ليبيا: السراج يتولى منصب وزير الدفاع الى جانب رئاسة الحكومة

المبعوث الأممي يتهم برلمانيين بـ«تخريب العملية السياسية»

غسان سلامة خلال لقائه عميد طرابلس الكبرى عبد الرؤوف بيت المال (البعثة الأممية)
غسان سلامة خلال لقائه عميد طرابلس الكبرى عبد الرؤوف بيت المال (البعثة الأممية)
TT

ليبيا: السراج يتولى منصب وزير الدفاع الى جانب رئاسة الحكومة

غسان سلامة خلال لقائه عميد طرابلس الكبرى عبد الرؤوف بيت المال (البعثة الأممية)
غسان سلامة خلال لقائه عميد طرابلس الكبرى عبد الرؤوف بيت المال (البعثة الأممية)

فيما منح المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني رئيسه فائز السراج مهام وصلاحيات وزير الدفاع، اتهم غسان سلامة، المبعوث الأممي لدى ليبيا، أول من أمس، أعضاء في مجلس النواب بـ«السعي لتخريب العملية السياسية قصد تحقيق مآرب شخصية».
وأثارت كلمة سلامة، التي تطرق فيها إلى «إخفاق مجلس النواب في سن قانون الانتخابات»، غضب بعض أعضاء مجلس النواب، الذين أبدوا استغرابهم في حديثهم إلى «الشرق الأوسط» مما أسموه «استخدام سلامة لأسلوب فرض الوصاية، والتحدث كأنه معارض في البرلمان».
وقال عضو مجلس النواب عن مدينة بنغازي، عصام الجهاني لـ«الشرق الأوسط»، إن إفادة المبعوث الأممي «جاءت مخيبة للآمال، ولا تساعد على بناء دولة، وأظهرت أنه لا يعلم أبجديات العمل النيابي، وكان عليه التزام الحياد». موضحاً أن أحداث طرابلس الأخيرة دفعت مجلس النواب في مدينة طبرق (شرق) إلى إرجاء جلسة مناقشة قانون الاستفتاء، في ظل صعوبة حضور نواب طرابلس الجلسة المقررة لذلك. كما أبرز الجهاني أن الكتلة التي كانت تدعم «اتفاق الصخيرات» دعت عقب اشتباكات العاصمة، في بيان رسمي، إلى سحب الثقة من السراج. وانتهى قائلاً إن حل الأزمة في بلاده «لن يأتي عبر المبعوثين الأمميين، ولكن سيكون ليبياً - ليبياً».
وفي معرض حديثه عن الانتخابات الليبية، قال سلامة إن «الشعب اتخذ قراراً واضحاً حول التغيير المطلوب من خلال الانتخابات وبشكل سلمي وديمقراطي»، لافتاً إلى أنه «كي يتم إجراء الانتخابات الوطنية، يجب استيفاء عدد من الشروط، التي تستلزم جهداً كبيراً لتحقيقها، إلا أنها قابلة للتحقيق. والأمم المتحدة تعمل جاهدة لوضع هذه الشروط موضع التنفيذ». مؤكداً في هذا الصدد على المضي قدماً في استكمال الخريطة الأممية، بالتوازي مع إبداء فرنسا تمسكها بضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 10 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، تنفيذاً للاتفاق الذي تم التوصل إليه في باريس في مايو (أيار) الماضي.
وأضاف سلامة موضحاً أن «كثيراً من أعضاء مجلس النواب يسعون إلى تخريب العملية السياسية لتحقيق مآرب شخصية خلف ستار الإجراءات. وهم ببساطة لا يمتلكون النية في التخلي عن مناصبهم، وقد وضعوا أحكاماً قانونية يُبتغى منها البقاء في السلطة إلى الأبد، ومن أجل طموحات شخصية للبعض دفع جميع مواطني ليبيا أثماناً باهظة».
في المقابل، دافع أحد أعضاء مجلس النواب عما ذهب إليه سلامة بقوله: «إن كثيراً من النواب يعملون بالفعل على عرقلة خروج قانون الاستفتاء إلى النور».
وأضاف النائب، الذي رفض ذكر اسمه، في حديثه إلى «الشرق الأوسط»: «يوجد لوبي في المجلس (متربص)، ولا يريد إجراء انتخابات في البلاد، وفقاً لأي قانون متعارف عليه دولياً، كما لو أنهم يريدونها بيعة لأشخاص بعينهم».
إلى ذلك، أرجع خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، الأحداث التي وقعت في طرابلس إلى ما سماه «فشل المجلس الرئاسي في تطبيق الترتيبات الأمنية المنصوص عليها في الاتفاق السياسي»، بالإضافة إلى وجود «فساد مالي في ملف الاعتمادات».
ولم تمض ساعات على اتهامات المشري، التي تضمنها تسجيل مصور نشر عبر صفحة المجلس بموقع «فيسبوك» مساء أول من أمس، حتى أصدر المجلس الرئاسي قراراً أمس، بتولي رئيسه مهام وصلاحيات وزير الدفاع المفوض.
في غضون ذلك، بحثت لجنة الطوارئ والأزمة المشكّلة من المجلس الرئاسي، برئاسة النائب أحمد معيتيق، مساء أول من أمس، الخطوات العاجلة التي يجب اتخاذها لتوفير الخدمات اللازمة في طرابلس، تمهيداً لعودة النازحين إلى منازلهم التي غادروها جراء الاشتباكات التي وقعت جنوب العاصمة.
والتقى سلامة ونائبته للشؤون الإنسانية، أمس، عميد طرابلس الكبرى عبد الرؤوف بيت المال في مقر البلدية، للتشاور حول تجاوز «المرحلة الصعبة، وتمكين وقف إطلاق النار»، وقالت البعثة في بيان مقتضب، على حسابها عبر «تويتر» إن اللقاء تطرق إلى بحث «حلول جذرية. كما تناول اللقاء نقاشاً حول البعد الإنساني والإنمائي للأزمة، وإعادة الحياة إلى طبيعتها في العاصمة».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.