تدابير جديدة لضمان نزاهة انتخابات إقليم كردستان

TT

تدابير جديدة لضمان نزاهة انتخابات إقليم كردستان

قبل يوم واحد من انتهاء الفترة المحددة لحملات الدعاية الانتخابية، التي قُلصت من شهر واحد إلى 17 يوما فقط، اتخذت مفوضية الانتخابات في إقليم كردستان، أمس، سلسلة تدابير وإجراءات غير مسبوقة لتعزيز المقومات الكفيلة بضمان عملية اقتراع نزيه وشفاف في جميع المراكز والمحطات الانتخابية في محافظات الإقليم الأربع (أربيل والسليمانية ودهوك وحلبجة).
وتتضمن هذه الإجراءات تخويل موظفي المراكز الانتخابية بالتقاط صور شخصية للناخبين ووثائقهم الشخصية المطلوبة كشرط للسماح لهم بالإدلاء بأصواتهم، مثل هوية الأحوال الشخصية أو الجنسية العراقية أو جواز السفر، قبل منحهم ورقة الاقتراع، وذلك لضمان التأكد التام من هوية الناخب بالصورة والوثيقة، وحفظها في أرشيف المفوضية، كدليل على نزاهة عملية التصويت.
وشددت المفوضية في إجراءاتها التي نشرت في بيان رسمي من 7 بنود، على إلزام مديري المحطات والمراكز الانتخابية بإجراء عملية عد وفرز الأوراق الانتخابية فور انتهاء عملية الاقتراع بحضور ممثلي جميع الكيانات السياسية المشاركة في الانتخابات، وتحرير القائمة رقم 51 التي تتضمن إحصاءً بعدد الأصوات التي يحصل عليها كل كيان سياسي، مقرونة بأسماء مديري المراكز والمحطات، والسماح لوكلاء الكيانات بتصوير وتوثيق العملية بالصوت والصورة (الفيديو)، وهو إجراء تسمح به المفوضية للمرة الأولى، لضمان الشفافية والنزاهة في عملية العد والفرز، إضافة إلى تخويل كل محطة أو مركز انتخابي، باختيار مدير له من بين منتسبيه بشكل فوري في حال انسحاب أي مدير أو موظف من موقعه في يوم الاقتراع، ورفع أجور المديرين في تلك المواقع الانتخابية إلى 200 ألف دينار عراقي، ما يعادل 180 دولاراً، بموجب عقود العمل المبرمة معهم.
ويرى مختصون أن هذه الإجراءات الدقيقة، من شأنها التقليل إلى حد كبير من حالات التزوير وسوء استغلال الأوراق الانتخابية، من قبل الجهات والقوى المتنفذة، كالتي شابت تجارب الانتخابات السابقة في الإقليم، كما تضمن وثائق لا تقبل التشكيك بخصوص عدد الناخبين، ومدى مشاركتهم في التصويت، وبالتالي ضمان شفافية العملية وسرعة إعلان نتائجها، ناهيك عن تفادي كثير من المشكلات القانونية التي ظهرت عشية كل عمليات الانتخاب السابقة بسبب طعون الكيانات والقوى السياسية في عملية الاقتراع ونزاهتها.
وتأتي هذه الإجراءات مترافقة مع تسجيل مئات من الحالات المخالفة مع تعليمات مفوضية الانتخابات المتعلقة بحملات الدعاية الانتخابية، من قبل تمزيق وتشويه صور وملصقات المرشحين والكيانات السياسية، حيث تعرضت صور مرشحي حزب الاتحاد الوطني الكردستاني لتلك الحالات بكثافة في أربيل عاصمة الإقليم، فيما تعرضت صور وملصقات مرشحي الحزب الديمقراطي الكردستاني لحالات مماثلة في محافظة السليمانية، مع تسجيل حالات قليلة بالنسبة لمرشحي بقية الأحزاب المشاركة.
إلى ذلك، أشار شيروان زراري، المتحدث الرسمي باسم مفوضية الانتخابات، إلى أن المفوضية شكلت منذ بداية انطلاق الحملة الدعائية فرقا متجولة في عموم مدن وبلدات إقليم كردستان لرصد حالات الاعتداء على صور وملصقات المرشحين، وتمكنت من توثيق العشرات من تلك الحالات، التي أحيلت إلى اللجنة المختصة التي شكلتها المفوضية، للنظر في تلك المخالفات واتخاذ الإجراءات العقابية بحق المخالفين، وفقا لمنهاج عمل المفوضية.
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «حتى الآن تسير حملة الدعاية الانتخابية على نحو سلس بخلاف الحملات السابقة، رغم حالات المخالفة الكثيرة المسجلة لدينا، والسبب في ذلك يعود إلى الإجراءات التي اتخذتها المفوضية بهذا الشأن وأبلغت الكيانات السياسية بها مسبقا قبل انطلاق الحملة، ولا سيما أنها تتضمن غرامات مالية تتراوح بين 800 و5000 دولار، تبعا لطبيعة المخالفات، إضافة إلى عقوبات بالسجن إذا كانت المخالفات كبيرة، وكذلك يحق للمفوضية سحب الثقة من أي مرشح يخالف تعليماتها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.