في سباق محموم مع الزمن، تخوض قيادتا الحزبين الحاكمين في إقليم كردستان («الديمقراطي الكردستاني» و«الاتحاد الوطني») جولات مفاوضات مكوكية في بغداد وأربيل، مع القوى العراقية (الشيعية والسنيّة) الفائزة في الانتخابات من جهة، ومع قوى المعارضة الكردية الأربع في الإقليم، من جهة أخرى.
والغاية طبعاً هي تكوين الكتلة النيابية الأكبر المطلوبة دستورياً، لتشكيل الحكومة الاتحادية التي يبدو أنها تمر بمخاض عسير، وعلى كلا المستويين يواجه الحزبان الحاكمان في الإقليم منذ أكثر من ربع قرن، معضلات وعراقيل جمة، فالقوى العراقية التي تتحاور مع الحزبين الكرديين منذ أكثر منذ شهر والمتمثلة بالائتلافات الشيعية («سائرون»، و«الحكمة»، و«النصر») مضافاً إليها ائتلاف «الوطنية»، لم تبد موافقتها حتى الآن، رغم انقضاء المدة القانونية لتشكيل الحكومة الاتحادية، على مطالب الحزبين الكرديين الواردة ضمن مشروعهما المشترك، المؤلف من 30 بنداً يشترطها الجانب الكردي أساسا لإبرام أي عقد مع القوى العراقية تلك، وصولاً إلى الحكومة المنشودة، ذلك أن المشروع قد يتضمن مطالب قد تبدو في المرحلة الراهنة تعجيزية بالنسبة للقوى العراقية المتفاوضة، رغم طابعها الدستوري المشروع على حد زعم الحزبين، اللذين يواجهان على المستوى المحلي أيضا عقبات أكبر تحول دون تحقيق غايتهما المتمثلة ببلورة موقف سياسي كردي موحد في التفاوض مع بغداد يضمن إقرارا خطياً بحقوق إقليم كردستان.
من هنا تحاول قيادتا الحزبين عبر وفود منفصلة إقناع قيادات القوى الأربع المعارضة وهي («حركة التغيير» و«الجماعة» و«الاتحاد» الإسلاميان و«تحالف الديمقراطية والعدالة») الحاصلة بمجملها على 11 مقعداً في البرلمان العراقي، بالعدول عن مواقفها تجاه حزبي السلطة ودمج مشروعها الخاص مع مشروع الحزبين الحاكمين، للتحاور مع القوى العراقية بصفتها فريقا واحدا.
بيد أن نيجيرفان بارزاني، نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، رئيس حكومة الإقليم، أكد أنه لمس خلال مباحثاته مع قيادات ثلاث من قوى المعارضة إجماعا شبه تام بخصوص ضرورة وأهمية بلورة موقف سياسي كردي مشترك في بغداد، لكنه أوضح أن الأمر بحاجة إلى آلية منتظمة وجهود مشتركة. وأضاف في مؤتمر صحافي عقده في أربيل مع برهم صالح، زعيم «تحالف الديمقراطية والعدالة»، أنه يحترم قرار «التحالف» بمقاطعة الانتخابات النيابية المقررة في الإقليم نهاية الشهر الحالي، مؤكداً أن وفد حزبه سيتباحث خلال الأيام القليلة المقبلة مع قيادة «حركة التغيير» في السليمانية، بشأن قضية توحيد المواقف الكردية في بغداد.
وفي ما يتعلق بالتسريبات التي تحدثت عن صفقة سرية بين برهم صالح وبافيل طالباني؛ النجل الأكبر لزعيم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الراحل جلال طالباني، تقضي بترشيح «صالح» لمنصب رئيس الجمهورية، مقابل حل حزبه والعودة إلى صفوف «الاتحاد الوطني»، نفى صالح تلك التسريبات جملة وتفصيلاً، وقال: «لا أساس لتلك الشائعات التي سربها بعض الجهات، ولم يبحث أمر كهذا بشكل رسمي إطلاقا، فنحن منشغلون بإعادة تنظيم صفوف تحالفنا داخلياً، بغية المساهمة الفاعلة في حلحلة المعضلات التي يعاني منها الإقليم، أما المناصب؛ فالغاية منها خدمة الشعب لا المحاصصة».
من جانبه، أكد القيادي في «حركة التغيير»، صابر إسماعيل أن على الحزبين الحاكمين تحقيق وحدة الصف الكردي في الإقليم أولاً قبل البحث عنها في بغداد، وذلك عبر تلبية المطالب التي تنادي بها «حركة التغيير» وشعب كردستان، والمتمثلة بتوحيد قوات البيشمركة تحت مظلة وطنية، واتباع الشفافية في إدارة السلطة، والكشف عن عائدات الإقليم المالية، وتكريس أسس الديمقراطية الحقيقية بوصفها الضمانة الأساسية للعمل السياسي المشترك، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «حتى لو افترضنا جدلاً، أن وحدة الموقف الكردي قد تحققت في بغداد، فستكون بلا شك وقتية وغير ذات جدوى، ما لم تتحقق داخل البيت الكردي أولا، بالقضاء المبرم على جميع مكامن الخلاف بين حزبي السلطة وقوى المعارضة».
الحزبان الحاكمان في إقليم كردستان يسعيان إلى كسب معارضيهما
برهم صالح نفى ترشحه لمنصب رئيس الجمهورية
الحزبان الحاكمان في إقليم كردستان يسعيان إلى كسب معارضيهما
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة