دأب المدير الفني الإنجليزي هاري ريدناب على الحديث عن فكرة أن كبار لاعبي كرة القدم ينتقلون من ناد لناد آخر لأسباب عاطفية في المقام الأول. وتطرق ريدناب إلى هذا الأمر في كثير من المواقف، التي نتذكر منها على سبيل المثال ما حدث عام 2012، عندما كان ريدناب يشغل منصب المدير الفني لنادي توتنهام هوتسبير، وكان يرغب في التعاقد مع نجم مانشستر سيتي آنذاك كارلوس تيفيز، الذي أشارت تقارير صحافية إلى أنه قد يتنازل عن جزء كبير من راتبه في مانشستر سيتي من أجل أن يلعب لتوتنهام. وقال ريدناب عن ذلك: «كان تيفيز يرغب دائماً في اللعب مع توتنهام. ومنذ أن كان يلعب في الأرجنتين كان يضع صور نجوم توتنهام غلين هوديل وريكي فيا وأوسي أرديليس. وأتذكر أنه قال إنه يريد أن يلعب لنادي توتنهام هوتسبير». لكن بالطبع هذا الخيال لم يتحول إلى حقيقة أبدا.
وإذا كنت تتابع ما يحدث على وسائل التواصل الاجتماعي قبل انطلاق الموسم الجديد للدوري الإنجليزي الممتاز، فسوف تكتشف أن كثيراً من اللاعبين يقولون شيئاً مشابهاً لما كان يقوله ريدناب، فتجد لاعباً يكتب بناء على تعليمات وكيل أعماله قائلاً: «لا يمكنني أن أنتظر الظهور لأول مرة أمام المشجعين الرائعين لناديّ الجديد». وبعيداً عن السخرية من تلك التصريحات، ومهما كانت الأسباب التي تدعو اللاعبين للانتقال من ناد لآخر، فإن الشيء المؤكد هو أن غالبية التعاقدات الجديدة في أندية الدوري الإنجليزي الممتاز، حريصة كل الحرص على إثبات جدارتها داخل الملعب، وكسب احترام زملائهم الجدد والجمهور.
وبالمثل، هناك لاعبون صاعدون في كل ناد من هذه الأندية يأملون في أن يكون هذا الموسم هو الموسم الذي يشهد مشاركتهم مع الفريق الأول، وانطلاقهم في عالم النجومية. لكن ربما لا يتطلع أحد للموسم الجديد بالحماس نفسه للاعبين الذين غابوا لفترات طويلة الموسم الماضي بسبب الإصابة. وبعد فترات طويلة من الإحباط وإعادة التأهيل، وفي بعض الحالات التعرض للسخرية، جاءت الفرصة أخيراً لهؤلاء اللاعبين لكي يؤكدوا للجميع مرة أخرى أنهم يمتلكون مهارات وإمكانات وقدرات كبيرة. وسوف نكون سعداء للغاية ونحن نراهم يتألقون داخل المستطيل الأخضر مرة أخرى.
ويضم كل ناد من أندية الدوري الإنجليزي الممتاز لاعبين في هذه الحالة، ومعظمهم من اللاعبين الإنجليز، الذين انتابتهم مشاعر متناقضة بكل تأكيد وهم يشاهدون منتخب بلادهم يتألق في نهائيات كأس العالم الأخيرة بروسيا، في الوقت الذي يجلسون هم في منازلهم ويدركون جيدا أنه لولا الإصابات اللعينة التي لحقت بهم، لربما كانوا أحد العناصر الأساسية لمنتخب الأسود الثلاثة في هذا العرس الكروي الكبير. ولم يشارك روس باركلي مع نادي تشيلسي أمام مانشستر سيتي في كأس الدرع الخيرية، كما لم يشارك مع منتخب بلاده في كأس العالم؛ لكن المدير الفني لنادي تشيلسي ماوريسيو ساري أكد على أن اللاعب الذي لم يشارك في التشكيلة الأساسية الموسم الماضي سوى في مباراتين فقط، سيكون له دور كبير مع تشيلسي بمجرد استعادة لياقته البدنية.
أما جاك ويلشير فلم يكن مصاباً الموسم الماضي؛ لكنه شعر بأن المدير الفني للمنتخب الإنجليزي غاريث ساوثغيت قد استبعده من القائمة المشاركة في نهائيات كأس العالم، بسبب الشكوك التي لا تزال تحيط بلياقته البدنية. ويتمنى نادي وستهام يونايتد أن يستفيد من الرغبة الجامحة لدى ويلشير في استعادة مستواه السابق، كما يأمل أن يستعيد سريعاً خدمات لاعبه المصاب في أوتار الركبة مايكل أنطونيو. لكن سيتعين على وستهام يونايتد أن ينتظر لفترة أطول قليلاً حتى يستعيد خدمات نجمه أندي كارول مرة أخرى، وينطبق الأمر نفسه أيضاً على المدافع النيوزيلندي وينستون ريد.
وفي نادي توتنهام هوتسبير، سيكون هاري وينكس جاهزاً للمشاركة للمرة الأولى منذ فبراير (شباط) الماضي. أما في نادي بيرنلي، فسيعمل حارس المرمى توم هيتون، الذي غاب عن معظم فترات الموسم الماضي بسبب إصابته بخلع في الكتف، لاستعادة مكانه في التشكيلة الأساسية للفريق، على حساب جو هارت، بمجرد تعافيه من الإجهاد البسيط في ربلة الساق (ومن المرجح أن يعود روبي برادي وستيفن ديفور سريعاً، بعد غيابهما عن الملاعب لفترات طويلة بسبب الإصابة).
لكن العودة الأكثر إثارة، على الأقل بالنسبة للاعبين الإنجليز، ستكون هي عودة نجم نادي ليفربول والمنتخب الإنجليزي دانييل ستوريدج. وقد بدا اللاعب البالغ من العمر 28 عاما في حالة بدنية ممتازة، خلال معسكر الفريق استعدادا للموسم الجديد، للدرجة التي تجعل المرء ينتظر بحماس كبير بداية الموسم الجديد، لرؤية ما يمكن أن يقدمه هذا اللاعب الموهوب. ويتوقع البعض ألا يقدم ستوريدج أداء جيداً في الموسم الجديد، وهذا هو ما حدث بالضبط في كثير من الأحيان خلال السنوات الماضية، بسبب معاناة اللاعب من الإصابات المتكررة التي جعلته لا يشارك مع «الريدز» سوى في 133 مباراة فقط، من أصل 278 مباراة، منذ ظهوره مع الفريق الأول بالنادي للمرة الأولى عام 2013. وقد فقد كثيرون الأمل في رؤية اللاعب وهو يقدم المستوى المذهل نفسه الذي قدمه إلى جانب كل من لويس سواريز ورحيم ستيرلينغ في موسم 2013 - 2014.
وحتى المدير الفني لنادي ليفربول يورغن كلوب، قد تساءل عن قدرة اللاعب على تقديم أداء جيد بصورة متواصلة وعن قوة إرادته، وأدلى بتصريحات في عام 2015 قال فيها إن اللاعب يجب أن يتعلم «ما هو الألم الشديد وما هو الألم العادي». وبعد ذلك، أشاد المدير الفني الألماني بموقف اللاعب؛ لكن رحيل ستوريدج في فترة الانتقالات الشتوية الماضية إلى نادي وست بروميتش ألبيون على سبيل الإعارة، وهي الفترة التي لم يشارك خلالها في التشكيلة الأساسية سوى في مباراتين فقط، فكان يبدو وكأنه تمهيد لابتعاد دائم عن ليفربول، في حال تلقي النادي عرضاً مناسباً للاستغناء عن اللاعب.
لكن حتى الآن لا يزال ستوريدج لاعباً في ليفربول، وظهر بشكل جيد للغاية من الناحية البدنية والفنية خلال استعدادات الفريق للموسم الجديد، وسجل ستة أهداف في فترة الإعداد، وأظهر بعض المهارات التي يمتلكها، وكان يركض بشكل جيد للغاية، وقدم لمحات جيدة في إنهاء الهجمات. قد لا يشعر ستوريدج بالراحة في ظل الطريقة التي يعتمد عليها كلوب؛ لكن الحقيقة هي أن ليفربول ليس لديه لاعب آخر بمواصفات ستوريدج، وهو ما يعني أنه سيكون إضافة قوية للفريق في حال ظهوره بشكل جيد. وقال كلوب خلال جولة الفريق في الولايات المتحدة: «هل يتعين عليه أن يلعب 50 مباراة أو نحو ذلك؟ لا؛ لكن نتمنى أن يلعب عدداً جيداً من المباريات، وهذه هي الخطة التي نسعى لتطبيقها». وبالطبع، ينتظر كل عشاق كرة القدم الجميلة أن يتم تطبيق هذه الخطة وأن نرى ستوريدج يتألق في الملاعب من جديد.
وعما إذا كان من الممكن أن يساهم ستوريدج في حصول ليفربول على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز، إذا كان في حالة بدنية وفنية جيدة، فهذه قصة أخرى؛ لأن مانشستر سيتي في حالة ممتازة للغاية في حقيقة الأمر. كما أن بنيامين ميندي، ظهير سيتي الأيسر الرائع الذي غاب عن الملاعب سبعة أشهر الموسم الماضي بسبب إصابته بتمزق في أربطة الركبة، فمتشوق هو الآخر لبداية الموسم الجديد. ولعل الشيء الأكثر سوءاً بالنسبة لباقي أندية الدوري الإنجليزي الممتاز، فيتمثل في أن النجم الأرجنتيني سيرجيو أغويرو قد صرح بأنه لائق تماماً، للمرة الأولى منذ خمس سنوات.
وكان أغويرو قد غاب عن آخر ست مباريات لمانشستر سيتي الموسم الماضي، بسبب خضوعه لعملية جراحية في الركبة، قال إنها كانت تضايقه منذ عام 2013. وعلى ما يبدو فإن هذه المشكلة كانت تمنعه من أن يثني ركبته اليسرى بالكامل، وربما يكون هذا هو السبب الذي جعله لا يسجل سوى 108 أهداف فقط في آخر خمس مواسم بالدوري الإنجليزي الممتاز! والآن، وبعد أن أحرز المهاجم الأرجنتيني هدفين آخرين في مباراة كأس الدرع الخيرية أمام تشيلسي، وحصل على جائزة أفضل لاعب في المباراة التي أقيمت يوم الأحد الماضي على ملعب ويمبلي، قال المدير الفني لمانشستر سيتي جوسيب غوارديولا عن مهاجمه الاستثنائي: «إنه يشعر الآن بالحرية».
ستوريدج وباركلي وويلشير متحمسون لترك بصمة في الموسم الجديد
بعد غيابهم عن الملاعب لفترات طويلة ومعاناتهم من الإحباط والسخرية في بعض الحالات
ستوريدج وباركلي وويلشير متحمسون لترك بصمة في الموسم الجديد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة