حركة مطار بيروت تفوق قدرته... وتطويره يحتاج إلى 88 مليون دولار

مصمم لاستقبال 6 ملايين والزحمة تصل إلى ذروتها في هذا الشهر

الازدحام في مطار بيروت
الازدحام في مطار بيروت
TT

حركة مطار بيروت تفوق قدرته... وتطويره يحتاج إلى 88 مليون دولار

الازدحام في مطار بيروت
الازدحام في مطار بيروت

تعكس الأرقام التي تسجلها الحركة في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت وزحمة قاعاته في معظم ساعات النهار والليل خاصة في هذه الفترة من كل عام، المشكلة الأساسية التي يعاني منها هذا المرفق والتي تتمثل بعدم قدرته على استيعاب هذا العدد من المسافرين.
القدرة الاستيعابية لمطار بيروت كانت قد حددت بنحو ستة ملايين شخص سنويا، لكنها وصلت العام الماضي إلى 9 ملايين فيما قاربت خلال السبعة أشهر الأولى من العام الحالي الخمسة ملايين. وتؤكد هذه الأرقام، بحسب رئيس المطار فادي الحسن، أهمية العمل على توسعة المطار الذي بات يعمل بقدرة استيعابية تفوق القدرة التي صمم على أساسها. مع العلم أن مخطط توسعة المطار وتطويره وضع منذ فترة على طاولة البحث وعقدت لهذا الغرض اجتماعات عدة برئاسة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري.
وأوضح الحسن لـ«الشرق الأوسط» إذا تم تأمين الاعتمادات اللازمة من المفترض أن يبدأ العمل في نهاية هذا الموسم الصيفي، أي في بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول)، ويرتكز في مرحلته الأولى على استحداث ممر للمغادرين في منطقة الوصول عند الجهة الغربية بحيث من المفترض أن تزيد قدرة استيعابه مليون شخص إضافي، وفيما من المرجّح أن تسلك خطة الجهة الغربية طريقها نحو التنفيذ، ويتطلب العمل عليها ما بين تسعة أشهر وسنة، بحسب الحسن، يؤكد كذلك على ضرورة تنفيذ الخطة نفسها في الجهة الشرقية التي من شأنها أيضا أن تزيد القدرة الاستيعابية مليون شخص، وهنا تبقى المشكلة في تأمين الاعتمادات اللازمة والتي تقدر للمرحلة الأولى بـ18 مليون دولار وللثانية بـ12 مليون دولار.
وإضافة إلى هذه التوسعة، يشير الحسن إلى أن هناك مشكلة أساسية لا يبدو أنها ستجد طريقها إلى الحل في المدى المنظور، وهي الطريق المؤدية إلى المطار والتي كانت قد وضعت ضمن المخطط التوجيهي لتطوير المرفق خلال أربع أو خمس سنوات. ويوضح «المشكلة هي أن هذه الطريق تشكل ممرا أساسيا لكل القادمين إلى بيروت من جهة الجنوب بدل أن تكون مخصصة فقط للواصلين إلى المطار ما ينتج عنها زحمة سير خانقة خاصة في مواسم معينة كموسم الصيف ونهاية العام، وتصل إلى ذروتها في شهر أغسطس (آب) على غرار ما يحصل اليوم».
ويلفت أيضا إلى مصادفة موسم الحج في هذا الشهر حيث يتوقع أن تسجّل حركة المطار رقما قياسيا ساهم بلا شك في زيادة الازدحام. ويقدّر عدد الحجاج اللبنانيين لهذا العام بنحو 7 آلاف شخص وخمسة آلاف من السوريين المغادرين عن طريق بيروت إضافة إلى أكثر من ألف حاج فلسطيني».
وفي حين يشير الحسن إلى أن النزوح السوري واعتماد عدد كبير من السوريين مطار بيروت محطة للانتقال إلى الخارج أدى إلى زيادة الضغط على المطار، إضافة كذلك إلى عروض الرحلات التي باتت تجذب اللبناني وتزيد من حركة سفره إلى الخارج بشكل لافت في السنوات الأخيرة، يتوقّع أن تتراجع هذه الحركة قليلا خلال السنة المقبلة في ظل الحديث عن عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
وإذا كانت تكلفة توسعة المطار في الجهتين تقدر بنحو 30 مليون دولار، فإن تطوير المطار يحتاج إلى 88 مليون دولار بحسب ما أعلن النائب في كتلة «المستقبل» نزيه نجم، مشيرا كذلك إلى أهمية تحديث مطار القليعات الذي من شأنه أن يخفف الضغط عن مطار بيروت. وقال: «المطار بحاجة لميزانية حقيقية كي يتم تحسين أدائه، حيث إنه لم تخضع معداته وآلياته للتطوير والتحديث منذ سنوات طويلة».
ورأى أن المطار الذي كان قد أعيد تأهيله للمرة الأولى بعد الحرب عام 1994: «يحتاج إلى 88 مليون دولار وفقا للدراسة التي وضعتها دار الهندسة حتى يعود كما كان عليه منذ أن افتتحه الرئيس الشهيد رفيق الحريري». مشيرا إلى «أنه في حال تحديث مطار القليعات يتم نقل مليوني شخص إليه مما يخفف الضغط عن مطار بيروت».
ولفت إلى أن وزير الأشغال يوسف فنيانوس كان قد طلب منذ شهر فبراير (شباط) الماضي من الحكومة أن تعطيه على عجل 18 مليون دولار، حتى يتم إصلاح المكيفات والحمامات وشراء وصلات للأحزمة التي تنقل حقائب السفر، كما توجد ضرورة لتغيير مولدات الكهرباء في أرض المطار.
وكانت حركة مطار بيروت قد حقّقت ارتفاعا ملحوظا في أعداد الركاب خلال شهر يوليو (تموز) الماضي، إذ بلغت 1022467 بينما كانت حركة المسافرين من وإلى المطار قد سجلت في عام 2017 لشهر يوليو من العام الماضي 975003 أي بزيادة بلغت 4.86 في المائة، أي أنها تخطت عتبة المليون راكب بزيادة 5 في المائة عن نفس الفترة من العام السابق رافعا المجموع العام للركاب من وإلى لبنان خلال السبعة أشهر الأولى من العام 2018 إلى أربعة ملايين و842 ألفا و225 راكبا بزيادة 8.32 في المائة عما سجلته نفس الفترة من العام 2017. وهذا الارتفاع في عدد الركاب استدعى أخيرا أكثر من تحرك من المسؤولين السياسيين والإداريين والأمنيين لمعالجة الازدحام الكبير الذي تشهده قاعات المطار أن في المغادرة أو في الوصول لتخفيف أعباء إنهاء معاملات السفر وتقديم التسهيلات للمسافرين من وإلى لبنان تحسبا أيضا لموسم الحج الذي يسجّل خلاله المزيد من الحركة في أروقة المطار.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.