رفض فلسطيني لمحاولات هنية اختزال «النضال الوطني» بتاريخ حركته

الفصائل تنتقد خطاب «حماس» التصعيدي وتدعوها إلى {التواضع}

رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية يلقي خطاباً في عيد الأضحى الماضي (أ.ف.ب)
رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية يلقي خطاباً في عيد الأضحى الماضي (أ.ف.ب)
TT

رفض فلسطيني لمحاولات هنية اختزال «النضال الوطني» بتاريخ حركته

رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية يلقي خطاباً في عيد الأضحى الماضي (أ.ف.ب)
رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية يلقي خطاباً في عيد الأضحى الماضي (أ.ف.ب)

هاجمت فصائل فلسطينية خطاب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، واتهمته بالتصعيد الكلامي، ومحاولة شطب تاريخ الآخرين، واختزال النضال الفلسطيني بالحركة الإسلامية التي ولدت قبل 30 عاما.
وقالت حركة فتح، إن خطاب هنية يتناقض تماما مع الحقيقة والواقع والتاريخ، مذكّرة بـ«أن الثورة الفلسطينية التي فجرتها حركة فتح، والتي وضعت القضية الفلسطينية، ونقلتها من مربع الحلول الإنسانية إلى قضية حرية واستقلال وحق تقرير المصير والدولة، قد بدأت قبل إنشاء حماس بخمسة وعشرين عاما، وأن من أسمع صوت الشعب الفلسطيني للعالم، هي منظمة التحرير الفلسطينية، التي تضم الكثير من فصائل العمل الوطني وعلى رأسها حركة فتح».
وقال عضو المجلس الثوري لحركة فتح والمتحدث باسمها أسامة القواسمي، إنه «غاب عن إسماعيل هنية قضايا هامة عدة، أولها نضال الشعب الفلسطيني وتضحياته الجسام عبر قرن كامل ويزيد». مضيفاً: «إن نضال الشعب الفلسطيني وهويته الوطنية أكبر بكثير من اختزاله بحركة إخوانية تم إنشاؤها في عام 1988».
وأضاف القواسمي: «هنية نسي أن إصرار حماس على الهدنة، بذريعة (الاضطرار) هو لعب بالنار، وإعادة القضية الفلسطينية إلى البوابة الإنسانية التي تسعى إليها إسرائيل، وهو اعتراف من فصيل فلسطيني أن حل القضية الفلسطينية يأتي من بوابة المساعدات الإنسانية فقط، والقضية ليست حق تقرير المصير وحرية ودولة وقدس ولاجئين».
وطالب القواسمي هنية بمراجعة خطابه واستخلاص العبر، وبالواقعية «والتواضع قليلا لمن رفعوا راية فلسطين واستشهدوا وأسروا».
وكان هنية صعد من لغته في خطاب قال فيه، إن حماس ستواصل العمل من أجل كسر الحصار، معلنا تعثر جهود المصالحة، واصفا حركته بـ«قلب القضية الفلسطينية، وذراعاً متقدماً للأمة في مواجهة المشروع الصهيوني». ودعا هنية الفلسطينيين إلى حماية «المسار والمسيرة» الذي شكلته حماس.
وجاء خطاب هنية في وقت حساس، ليؤكد أن جهود المصالحة تعثرت، وأن حركته ستواصل جهود تحقيق تهدئة من خلال تكثيف المسيرات والمواجهات الشعبية.
وتحاول حماس جر الوسطاء إلى إطلاق محادثات التهدئة مجددا، عبر تصعيد المواجهة وتوسيعها على الحدود البرية والمائية في قطاع غزة.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، حذر حماس من أن الذهاب إلى اتفاق تهدئة سيكون له ثمن باهظ، مشترطا أولا تحقيق المصالحة وتسلم قطاع غزة، ثم تقرر منظمة التحرير بشأن التهدئة وليس فصيلا أو فصائل.
ونجح عباس في إفشال مباحثات التهدئة في هذا الوقت. لكن عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، نافذ عزّام، قال إن مباحثات «التهدئة» في قطاع غزة مع الاحتلال لم تنقطع. مؤكدا أن «الفصائل كانت قريبة جداً من توقيع اتفاق قبل أن تعيقه السلطة. وأضاف: «في الحقيقة كنا على مسافة قريبة جداً من التوصل لاتفاق تهدئة (قبل عيد الأضحى)، يخفف جزءاً من معاناة شعبنا، دون أن ندفع ثمناً سياسياً، لكن السلطة الفلسطينية أعاقته، والمبررات المطروحة من جانبها في هذا الإطار غير مقبولة، وغير منطقية».
ويخطط عباس الآن، لوقف تمويل القطاع ردا على تعثر جهود المصالحة وإصرار «حماس» على المضي في جهود تحقيق تهدئة.
واتهمت حركة فتح، حركة حماس بأنها «لا تنظر إلى المصالحة وإنما تسعى لمصلحتها عبر تجميل الانقسام الذي بدأته منذ 11 عاما».
وقال عاطف أبو سيف الناطق باسم فتح في قطاع غزة، «إن حماس تسعى لإبقاء الانقسام وتريد من القيادة أن تستمر في دفع تكاليف انقلابها، وهذا الوضع يجب أن ينتهي لأنه لا يمكن القبول به».
كما هاجم تيسير خالد، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، خطاب إسماعيل هنية، متهما إياه بمحاولة «مصادرة تاريخ كفاح مجيد للشعب الفلسطيني في الثورة المعاصرة ومنظمة التحرير والحركة الوطنية».
وقال خالد، إن النضال «بدأ بالتأكيد قبل تأسيس حركة حماس بعشرات السنين».
وأضاف: «المفارقة التي تذهب بعيدا في تناقضها في خطاب إخوتنا في حركة حماس، تتجلى في السقوط في سياسة إقصاء لتاريخ وطني مجيد مكلل بالغار بتضحياته، في وقت تحاول فيه الحركة تقديم نفسها باعتبارها ضحية ومستهدفة بسياسة إقصاء على الطرف الآخر من مواقع الصراع على سلطة تحت سلطة الاحتلال».
وتابع: «قليل من التواضع ومن احترام التاريخ أفضل وأجدى لبناء الشراكة».
كما انتقد سيرجيو ذو الفقار، القيادي في الجبهة الديمقراطية خطاب حماس التصعيدي.
وقال إنه يذكر بخطابها في 2007. وحذر ذو الفقار «حماس» من الوقوع في شباك المؤامرات.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.