قرار «تخفيض الرواتب» يحفز المواهب السعودية على الاحتراف في أوروبا

المالكي: عقود المحترفين تضخمت بشكل غير مقبول وأغرقت الأندية في الديون

أداء الأخضر المخيب في المونديال حفز اتحاد الكرة لاتخاذ قرارات صارمة بشأن رواتب المحترفين (رويترز)
أداء الأخضر المخيب في المونديال حفز اتحاد الكرة لاتخاذ قرارات صارمة بشأن رواتب المحترفين (رويترز)
TT

قرار «تخفيض الرواتب» يحفز المواهب السعودية على الاحتراف في أوروبا

أداء الأخضر المخيب في المونديال حفز اتحاد الكرة لاتخاذ قرارات صارمة بشأن رواتب المحترفين (رويترز)
أداء الأخضر المخيب في المونديال حفز اتحاد الكرة لاتخاذ قرارات صارمة بشأن رواتب المحترفين (رويترز)

من المرجَّح أن تشكل قرارات الاتحاد السعودي لكرة القدم بشأن تطبيق لوائح ضوابط جديدة بشأن الحد الأعلى لرواتب اللاعبين السعوديين وتصنيفهم إلى 3 فئات، بعدد محدد لسقف الرواتب ومقدمات العقود لكل فئة وغيرها من القرارات المتعلقة، نقلة كبيرة في مستقبل الكرة السعودية بهدف جعلها تتبوأ مكانة عالية، وكذلك تسهم في تشجيع اللاعبين على الاحتراف خارجيا بالتدرج في الأندية الأوروبية تحديدا.
وأعلن الاتحاد السعودي بشكل رسمي عن آلية تطبيق هذه القرارات بعد عودة المنتخب من المشاركة في نهائيات كأس العالم الحالية بروسيا، التي كانت النتائج فيها أقل من التطلعات وأثبتت حاجة اللاعب السعودي لمثل هذه القرارات لتنظيم حياته الاحترافية، كما تساعد الأندية على تنظيم أمورها المالية.
ومع أن هذا التنظيم تم طرحه منذ عام تقريباً، وتحديداً في العشرين من شهر يونيو (حزيران) 2017، في مؤتمر صحافي عقده رئيس اتحاد الكرة وعدد من أعضاء اللجنة المختصة، إلا أن الإعلان عن تطبيقه كان حديث الشارع الرياضي، خصوصاً أن هناك قرارات أُعلِنَت في وقت سابق قبل المشاركة المونديالية، ومن أبرزها رفع عدد من اللاعبين المحترفين الأجانب وقبل ذلك أيضاً التطبيق الفعلي لاحتراف الحارس الأجنبي في المنافسات السعودية والسماح للاعبين من مواليد المملكة بتمثيل الأندية والمنتخبات وفق عدد معين لكل نادٍ، حيث كان ذلك بهدف خفض العقود للاعبين السعوديين وتطوير أدائهم بما يتناسب مع الرواتب ومقدمات العقود التي تضخمت منذ عقدين من الزمن، مما كان لها الآثار السلبية على الأندية، وأدخلتها في أزمات مالية وديون داخلية وخارجية احتاجت إلى تدخل حكومي ممثلاً في ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي تكفل بسداد الديون الخارجية حرصاً على سمعة الكرة السعودية في المحافل الدولية وتطويرها بما يتناسب مع النقلة الكبيرة التي تعيشها المملكة في جميع المجالات.
وبلغت ديون الأندية السعودية أكثر من مليار ريال، من بينها جزء مقدمات عقود ورواتب متأخرة وغيرها من المستحقات التي تولَّت الهيئة العامة للرياضة برئاسة تركي آل الشيخ تسديدها، وحل هذه الأزمة التي أحدثت شرخاً كبيراً بين الأندية ولاعبيها وكان من الممكن تلافيها إلا أن غياب دور الجمعيات العمومية السنوية كان له دور في اتساع «كرة الثلج» حيث حرصت الهيئة على عقد جمعيات عمومية استثنائية لجميع أندية دوري المحترفين كشفت الكثير من التجاوزات المالية على بعض الأندية.
ويُعتَبَر إقرار التنظيم الجديد للاحتراف واعتماده للتطبيق الفوري من الموسم الجديد ضمن سلسلة من الإجراءات والتنظيمات، وتضمن أبرز القرارات الجديدة أن يكون الحد الأعلى لمرتبات من خلال التصنيف لفئات، الأولى الفئة «أ» وتختص باللاعبين الذين لا تزيد أجورهم الشهرية على 150 ألف ريال ومقدمات عقود لا تتجاوز مليونين ومائتي ألف ريال للعقود التي لا تقلّ مدتها عن ثلاث سنوات، وقد حدد عدد اللاعبين في هذه الفئة بـ6 لاعبين لكل فريق.
الثانية الفئة «ب» وتختص باللاعبين الذين لا تزيد أجورهم الشهرية على 100 ألف ريال ومقدمات عقود لا تتجاوز مليون ريال، للعقود التي لا تقل مدتها عن ثلاث سنوات، وقد حدد عدد اللاعبين في هذه الفئة بـ10 لاعبين لكل فريق.
