حذّر وزير الخارجية الإسباني جوزيب بورّيل من الخلافات القائمة بين الدول الأعضاء في التكتل الأوروبي من أن «موضوع الهجرة أخطر من أزمة اليورو على استمرار المشروع الأوروبي»، وقال إن فشل القمّة التي تستضيفها النمسا في 20 الجاري في مدينة سالزبورغ حول موضوع الهجرة سيكون كارثة على مستقبل الاتحاد.
تشهد الدوائر السياسية الأوروبية حالة من القلق إزاء التشدد المتزايد والمنسّق لسياسات الهجرة في إيطاليا والمجر والنمسا التي تتولّى حاليّاً الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، وتتخوّف من أن يؤدي ذلك إلى نسف التعاون الأوروبي الذي تولّد بصعوبة وبعد مخاض طويل عقب أزمة العام 2015. وتهدد سياسات هذه البلدان الثلاثة بتقويض عمليات التدخّل المشترك التي اتفقت حولها البلدان الأعضاء منذ ثلاث سنوات، ما لم توافق القمة الاستثنائية المقررة في 20 الجاري على اقتراحاتها الجذرية التي تشمل نشر قوات مسلحة أوروبية على حدود الاتحاد الخارجية، أو إعادة المهاجرين الذين تنقذهم سفن المساعدة إلى بلدان ثالثة في الجوارين المتوسطي والأفريقي.
وتشدّد بلدان أخرى مثل ألمانيا وفرنسا وإسبانيا على التوفيق بين حماية الحدود الخارجية واحترام المبادئ الأساسية التي يقوم عليها الاتحاد، فيما يرتفع منسوب التوتر في المواجهة بين المعسكرين اللذين يقودهما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من جهة، ووزير الداخلية الإيطالي ماتّيو سالفيني من جهة أخرى، تحضيراً لقمّة سالزبورغ التي دعت إليها النمسا لمعالجة موضوع الهجرة.
وكانت الحكومة النمساوية قد طرحت أمس في اجتماع وزراء الدفاع والخارجية في فيينا اقتراحاً لعسكرة الحدود الخارجية للاتحاد، وأيدتها إيطاليا فيما رفضتها بشكل قاطع المفوّضة السامية الأوروبية لشؤون السياسة الخارجية الإيطالية فيديريكا موغيريني التي قالت «عندما يتعلّق الأمر بعمليات عسكرية ضمن إطار السياسة المشتركة للدفاع والخارجية، فإن معاهداتنا تلحظ حصرها خارج الأراضي الأوروبية فقط». وشددت موغيريني على أن المعاهدات الأوروبية «مُلزِمة» لكل الأعضاء، في إشارة إلى مواقف بعض الحكومات الأوروبية، وبخاصة الحكومة الإيطالية، التي هددت مؤخراً باستعدادها لتجاوز أحكام هذه المعاهدات.
لكن وزير الدفاع النمساوي، ماريو كوناسيك الذي ينتمي إلى اليمين المتطرف، تجاهل تصريحات موغيريني وأعرب عن تفاؤله بأن توافق القمة على اقتراحه بتعزيز الوجود العسكري الأوروبي على الحدود الخارجية للاتحاد، وقال «إن شعار رئاستنا الدورية للاتحاد هو حماية أوروبا، وهذا يشمل حماية حدودنا». وأضاف في مؤتمر صحافي مشترك مع موغيريني «أن اقتراحنا يستند إلى التجربة النمساوية الناجحة التي لقيت تجاوبا بين وزراء الدفاع الأوروبيين».
وتوقّف المشاركون في الاجتماع الذي ضمّ وزراء الدفاع والخارجية في العاصمة النمساوية عند التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال جولته في البلدان الاسكندينافية عندما قال أمس «ثمّة موقفان متضاربان حول موضوعي الهجرة والاقتصاد: أحدهما قومي والآخر تقدميّ. والبعض يحاول كسر المشروع الأوروبي بنسف مبادئه التضامنية». وتسعى النمسا إلى دمج الخدمات العسكرية بالمدنية لحماية الحدود، مع التركيز بشكل خاص على التدريب والمناورات، فيما أعلنت موغيريني أن الاتحاد لا يعترض على تعزيز التعاون الأمني والعسكري، لكنها شددت على أن كل العمليات العسكرية ضمن السياسة الدفاعية المشتركة يجب أن تكون خارج الأراضي الأوروبية.
وفي حديث خاص «بالشرق الأوسط» قال وزير الخارجية الإسباني جوزيب بورّيل «من الواضح أن ثمّة مجموعتين تتضارب مواقفهما كليّاً بشأن هذا الموضوع: بعض بلدان أوروبا الشرقية بقيادة إيطاليا، وما يمكن تسميته بالترويكا التي تضمّ ألمانيا وفرنسا وإسبانيا إضافة إلى البرتغال وبعض البلدان الأخرى، التي تستند في موقفها إلى القيم المشتركة التي يقوم عليها الاتحاد».
وتهدد هذه المواجهة بين المعسكرين بنسف «عملية صوفّيا» التي أطلقها الاتحاد الأوروبي عام 2015 لمكافحة المنظمات التي تتاجر بالمهاجرين، خاصة من ليبيا إلى إيطاليا. كما هدد سالفيني بمنع تجديد ولاية هذه العملية التي تشكّل أول انتشار عسكري أوروبي مشترك، والتي تنتهي في آخر السنة الجارية، ما لم توافق البلدان الأعضاء على توزيع المهاجرين بالتساوي على موانئ الاتحاد.
وقالت موغيريني من جهتها «سأبذل ما بوسعي» من أجل التوصل إلى اتفاق يضمن استمرار «عملية صوفّيا»، وأشارت إلى أنه منذ بدء تنفيذ هذه العملية انخفض عدد المهاجرين الذين يعبرون المتوسط إلى بلدان الاتحاد بنسبة 80 في المائة.
- الوضع عند «نقطة الغليان» في مركز لاجئين باليونان
قال تشارلي ياكسلي من مفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في إفادة صحافية إن أكثر من 7000 من طالبي اللجوء والمهاجرين، ربعهم من الأطفال، مكدسون في الملاجئ بمركز استقبال موريا في جزيرة جزيرة ليسبوس اليونانية الذي بني ليسع 2000 شخص. وتابع «هناك عدد متزايد من الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الصحة العقلية والاستجابة والعلاج غير كافيين بشكل مؤسف». وقالت إن الوضع وصل إلى نقطة الغليان. ودعت المفوضية السلطات اليونانية أمس الجمعة إلى الإسراع في نقل طالبي اللجوء المؤهلين إلى البر الرئيسي قائلة إن الوضع في مركز استقبال مكتظ في الجزيرة «يصل لنقطة الغليان». وكانت ليسبوس، التي لا تبعد كثيرا عن تركيا في شمال شرقي بحر إيجه، نقطة الدخول المفضلة للاتحاد الأوروبي في عام 2015 لما يقرب من مليون سوري وأفغاني وعراقي ما زالوا يشكلون نحو 70 في المائة من الوافدين الجدد رغم تراجع الأعداد.