أوجاع البيئة القروية الجنوبية... شعراً

«سماوات النص الغائم» للعراقي عمار كشيش

أوجاع البيئة القروية الجنوبية... شعراً
TT

أوجاع البيئة القروية الجنوبية... شعراً

أوجاع البيئة القروية الجنوبية... شعراً

في ديوانه الثاني (سماء النص الغائم) الصادر أخيراً، بعد كتاب مشترك مع زميل له، يقتبس الشاعر العراقي الشاب عمَّار كشيش مفردات البيئة القروية، جنوب العراق، جاعلاً من الطبيعة خلفية ملونة بالقصب والماء والقناطر وسائر الإنسان والحيوان والنبات.
نعثر كثيراً، على مفردات القرية ومحاصيلها وكائناتها القريبة والغريبة بتوليدات متوالية، في نصوص الديوان مثل:
عنب يمضي بطيئاً لنضوجه (كذا) وناعور صدئ وغصن الغَرَب والحور الفراتي والعاقول والماعز والبقر الأصفر وحبات الشعير للديك الأسود والحمامة وعصفورة المنزل والحصان المجنح المشلول والغيمة والبئر والتفاح المتوتر وغابة البيت وحقول الكزبرة والريحان ولسان الثور، وثمة ما هو غير هذا في بقية الصفحات، مما يتجاور معه أو يتقاطع أو يتولد وينتثر ويتحرك ويتوجع هناك في قرية منسية وبعيدة، ولكنها قريبة من الحرب والغياب والفقدان ونساء القماش الأسود والدموع المحبوسة تحت العباءات حيث منع الناس حتى من إقامة المآتم لقتلى الحروب والمجاعات والقمع.
بل ثمة علامات وأسماء أماكن وصروح محددة مثل قرية السادة وتل ساسة ونهر الحسينية ونهر الغراف وغيرها.
أول قصيدة في الديوان «تراتيل في باب الريف» ألا يتوافق هذا المدخل مع ما ذهبنا إليه بشأن الأوجاع القروية؟
ويتأكد مناخ الريف في قصيدة عنوانها «الصفصافة»:
«ظل وهيبة وبركة ومأوى للبلبل والقوقة………. والبنت.
أودّ موتي عبقاً بنكهة الريحان / لا أريد للريحان أن ينطفئ في يومٍ ما».
لكنه لا يسوق ذاك كله عشوائياً، أو زخرفياً، بل على شكل تفكيك للحياة اليومية البرية ليعيد تركيبها في نصوص مدهشة تشي بولادة شاعر يدرك ما يقول ويحسن صناعة القصيدة كما يحسن طفل صناعة الطيارة الورقية التي لا تشبه طيارات أقرانه.
وإذا أخذنا فتوته الشعرية (بدأ بنشر قصائده بعد عام 2005)، أي في سنوات الانعطاف الكبير والخطير في بلده العراق، وحداثة تجربته الشعرية المبكرة بالحسبان، فنحن أمام شاعر خاطف سيكون له مستقبل جدير بالتنويه النقدي.
يقول كشيش «اطلعت على شعراء أجانب ممن ترجموا إلى العربية مثل الفرنسي أرثر رامبو واليوناني يانيس ريتسوس، ومن العرب أدونيس ومحمود درويش، ومن العراقيين سركون بولص وسعدي يوسف».
أما عن انطلاقاته الأولى فيذكر أنه كان في البداية مولعاً بكتابة القصص، وما زالت تلك القصص «عالقة في قصائدي حتى الآن».
ويضيف: «كنت أشعر منذ طفولتي بأن باستطاعتي تأليف الكثير من الحكايات، فكتبت، أول ما كتبت إحدى القصص».
نعم، ثمة القصيدة / الحكاية في هذا الديوان، لكنها حكاية شعرية عن الطبيعة والمرأة والجندي والحناء والدموع والمكحلة والنخلة والهجرة... إلخ».
على أن القصيدة / الحكاية أو الحكاية القصيدة ليست بناء تقليدياً يقوم على المدخل والعقدة والخاتمة في حبكة كلية، بل تنشأ على شكل إشارات وأصوات وصور متلاحقة ومتتالية قد يتضمنها سطر واحد فقط ضمن سطور القصيدة (النثرية تماماً)، وبذا فثمة أكثر من حكاية في القصيدة الواحدة، مثل:
«... حصة القلق متواصلة ومتداخلة مع القصص الأخرى / لذلك الخبز الغالي الأبيض / كأنه ليس في آنيات البيوت إنما في آنيات الجنود المنخورة / سقطت في الشوربة ذراع جندي وثمة وشم الوردة في جلده الكالح» - قصيدته «عقد الثمانينات العراقي».
نجد، في المقطع أعلاه، ثلاث حكايات قصيرة جداً: حصة الناس من القلق (إحالة إلى الحصة التموينية، يوضحها ذلك الخبز الغالي الأبيض)، والثانية حكاية ذراع الجندي والثالثة وشم الوردة على جلده الكالح».
يقتبس الشاعر الشاب عناصر قصيدته مما يحيط به من مكونات حياته اليومية، وما يتسرب عبر حواسه من عناصر عيانية أو محسوسة لتتحول إلى نسيج آخر مختلف حيث لا محاكاة ولا تقريرية قدر ما هو إعادة إنتاج المألوف بلغة ليست نمطية مرة على شكل صورة وأخرى على شكل فكرة، وفِي الحالين يفاجأ قارئه بتكوين غير متوقع وهذه إحدى ألعاب القصيدة الجادة التي تولد المتعة والدهشة معاً.
قليلون هم الشعراء العراقيون الذين يكتبون قصيدة الحكاية قياساً بالأساليب الأخرى التي اعتمدها، غالباً، أغلب الشعراء العراقيين في تجاربهم الشائعة، وإن اختلفت، طبعاً، عند كل منهم.
يكتب كشيش مثل «المجنون يكتب ويشطب ويغني ثم ينام / يستيقظ بريق يابس وعلقم وأحلام عليلة تتعالى».
بعد هذا وذاك أشير إلى ضرورة أن يطور الشاعر لغته العربية، فمن السهل تجاوز بعض الأخطاء النحوية (صرف ما لا ينصرف، كالأسماء التي على وزن مفاعل ومفاعيل، مثلاً) وتعلم قواعد النحو ولكن ليس من السهل تعلم الشعر الذي سيحبه قارئ هذا الديوان الشاب.



