العلاقة الأميركية ـ التركية تزداد «تصدعاً»

TT

العلاقة الأميركية ـ التركية تزداد «تصدعاً»

أبرم الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمس قرارا بإيقاف تسليم طائرات F35 المقاتلات إلى أنقرة، تطبيقا للعقوبات التي أصدرها الكونغرس الأميركي على تركيا بسبب شرائها منظومة الصورايخ الدفاعية الروسية S400. وتعد هذه الخطوة بمثابة ضربة أميركية قوية لأنقرة، في الوقت الذي تعاني العلاقة بين البلدين تدهورا وتصدعا مستمراً، إضافة إلى القرارات التي أطلقها الرئيس ترمب على تركيا مثل مضاعفة التعريفة الجمركية على الألمنيوم والصلب التركي، والمطالبات المستمرة بإطلاق سراح القس الأميركي أندرو برونسون الذي يواجه الإقامة الجبرية في أنقرة.
ويبدو أن اللقاء الثنائي الذي جمع جون بولتون المستشار الرئاسي للأمن القومي بالسفير التركي سردار كيليك في واشنطن أول من أمس، لم يثمر عن مبادرات إيجابية في حل الإشكاليات العالقة بين البلدين، على الرغم من التكهنات بإطلاق سراح القس الأميركي.
واعتبر كثير من المحللين الأميركيين أن قرار إلغاء تسليم تركيا طائرات F35 المقاتلة سيعقّد الأمور بالنسبة للولايات المتحدة، إذ يتم تصنيع كثير من المكونات الرئيسية للطائرة من قبل شركات تركية، وتقدر وزارة الدفاع الأميركية أن الأمر يحتاج إلى عامين للعثور على موردين جدد وتأهيلهم لاستبدال أي شركة تركية يتم طردها من البرنامج. وتعود أساس الانعطافة في العلاقة بين البلدين مع الإدارة الأميركية الجديدة إلى الحكم القضائي الذي أصدرته تركيا ضد القس الأميركي أندرو برونسون قبل نحو عامين، وذلك ضمن حملة واسعة النطاق عقب محاولة الانقلاب العسكرية الفاشلة في تلك الفترة، وتؤكد أنقرة أن برونسون الذي عاش في تركيا منذ أكثر من 20 عاماً كان على صلة بالمتآمرين.
ويتوقع محللون لعدد من وسائل الإعلام الأميركية أن الرئيس ترمب، الذي شارك شخصيا في تنمية العلاقة بين الولايات المتحدة وتركيا، يشعر بأنه تعرض للخيانة ويريد الانتقام.
وقال أرون شتاين لمجلة «فورين بيولسي» الخبير في شؤون تركيا في مجلس الأطلسي، إن ترمب كان يريد أن يجعل الأمور لطيفة مع تركيا، إلا أنه أصبح يشعر كأن الأتراك قد نكثوا الاتفاق معه، لذا أصبح الموقف الأميركي الآن إنذارا نهائياً.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان كتب في صحيفة «نيويورك تايمز» خلال عطلة نهاية الأسبوع، محذرا من أن التدابير العقابية التي اتخذها ترمب ضد تركيا ستؤدي في النهاية إلى رد فعل عكسي على الولايات المتحدة. وأضاف: «التصرفات أحادية الجانب ضد تركيا من قبل الولايات المتحدة حليفتنا لعقود لن تؤدي إلا إلى تقويض المصالح الأميركية والأمن، وإن هذا الاتجاه الأحادي وعدم الاحترام يتطلب منا البدء في البحث عن أصدقاء وحلفاء جدد»، في إشارة إلى التحالف مع روسيا وإيران. وقد رفضت أنقرة وقف التعامل مع إيران لتطبيق العقوبات الأميركية.
وفي رد فعل على هذه التطورات، حذر بعض المسؤولين الأميركيين الرئيس ترمب من التصعيد المتزايد وتعميق الخلاف في العلاقة بين البلدين، ومن بين هؤلاء المسؤولين السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام الذي استاء من التطورات الأخيرة في العلاقة بين واشنطن وأنقرة، طالبا من الرئيس الأميركي اتخاذ إجراءات وخيارات أخرى، كما أن وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس عارض فكرة وقف تسليم تركيا الطائرات المقاتلة F35.
بدورها، أوضحت إيما لاهي الباحثة السياسية في جامعة جورج واشنطن بالعاصمة الأميركية، أن أنقرة تعد شريكا جيوسياسيا حاسما وحجر زاوية في حلف الناتو، كما أن قاعدة إنجيرليك الجوية في جنوب تركيا هي نقطة انطلاق رئيسية لعدد من العمليات في الشرق الأوسط، وخاصة الحملة القتالية ضد تنظيم داعش الإرهابي.
وقالت لاهي خلال حديثها إلى «الشرق الأوسط» إن تركيا موطن لمخزون الولايات المتحدة من القنابل النووية B61. وهو محور للردع النووي في أوروبا، كما تعد أنقرة شريكا حاسما في إعادة بناء سوريا في الوقت الذي ينافس فيه الغرب روسيا وإيران على السلطة في البلد الذي مزقته الحرب.
وأضافت أن وقف بيع F35 لتركيا مثير للجدل بشكل خاص، لأن أنقرة تخطط أيضا لشراء نظام الصواريخ المتطورة S400 الروسي الصنع، وهذه الخطوة يمكن أن تقوض الأسرار العسكرية للولايات المتحدة والحلفاء في حلف الناتو، لذا يحظر قرار الرئيس ترمب تشريع نقل طائرات F35 إلى تركيا حتى يقدم «البنتاغون» تقييما للأثر في العلاقة بين البلدين، خصوصا ما يتعلق بالعمليات العسكرية الأميركية من قاعدة إنجيرليك الجوية.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.