العاصمة السياسية لأفريقيا تتحول إلى ورشة إعمار وتجاذب أميركي ـ صيني

الطفرة الاقتصادية في إثيوبيا مرهونة بترسيخ إصلاحات آبي أحمد السريعة

العاصمة السياسية لأفريقيا تتحول إلى ورشة إعمار وتجاذب أميركي ـ صيني
TT

العاصمة السياسية لأفريقيا تتحول إلى ورشة إعمار وتجاذب أميركي ـ صيني

العاصمة السياسية لأفريقيا تتحول إلى ورشة إعمار وتجاذب أميركي ـ صيني

ما هو التغيير الذي ينتظرك في واحد من أفقر بلدان العالم ينمو اقتصاده بمعدّل 10 في المائة سنوياً منذ مطلع هذا القرن، عندما تنزل فيه بعد أحد عشر عاماً من زيارتك الأخيرة إليه؟
هذا هو السؤال الذي تطرحه على نفسك قبل الهبوط في مطار العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، التي يغلّفها الضباب الكثيف وترزح تحت وطأة العواصف الموسميّة الراعدة. للوهلة الأولى لا تبدو أديس أبابا مختلفة عن العواصم الأفريقية الفقيرة التي يحاذيها قطار التنمية منذ عقود ولا يتوقف فيها. لكن جولة سريعة على المطارح المعهودة تكفي لتبديد الانطباع الأول، عندما يتكشّف لك كيف أصبحت العاصمة السياسية لأفريقيا ورشة إعمار واسعة ترتفع فيها ناطحات السحاب والمجمّعات الضخمة بين أحياء الصفيح التي يتكدّس فيها الفقر على البؤس والجوع والأمراض السارية.
«الأسد الأفريقي» ينهض من سباته الطويل بعد أن أنهكته الحروب والمجاعات والأنظمة الثورية، ويستعدّ لترسيخ موقعه قوةً إقليميةً في الخاصرة الشرقية للقارة التي عادت تستقطب اهتمام الدول الكبرى التي تتزاحم اليوم على تثبيت المواطئ الاقتصادية والعسكرية فيها.
العنوان الرئيسي لهذه الطفرة الإنمائية في إثيوبيا هو مشروع بناء «سدّ النهضة» الكبير الذي سيروّض النيل العظيم على مقربة من الحدود مع السودان، والذي يُنتظر أن يولّد ستة آلاف ميغاواط من الطاقة الكهربائية وتعادل تكلفته 10 في المائة من إجمالي الناتج القومي. لكن هذا المشروع الذي يتعثّر في تنفيذه منذ ثلاث سنوات، ما زال مثار جدل مع الدول المجاورة، خصوصاً مع مصر، رغم الانفراج الذي تشهده العلاقات بين البلدين منذ وصول رئيس الوزراء الحالي آبي أحمد إلى الحكم.
كان مدير مشروع سد النهضة سمنجو بكلي قد ذهب ضحية اغتيال في 26 يوليو (تموز) الماضي، في ظروف لا تزال غامضة، كما تعرّض رئيس الوزراء لمحاولة اغتيال بعده بأسبوعين، مما أثار تساؤلات وشكوكاً حول استدامة الاستقرار النسبي الذي تشهده البلاد منذ فترة مع الانفتاح السياسي الذي بدأته الحكومة الجديدة.
لم ينقضِ نصف عام على تولّي آبي أحمد رئاسة الحكومة بعد عامين من الاحتجاجات العنيفة وعمليات القمع التي عمّت مناطق واسعة من البلاد، مما شكّل تهديداً مباشراً على استمرار المشاريع الإنمائية الضخمة وتدفقات الاستثمارات الخارجية إلى إثيوبيا. لكن التغييرات التي شهدتها البلاد خلال هذه الفترة القصيرة شكّلت مفاجأة كبيرة بالنسبة للمراقبين، بقدر ما أثارت تساؤلات حول قدرة الحكومة على ترسيخها والبناء عليها في المدى الطويل.
المصالحة التاريخية مع إريتريا التي مهّدت الطريق أمام إثيوبيا لحل عقدة الوصول إلى منفذ على البحر، أثارت تحفظات وامتعاضاً في أوساط القوات المسلحة التي ما زال دورها وازناً في المعادلة السياسية، التي كانت الهزيمة التي مُنِيَت بها في الحرب المديدة ضد الثوّار الإريتريين منعطفاً مريراً في تاريخها. والإفراج عن عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين الذي لاقته بعض المجموعات العرقية بالترحاب، أثار مخاوف من تداعيات هذه الوتيرة السريعة للإجراءات الإصلاحية التي قد تفتح شهيّة بعض المجموعات المتضررة منها، لملء الفراغات الأمنية والإدارية التي يعاني منها النظام في الأطراف الجغرافية.
