المجلس الأعلى للحسابات في المغرب يدعو إلى مراجعة قانون التصريح بالممتلكين

وزراء وبرلمانيون ومديرو دواوين وزارية من بين المتخلفين

TT

المجلس الأعلى للحسابات في المغرب يدعو إلى مراجعة قانون التصريح بالممتلكين

دعا المجلس الأعلى للحسابات، أعلى هيئة قضائية لمراقبة المال العام في المغرب، إلى مراجعة الإطار القانوني المنظم للتصريح الإجباري بالممتلكات، وملاءمته مع مقتضيات دستور 2011. وذلك بهدف تجاوز الإكراهات التي تحول دون تطبيقه وبلوغ الأهداف المنشودة من وضعه.
وكشف التقرير أن 10 وزراء ضمن الحكومة السابقة لم يقوموا حتى الآن بالتصريح بممتلكاتهم بمناسبة انتهاء مهامهم الحكومية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بالإضافة إلى 93 عضوا في مجلس النواب، و13 عضوا في مجلس المستشارين، و24 من رؤساء الدواوين الوزارية في الحكومة الحالية.
وأشار التقرير إلى أن رئيس المجلس الأعلى للحسابات راسل الأمين العام للحكومة ورئيسي مجلسي النواب والمستشارين لدعوة المتخلفين عن التصريح إلى تسوية وضعيتهم في أقرب الآجال.
وأوضح التقرير أن المنظومة القانونية المتعلقة بالتصريح الإجباري بالممتلكات ما زالت تواجه نفس الإكراهات (العوائق) التي سبق للمجلس أن نبه إليها في تقارير سابقة، وذلك منذ دخولها حيز التنفيذ في سنة 2010. وذكر التقرير على رأس هذه الإكراهات القاعدة الواسعة للملزمين، والتي ينتج عنها إيداع أعداد كبيرة من التصريحات لدى المجلس الأعلى للحسابات، الشيء الذي يعرقل عملية المراقبة والتتبع، لا سيما أن المجلس يبقى مرهونا بمدى استجابة السلطات الحكومية لمراسلاته المتعلقة بمده بالمعلومات اللازمة في هذا الشأن.
وأشار التقرير إلى أن المجلس الأعلى للحسابات ما زال لا يتوفر حتى الآن على القائمة المتعلقة بالشخصيات «المماثلة لأعضاء الحكومة من حيث الوضعية الإدارية»، لتتبع التصريحات الواجب إيداعها من طرف هذه الفئة، وذلك رغم أن الأمين العام للحكومة سبق وأن راسل وزارة المالية والاقتصاد مرتين لمده بقائمة هذه الشخصيات. كما انتقد التقرير عدم قيام السلطات المعنية بإرسال القوائم التي طرأت عليها تغييرات (من تعيينات جديدة أو انتهاء للمهام) للمجلس في حينه، وأن القوائم التي توصل بها لم توافيه بها إلا بعد مرور عدة أشهر من التعيين، مما يجعل تتبع إيداع التصريحات اللازمة في الآجال القانونية هدفا صعب المنال.
وأعلن المجلس الأعلى للحسابات أنه بدأ العمل منذ مارس (آذار) 2016 بنظام معلوماتي جديد لتدبير وتتبع التصريحات، مشيرا إلى أنه قام في هذا الإطار بحملة تواصلية مع ممثلي السلطات والهيئات والمؤسسات العمومية لمواكبتهم في تحضير وتقديم قوائم الملزمين طبقا للنموذج المعتمد. وأضاف أنه حاليا بصدد حصر قوائم المسؤولين المخلين بواجب التصريح بممتلكاتهم رغم تبليغ السلطة الحكومية المعنية بذلك، وتوجيه الإنذارات لهم قصد تسوية وضعيتهم. وأكد أن المجلس سيرفع الأمر للسلطة الحكومية المعنية قصد اتخاذ الإجراءات القانونية.
وحول حصيلة التصريحات التي توصل بها المجلس خلال العامين الأخيرين، أشار التقرير إلى أن عددها بلغ 6156 تصريحا، تعلقت نسبة 83 في المائة منها بتجديد المصرحين السابقين لتصريحاتهم بعد مضي ثلاث سنوات على إيداعها، ونسبة 12.5 في المائة بتصريحات أولية، ونسبة 4.5 في المائة بالتصريح بالممتلكات بمناسبة انتهاء المهام.
وتناول التقرير الذي رفعه رئيس المجلس الأعلى للحسابات أخيرا للملك، بين دفتي مجلديه التي ضمنت أزيد من ألف صفحة، تقارير حول المهام الرقابية والقرارات التأديبية والتوصيات التي أصدرها المجلس خلال سنتي 2016 و2017 حول تدبير وتنفيذ الميزانيات، سواء على المستوى المركزي أم على مستوى الجهات والبلديات والجماعات الترابية وبعض المؤسسات والمقاولات والبرامج والمشاريع العمومية



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.