مرشحان كرديان مستقلان يطلقان سباق الرئاسة العراقية

استمرار المفاوضات بين «الاتحاد الوطني» وبرهم صالح

TT

مرشحان كرديان مستقلان يطلقان سباق الرئاسة العراقية

في خضم المنافسات والمشاورات السياسية بين الحزبين الحاكمين في إقليم كردستان العراق (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني)، من جهة، وبين «الاتحاد الوطني» والحزب المنشق عنه حديثاً «التحالف من أجل الديمقراطية والعدالة» من جهة ثانية، بخصوص منصب رئيس الجمهورية، فاجأ الجميعَ السياسيُ الكرديُ المستقلُ، ورئيسُ كتلة «التغيير» النيابية الأسبق سردار عبد الله، بتقديم أوراقه إلى البرلمان كمرشح مستقل عن المكون الكردي لمنصب رئيس الجمهورية، واضعاً الحزبين الكرديين الرئيسيين، وربما الجهات العراقية الأخرى المعنية، أمام مشهد جديد قد يقلب المعادلات السياسية الراهنة، المعلنة منها والخفية، رأساً على عقب، لا سيما أن الرجل يتمتع، بحسب قوله، بعلاقات واسعة مع الكثير من مراكز صنع القرار، على مستوى إقليم كردستان والعراق.
وبالتزامن مع ذلك، قدم دبلوماسي كردي مستقل، وهو الدكتور عمر البرزنجي، سفير العراق الحالي في روما، مستمسكاته المطلوبة كمرشح عن المكون الكردي، ليزداد المشهد تعقيداً.
ويقول سردار عبد الله، القيادي السابق في كل من «الاتحاد الوطني الكردستاني»، وحركة «التغيير» المعارضة، «إن ما دعاني إلى الترشح لمنصب الرئيس، هو الشعور بالمسؤولية الأخلاقية والإنسانية والوطنية، لا سيما وأن العملية السياسية في البلاد بلغت حالة مزرية، وباتت أحوال المواطنين والعلاقات بين بغداد والإقليم، ومستوى الخدمات في عموم البلاد، خصوصاً في البصرة، يرثى لها، ناهيك عن تدهور الوضع الأمني، واختلال التوازن بين السلطات الدستورية وجناحي السلطة التنفيذية».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أنني قادر بتعاون الجميع على حل قسط كبير من تلك المشاكل والمعضلات السياسية التي يعاني منها العراق الآن، لا سيما وأنني أحمل رؤى ومشاريع متكاملة بهذا الاتجاه»، وتابع: «مسيرتي السياسية على مدى أكثر من خمسة وثلاثين عاماً أكسبتني خبرة واسعة، إضافة إلى علاقاتي الوطيدة جداً مع معظم القوى العراقية، لا سيما الأقطاب الرئيسية، ومع المراجع الدينية مراكز القرار في كردستان، بصفتي سياسياً مستقلاً وحيادياً، مما قد ساهم في تعزيز ثقة الجميع بي، كما أنني أطرح نفسي كمرشح تحقيق التفاهم بين جميع الأطراف».
وحول ما إذا كانت القوى الإقليمية المتوغلة في الشأن العراقي الداخلي ستؤيد ترشيحه، قال: «ممثلو الشعب العراقي هم الذين سينتخبونني، لذا أدعو دول الجوار إلى احترام إرادة الشعب العراقي في اختيار من يراه مناسباً لهذه المهمة، وخلق علاقات متوازنة مع العراق، قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة».
يأتي ذلك في وقت ما زالت المفاوضات بين «الاتحاد الوطني» و«تحالف الديمقراطية والعدالة»، مستمرة بشأن إمكانية ترشيح زعيم التحالف برهم صالح لمنصب الرئيس، حيث أكد ملا بختيار، رئيس الهيئة العاملة في المكتب السياسي في «الاتحاد الوطني»، والمرشح الأوفر حظاً لذلك المنصب، استعداد حزبه لترشيح صالح شرط عودته إلى صفوف «الاتحاد» وحل حزبه الحالي. وأضاف في تصريح صحافي مقتضب: «إذا عاد برهم صالح إلى صفوف (الاتحاد الوطني)، عندها سيكون واحداً من المرشحين لمنصب الرئيس»
بدورها أكدت هيرو إبراهيم أحمد، أرملة زعيم «الاتحاد الوطني» جلال طالباني وعضو المكتب السياسي الأكثر نفوذاً وسلطة في الحزب، أنها لن تعترض على أي مرشح لمنصب الرئيس، كما ولن تدعم أياً منهم. وبحسب البيان الصادر بعد لقائها في السليمانية، أمس، بريت ماكغورك مبعوث الرئيس الأميركي إلى التحالف الدولي ضد «داعش»، فإن المجلس المركزي وقيادة «الاتحاد الوطني» سيقرران من سيكون المرشح عن الحزب.
من جانبه، أوضح عبد الصمد محمد القيادي في «تحالف الديمقراطية»، أن المفاوضات متواصلة مع «الاتحاد الوطني» بهذا الشأن وستنتهي خلال اليومين المقبلين، وسيتخذ الجانبان قرارهما النهائي في ضوء نتائجها. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «سنعمل معاً لما فيه الصالح العام، ولن نتردد في السير قدماً نحو تحقيق الوفاق، بين جميع الأطراف حتى لو اقتضى الأمر الاندماج ثانية في صفوف (الاتحاد الوطني) ومواصلة العمل السياسي في إطاره».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».