«العلاقات السامة»... كيف تكتشفها وتتعامل معها؟

أشارت الدراسة إلى أن ضغط الدم سجّل مستوى أعلى لدى الشخص الذي التقى للتو بصديق ينطبق عليه في الواقع وصف «صديق عدو» (متداولة)
أشارت الدراسة إلى أن ضغط الدم سجّل مستوى أعلى لدى الشخص الذي التقى للتو بصديق ينطبق عليه في الواقع وصف «صديق عدو» (متداولة)
TT

«العلاقات السامة»... كيف تكتشفها وتتعامل معها؟

أشارت الدراسة إلى أن ضغط الدم سجّل مستوى أعلى لدى الشخص الذي التقى للتو بصديق ينطبق عليه في الواقع وصف «صديق عدو» (متداولة)
أشارت الدراسة إلى أن ضغط الدم سجّل مستوى أعلى لدى الشخص الذي التقى للتو بصديق ينطبق عليه في الواقع وصف «صديق عدو» (متداولة)

كانت غاييل بريتون تصر دائماً على أنها وشقيقتها الكبرى سييرا ليستا مجرد شقيقتين - بل هما أفضل صديقتين. لكن زوج غاييل هو أول من أدرك أن علاقة زوجته بسييرا هي علاقة سامة. فقد تجاهلت غاييل حقيقة أن سييرا كانت تلغي خطط الخروج معاً دائماً وتطعن في ظهرها وتجعلها تشعر بالسوء.

يوضح لوك زوج غاييل «هذا هو الجزء الذي يزعجني أكثر من غيره، تشعر غاييل باستمرار وكأنها مخطئة. تكون منتبهة عند كل رسالة نصية؛ تحلل كل مكالمة هاتفية للتأكد من أنها لم تسئ إلى شقيقتها. إنه أمر مرهق بالنسبة لي لذا لا يمكنني إلا أن أتخيل كيف يكون الأمر بالنسبة لغاييل».

