السينما الفلسطينية.. أزمات تمويلية واسعة النطاق تتناول {فشل} السياسيين في حل المعضلات بين الأطراف

مهرجان دبي السينمائي الدولي – 4

السينما الفلسطينية.. أزمات تمويلية واسعة النطاق تتناول {فشل} السياسيين في حل المعضلات بين الأطراف
TT

السينما الفلسطينية.. أزمات تمويلية واسعة النطاق تتناول {فشل} السياسيين في حل المعضلات بين الأطراف

السينما الفلسطينية.. أزمات تمويلية واسعة النطاق تتناول {فشل} السياسيين في حل المعضلات بين الأطراف

رغم أن فيلم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي «فلسطين ستيريو» لم يأت بجديد يضيفه نوعيا إلى أعماله السابقة، فإن مجرد إنتاجه (بميزانيـته المحدودة) أمر محمود في حد ذاته.
«فلسطين ستيريو» يتحدث عن شقيقين (محمد أبو جازي وصلاح حنون)؛ أحدهما أطرش وأخرس، يرتـبان نفسيهما للهجرة إلى كندا. عليهما ترك بلدتهما (مخيـم جنين) إلى رام الله لوقوع القنصلية الكندية هناك، ثم إصدار جوازي سفر، والشرط الأخير أصعب من سابقيه: وضع عشرة آلاف دولار في حساب مصرفي خاص. يحلان عند شقيقتهما (عرين عمري) التي لا تحب فكرة سفرهما، لكنها تؤويهما في حجرة كان يشغلها ابنها المعتقل في السجن. في رام الله، يجدان عملا كمهندسي صوت للحفلات والمناسبات، سواء أكانت أفراحا أو خطابات سياسية يلقيها بعض المسؤولين. هم الأخ الأكبر (المكنـى بـستيريو) تأمين المبلغ اللازم للهجرة، لكنه، في لحظة، يعرض على شقيقه أن يبقى في فلسطين إذا ما أراد، خصوصا أن لشقيقه الأخرس من تحبـه وتطلب منه ألا يترك فلسطين لأنه إذا ما فعل ذلك كل فلسطيني لم يعد هناك وطن.
حول هذه المسألة، يصرف المخرج حوارا كثيرا، لكن المشكلة هي أن العمل الذي يحتوي على حبكة جيدة مكتوب على نحو مبدئي طوال الوقت. ليس هناك توتر في الصورة المعروضة (بالمعنى البصري كما الرمزي) إلا في ثلث الساعة الأخيرة أو نحوها. لو أن السيناريو كـتب ليخدم شخصية رئيسة واحدة على أن يلعب الشقيق المعاق دورا أكثر ثانوية، لتابعنا أعباء فرد واحد على نحو أكثر جدية. كما هو الحال هنا، هناك دراما خفيفة مع طلات على الكوميديا (الخفيفة أيضا) رغبة في تجسيد ما لم يعد يكفي الحديث فيه على النحو المعروض هنا.
ثلث الساعة الأخيرة ينقذ الفيلم نوعا ويطرح فكرة كيف كان هذا العمل سيتبلور لو أن عناية أفضل بالنص وبالحوار صاحبت العمل، ولو أن التركيبة النمطية لم تحظ بهذا التفعيل. ورشيد مشهراوي يستطيع فعل ما هو أفضل، لأنه سبق أن حقق ذلك أكثر من مرة في أكثر من فيلم («حيفا»، و«الانتظار»، و«عيد ميلاد ليلى» إلخ…).

