مواد سامة تتسرب إلى المنازل من ألعاب الأطفال

دراسة شملت القاهرة وفانكوفر وإسطنبول

مواد سامة تتسرب إلى المنازل من ألعاب الأطفال
TT

مواد سامة تتسرب إلى المنازل من ألعاب الأطفال

مواد سامة تتسرب إلى المنازل من ألعاب الأطفال

نبهت دراسة علمية حديثة إلى مخاطر صحية لم تكن في الحسبان من قبل، إذ حذرت من الإفراط في استخدام المواد الكيمائية المقاومة للحرائق، التي تدخل في تصنيع ألعاب الأطفال والسجاد والمفروشات والأجهزة الكهربائية. وأفادت بأن تلك المواد تتحول بمرور الوقت إلى «أتربة سامة» تتناثر في جنبات المنازل، وتتسرب إلى المقيمين فيها، وهو ما يمكن أن يسبب مشكلات صحية، من بينها الإصابة بالسرطان.
واعتمدت الدراسة التي عرضت دورية «Science of The Total Environment» ملخصاً لأبرز ما جاء فيها، قبل أن يتم نشر الدراسة كاملة في فبراير (شباط) من العام المقبل، على عينات من الأتربة تم جمعها من مدن القاهرة وفانكوفر وإسطنبول، وشارك فيها باحثون من مصر وكندا وتركيا.
ويقول الدكتور تامر شعيب، أستاذ الكيمياء بالجامعة الأميركية بالقاهرة، والباحث الرئيسي في الدراسة لـ«الشرق الأوسط»، إن «كميات من هذه المواد، التي تعرف باسم (أورجانو فوسفيت إسترز) (Organophosphate esters) تتسرب مع الوقت من الأشياء الموجودة في منازلنا، وتصبح من مكونات الأتربة بالمنازل». واعتمد الفريق البحثي في تقديره لكمية هذه المواد، ومعرفة هل هي في الحدود الآمنة أم لا، على تحليل عينات من الأتربة. ويوضح شعيب أنهم وجدوا أن «أعلى نسبة من مواد (أورجانو فوسفيت استرز)، البالغ عددها 12 مادة، كانت في أتربة المنازل في مدينة فانكوفر، حيث كانت نسبتها نحو 41 ألف نانو جرام لكل جرام من الأتربة، وتليها مدينة القاهرة إذ كانت تقريباً 14 ألف نانوجرام لكل جرام، وأخيراً إسطنبول إذ بلغت نحو 2400 نانو جرام لكل جرام».
ويفسر الباحث الرئيسي في الدراسة وجود المواد بشكل أكبر في فانكوفر عن القاهرة وإسطنبول إلى أن كندا تطبق إجراءات صارمة بخصوص أكواد الحريق، بما يجعل هناك مزيداً من الاستخدام لهذه المواد التي تبطئ من قابلية أي منتج للاحتراق. وكانت النسب، رغم تباينها بين المدن الثلاث، في الحدود الآمنة التي يستطيع الجسم التعامل معها، كما يؤكد شعيب.
ويضيف أن أكثر المواد انتشاراً بين مواد «أورجانو فوسفيت إسترز» في المدن الثلاث كانت مادة «TBOEP»، التي كانت نسبتها في القاهرة 92 في ال مائة، وفانكوفر 56 في المائة، وإسطنبول 14 في المائة، وهذه المادة يمكن للجسم تحمل 1500 نانوجرام منها لكل كيلوغرام من الوزن يومياً.
ويضيف شعيب: «رغم أن النتائج كانت مطمئنة، إلا أنها في الوقت ذاته تؤكد على ضرورة عدم الإفراط في استخدام تلك المواد في الصناعات المختلفة، إذ إن تسلل كمية كبيرة منها أكثر من المعدل المسموح به إلى جسم الإنسان عبر الأتربة، يمكن أن يسبب كثيراً من المشكلات مثل السرطانات، والتأثير على الخصوبة».



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.