لا تشعر غاييل بالارتياح بوصف شقيقتها على أنها «عدوة تتظاهر بأنها صديقة»، حيث تصر غاييل على أنها لا تشعر بأي عداء تجاه سييرا، ولكن عندما أجرت اختباراً جديداً بسيطاً لسُمية العلاقة صممته عالمة النفس جوليان هولت لونستاد في جامعة بريغهام يونغ في ولاية يوتاه الأميركية، أشارت النتيجة إلى ما يسميه علماء النفس «علاقة متناقضة» أو «علاقة حب وكراهية»، وفق تقرير لصحيفة «التلغراف» البريطانية.

علاقة مرهقة للغاية

يشير بحث هولت لونستاد، الذي نُشر في أحدث إصدار من مجلة «نيو ساينتست»، إلى أن العلاقات المتناقضة يمكن أن تكون مرهقة للغاية لدرجة أنها تلحق الضرر بصحتنا العقلية والجسدية ويمكن أن تؤدي حتى إلى شيخوختنا قبل الأوان.

في دراستها، ربطت هولت لونستاد 102 مشارك بأجهزة مراقبة ضغط الدم لمدة ثلاثة أيام، وقاموا بتشغيلها أثناء أي تفاعل اجتماعي. بعد ذلك سجلوا من التقوا بهم وقيموهم باستخدام اختبار السمية. عندما حللت هولت لونستاد النتائج، كان من الواضح أن ضغط الدم سجل مستوى أعلى أثناء اللقاءات مع أولئك الذين حصلوا على حالة «صديق عدو».

تعترف غاييل بأنها تشعر بالسعادة والخوف في الوقت نفسه عند التفكير في رؤية شقيقتها. وتوضح قائلة: «أنا أحبها، لكنها بالتأكيد تجعلني أشعر بالتوتر. فأنا أعاني من الأرق عندما تكون هناك خطة للقاء، وأكون دائماً في حالة تأهب قصوى في التجمعات العائلية عندما تكون في الجوار. ويستغرق الأمر نحو ثلاثة أيام لأتعافى من ذلك».

تشير أبحاث هولت لونستاد إلى أن الأصدقاء والآباء والأشقاء والزملاء وحتى الأزواج يمكن أن يكونوا في علاقة متناقضة، أي «أصدقاء أعداء». وتقول إن التناقض يمكن أن يأتي في أشكال عديدة: فقد يفتقرون إلى الاهتمام بحياتك، أو يتراجعون بانتظام عن الخطط، أو يتقلبون في عاطفتهم. وقد يتجاهلونك أو يحتفظون بالأسرار.

تقول غاييل إنها لا تعرف أبداً كيف ستكون تصرفات سييرا. يمكن أن تكون دافئة ومحبة أو باردة ومتقلبة المزاج، هذا رغم حقيقة أنها تعمل في وظيفة أكثر ربحية من غاييل وقد خطبت للتو.

أضافت غاييل: «إن سييرا الشخص الأكثر مرحاً الذي أعرفه وتقدم النصائح والدعم الجيدين، لكنها يمكن أن تجعلني أشعر أيضاً وكأنني فعلت شيئاً خاطئاً وأجد نفسي أتساءل بشدة بشأن ما فعلته وتسببت فيه بإهانتها».

مصدر دائم للانزعاج

تشعر غاييل بأن شقيقتها مصدر دائم للانزعاج والقلق، وتستاء من حقيقة أن سييرا تحب معاقبتها على ما يبدو وأنها لا تقدّر علاقتهما بنفس الطريقة التي تتصرف بها غاييل.

يقول لوك «مؤخراً لم تدعها سييرا إلى مشروبات عيد ميلادها. كان تجمعاً صغيراً جداً في حانة، أعترف بذلك، لكن لا يمكنني أن أخبرك بمدى الألم الذي شعرت به غاييل بسبب استبعادها». ومع ذلك، تعتقد غاييل حقاً بأنها وسييرا لا تزالان أفضل صديقتين.

وفقاً لطبيبة النفس الدكتورة أودري تانغ، فإن هذه هي الطريقة التي تبدأ بها الصداقة دائماً -شخصان يستمتعان بقضاء الوقت معاً والقيام بنفس الأشياء. ولكن بعد ذلك يؤثر التغيير في حالة العلاقة أو المهنة أو الصحة على الطريقة التي يتصرف بها أحد الطرفين؛ وفي بعض الحالات يكون كلا الطرفين مذنباً.

