أزمة ثقة تفاقم مأزق الريال الإيراني

«الحرس» و«الحكومة» بين المستفيدين من تراجع سعر العملة أمام الدولار

إيرانيون يصطفون أمام مكتب صيرفة في طهران الشهر الماضي (أ.ب)
إيرانيون يصطفون أمام مكتب صيرفة في طهران الشهر الماضي (أ.ب)
TT

أزمة ثقة تفاقم مأزق الريال الإيراني

إيرانيون يصطفون أمام مكتب صيرفة في طهران الشهر الماضي (أ.ب)
إيرانيون يصطفون أمام مكتب صيرفة في طهران الشهر الماضي (أ.ب)

بعد صمت طويل إزاء الأزمة التي أصابت العملة الإيرانية منذ مايو (أيار) الماضي عقب إعلان ترمب انسحاب إدارته من الاتفاق النووي، ظهر أحد أعضاء الحكومة الإيرانية ليعقب على الحدث.
محمود واعظي، مدير مكتب الرئيس الإيراني وأحد الأعضاء المؤثرين في الحكومة الإيرانية، قال أول من أمس إن الحكومة لن تقف مكتوفة اليدين إزاء الأحداث التي تشهدها العملة الصعبة وارتفاع أسعارها في الأسواق، وإنما لديها خطط للقضاء على الأزمة في غضون 7 أشهر أو 8.
وجدد واعظي مرة أخرى اتهامات المسؤولين الإيرانيين إلى أطراف خارجية، وقال إن «الاقتصاد الإيراني يتعرض لمؤامرة دولية» إلا إنه لم يوضح تماما طبيعة الخطة التي تنوي الحكومة إجراءها، ليبقى الباب مفتوحا أمام التكهنات.
ومع ذلك، فإن السوق لم تبد رد فعل إيجابياً يذكر إزاء ما أعلنه المسؤول الإيراني الذي يقال عنه إنه احتل بشكل غير مباشر مكانة إسحاق جهانغيري المساعد الأول للرئيس الإيراني. وأوردت الصحف الإيرانية عن خبراء اقتصاديين أن السبب وراء عدم تجاوب السوق مع تصريحات واعظي أن «السوق سمعت كثيراً من كلام أهل الحكومة قبل هذا، لكنه غير دقيق، ولذلك يعرف أهل السوق أن الكلام لن يترجم إلى أفعال ملموسة».
لم يتوقف انهيار العملة الإيرانية منذ عام تقريبا. ويكفي وصف الأزمة بالاستناد إلى ما تذكره المواقع الاقتصادية حول أن العملة الإيرانية شهدت انخفاضا بنحو 473 في المائة خلال عام واحد إذا أخذنا بعين الاعتبار أسعارها في الأسبوع الثالث من سبتمبر (أيلول) الماضي.
وخلال الأشهر الأربعة الماضية شهدت العملة نفسها انخفاضا في قيمتها بلغ 300 في المائة. وتبين الدراسات الاقتصادية أن معدلات انهيار العملة ترتفع كلما اقترب موعد تنفيذ الموجة الثانية من العقوبات الأميركية المقرر تطبيقها في بدايات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل ومن المقرر أن تشمل النفط الإيراني. السبب في ذلك هو انخفاض إيرادات إيران من مبيعات نفطها والخوف المتزايد لدى عامة الناس من أن تفقد النقود التي في أيديهم قيمتها فيهرعون إلى استبدال العملات الصعبة بها، مما يترك بدوره ضغوطا أكبر على أسعار العملة المحلية نتيجة ارتفاع الطلب على العملة الصعبة وانخفاض المعروض.
لكن المشكلة لم تقف عند هذه الحدود؛ وإنما انعكست على الاقتصاد بشكل عام. ما وراء الأرقام التي يصدرها البنك المركزي والتي تبين أن الاقتصاد الإيراني يتجه بسلام نحو رقم التضخم الذي أصدره عن الشهر السادس الإيراني؛ إذ أكد فيه أن المعدل عند 13.5 في المائة، أن كل الأرقام تشير إلى كارثة.
بدورها تؤكد أرقام صادرة عن اتحاد العقاريين أن معدل أسعار البيوت ومعدل إيجارها ارتفع بأكثر من 70 في المائة خلال عام واحد. كما أن أسعار السيارات كذلك شهدت ارتفاعا وصل خلال أغسطس (آب) الماضي إلى نحو 63 في المائة استنادا إلى أرقام رسمية.
وهذه ليست إلا البدايات؛ فقد شهدت البضائع اليومية والبضائع المنزلية خلال الأشهر الستة الماضية ارتفاعات وصلت إلى 300 في المائة، وخير شاهد على ذلك الحملة الشعبية التي ظهرت على شبكات التواصل الاجتماعي حول قياس أسعار علب معجون الطماطم؛ إذ تشهد ارتفاعا بهذا المعدل.
