقيقه يعود إلى منشور على مواقع التواصل الاجتماعي احتفى فيه بالذكرى السنوية لثورة 26 سبتمبر، مؤكداً أن الأسرة لا تعلم شيئاً عن وضعه الصحي، وأن طلباتهم المتكررة لزيارته قوبلت بالرفض. وتساءل عن مصير الفريق القانوني الذي كلفته نقابة المحامين بمتابعة القضية، وما إذا كان قد تمكّن من معرفة مكان احتجازه أو الجهة المسؤولة عنه.

وأثار إعلان الإضراب موجة تضامن واسعة، حيث عبّر عشرات الكتّاب والنشطاء عن دعمهم للمحامي صبرة، مطالبين بالإفراج الفوري عنه، وضمان حقه في الزيارة والرعاية الطبية.

كما ناشدوا نقابة المحامين، واتحاد المحامين اليمنيين والعرب، ومنظمات حقوق الإنسان، التدخل العاجل لحماية حياته، باعتباره أحد أبرز المدافعين عن الحريات والحقوق، وعن الصحافة والصحافيين، وعن المعتقلين والمختفين قسرياً، والمحكوم عليهم بالإعدام في مناطق سيطرة الحوثيين.


العليمي يشيد بجهود تحالف دعم الشرعية لخفض التصعيد شرق اليمن

جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)
جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)
TT

العليمي يشيد بجهود تحالف دعم الشرعية لخفض التصعيد شرق اليمن

جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)
جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)

شدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي على أن الاستقرار السياسي يُعد شرطاً أساسياً لنجاح أي إصلاحات اقتصادية، في ظل تداعيات قرار صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن، مشيداً في الوقت ذاته بجهود تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية والإمارات لخفض التصعيد، وإعادة تطبيع الأوضاع في محافظات شرق البلاد.

جاءت تصريحات العليمي، الأحد، خلال اتصال أجراه بمحافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب، للاطلاع على المستجدات الاقتصادية والنقدية، والتداعيات المحتملة لقرار صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن، على خلفية الإجراءات الأحادية التي شهدتها المحافظات الشرقية في الأيام الماضية.

ونقل الإعلام الرسمي اليمني عن مصدر رئاسي أن العليمي استمع إلى إحاطة من محافظ البنك المركزي حول مستوى تنفيذ قرارات مجلس القيادة، وتوصياته الهادفة لمعالجة الاختلالات القائمة في عملية تحصيل الإيرادات العامة إلى حساب الحكومة في البنك المركزي، إضافة إلى عرض للمؤشرات المالية والنقدية، والجهود المطلوبة لاحتواء تداعيات القرار الدولي على استقرار سعر الصرف، وتدفق الوقود والسلع، وتحسين مستوى الخدمات الأساسية.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأضاف المصدر أن الاتصال تطرق إلى تقييم شامل للأوضاع الاقتصادية الراهنة، وما يفرضه تعليق أنشطة صندوق النقد من تحديات تتطلب تنسيقاً حكومياً عاجلاً للحفاظ على الاستقرار سواء المالي أو النقدي، وضمان استمرار التزامات الدولة تجاه المواطنين.

وكانت مصادر يمنية رسمية ذكرت أن صندوق النقد الدولي قد أعلن تعليق أنشطته في اليمن، عقب التوتر الأمني في حضرموت والمهرة خلال الأيام الماضية، الأمر الذي أثار مخاوف من انعكاسات اقتصادية محتملة، في وقت تعتمد فيه الحكومة اليمنية على الدعم الخارجي والمؤسسات الدولية في تنفيذ برامج الاستقرار المالي والإصلاحات الاقتصادية.

إشادة بمساعي التهدئة

أفاد المصدر الرئاسي اليمني - حسب ما نقلته وكالة «سبأ» بأن العليمي أشاد بالمساعي التي يبذلها تحالف دعم الشرعية، بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات، لخفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في محافظتي حضرموت والمهرة، مثمناً دعم الرياض للموازنة العامة، وتعزيز صمود مؤسسات الدولة، واستمرار الوفاء بالالتزامات الحتمية تجاه المواطنين.