تقول تانغ «لن نعرف أننا متورطون في صداقة سامة حتى نبدأ في الشعور بالسوء، وسيكون هذا بسبب انخراط صديقنا المزعوم في أنماط سلوكية سلبية مثل كسر خطط اللقاء، أو التقليل من شأننا، أو عدم التحقق من مشاعرنا أو القيام بالنميمة عنا».

وتضيف: «يمكن أن ننجذب دون وعي إلى علاقات غير متوازنة، وبعد ذلك لأننا نعتبرها اختيارنا نكافح للحفاظ عليها».

وتانغ، التي عاشت أربع علاقات سامة بنفسها في مرحلة البلوغ، ترى أن السلوك السام قد لا يكون متعمداً، مما يجعل من الصعب جداً تبديده.

كانت أكثر علاقات تانغ سمية مع صديقة في العمل، فقد أفسدت عطلتين وأدت إلى ارتفاع ضغط دمها بشكل كبير؛ تتذكر أنها كانت خائفة للغاية تصفح تطبيق «واتساب» وفي النهاية كان الخيار الوحيد هو كسر النمط وقطع العلاقة.

الاحتفاظ بعلاقة وظيفية

تقول: «في عالم مثالي، ستُجري محادثة صريحة وسيستمعون إليك وحتى يشعروا بالامتنان لأنك نبهت إلى سلوكهم»، «لكن العديد من الناس يفتقرون إلى الوعي الذاتي عند مواجهة الانتقادات».

وتقترح الدكتورة تانغ اتخاذ الشخص القرار بشأن ما إذا كان يريد استمرار العلاقة وعلى أي أساس، وإذا كانت العلاقة تسبب ضغوطاً لا توصف وتؤثر على علاقات أخرى في حياتك، على سبيل المثال مع شريك أو زملاء آخرين، فإن الحل الواضح هو قطع العلاقات.

ولكن إذا كان هذا الشخص سيظل دائماً في حياتك، فأنت تهدف إلى الحفاظ على علاقة وظيفية، و«إن الأمر يتعلق بوضع الحدود وتبني استراتيجيات عاطفية لمعالجة السمية، وهذا يعني عدم السماح للسخط بالتفاقم، وربما توقع أقل من العلاقة»، وفق تانغ.

مشكلة في الإصغاء

تقول تانغ: إن السمية يمكن أن تنبع أيضاً من مشكلة في الإصغاء؛ وهناك ثلاثة أخطاء شائعة نرتكبها عندما يتعلق الأمر بالاستماع إلى المقربين: إلقاء النصائح المدروسة بدلاً من الاستماع حقاً؛ الاستماع فقط لانتقاد المتحدث؛ وعرقلته من خلال «التغلب» على تجربته بتجربتنا. بدلاً من ذلك، يجب أن نهدف إلى الاستماع بنشاط، من خلال طرح أسئلة مفتوحة تبدأ ﺑ«من، ماذا، متى، أو كيف»، وإعادة صياغة ما قيل في الحديث للتأكد من أننا فهمنا المقصود بشكل دقيق.

يجب أن نسأل أنفسنا أيضاً عما إذا كنا سامين بعض الشيء أيضاً في علاقاتنا مع الآخرين، بحسب الخبيرة تانغ، التي تقول «إذا أجبرنا أنفسنا على التفكير في نوع الأصدقاء الذي نحن عليه، فإننا نرى العلاقات من منظور جديد. على سبيل المثال، أنا في الواقع صديقة غير عاطفية تماماً؛ يمكنني أن أكون عملية جداً إذا كنت بحاجة إلى مساعدتي ولكنني لست جيدة في الجلوس والإمساك بيدك».

كما أنه، وفق الخبيرة، من المحتمل أنه حتى لو أنقذت نفسك من علاقة سامة واحدة، فسينتهي بك الحال في علاقة أخرى سامة.

وتؤكد عالمة النفس هولت لونستاد أن الشخص العادي لديه من «الأصدقاء الأعداء» ما لا يقل عن عدد الأصدقاء. وتقول تانغ إن الأمر يتعلق بالتعرف على العلامات التحذيرية، وتقترح «التركيز على وضع الحدود وتوفير طاقتك للعلاقات التي تجعلك تشعر بالسعادة».