هادي يستعين بمعياد... ذراع صالح الاقتصادية

TT

هادي يستعين بمعياد... ذراع صالح الاقتصادية

فاجأ الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الأوساط السياسية والنخب الحزبية في بلاده بإصدار قرار جمهوري قضى بتعيين حافظ فاخر معياد مستشارا له ورئيسا للجنة الاقتصادية، في مسعى منه كما يبدو للاستعانة بأحد أبرز أذرع الرئيس الراحل علي عبد الله صالح لإدارة الملف الاقتصادي ومحاولة إنقاذ العملة الوطنية (الريال) من الاستمرار في تهاويها إلى القاع.
وتزامن تعيين معياد في هذا المنصب مع قرار آخر للرئيس هادي قضى فيه بتعيين نبيل حسن الفقيه وزيرا للخدمة المدنية والتأمينات، وهو من الشخصيات التي عملت مع نظام صالح في مناصب متعددة، غير أنه انحاز إلى معسكر خصومه إبان انتفاضة 2011 ليتم تعيينه بعد التسوية السياسية رئيسا لمجلس إدارة شركة «كمران» الوطنية لصناعة التبغ.
وأثار تعيين هادي لحافظ معياد مستشارا له جدلا واسعا وسط الناشطين الحزبيّين المناهضين لنظام حكم صالح، حيث أظهروا استياءهم من القرار متهمين هادي بأنه يحاول أن يعيد نظام سلفه صالح إلى الواجهة من جديد، من خلال هذا القرار الذي ينص على تمكين معياد من الملف الاقتصادي اليمني.
وفي المقابل لقي القرار إشادة من قطاعات اقتصادية وحزبية واسعة، ففي حين عده البعض مسعى ذكيا من قبل الرئيس هادي لاستعادة رجالات حزب «المؤتمر الشعبي» والاستعانة بخبراتهم في إعادة بناء مؤسسات الدولة، عده آخرون خطوة ذكية لاستقطاب القيادات المقربة من الرئيس الراحل وبقية أقاربه في سياق جسر الهوة بينهم وبين الشرعية اليمنية.
وفي حين يتهم معياد بأنه كان من أدوات الرئيس اليمني الراحل التي اعتمد عليها في مواجهة خصومه إبان الانتفاضة ضد حكمه في 2011، يعد في الوقت نفسه من أكثر الشخصيات نجاحا في نظامه على صعيد المناصب التي تقلدها، سواء أثناء عمله رئيسا لمصلحة الجمارك اليمنية أو خلال توليه رئاسة بنك التسليف التعاوني الزراعي، الذي تمكن من جعله أهم مصرف في البلاد، بعد أن كان آيلا للإفلاس.
وتقول مصادر مطلعة على الشأن اليمني إن حافظ معياد، استمر في ولائه للرئيس الراحل وأقاربه منذ إزاحته من منصبه على رأس المؤسسة الاقتصادية اليمنية، من قبل الرئيس هادي عقب تولي الأخير للحكم رئيسا توافقيا خلفا للرئيس صالح.
وبحسب المصادر نفسها، تولى معياد إدارة أموال صالح وأقاربه وعمل على استثمارها في شركات ومصارف ومشاريع استثمارية في عدد من الدول، في الوقت الذي بقي فيه يتنقل بين عمان والقاهرة وعدد من العواصم الإقليمية بعد انقلاب الميليشيات الحوثية على السلطة.
ويرجح مراقبون تحدثوا مع «الشرق الأوسط» أن هادي يحاول عبر تعيين معياد أن يوكل الملف الاقتصادي للبلاد إلى واحد من أهم الكفاءات الاقتصادية ضمن مساعيه الرئاسية لإنقاذ العملة الوطنية من الاستمرار في التهاوي أمام العملات الأجنبية، بخاصة بعد وصولها إلى مستويات انهيار غير مسبوقة، بلغ فيها سعر الدولار الواحد نحو 560 ريالا.
وبغض النظر عن الدور الذي سيلعبه معياد من خلال منصبه الجديد، فإن موقعه على رأس اللجنة الاقتصادية، يمنحه صلاحيات واسعة في إدارة الشأن الاقتصادي ورسم الخطط والإشراف على تنفيذها، إذ يخوله هذا الموقع الإشراف على وزارات المالية، والنفط والمعادن، والصناعة والتجارة والزراعة والثروة السمكية فضلا عن البنك المركزي اليمني.
يشار إلى أن الأوضاع الاقتصادية اليمنية تشهد أياما عصيبة لتهاوي سعر العملة الوطنية وارتفاع أسعار السلع الأساسية إلى مستويات غير مسبوقة في ظل حالة من الذعر والسخط بين أوساط المواطنين الذين يطالبون الحكومة الشرعية باتخاذ إجراءات أكثر فاعلية لتثبيت الأسعار وإنقاذ العملة من الانهيار.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».