جنود تابعون للمجلس الانتقالي الجنوبي في عدن يحرسون مدخل القصر الرئاسي (رويترز)

وأشار المصدر إلى أن العليمي عدّ إعلان صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن بمثابة «جرس إنذار»، يؤكد ارتباط الاستقرار الاقتصادي بالاستقرار السياسي، ويبرز أهمية توحيد الجهود لتفادي انعكاسات سلبية على الوضعين المالي والمعيشي.

كما جدّد رئيس مجلس القيادة التأكيد على أن الانسحاب الفوري للقوات الوافدة كافة من خارج محافظتي حضرموت والمهرة يُمثل الخيار الوحيد لإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، واستعادة مسار النمو والتعافي، وتعزيز الثقة مع مجتمع المانحين والمؤسسات الدولية.

توحيد الجهود

يأتي اتصال العليمي بمحافظ البنك المركزي عقب لقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزُّبيدي (رئيس مجلس الانتقالي الجنوبي) في العاصمة المؤقتة عدن بقيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية، برئاسة اللواء الركن سلطان العنزي، واللواء الركن عوض الأحبابي.

وكان اللقاء ناقش - حسب الإعلام الرسمي اليمني - سُبل توحيد الجهود في مواجهة المخاطر التي تهدد أمن المنطقة والإقليم، وتمس المصالح الدولية، وتهدد حرية الملاحة، إلى جانب آليات تعزيز جهود مكافحة الإرهاب، وتجفيف منابع تمويله، والتنسيق مع الشركاء الدوليين لوقف تهريب الأسلحة إلى الجماعات الإرهابية.

اجتماع وفد عسكري سعودي إماراتي في عدن مع رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي (سبأ)

وأكد الزُّبيدي خلال اللقاء عمق ومتانة العلاقات الأخوية مع دول التحالف، مثمناً الدور الذي تقوم به في دعم القوات المسلحة، ومواجهة الميليشيات الحوثية، ومكافحة الإرهاب. وفق ما أورده الإعلام الرسمي.

وعقب هذا اللقاء كانت القيادة التنفيذية العليا للمجلس الانتقالي الجنوبي عقدت اجتماعها الدوري برئاسة الزبيدي، واستعرضت نتائج اللقاء مع قيادة القوات المشتركة للتحالف، وما خرج به من تفاهمات لتعزيز الأمن والاستقرار، ومكافحة الإرهاب، وتأمين خطوط الملاحة وحماية الأمن البحري، إضافة إلى الأوضاع في وادي حضرموت والمهرة، والجهود المبذولة لتطبيع الأوضاع، وحفظ السكينة العامة.


«ادفع أو أُغلق»... الحوثيون يشنّون حرب جبايات تخنق صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
TT

«ادفع أو أُغلق»... الحوثيون يشنّون حرب جبايات تخنق صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)

أغلقت الجماعة الحوثية خلال الشهر الماضي 98 منشأة ومتجراً متنوعاً في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في سياق تصعيدها لحملات الدهم والإغلاق وفرض الإتاوات التي تستهدف كبار التجار وأصحاب المتاجر الصغيرة على حد سواء، لإرغامهم على دفع جبايات مالية وعينية تحت مسميات متعددة، تُفاقم من هشاشة الاقتصاد المحلي، وتزيد من معاناة السكان.

وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن تنفيذ نحو 40 لجنة ميدانية تتبع ما يُسمى مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للجماعة الحوثية في صنعاء، عدة نزولات خلال 4 أسابيع، استهدفت بالدهم والإغلاق وفرض الإتاوات ما يقارب 683 منشأة تجارية في أحياء متفرقة من صنعاء، شملت أسواقاً مركزية، ومحال بيع بالتجزئة، ومطاعم ومخازن.

وأقرّ تقرير أولي صادر عن مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين بأن القائمين على الحملة أغلقوا خلال 30 يوماً نحو 98 منشأة ومتجراً، وأصدروا 227 تعميماً، ونحو 110 إشعارات حضور، وأحالوا 55 مخالفة إلى النيابة التابعة للجماعة، فضلاً عن اتخاذ سلسلة إجراءات إدارية وغرامات مالية بحق 190 منشأة بزعم ارتكاب مخالفات.