لجوء
مع «عمر» لهاني أبو أسعد (الوارد بين الترشيحات الأولى لأوسكار أفضل فيلم أجنبي) و«حبيبي بيستناني عند البحر» لميس دروزة، و«زرافاطة» لراني مصالحة - هناك حركة مستمرة للسينما الفلسطينية، معظمها لا يزال في إطار المهرجانات العربية، لكن بعضها يسبر غورا دوليا أيضا.
ما تجمع عليه هذه الأفلام - كما ما سواها سابقا - وما يبرزه فيلم مشهراوي على نحو جيـد، هو فشل السياسيين الفلسطينيين في التقدم إلى حل المعضلات القائمة بين الأطراف الفلسطينية أساسا، قبل حل مشكلة الوطن مع إسرائيل. وجزء من هذا الفشل منعكس على تأسيس قاعدة إنتاجية توظـف تلك الطاقات المبدعة لتنفيذ صناعة سينمائية ما. و«ما» للتمييز بين صناعة سينمائية متقدمة (كما الحال مثلا في إيطاليا أو فرنسا) وصناعة سينمائية حاضرة (كالإسرائيلية) ونواة لصناعة (كما الوضع في عدد من الدول العربية).
«فلسطين ستيريو» (والعنوان وربطه باسم غير واقعي هما من باب التنميط الذهني بدوره)، لديه مشاهد تنتمي إلى هذا الوضع، كل منها ينتقد السائد. أحدها من خلال التعليق على الانفصال بين حكومتين فلسطينيـتين، مما يجعل الموقف الفلسطيني الرسمي ضعيف، والثاني من خلال مشهد لوزير من رام الله يقف ليخطب في عدد ضئيل من المستمعين فإذا به يستخدم الكلمات الرنانة التي لم يعد يؤمن بها أحد، بمن فيهم هو نفسه.
هذا الفيلم يعاني ميزانية محدودة جدا. صحيح أن الفيلم لا يتطلـب ديكورات أو مواقع تصوير تحتاج إلى سفر، لكن حتى طبيعة الأماكن وحياكة السيناريو المتواضعة تعانيان فقر التمويل على نحو واضح (وإذا ما دققنا في التفاصيل، فهو فاضح).
من الطبيعي إذن أن يلجأ المخرجون الفلسطينيون (ومن معهم من منتجين إذا لم يقوموا بالإنتاج بأنفسهم) إلى شركات إنتاج أوروبية بحثا عن التمويل. وهذه بدأت توفر المطلوب بالقطـارة. فيلم رشيد مشهراوي المذكور ممول من شركات ومؤسسات في سبع دول، بما فيها منحة من «مركز غزة الإعلامي» و«مؤسسة دبي للميديا والترفيه»، كما من شركات فرنسية ونرويجية، ومنحة سويسرية.

مشاريع أخرى
والوضع لا يبدو آيلا إلى أي تغيير يذكر.
هناك خمسة مشاريع فلسطينية المشرب مطروحة أمام الراغبين في التمويل أو أمام صناديق الدعم العربية، من بينها فيلم رشيد مشهراوي المقبل «غزة دي سي». مهدي فليفل، الذي قدم في العام الماضي فيلمه التسجيلي الجيـد «العالم ليس لنا»، موجود لتعزيز مستقبله بفيلم آخر بعنوان «رجال في الشمس»، ومخرج جديد اسمه فراس خوري يزمع تقديم فيلمه الأول «العلم» الذي تبنـاه المخرج هاني أبو أسعد.
خمسة أخرى مطروحة على نطاق أوسع أو مستقبلي أبعد قليلا، من بينها «منسي» لغادة طيراوي، و«آيلا» لآن ماري جاسر، و«كاستينغ» لمحمد وأحمد أبو ناصر.
وبعد فيلمها الأخير «مي في الصيف»، تسعى المخرجة شيرين دعيبس لإنتاج «شارون وحماتي» الذي سيدور عن الحرب الفلسطينية - الإسرائيلية عام 2002.
لكن هذا الوضع ليس حكرا على السينما الفلسطينية وحدها. في مناطق مختلفة من العالم العربي، هناك أزمات تمويلية واسعة النطاق والتأثير. الحال هو أنه في مهرجان عربي جامع ودولي الحدث والاهتمام كـ«دبي»، يلتقي نوعان من السينمائيين: نوع أنجز ويعرض، ونوع يريد أن ينجز ليعرض. لكنهما نوعان يشتركان في أن العرض ليس نهاية المطاف والرحلة تبقى طويلة تجاه وضع إنتاجي مدروس وفعـال.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.