العبادي يتفق مع وفد من الكونغرس على خفض عدد المستشارين العسكريين

انطلاق عملية «ثأر الشهداء» لملاحقة «داعش» في محافظتي ديالى وصلاح الدين

TT

العبادي يتفق مع وفد من الكونغرس على خفض عدد المستشارين العسكريين

أعلن مركز الإعلام الأمني التابع لقيادة العمليات المشتركة فجر أمس، عن انطلاق عملية «ثأر الشهداء» لتطهير مناطق شرق طريق محافظتي ديالى وصلاح الدين. وكشف المتحدث باسم مركز الإعلام العميد يحيى رسول، في بيان، اشتراك عدد كبير من الصنوف والقوات العسكرية متمثلة في قطعات من الجيش والشرطة الاتحادية والرد السريع و«الحشد الشعبي» وشرطة محافظتي ديالى وصلاح الدين، إلى جانب الاستناد الجوي الذي تقدمه القوة الجوية العراقية وطيران الجيش وقوات التحالف الدولي.
وتأتي العملية غداة لقاء رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وفداً من الكونغرس الأميركي، أول من أمس، والإعلان عن نية خفض عديد المستشارين العسكريين الأميركيين الذين قدموا الاستشارة والدعم الجوي واللوجيستي للقوات العراقية خلال حربها ضد «داعش» بعد يونيو (حزيران) 2014.
وكشف مكتب العبادي، في بيان، أن الوفد ضم السيناتور ليندزي غراهام عن ولاية ساوث كارولاينا وعضو المخصصات المالية ولجنة القوات المسلحة والسيناتور إليزابيث وارن عن ولاية ماساتشوستس وعضو لجنة القوات المسلحة والسفير الأميركي في العراق دوغلاس سيليمان والجنرال بول فنك قائد قوات التحالف الدولي في العراق وسوريا وعدداً من المستشارين في مجلس الشيوخ الأميركي.
وذكر البيان أنه جرت خلال اللقاء «مناقشة العلاقات بين البلدين ودعم العراق في جميع المجالات والأوضاع في المنطقة وخفض عدد المستشارين الأميركيين في العراق».
وفي وقت لاحق من ظهر أمس، أصدر المركز الأمني مجموعة بيانات عن سير عملية «ثأر الشهداء»، وأعلن عن عثور قوات فرقة الرد السريع على «8 أحزمة ناسفة وقاذفتين من نوع (بازوكا)، وتدمير 8 مضافات وتفكيك 21 عبوة ناسفة والعثور على عجلة حوضية لنقل الماء وعجلتين دفع رباعي، وتطهير قرى (آغا مشيت وشيراوة وبلكانة والنهران وبلكا)».
وتشعر القيادات العسكرية، وعلى رأسها القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي، الطامح لولاية ثانية لرئاسة الوزراء، الذي تحولت حكومته إلى حكومة تصريف الأعمال بداية الشهر الحالي، بحرج كبير، نتيجة الأعمال التي تقوم بها «داعش» في مناطق شمال شرقي العراق وعلى الطريق الدولية الرابطة بين محافظة ديالى وكركوك.
ويبدو أن تسمية العملية العسكرية الجديدة بـ«ثأر الشهداء» هي إشارة إلى الجنود الثمانية الذين اختطفهم «داعش» في الطريق الرابطة بين محافظة صلاح الدين وديالى في شهر يونيو الماضي، وقام بقتلهم.
وتعليقاً على عملية «ثأر الشهداء» يقول الخبير العسكري اللواء المتقاعد عبد الكريم خلف، إن «قوات الرد السريع تمثل رأس الحربة فيها، لأنها قوة مختصة وتدريبها يتطابق مع تدريبات قوات مكافحة الإرهاب».
ويرى خلف أن «تكرار العمليات الإرهابية في تلك المناطق، يؤشر أن لها أبعاداً سياسية ذات صلة بمطالب عودة البيشمركة وبإعادة القوات الحكومية انتشارها وسيطرتها على محافظة كركوك وبقية المناطق المتنازع عليها».
وعن اتفاق العبادي مع وفد الكونغرس الأميركي بشأن خفض عدد المستشارين العسكريين، يبين عبد الكريم خلف أن «عدد المستشارين الأميركيين تحدده حاجة العراق، وتخفيض عددهم بات ضرورياً نتيجة التحول في العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات العراقية». ويضيف: «معظم جهود المستشارين الأميركيين السابق انصب على المعلومات الاستخبارية والدعم اللوجيستي والضربات الجوية، واليوم انخفضت حاجة العراق إلى تلك الضربات بنسبة عالية جداً». ويقدر خلف عدد المستشارين الأميركيين الذي عملوا في العراق منذ 2014 بنحو 5 آلاف مستشار.
بدوره، أكد رئيس الحشد التركماني في كركوك علي الحسيني انطلاق عملية «ثأر الشهداء»، وذكر في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «العملية انطلقت من 3 محاور في طوزخورماتو وشرق جبل حمرين لتغطي بعد ذلك المساحات الشاسعة بين ديالى وصلاح الدين وكركوك». ويرى الحسيني أن «عدم التنسيق بين القوات الموجودة في صلاح الدين وديالى وكركوك هو ما سمح للجماعات المسلحة بالقيام ببعض الأعمال الإرهابية».
ويعترف الحسيني بـ«وجود أعداد غير قليلة من (داعش) في المنطقة الوعرة والشاسعة المحصورة بين محافظات ديالى وكركوك وصلاح الدين، لكن تلك العناصر الإرهابية غير قادرة على القيام بأعمال كبيرة، فتلجأ إلى استهداف المواطنين العزل عبر نصب السيطرات الوهمية».
من جهتها، أكدت اللجنة الأمنية في مجلس ديالى، أمس، أن طيران الجيش سيشارك في خطة حماية طريق بغداد - كركوك، وأن الخطة ستشارك بها 3 محافظات (ديالى، وصلاح الدين، وكركوك). وأثارت الأعمال الإرهابية التي نفذها «داعش» مؤخراً على طول الطريق بين ديالى وكركوك، موجة استياء شعبية، ودفعت عدداً غير قليل من المواطنين إلى الامتناع عن السفر إلى إقليم كردستان عبر تلك الطريق.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».