أصداء صراع المحاور في بغداد تتردد بالبصرة

سفير إيران يعيد افتتاح قنصلية بلاده في المحافظة

السفير الإيراني إيرج مسجدي لدى افتتاحه المقر الجديد للقنصلية الإيرانية في البصرة أمس (رويترز)
السفير الإيراني إيرج مسجدي لدى افتتاحه المقر الجديد للقنصلية الإيرانية في البصرة أمس (رويترز)
TT

أصداء صراع المحاور في بغداد تتردد بالبصرة

السفير الإيراني إيرج مسجدي لدى افتتاحه المقر الجديد للقنصلية الإيرانية في البصرة أمس (رويترز)
السفير الإيراني إيرج مسجدي لدى افتتاحه المقر الجديد للقنصلية الإيرانية في البصرة أمس (رويترز)

لا يستبعد مراقبون أن تلقي النزاعات السياسية الدائرة في بغداد بين محوري «البناء والإصلاح» الذي يمثله مقتدى الصدر ورئيس الوزراء حيدر العبادي من جهة، ومحور «البناء» الذي يمثله تحالف «الفتح» بزعامة هادي العامري ونوري المالكي من جهة أخرى، بظلالها على أوضاع البصرة، ومجمل المعالجات القائمة لأوضاعها الخدمية والصحية المتردية.
وظهر في اليومين الأخيرين، من خلال التصريحات والتصرفات القريبة من هذا المحور أو ذاك، ما يمكن اعتباره قمة جليد تخفي «جبل» الخلافات القائم بين الجانبين. فرئيس الوزراء العبادي أشار بقوة في أثناء زيارته للبصرة، أول من أمس، إلى محور «البناء»، وإن لم يسمه بالاسم، حين قال في تصريحات: «ما يحدث في البصرة نزاع سياسي باستحقاق كامل، للأسف كتل سياسية لديها أجنحة عسكرية أراد بعضها إحراق البصرة».
وفي مقابل ذلك، تنشط وسائل إعلام ومواقع إلكترونية، إضافة إلى شخصيات سياسية وجماعات قريبة من محور «البناء»، في اتهام العبادي وتحميله مسؤولية ما حدث في البصرة، والتشكيك في مجمل الخطوات التي يقوم بها لمعالجة المشكلات هناك.
وأبلغ شهود عيان «الشرق الأوسط» عن مشاهداتهم لملصقات كبيرة في بعض تقاطعات شوارع البصرة في اليومين الأخيرين، كتبت عليها عبارات «محرضة ومنددة» بزيارة العبادي الأخيرة، وكتب في إحداها: «البصرة مدينة الشهداء لا يشرفها من تآمر عليها»، وذيلت بتوقيع «جماهير البصرة».
ونفى مكتب العبادي، في بيان أمس، خبراً تناولته مواقع قريبة من تحالف «الفتح» ومحور «البناء» عن محاصرة رئيس مجلس الوزراء، والوفد الوزاري المرافق له، في أحد فنادق مدينة البصرة. وقال البيان: «ندعو وسائل الإعلام التابعة لجهات سياسية إلى الكف عن هذا الأسلوب الهابط المخادع الذي لا يليق بوسائل الإعلام».
واتخذ الصراع بين الجانبين، العبادي (وحلفائه) والفتح (وحلفائها)، صوراً شتى، ضمنها التشكيك بالشركات التي أسند إليها حل مشكلة المياه في البصرة. فقد اتهم النائب عن تحالف «الفتح» عدي عواد، أمس، شركة «الفارس» التي كلفتها حكومة العبادي بـ«تصنيع وحدات ضخ وتصفية المياه» بالفساد، وملكيتها لأحد أعضاء مجلس محافظة البصرة، الأمر الذي دفع الوزارة إلى إصدار بيان قالت فيه إن شركة الفارس تابعة للوزارة، وتعمل في مجال تنقية المياه ومحطات التصفية والتحلية والمجالات النفطية والتشغيل الميكانيكي الثقيل، ودعت إلى عدم «خلط الأوراق، وإرباك الرأي العام».
كان الاجتماع الذي عقده العبادي في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس قد اتخذ 7 قرارات لحل مشكلة المياه في البصرة، منها تكليف شركة الفارس العامة بتصنيع وحدات ضخ وتصفية المياه وتأهيل محطة ار زيرو وصيانتها، وصرف مخصصات طعام وساعات عمل إضافية للعاملين في محطة ار زيرو، إضافة إلى وقف التجاوزات الحاصلة على خطوط وشبكة المياه، وتكليف شركات وزارة الموارد المائية بإنشاء خط أنبوبي ناقل لقناة البدعة، بجانب تسريع إجراءات تعيين العاطلين في البصرة.
وفي غضون ذلك، انطلقت في البصرة، أمس، مظاهرة احتجاجية، رفع خلالها المحتجون صور الضحايا الشباب الذين سقطوا في المواجهات مع القوى الأمنية.
إلى ذلك، كشفت الخلية الخدمية المشكلة من قبل العتبة الحسينية لمحافظة البصرة عن طبيعة الإشكالية التي تعرقل وصول المياه الصالحة للمدينة، مؤكدة أنه الإهمال وعدم أبرز الأسباب. وقال بيان صادر عن الخلية إن «تراكم الأطيان، ونمو النباتات المائية، في خزانات محطة البدعة كانت وراء توقف عدد من المضخات، إلى جانب انسداد الفلاتر بشكل جزئي»، وأضاف: «تحوي المحطة خزانين رئيسيين، سعة الأكبر منهما 5 ملايين متر مكعب، والثاني 750 ألف متر مكعب. وإن الإهمال وعدم تنظيف الخزانات بشكل دوري تسببا في امتلاء الخزانين بالطما والنباتات التى تسببت في عطل الفلاتر والمضخات في المحطة».
من جهة أخرى، أعاد السفير الإيراني في العراق، ايرج مسجدي، أمس، افتتاح قنصلية بلاده في بناية جديدة بالبصرة، بعد أن أقدم المتظاهرون على إحراق المبنى القديم الأسبوع الماضي. وقال السفير، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع محافظ البصرة أسعد العيداني في مقر القنصلية الجديد، إن «الاعتداء الذي تعرضت له القنصلية لن يؤثر على العلاقات بين البلدين بحكم المشتركات الكثيرة بينهما، وإن كان عدونا المشترك يحاول تخريب هذه العلاقات»، مبيناً أن «الغرض من زيارتي هو افتتاح القنصلية في مقرها الجديد، إذ لا نريدها أن تتوقف عن تقديم خدماتها، ولو ليوم واحد».
وذكر مسجدي أنه «في الوقت الحاضر، لا نتهم جهة محددة بإحراق القنصلية، ومن واجب المسؤولين العراقيين تشخيص المعتدين، الذين لا علاقة لهم بالشعب العراقي الصديق للشعب الإيراني».
بدوره، قال محافظ البصرة أسعد العيداني، خلال المؤتمر الصحافي، إن «إعادة افتتاح القنصلية بسرعة هو دليل على قوة العلاقات الثنائية والوشائج المشتركة بين البلدين».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».