وبالنظر إلى الأرقام الرسمية؛ فقد شهدت رواتب الموظفين في إيران انخفاضا في قيمتها مقابل العملات العالمية؛ ففي بداية العام الإيراني كان الحد الأدنى من الأجور في إيران عند 285 دولاراً لكنه اليوم لا يتجاوز 70 دولارا. لكن الحكومة، وعلى لسان المساعد الاقتصادي للرئيس، رفضت حتى الآن أي برامج لرفع الحد الأدنى من الأجور خلال هذا العام الذي تجاوز النصف قبل أسبوع.
المشكلة باختصار، كما يصفها خبراء الشأن الاقتصادي في موقع «خبر أونلاين» التابع لرئيس البرلمان، هي أن «الاقتصاد الإيراني في أزمة كبيرة حتى إذا كان الرئيس روحاني حاول خلال جلسة برلمانية لمساءلته التقليل من شأنها ووصفها بالمشكلة البسيطة». ولا شيء في الأفق يدل على تحسن الوضع؛ إذ إن الموجة الثانية من العقوبات لم يتم تفعيلها بعد، وهي تحمل الأسوأ للاقتصاد الإيراني المستند إلى النفط.
وإذا كانت «مصائب قوم عند قوم فوائد»، فإن الأزمة التي يشهدها الاقتصاد الإيراني ليست مصيبة لكل الجهات؛ وإنما ثمة جهات تستفيد من هذه الأزمة؛ على رأس هذه الجهات الحكومة بذاتها التي يتهمها البعض بأنها «هي التي تصب الزيت على نار أسعار الدولار المرتفعة في السوق».
صحيح أنه من المبالغ فيه أن نقول إن الحكومة هي التي افتعلت الأزمة أو حركتها، لكنها استغلت الموقف. هذا ما يقوله أستاذ علم الاقتصاد في جامعة «بهشتي» بطهران، الذي يقول إن الحكومة تعمدت الصمت إزاء الارتفاعات المتتالية لأسعار الدولار لأنها تربح من وراء ارتفاع سعره. الحكومة اعتمدت 3800 تومان لسعر الدولار في الموازنة العامة لهذا العام، مما يجعل لديها فائضا كبيرا جراء بيع العملة الصعبة التي تمتلكها في الأسواق بأسعار تبلغ عدة أضعاف المبلغ المعتمد. وفي أسوأ الحالات، فإن الحكومة حصلت على كل ما خططت له من إيرادات بالريال لكل العام؛ فقط من خلال إيراداتها من بيع النفط خلال نصف العام الأول، وإن كل ما تجنيه من الآن فصاعدا ليس إلا فائضا في الإيرادات. وهذا بالضبط ما قاله وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه قبل عدة أيام.
من جهة أخرى، فإن الحكومة ومن وراء بيعها الدولارات النفطية بأضعاف السعر المعتمد، استطاعت أن تجمع كميات من العملة الوطنية لسد ديونها الداخلية للبنوك والمقاولين وللقيام بجولة مناورات تتمثل في احتمال إصدار قسائم مساعدات غير نقدية بين المواطنين.
وليست الحكومة هي المستفيد الوحيد من وراء ارتفاع أسعار النفط. «الحرس الثوري» كذلك من أكبر المستفيدين. الجهاز العسكري الأكثر نفوذا في إيران بات يملك، وفق آراء المحللين السياسيين ووفق أرقام شبه رسمية، نحو 40 في المائة من حجم الاقتصاد إلى جانب منظمات مرتبطة به. «الحرس الثوري» اليوم يسيطر على أكبر المشروعات الاقتصادية من تشييد سدود ومد جسور وطرق واتصالات، ويمتلك ما لا يقل عن بنكين، و6 مؤسسات مالية استثمارية عملاقة، وحصصاً في كثير من البنوك الأخرى جبنا إلى جنب حصته في مجال استخراج النفط وتصديره، ويهيمن على عدة موانئ خارج سيطرة الحكومة، مما يجعله من أكبر من يمتلكون مخزون العملة الصعبة في إيران.
هذا من شأنه أن يفسر الصمت في الأجهزة الحكومية وفي الأجهزة الرسمية على حد سواء إزاء الأزمة التي تأكل الاقتصاد الإيراني. كما أن من شأنه أن يفسر المواقف التصعيدية التي باتت تصدر بكثرة عن لسان رجال الحكومة ورجال «الحرس» على حد سواء، وتعمق الأزمة بين إيران والعالم. «مواقف ثورية» بغية التأثير على أسعار النفط العالمية والعمل على ارتفاعها نظرا لما يجنيه ذلك من إيرادات للحكومة ولـ«الحرس»... آثارها تبقى كارثية على الاقتصاد وعلى المجتمع.
السبت الماضي، قال وزير الطرق الإيراني عباس آخوندي؛ أحد الوزراء المتوقع استجوابهم والمعروف عنه أنه يتحدث بنبرة التجار، إن «المواقف الثورية التي تصدر عن رجال النظام يدفع فاتورتها الغالية الشعب».



