مطالبات في غزة باعتبار الحصار عقوبة جماعية تتطلب تدخلاً دولياً

TT

مطالبات في غزة باعتبار الحصار عقوبة جماعية تتطلب تدخلاً دولياً

حذر مسؤولان فلسطينيان من تدهور الأوضاع الحياتية والاقتصادية في قطاع غزة في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي المشدد على القطاع وإغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد لغزة منذ ما يزيد على شهر، ضمن القرارات الإسرائيلية الأخيرة التي تستهدف وقف الطائرات الورقية الحارقة.
وقال النائب جمال الخضري، رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، إن قطاع غزة ينهار في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي وتشديده مؤخرا، واستمرار إغلاق معبر كرم أبو سالم لليوم الـ34 على التوالي ومنع دخول المواد الخام ومواد البناء ومئات السلع الإنسانية الأساسية.
وشدد الخضري في تصريح صحافي له على أن الحصار يمثل عقوبة جماعية إسرائيلية تستهدف أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في غزة، وهو مخالفة لكل القوانين والأعراف الدولية. وأضاف أن «غزة تنهار اقتصاديا، ولا يمكن وصف الحالة في كل القطاعات الحيوية والإنسانية لصعوبتها في ظل هذا الحصار الخطير الذي يضرب كل أسس ومقومات الاقتصاد الفلسطيني في غزة، واستحالة الحصول على الخدمات الأساسية من كهرباء وماء وعلاج وحرية التنقل بالشكل الذي يحتاجه مليونا فلسطيني محاصرون وتعرضوا لثلاث حروب خطيرة ومُدمرة».
وذكر الخضري أن أكثر من 90 في المائة من مصانع غزة أغلقت أبوابها، وسرحت عمالها، بسبب منع الاحتلال إدخال المواد الخام اللازمة للصناعة بنسبة مائة في المائة ضمن خطة «خنق غزة» التي يطبقها الاحتلال. وبين أن معدلات البطالة بين الشباب تجاوزت 60 في المائة في غزة وهي الأعلى عالميا، فيما نسبة الفقر تزيد على 80 في المائة.
وقال إن «المجتمع الدولي مطالب بتدخل عاجل لإنقاذ الوضع المنهار في غزة، والضغط على الاحتلال لإنهاء الحصار بشكل عاجل وفتح كل المعابر التجارية والسماح بحرية حركة الأفراد والبضائع دون قوائم ممنوعات، وتدشين ميناء بحري يربط غزة بالعالم، إضافة للممر الآمن بين غزة والضفة، وهي محددات رفع الحصار عن غزة».
من جانبه، ناشد علي الحايك، رئيس جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين في قطاع غزة، جميع الجهات المسؤولة للضغط على الجانب الإسرائيلي لإعادة فتح معبر كرم أبو سالم التجاري، والسماح بإدخال المواد الخام والبضائع، بالتزامن مع اقتراب حلول عيد الأضحى المبارك، وبدء العام الدراسي الجديد.
وقال الحايك في تصريح إن التجار والمستوردين مهددون بخسائر إضافية لما تكبدوه خلال شهر من الإغلاق، وتقدر بملايين الدولارات نتيجة بقاء بضائعهم في المخازن الإسرائيلية، مشيرا إلى أن أكثر القطاعات المتضررة هو القطاع التجاري على صعيد العمل الخارجي والداخلي، حيث انخفضت القدرة الشرائية لدى المواطنين في قطاع غزة إلى نسب كبيرة جداً.
وأضاف أن «سياسة تشديد الحصار على غزة التي كان آخرها إغلاق معبر أبو سالم، أدخلت اقتصاد غزة بمرحلة حساسة وخطيرة، قد يتخللها انهيار شامل وكبير في كل القطاعات الحياتية، إن لم يتم التوصل إلى حلول سريعة».
وأوضح أن إغلاق «كرم أبو سالم» ومنع إدخال المواد الخام أدى بالفعل إلى وقف عمليات الإنتاج وإغلاق أكثر من 95 في المائة من المنشآت الإنتاجية والمصانع، وفقدان نحو 75 ألف شخص أعمالهم بصورة مباشرة وغير مباشرة، الأمر الذي ينذر بنسب غير مسبوقة من البطالة والفقر في قطاع غزة.
وأشار الحايك إلى أن الإغلاق حرم غزة من 65 في المائة من كميات الإسمنت الواردة لها، وأدى إلى شل قطاع البناء وتسريح نحو 30 ألف عامل كانوا يعملون فيه، بالإضافة لإيقاف نشاط نحو 50 مصنعاً كانت تعمل إضافة إلى 450 متوقفة عن العمل سابقا بسبب الحصار الإسرائيلي، وقيود مفروضة على نشاطاتها.
وأكد على ضرورة تحييد السياسة عن الاقتصاد، مشيرا إلى أن الجانب الإسرائيلي يتعمد استخدام السلاح الاقتصادي في الحرب على الشعب الفلسطيني بهدف تحقيق أهدافه، الأمر الذي يعد مخالفا للقانون الدولي الإنساني وما نصت عليه اتفاقية جنيف الرابعة.
ودعا الحايك المجتمع الدولي إلى التحرك بشكل عاجل لإنهاء حصار غزة، مثمنا الدور المصري في التخفيف من المعاناة الإنسانية في القطاع من خلال فتح معبر رفح ورفد غزة بالاحتياجات الإنسانية رغم الظروف الأمنية بسيناء، والتي كان آخرها الموافقة على تزويد القطاع بالمحروقات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».