مساعٍ في الوقت الحرج لإقناع برهم صالح بالعودة إلى «الوطني الكردستاني»

TT

مساعٍ في الوقت الحرج لإقناع برهم صالح بالعودة إلى «الوطني الكردستاني»

أصدر خمسة من قياديي حزب «التحالف من أجل الديمقراطية والعدالة» بزعامة برهم صالح، بياناً مشتركاً أعربوا فيه عن خيبة أملهم، مما آلت إليه أوضاع حزبهم، بعد الانتخابات النيابية الأخيرة التي جرت في العراق، والتي لم يحصد الحزب فيها سوى مقعدين، خلافاً لكل التوقعات.
وقال القياديون الخمسة، الذين كانوا أيضاً نواباً سابقين في برلمان إقليم كردستان، إن حزبهم تأسس أصلاً على أسس ومبادئ كانت الغاية منها إنهاء احتكار الأحزاب التقليدية للحياة السياسية ومصادر الاقتصاد في الإقليم، وبناء نظام مؤسساتي؛ لكن زعيم الحزب رفض منذ البداية، الاستماع لآراء وملاحظات مراكز القيادة في الحزب، ومارس هيمنته عليها، حتى مني الحزب بذلك الإخفاق الكبير في الانتخابات الأخيرة، بحسب تعبير البيان، الذي حمل برهم صالح كامل المسؤولية عما يعانيه الحزب من تدهور، أشاع اليأس في نفوس أعضائه ومؤيديه، مؤكداً أنه استخدم الحزب وسيلة لتحقيق مقاصده وغاياته.
ويأتي البيان متزامناً مع الجهود الحثيثة التي يبذلها بافل وقباد طالباني، نجلا زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني الراحل جلال طالباني، في الوقت الحرج لإقناع صالح بحل حزبه والعودة إلى صفوف الاتحاد الوطني الذي انشق عنه مطلع العام الحالي، مقابل ترشيحه لمنصب رئيس الجمهورية؛ لأن قيادة الاتحاد ترفض ترشيحه وهو في موقفه الحالي، باعتباره منشقاً عن الحزب، على اعتبار أن ذلك يتنافى مع الأعراف الحزبية.
وأوضح مصدر مطلع، طلب عدم ذكر اسمه، أن مباحثات الليلة الماضية بين صالح ونجلي طالباني التي استمرت حتى ساعة متأخرة من الليل، أسفرت عن إقناعه بحل الحزب والعودة إلى صفوف الاتحاد.
وأشار المصدر ذاته إلى أن طلب حل حزب صالح كشرط مسبق لترشيحه، يمثل رغبة إيران في المقام الأول، إذ ترى طهران أن عودته إلى صفوف الاتحاد الوطني تسهل من التعامل معه ومع قيادة حزبه في المستقبل.
من جانبه أكد عدنان حمه مينا، العضو القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، أن اللجنة المكلفة بالتفاوض مع التحالف من أجل الديمقراطية والعدالة، شارفت على إنهاء مهامها، المتمثلة في إعادة ما سماه «توحيد الجهود والطاقات» بين الحزبين، وليس إعادة الاندماج بينهما، كما يشاع في وسائل الإعلام. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «المقصود بتوحيد الطاقات هو خلق موقف سياسي موحد، ليس من جانب الاتحاد والتحالف وحسب؛ بل من قبل بقية الأحزاب والقوى الأخرى، من أجل الحفاظ على المصالح العليا لسكان هذه المنطقة، وبحسب معلوماتي هناك تقدم كبير قد تحقق في هذا المجال». وتابع: «أما مسألة إعادة الاندماج أو الاتحاد، فلست على علم بها، ولكن قد تتحقق مستقبلاً».
وفيما يتعلق بالضغوط الإيرانية على قيادة الاتحاد لترشيح برهم صالح لمنصب رئيس الجمهورية، قال حمه مينا: «علاقات الاتحاد الوطني طيبة جدا مع الجهورية الإسلامية الإيرانية، وقائمة على الاحترام المتبادل، وأجزم بأن ما يشاع عن ممارسة ضغوط إيرانية علينا أنباء مغرضة لا أساس لها من الصحة إطلاقاً، فطهران تدعم مرشح الاتحاد الوطني، ولا تفرض علينا مرشحاً معيناً، وتحترم قرار قيادة الاتحاد بهذا الشأن».
وفي حال إخفاق الطرفين في التوصل إلى اتفاق بخصوص المسألة، فإن نيل منصب الرئيس سيقتصر على المرشح الأوفر حظاً، وهو القيادي المعروف ملا بختيار، رئيس الهيئة العاملة في المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.