تقرير: المهلة الأميركية لإسرائيل لتحسين الوضع الإنساني في غزة قد يتم تمديدها

فلسطينيون يتلقون مساعدات غذائية في مخيم البريج للاجئين بقطاع غزة 6 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتلقون مساعدات غذائية في مخيم البريج للاجئين بقطاع غزة 6 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

تقرير: المهلة الأميركية لإسرائيل لتحسين الوضع الإنساني في غزة قد يتم تمديدها

فلسطينيون يتلقون مساعدات غذائية في مخيم البريج للاجئين بقطاع غزة 6 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتلقون مساعدات غذائية في مخيم البريج للاجئين بقطاع غزة 6 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

قال موقع «أكسيوس» الإخباري الأميركي، الخميس، نقلاً عن مسؤولين أميركيين إن المهلة التي حددتها واشنطن لإسرائيل لتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة قد يتم تمديدها لأسبوع أو أسبوعين، لتزامنها مع إقالة وزير الدفاع يوآف غالانت.

وأوضح أن المهلة النهائية التي حددتها الولايات المتحدة تنتهي خلال أقل من أسبوع. وأضاف: «إذا أخفقت إسرائيل في تنفيذ المطالب الأميركية بتحسين الوضع الإنساني في غزة فقد يؤدي ذلك إلى تعليق المساعدات العسكرية».

وقال مسؤول في الإدارة الأميركية: «ليست لدينا علاقة مع وزير الدفاع الجديد يسرائيل كاتس، ونخشى أن تصبح الأمور أكثر صعوبة الآن».

وذكر موقع «أكسيوس» أن مسؤولي إدارة بايدن قلقون من إقالة غالانت؛ لأنه «كان شريكاً موثوقاً فيما يتعلق بالحروب في غزة ولبنان، وبالتوترات المتصاعدة مع إيران».

وكان نتنياهو قد أقال غالانت، يوم الثلاثاء، فيما أرجعه إلى «تصدّع الثقة» بينهما، وقال إنهما اختلفا حول إدارة الحرب، متهماً غالانت باتخاذ قرارات وإصدار تصريحات تتناقض مع قرارات مجلس الوزراء.