عناصر حوثيون خلال دهم أحد المتاجر في صنعاء (فيسبوك)

ويزعم الحوثيون أن حملاتهم تهدف إلى ضبط الأسعار، ومكافحة الغش التجاري والاحتكار، والتصدي لمواد مخالفة للمواصفات أو منتهية الصلاحية، ونقص الأوزان، ورفض التفتيش، وغيرها من المبررات التي يرى التجار أنها تُستخدم غطاءً لابتزازهم وجباية الأموال بالقوة.

مضايقات متكررة

واشتكى تجار في صنعاء، تحدّثوا إلى «الشرق الأوسط»، من تكرار المضايقات الحوثية بحقهم، مؤكدين أن الجماعة تواصل شن حملات واسعة لجمع إتاوات نقدية وعينية تحت تسميات عدة، أبرزها تمويل ما تُسمى الوقفات المسلحة، وحملات التعبئة والتجنيد الإجباري، ودورات «طوفان الأقصى» العسكرية، تحت مزاعم الاستعداد لما تصفه بمعارك مرتقبة مع إسرائيل وأميركا.

وأكد تجار أن فرض مزيد من الجبايات يتزامن مع تراجع حاد في النشاط التجاري وكساد البضائع وارتفاع النفقات التشغيلية، ما يجعل كثيراً من المنشآت الصغيرة والمتوسطة مهددة بالإفلاس أو الإغلاق القسري، في ظل غياب أي حماية قانونية أو بيئة أعمال مستقرة.

جرافة حوثية تعتدي على باعة أرصفة بالقرب من متاجر في صنعاء (إعلام حوثي)

ويقول «خالد» (اسم مستعار)، وهو تاجر مواد غذائية في حي السنينة بمديرية معين، إن عناصر حوثية مسنودة بعربات أمنية اقتحمت متجره، وأرغمته على دفع 10 آلاف ريال يمني (الدولار نحو 535 ريالاً) بحجة الإسهام في تمويل أنشطة الجماعة الحالية لاستقطاب وتجنيد مقاتلين جدد. ويوضح أن المبالغ المفروضة تُحدد تقديرياً بناءً على حجم البضائع، دون أي معايير قانونية واضحة.

من جهته، يؤكد صاحب متجر صغير في حي شميلة بمديرية السبعين، لـ«الشرق الأوسط»، تكثيف مسلحي الجماعة خلال الأسابيع الأخيرة من استهداف التجار وصغار الباعة في سوق شميلة المركزية، لإجبارهم على دفع إتاوات غير قانونية.

ويشير إلى أن متجره تعرّض للدهم منتصف الشهر الماضي، وأُجبر بالقوة على دفع مبلغ مالي بزعم وجود مخالفات سابقة، قبل أن يصادر المسلحون أصنافاً غذائية من متجره نتيجة عجزه عن السداد، بذريعة دعم المقاتلين في الجبهات.

تدهور اقتصادي

تأتي هذه التطورات في وقت كشف فيه تقرير دولي حديث عن استمرار تدهور الوضع الاقتصادي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في ظل تصاعد حملات الجباية التي تستهدف الأنشطة التجارية، ما يُعمِّق أزمة انعدام الأمن الغذائي ويقلّص قدرة الأسر على تلبية احتياجاتها الأساسية.

حوثيون يغلقون متجراً في صنعاء لعدم استجابة مالكه لدفع جبايات (إكس)

ووفقاً لتقرير صادر عن «شبكة الإنذار المبكر للاستجابة للمجاعة»، فإن الاقتصاد في مناطق سيطرة الجماعة يواصل التراجع بوتيرة عالية، بفعل الحملات المتكررة التي تطول المطاعم والمتاجر والفنادق وبقية القطاعات، ولا تقتصر على فرض رسوم إضافية فحسب، بل تشمل تشديد القيود التنظيمية، الأمر الذي أدى إلى إغلاق عدد من المنشآت الصغيرة.

وحذّر التقرير من أن استمرار هذا النهج سيُضعف قدرة الأسر على الحصول على الغذاء حتى بالتقسيط، الذي شكّل خلال السنوات الماضية ملاذاً أخيراً لمواجهة الضائقة المعيشية، متوقعاً زيادة حدة انعدام الأمن الغذائي في ظل استمرار الجبايات وتراجع المساعدات الإنسانية أو توقفها.