يتابع قطاع مُعتبر من المصريين، أخيراً، مناقشات حادة ذات خلفية سياسية؛ ترتبط بادعاءات بشأن «التحرش» طالت شخصيات تعمل بالسياسة والإعلام. وزاد من حدة الاستقطاب لدى كل فريق من المؤيدين والمعارضين، الأفكار التي يتبناها كل «مُدعى عليه» في القضية، فيُحمّل أحدهم جماعة «الإخوان» المسؤولية عن الحملة ضده وتشويه سمعته، فيما يشير آخر إلى أن «أدوات النظام» هي من وزّعت «الافتراءات» بحقه.
وفوجئ مصريون، خلال اليومين الماضيين، بادعاءات تطال الإعلامي المصري، ومُقدم البرامج السابق بقناة دويتشه فيله الألمانية، يسري فودة، بعد أن نشرت صحف مصرية، تقارير شبه متطابقة، بشأن تحريك دعاوى قانونية ضده في برلين، تتعلق باتهام فتيات له بالتحرش بهن أثناء عمله في القناة، فضلا عن نشر فتاة أخرى تدوينة مطولة ادّعت فيها أنها «تعرضت للتحرش» من قبله.
وسارع فودة بالرد صراحة على الأمر، وقال عبر حسابه الرسمي الموثق: «ما ورد من افتراءات بحقي في منشور نمطي موحد تم توزيعه على أدوات النظام لا أساس له من الصحة جملة وتفصيلاً. من يريد التيقن يستطيع مخاطبة إدارة دويتشه فيله».
وعندما سُئلت «دويتشه فيله» بشأن القضية، قال متحدث باسمها إن المحطة الألمانية «لا تعلق على أمور شخصية». وعادت التعليقات لتنفجر من جديد، ما بين مؤيد لموقف فودة، ومتمسك بعدم صحة الاتهامات، وآخر وجد منها فرصة للنيل من الرجل من باب «الموقف السياسي»، وعاد الإعلامي المصري للتعليق مرة أخرى على القضية ووصفها بأنها «حرب فُرضت عليّ، أعرف مصدرها، وأعرف كيف بدأت، وكيف تطورت وأعرف أهدافها».
ودعا فودة «المدعين» إلى اللجوء إلى القضاء لرفع ما يرونه من قضايا، ونَشَرَ عنوان إقامته لإبلاغه بعريضة الدعاوى.
وكان مُعلقون وكُتاب رأي مصريون، دخلوا، قبل أسبوعين، في حالة من الجدل الصاخب بشأن ادعاء الصحافية، مي الشامي، أن رئيس التحرير التنفيذي للصحيفة التي تعمل بها، دندراوي الهواري، والمعروف بمواقفه المؤيدة للسلطات، والمناوئة لجماعة «الإخوان»، تحرش بها، وأبدى البعض دعما للفتاة، خاصة بعد أن تقدمت ببلاغ رسمي أمام النيابة المصرية.
غير أن المُدعى عليه، سارع بإعلان عدم صحة ما يوجه إليه، وقال ضمنا إنه يأتي في إطار حملة منظمة من «جماعة الإخوان» ضده و«بشكل واسع النطاق»، وداعيا إلى «انتظار نتائج التحقيقات الرسمية في القضية». وجلبت تلك القضية تعليقات واسعة كانت مصحوبة في أغلبها، بالنيل من المواقف السياسية وربطها بادعاءات التحرش، وذهب بعضهم إلى أن عدّها دليلا على «فساد المؤيدين». ولا تعد مسألة الاستقطاب السياسي المصاحب لادعاءات التحرش، جديدة في الساحة السياسية المصرية، إذ إنها طالت قبل عامين النائب البرلماني والمخرج خالد يوسف، والذي قالت زوجة رئيس إحدى الجامعات إنه تحرش بها. وكذلك دفعت ادعاءات التحرش المحامي الحقوقي، خالد علي، إلى الاستقالة من حزب «العيش والحرية» (تحت التأسيس)، قبل 7 أشهر، على خلفية ادعاء إحدى العضوات أنه تحرش بها، ولم تصل القضية إلى النيابة العامة. ويرى المحامي والحقوقي، نجاد البرعي، أن «حالة الاصطفاف بالتأييد أو المعارضة لكل شخص متهم بالتحرش، وفقا للانتماء السياسي، تعد أزمة كبيرة تواجه المجتمع المصري». وقال البرعي لـ«الشرق الأوسط»: «يجب أن يكون هناك رشد لدى المجتمع في استخدام أدواته الاجتماعية، لتجريم التحرش ومطاردته»، ومضيفاً، أن «مواقع التواصل في مصر بدأت وسيلة للترفيه، ثم استخدمت في سياق التغيير السياسي، وسرعان ما أسيء استخدامها في إطار التشهير». وشرح البرعي أن «تفشي ظاهرة الاتهام بالتحرش والتشهير عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، يتضمن بحد ذاته جريمة تعاقب عليها القوانين المصرية، سواء ما يتعلق بالسب والقذف والتشهير، إذ إنه يستبق إجراء تحقيقات أو صدور حكم قضائي».
ادعاءات تحرش مُختلطة بالسياسة تُربك المصريين
انقسامات حادة على خلفية انتماءات المتهمين
ادعاءات تحرش مُختلطة بالسياسة تُربك المصريين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة