خلافات الأكراد تعرقل جلسات البرلمان لانتخاب رئيس للعراق

البرلمان العراقي (رويترز)
البرلمان العراقي (رويترز)
TT

خلافات الأكراد تعرقل جلسات البرلمان لانتخاب رئيس للعراق

البرلمان العراقي (رويترز)
البرلمان العراقي (رويترز)

يستأنف البرلمان العراقي اليوم (الثلاثاء) جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، بعد فشله أمس في اختيار مرشح للمنصب المخصص منذ عام 2005 للأكراد، ويشهد للمرة الأولى مواجهة بين الحزبين الكرديين الرئيسين المنقسمين منذ عام في أعقاب فشل استفتاء على استقلال إقليم كردستان.
ووصل نصف عدد النواب إلى قاعة البرلمان في الموعد المقرر عند الساعة الثامنة مساء (17:00 ت غ).
غير أن الرئيس محمد الحلبوسي أعلن بعد أكثر من ساعة تأجيل الجلسة لعدم اكتمال النصاب، مشيرا إلى أن الجلسة تستأنف اليوم عند الساعة الواحدة ظهرا (10:00 ت غ).
وتأتي عملية التصويت في البرلمان الاتحادي، غداة انتخابات تشريعية شهدها الإقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي في شمال البلاد منذ عام 1991، من المفترض أن تظهر نتائجها بحلول مساء الأربعاء ميزان القوى للحزبين التاريخيين.
ومنذ سقوط نظام صدام حسين في عام 2003، سيطر الاتحاد الوطني الكردستاني (حزب الرئيس الراحل جلال طالباني) على منصب رئاسة الجمهورية، بناء على اتفاق ضمني مع منافسه الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، الذي احتفظ في المقابل بمنصب رئاسة إقليم كردستان.
والعام الحالي، تبدو المنافسة شرسة؛ خصوصاً بعد تجميد منصب رئاسة الإقليم، واعتبار الحزب الديمقراطي الكردستاني الاتفاق السابق بحكم الملغي؛ خصوصاً أنه صاحب الكتلة البرلمانية الكردية الأكبر في بغداد.
وتنحصر المنافسة لخلافة فؤاد معصوم، بين مرشح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، رئيس الوزراء السابق في الإقليم، نائب رئيس الوزراء في حكومة نوري المالكي بين عامي 2006 و2010، برهم صالح، والمرشح المدعوم من الحزب الديمقراطي الكردستاني المنافس، فؤاد حسين، الرئيس السابق لديوان رئاسة إقليم كردستان.
ودخل الحزبان في معركة سياسية حامية في بغداد؛ حيث كثف مرشحاهما من جولاتهما ولقاءاتهما في العاصمة وجنوب البلاد، سعيا للحصول على دعم مختلف الأفرقاء السياسيين الذين يمتلكون العدد الأكبر من النواب، ما يمكنهم من تشكيل الحكومة المقبلة.
فبرهم صالح (58 عاما)، شخصية معتدلة تمتلك مزايا مقنعة لبغداد؛ لكنه في موضع انتقاد من قبل الجماعات المؤيدة للاستقلال في أربيل.
وفي الجهة المقابلة، يقدم الحزب الديمقراطي الكردستاني للمرة الأولى فؤاد حسين (69 عاما) كمرشح يلقى دعم بارزاني، مهندس الاستفتاء على الاستقلال في سبتمبر (أيلول) الماضي.
ويعرف حسين بأنه من قدامى المعارضين لنظام صدام حسين، ويمتلك نقاط قوة أيضاً في بغداد؛ خصوصاً أنه كان، إلى جانب صالح، عضواً في مجلس الحكم العراقي المؤقت الذي شكله الأميركيون بعد الاجتياح عام 2003.
وعين موعد الجلسة مساء، لفتح الباب أمام الأكراد لانتهاز ساعات الصباح، سعيا لإبرام اتفاق يؤدي إلى تنازل أحد المرشحين وتقديم شخصية واحدة للتصويت داخل البرلمان، حفاظا على وحدة الصف الكردي، بحسب ما يشير مراقبون؛ لكن الأفرقاء فشلوا في التوصل إلى اتفاق.
وبحسب الدستور، يفترض أن يتم انتخاب الرئيس قبل الأربعاء المقبل، ويشترط حصول المرشح على ثلثي أصوات النواب.
وفي حال عدم التوصل إلى انتخاب رئيس للجمهورية، تؤجل الجلسة إلى اليوم التالي على أن تبقى مفتوحة إلى حين انتخاب رئيس.
وبمجرد انتخاب رئيس كردي للجمهورية، بعدما سبق للبرلمان أن اختار في سبتمبر الماضي محمد الحلبوسي رئيسا، تبقى تسمية الشخصية الأبرز في السلطات، وهو رئيس الوزراء.
وبالتالي، على رئيس الجمهورية أن يكلف خلال 15 يوما من انتخابه، المرشح الذي تختاره الكتلة البرلمانية الأكبر لتشكيل الحكومة.
ولم يعلن رسميا حتى الآن عن التحالف الأكبر وسط تنافس بين معسكرين: الأول ينتمي إليه رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي الذي تخلى عنه عدد من الحلفاء، والثاني هو الذي شكله الزعيم البارز مقتدى الصدر مع قدامى القياديين في الحشد الشعبي، الذي كان له دور حاسم في دحر تنظيم داعش من البلاد.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.