ويُستدلّ من المؤشرات الأخيرة على أن آبي أحمد مصرٌّ على المضي في إصلاحاته السياسية والاقتصادية، مستنداً إلى دعم واضح من الولايات المتحدة التي تراهن على إثيوبيا كركيزة أمنية إقليمية في حربها ضد الإرهاب، ومن الدول الأوروبية الغربية الكبرى التي رفعت مستوى استثماراتها في السوق الإثيوبية بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة، تجذبها معدّلات النمو الاقتصادي القياسية في إثيوبيا منذ سنوات.
لكن الصين تبقى هي الرهان الأساسي لنظام آبي أحمد، الذي يبني على انفتاح الرئيس الأسبق ميليس زيناوي، الذي وضع أسساً واسعة وراسخة للتعاون مع بكين بدأت إثيوبيا تقطف ثمارها بعد أن تحوّلت إلى قطب رئيسي للتغلغل الصيني الجامح في القارة السمراء. شبكة واسعة من الطرقات البريّة والسكك الحديدية تمتدّ في أنحاء البلاد وسدود لتوليد الطاقة الكهربائية ومنشآت صناعية ضخمة تحمل الدمغة الصينية التي لا تكاد تغيب عن مشروع واحد في البلاد.
وفيما توشك إثيوبيا على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة وتستعدّ لتصديرها إلى الدول المجاورة مما سيعزّز صعودها الاقتصادي والسياسي في المنطقة، تقوم الشركات الصينية بمدّ خطوط الوصل الكهربائي إلى جيبوتي والسودان وكينيا وتنزانيا. كما دخلت الإمارات العربية المتحدة بقوّة أخيراً على خط الاستثمارات في الشرق الأفريقي من البوابة الإثيوبية، عندما أعلنت وزيرة التعاون الدولي ريم الهاشمي خلال زيارتها إلى إديس أبابا، أواخر الشهر الماضي، أن الإمارات ستموّل بناء خط أنابيب لنقل البترول بين ميناء عصب في إريتريا والعاصمة الإثيوبية، إضافة إلى حزمة واسعة من الاستثمارات في مجالات التصنيع والزراعة والعقارات والنفط والمنتجعات السياحية.
لكن الطفرة الاقتصادية التي تشهدها إثيوبيا، ثاني البلدان الأفريقية من حيث عدد السكان بعد نيجيريا، ما زالت مرهونة بترسيخ الإصلاحات السريعة التي ما زالت تتعثّر جرّاء وهن المؤسسات والأجهزة الإدارية والقانونية، وعدم قدرتها على مواكبة الوتيرة الاستثمارية.
ويحذّر خبراء البنك الدولي في تقرير صدر أخيرا عن الاقتصاد الإثيوبي، من تحوّل الاهتمام إلى القطاع الصناعي على حساب الزراعة التي تشكل مصدر الرزق الوحيد لما يزيد على 80 في المائة من السكّان وتوفّر 45 في المائة من إجمالي الناتج القومي، في بلد قضى ربع مليون من مواطنيه في المجاعة التي ضربته منذ ست سنوات لا أكثر.
وتنوي إثيوبيا فتح قطاع الخدمات اللوجيستية أمام المستثمرين الأجانب لكن مع وضع سقف لمشاركتهم، وذلك في أحدث إصلاح لتخفيف سيطرة الحكومة على الاقتصاد. ويقود رئيس الوزراء آبي أحمد تغييرات في أحد أكثر الاقتصادات المثقلة بالقواعد التنظيمية في أفريقيا منذ توليه مهام منصبه في أبريل (نيسان). وأطلقت إثيوبيا حوافز مثل إعفاءات ضريبية وقروض مدعمة لتشجيع الاستثمار لكن البيروقراطية والصعوبات اللوجيستية جعلتها تحتل أدنى المستويات على مؤشرات البنك الدولي للوجيستيات التجارة العالمية.
ورفعت أحدث خطوة من مجلس الاستثمار الإثيوبي - وهو كيان يرأسه آبي، ويتألف من عدة وزراء ومحافظ البنك المركزي - القيود عن الاستثمار الأجنبي في خدمات التغليف والشحن والنقل البحري. كانت هذه القطاعات مقصورة في السابق على المواطنين الإثيوبيين. وسيسمح للشركات الأجنبية من الآن بالاستحواذ على حصص تصل إلى 49 في المائة في أنشطة الخدمات اللوجيستية.



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.