وتختص الفئة «ج» باللاعبين الذين لا تزيد أجورهم الشهرية على 75 ألف ريال ومقدمات عقود لا تتجاوز 750 ألف ريال للعقود التي لا تقل مدتها عن ثلاث سنوات.
أما فيما يتعلق بعقود اللاعبين المحترفين السعوديين السارية، فقد أقرَّ مجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم فرض رسوم بمقدار 50 في المائة من إجمالي دخل اللاعب السنوي للفترة المتبقية من عقده، يتم تحصيلها من قبل النادي لتطوير كرة القدم في النادي نفسه.
وقال ماجد المالكي الذي عمل لسنوات في نادي الاتحاد ثم اختير ضمن قائمة لجنة الاحتراف في مجلس إدارة الاتحاد السعودي السابق، برئاسة أحمد عيد أن المساعي لتخفيض عقود اللاعبين لم تكن وليدة المجلس الحالي لاتحاد الكرة، بل إن هناك مساعي كبيرة بذلها الاتحاد السابق ولكنه لقي هجوماً غير مبرر من عدة جهات، والآن بات الجميع مقتنعاً بأهمية مثل هذا القرار. وأضاف: «لا يهم إن تأخرت ولكن الأهم أنك وصلتَ، وأعني هذه القرار الذي كان منتَظراً من قبل الأندية على وجه التحديد لأن عقود اللاعب وتضخمها بشكل كبير جعلها تمثل عبئاً له آثاره السلبية حيث أغرق الأندية بالديون».
وبين المالكي لـ«الشرق الأوسط» أن الآثار الإيجابية ستظهر من هذه القرارات الجديدة لأن اللاعب السعودي للأسف يريد الحصول على مبالغ قد تفوق المحترفين الأجانب، وهو لا يقدم نصف ما يقدمون أو يحرص على تقديم الأفضل كما يفعلون مع وجود استثناءات قليلة جدّاً في هذا الجانب.
واستشهد المالكي بحديث للاعب الدولي السابق نايف هزازي بشأن استفادته من المهاجم البرازيلي تياغو ألفيس أثناء وجودهما معاً في نادي الاتحاد حيث كان اللاعب البرازيلي يحضر النادي على فترتين صباحية ومسائية، وفق برنامج أعدَّه بنفسه، ولا يكتفي بالتدريبات اليومية المسائية، وأوكل مدير أعماله لتولي كل شؤون أسرته وفرَّغ نفسه للاحتراف. وبين أن القرارات الجديدة المتعلقة بالاحتراف ستشجع بشكل أكبر اللاعبين السعوديين على الاحتراف الخارجي، لأن المبالغ المالية الكبيرة التي تجعلهم يتمسكون بالاحتراف في الأندية السعودية الكبيرة تحديداً لن تكون كما كانت، ولذا سينتج عن ذلك وفرة من اللاعبين الذين يتشجعون لخوض تجربة خارجية بعيداً عن المطامع المالية، بل إن هدفهم البروز والتطور والتقدم خطوة... خطوة للأمام في الملاعب الأوروبية. وامتدح التجارب الاحترافية لعدد من اللاعبين السعوديين مثل فهد المولد وسالم الدوسري إذ إن الأخير تطور أداؤه بشكل كبير جداً في الفترة الأخيرة، وإن كانت تجربته الأوروبية قصيرة مقدّماً شكره للهيئة العامة للرياضة على إطلاق هذه الخطوة بدعم اللاعبين في الاحتراف الخارجي.
أما اللاعب السابق والمحلل الرياضي الحالي حمد الدبيخي فقد اعتبر أن مثل هذه القرارات تسهم في أن يفكر اللاعبون السعوديون أكثر من أي وقت مضى للاحتراف في أوروبا والتدرج هناك في الأندية، وعدم حصر تفكيرهم في الانطلاقة من أندية كبيرة، بل يمكن أن يذهب كثير من المواهب السعودية لأندية في دوري الدرجة الثانية.
وشدد على أن الهيئة العامة للرياضة اتخذت خطوات مهمة وجريئة من أجل تطوير الكرة السعودية، وكان الدعم الحكومي الكبير هادفاً، وستظهر نتائجه الإيجابية في التنظيم في الأندية في كل الجوانب، سواء الإدارية والمالية وغيرها حتى لا تتكرر «مأساة» الديون التي أغرقت بعض الأندية السعودية، وجعلتها مهددة دائماً بعقوبات من قبل «فيفا»، بل تعرضت منها فعليّاً لعقوبات نتيجة الشكاوي.
فيما أشار مدير الاحتراف بنادي القادسية خالد الجحدلي إلى أن العقود المالية الكبيرة للاعبين سبب أزمات كان يستحيل علاجها على المدى البعيد في ظل وجود مداخيل لا توازي المصاريف، ولذا كان الجميع يرى أهمية أن يتم إيقاف «كرة الثلج» حتى لا تكبر أكثر وأكثر مبدياً تفاؤلاً كبيرة بأن تخطو الكرة السعودية خطوات للأمام على المدى المنظور.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».