«فيتش» تبدي تشاؤماً حيال مستقبل الاقتصاد في تركيا

انكماش نشاط قطاع الصناعات التحويلية وتوقعات باستمرار ارتفاع أسعار الطاقة

يقع الاقتصاد التركي حالياً تحت ضغوط انهيار الليرة التركية التي فقدت نحو 42 في المائة من قيمتها (إ. ب. أ)
يقع الاقتصاد التركي حالياً تحت ضغوط انهيار الليرة التركية التي فقدت نحو 42 في المائة من قيمتها (إ. ب. أ)
TT

«فيتش» تبدي تشاؤماً حيال مستقبل الاقتصاد في تركيا

يقع الاقتصاد التركي حالياً تحت ضغوط انهيار الليرة التركية التي فقدت نحو 42 في المائة من قيمتها (إ. ب. أ)
يقع الاقتصاد التركي حالياً تحت ضغوط انهيار الليرة التركية التي فقدت نحو 42 في المائة من قيمتها (إ. ب. أ)

أبدت وكالة «فيتش» العالمية للتصنيف الائتماني تشاؤماً حيال مستقبل الاقتصاد التركي خلال العامين الحالي والمقبل. وهو ما يأتي بعد يوم واحد من إعلان نتائج رسمية تفيد بارتفاع التضخم في تركيا إلى مستوى يلامس 18 في المائة للمرة الأولى منذ 15 عاماً.
وقالت الوكالة، في تقرير لها حول أوضاع الاقتصاد التركي، أمس (الثلاثاء)، إنها تتوقع اتساع العجز الحكومي العام، ليصل إلى 3.2 في المائة خلال العام الحالي، مشيرة إلى أن العجز الجاري في تركيا، سيسجل تسارعاً أكبر خلال العام المقبل 2019، ليبلغ أكثر من 3.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
ويقع الاقتصاد التركي حالياً تحت ضغوط انهيار الليرة التركية، التي فقدت نحو 42 في المائة من قيمتها منذ مطلع العام الحالي. ونتيجة لذلك، ارتفعت وتيرة حيازة المواطنين والشركات والبنوك للنقد الأجنبي، خصوصاً الدولار واليورو، خوفاً من تآكل المدخرات بالعملة المحلية.
وأشارت «فيتش»، في تقريرها، إلى أن تركيا ستواجه نمواً أبطأ، وتعديلات اضطرارية لفترة طويلة في ماليتها العامة وفي سياساتها الاقتصادية، وتوقعت أيضاً أن تدعم ظروف خارجية، أكثر قسوة، وتشديد في السياسة محلياً الحاجة لتعديلات في الاقتصاد التركي في الأجل القريب. وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان هاجم وكالات التصنيف الائتماني العالمية، واصفاً إياها بـ«المسيّسة التي لا تتحلى بالأمانة والصدق، لأن توقعاتها ونظرتها مخالفة لموقفه من الاقتصاد المحلي».
وقال إردوغان، مطلع الأسبوع الحالي، إن كل الخطوات التي تقدم عليها وكالات التصنيف الائتماني العالمية مسيّسة، داعياً إلى عدم تصديقها.
وقالت وكالة التنصيف الائتماني العالمية «موديز»، الأسبوع الماضي، إنها ستخفض التصنيف الائتماني لـ20 بنكاً في تركيا، بسبب تدهور الليرة وتراجع القدرة التمويلية للبنوك.
في سياق متصل، ذكرت وكالة «بلومبرغ» الأميركية، أن البنوك التركية بحاجة إلى تمويل بقيمة 6 مليارات دولار للتغلب على الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد. ويتعين على ما لا يقل عن 9 مقرضين إتمام قروض سنوية بالدولار الأميركي بحلول نهاية العام الحالي، لإبرام الصفقات التي تشمل العشرات من البنوك العالمية.
كما ألمحت إلى أن بنكي «إيش» و«آك»، إضافة إلى بنك الصادرات المملوك للدولة في تركيا، تقع على رأس قائمة الانتظار، إذ إنها لم تنته بعد من الصفقات التي دخلت في شهر يوليو (تموز) الماضي قبل أيام من بدء أزمة البلاد.
ونقلت الوكالة عن رضا كريم، أحد المحللين في «جوبيتر أسيت مانجمنت»، وهي مجموعة إدارة أموال في المملكة المتحدة، تأكيده أن الوضع في تركيا أصبح أسوأ بكثير من الأزمات الأخرى التي مرت بها تركيا من قبل، وسيتعين على تركيا تغيير الأسعار لمحاولة تخطي هذه الأزمة.
وستقدم القروض البنكية التركية اختباراً رئيسياً لقدرة البلاد على الاستفادة من أسواق الديون الخارجية وسط العقوبات الأميركية، التي أدت إلى تبريد الاقتصاد ودفع الليرة إلى تسجيل مستويات قياسية منخفضة، كما دفعت عائدات السندات السيادية في مارس (آذار) إلى نحو 9 في المائة.
وسبق أن فرضت الأزمات المحلية في تركيا تنازلات في الأسعار من جانب البنوك التركية، التي اقترضت على الأقل مرة أو مرتين في العام من المجموعة نفسها من المقرضين الأجانب منذ عقود.
وفي غضون ذلك، قال البنك المركزي التركي، أمس الثلاثاء، إن من المتوقع أن تستمر زيادة أسعار الطاقة بالبلاد خلال سبتمبر (أيلول) الحالي، وذلك بعد يوم من نشر بيانات رسمية أظهرت أن التضخم السنوي ارتفع إلى 17.90 في المائة في أغسطس (آب).
وذكر البنك المركزي في تقريره حول تطورات الأسعار الشهرية، أن أسعار السلع الأساسية والطاقة كانت المحرك الرئيسي للتضخم في أغسطس، وأنه كان هناك تدهور كبير في الاتجاه العام لمؤشرات التضخم الأساسي.
وبالتوازي، أظهر مسح للشركات التركية أن نشاط قطاع الصناعات التحويلية في تركيا انكمش في أغسطس للشهر الخامس على التوالي، مع تباطؤ الإنتاج والطلبيات الجديدة بفعل أزمة العملة.
وقالت لجنة من غرفة الصناعة في إسطنبول و«آي إتش إس ماركت»، إن مؤشر مديري المشتريات بقطاع الصناعات التحويلية تراجع إلى مستوى 46.4 نقطة في أغسطس، من مستوى 49.0 نقطة في شهر يوليو السابق، ليظل دون مستوى الخمسين الفاصل بين النمو والانكماش.
وعزت اللجنة هذه القراءة إلى تباطؤ الإنتاج والطلبيات الجديدة. وأضافت أن هبوط الليرة التركية، التي خسرت نحو 40 في المائة من قيمتها منذ بداية العام، لعب دوراً محورياً في الظروف الصعبة بقطاع الأعمال وساهم في زيادة الضغوط التضخمية، حيث ارتفعت تكاليف المدخلات والإنتاج لأقصى حد منذ بدء المسح في عام 2005. وقال أندرو هاركر، المدير المشارك في «آي إتش إس ماركت»: «أثرت الأحداث في أسواق العملة بشدة على قطاع الصناعات التحويلية التركي خلال أغسطس، ما تسبب في زيادة الضغوط التضخمية وخلق مناخ للطلب زاخر بالتحديات».
وأضاف أنه «في الوقت نفسه، ارتفعت طلبيات التصدير الجديدة للشهر الثاني على التوالي في أغسطس، وهو التطور الإيجابي الأساسي الذي كشفت عنه نتائج المسح».



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.