موسكو تقترح على حلفائها «السوفيات» إعادة إعمار سوريا

بري قال لـ«نوفوستي» إن انسحاب إيران و«حزب الله» مرهون بـ «التحرير الكامل»

TT

موسكو تقترح على حلفائها «السوفيات» إعادة إعمار سوريا

دعا وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بلدان رابطة الدول المستقلة إلى المشاركة في جهود التسوية في سوريا، من خلال تنشيط المساعدات الإنسانية والمساهمة في إعادة إعمار البنى التحتية.
ورغم أن الملف السوري لم يكن مطروحا بشكل منفصل على جدول أعمال اجتماع وزراء الدفاع في الرابطة، فإن موسكو رأت أن المناسبة تشكل فرصة مهمة لدفع حلفائها في الفضاء السوفياتي السابق لدعم جهودها في إطار الترتيبات المستقبلية في سوريا، وخصوصا أن أوساطا روسية أعربت في وقت سابق عن استياء بسبب تحفظ بلدان في الرابطة على السياسة الروسية في سوريا، خصوصا أن بعض حلفاء روسيا المقربين مثل كازاخستان تعمدوا عدم تقديم دعم في مجلس الأمن للتحركات الروسية، وهو ما برز من خلال امتناعها عن التصويت حين قدمت موسكو مشروع قرار حول الكيماوي السوري أخيرا.
وخاطب شويغو نظراءه وزراء دفاع بلدان الرابطة في الاجتماع، مشيرا إلى أنه «من الواضح للجميع أنه لا يمكن تحقيق الأمن إلا من خلال الجهود المشتركة، وأتوجه إليكم في هذا الصدد باقتراح المشاركة في إرساء السلام في سوريا».
وأضاف أن قضايا التسوية السياسية وتوفير المساعدات الإنسانية وإعادة إعمار البنية التحتية تأتي في مقدمة الأولويات الراهنة في سوريا، مشيرا إلى أن موسكو «تعول على مساندتكم، التي من شأنها أن تظهر وحدتنا في الحرب ضد الإرهاب العالمي وضمان الأمن المشترك».
ولفت الوزير الروسي إلى أن «جزءا كبيرا من مساحة سوريا بات اليوم محررا من سيطرة المسلحين، وثمة مفاوضات تجري مع بقايا الإرهابيين لإلقاء السلاح». وشدد على أن هذا الجهد أسفر عن «تهيئة الظروف للتسوية السياسية في سوريا، واستعادة مكانتها كدولة موحدة غير قابلة للتقسيم».
في غضون ذلك، حذر رئيس اللجنة التنفيذية لرابطة الدول المستقلة سيرغي ليبديف من أن الوضع في سوريا شكل دليلا إضافيا على أن العلاقات الدولية تسير نحو الأسوأ والوضع يدعو إلى قلق جدي.
واتهم الغرب بتأجيج «ظاهرة خطرة» من خلال إطلاق ما وصفها بأنها «حرب معلومات ممنهجة». وقال إن بلدانا غربية انتقلت بعد ذلك إلى «استخدام القوة العسكرية لتحقيق مصالح سياسية عسكرية، كما حصل من خلال استخدام السلاح الكيماوي في دوما، ثم جعل ذلك ذريعة لتبرير توجيه ضربات صاروخية غربية».
على صعيد آخر، حدد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري شرطين لانسحاب القوات الإيرانية وقوات «حزب الله» من سوريا، وقال في حديث لوكالة «نوفوستي» الرسمية الروسية نشر أمس، إن «إيران وحزب الله لن يغادرا سوريا ما دام هناك تهديد إرهابي وما دامت لم تنته مهمات استعادة وحدة وسيادة الأراضي السورية».
وفي انتقاد مبطن لمطالبة موسكو بانسحاب القوات الإيرانية من مناطق الجنوب السوري، خاطب بري الصحافيين الروس بالإشارة إلى أن «القوات الإيرانية موجودة في سوريا بطلب من الحكومة الشرعية مثل الوضع بالنسبة إلى روسيا». وزاد أن «حزب الله» موجود «في بلده ولو لم يذهب إلى سوريا لجاء داعش إلى لبنان».
واعتبر بري أن «أي تقسيم لسوريا هو خلط للأوراق في منطقة الشرق الأوسط كلها. وسيكون شبيها بتقسيم المنطقة في إطار تفاهمات سايكس بيكو في العام 1916».
وزاد أنه «لا يمكن التوصل إلى تسوية سياسية دائمة في سوريا من دون مفاوضات تشارك فيها روسيا والولايات المتحدة وتركيا وإيران والسعودية ومصر وبلد أوروبي واحد على الأقل ربما يكون فرنسا». موضحا أن «ما يجري ما يجري الآن على 40 في المائة من أراضي سوريا هو حرب عالمية مهما اختلفت التسميات بين أن تكون بلغة السياسية لعبة جيوسياسية أو مواجهة بين الدول المؤثرة».
ورأى أنه لا بديل من «إنشاء صياغة شاملة بمشاركة تلك البلدان تفتح على حوار من أجل التوصل إلى تفاهمات بينها وفقا لسيناريو الـ5+1 لتسوية الملف النووي الإيراني».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.