«أوك غريل»... توليفة الشرقي والغربي على شاطئ النيل

يقف وراء فكرته «جو برزا» الذي جذب الذواقة بأسلوبه العصري

TT

«أوك غريل»... توليفة الشرقي والغربي على شاطئ النيل

يحتل المطبخ اللبناني مكانة عظيمة لدى المصريين، من خلال ما يقدمه من أطباق شهية، ومقبلات لا تقاوم، ويعزز هذا الحب مطعم «أوك غريل» Oak Grill الذي يتخذ من فندق «كونراد» على نيل القاهرة، مقراً له، ليُبهر رواده بما «لذ وطاب» من أطعمة مبتكرة، لتتسع قاعدة جمهوره ويصبح من الأماكن المفضلة لدى جنسيات مختلفة تأتي إلى البلاد.
فمع أول زيارة لـ«أوك غريل» ستلحظ أن الأطباق التقليدية تقدم مع لمسة عصرية، قد تكون أوروبية أو مصرية، لكنها تصب في النهاية لصالح المذاق، وقد تشعر أن قائمة الطعام تعرض أصنافا ليس لها علاقة ببعضها البعض، لكنها تحمل توليفة فريدة مستساغة تم ابتكارها لإرضاء الذواقين للطعام اللبناني.
جزء من هذا «التفرد» يلخصه مدير المطعم إبراهيم حسن فيقول لـ«الشرق الأوسط» إن «إدارة الفندق استعانت بالشيف اللبناني الشهير (جو برزا)، الذي غيّر الفكرة النمطية عن المطبخ اللبناني بمفهوم حديث يصب في صالح المذاق، عبر إضافة بعض التغييرات على الأطباق، عن طريق جمع مكونات ليس لها علاقة ببعضها البعض».
وضعَ «برزا» قائمة الطعام العصرية بتشكيلة واسعة ومنوعة من الأطعمة من المقبلات والمشاوي بلمسات أوروبية، مع حضور للقاهرة كل شهر لتدريب عدد من الطهاة المصريين على كيفية الخلط بين الطعم الشرقي والغربي، وهو النهج الذي سار عليه لمدة عام، وكانت النتيجة أن المطعم نجح في اجتذاب جمهور كبير استهواهم هذا التغيير.
من بين المذاقات التي يمكن تناولها بالمفهوم الحديث للمطعم، الجبن الحلوم المقلية مع الكنافة وصلصة الطماطم والريحان، والفتوش مع الحلوم المشوي، والبرغل مع الدجاج المدخن، وصدور البط المدخنة مع صدور الدجاج المدخنة والتي تقدم في طبق واحد مع صلصة البرتقال.
وتضم قائمة الطعام اللبنانية المعاصرة والتي تستهدف المصريين والخليجيين والأجانب، وفقاً لشيف المطعم خالد المحمدي، عشرات الأطباق، والتي يبدأها الزائر بالمقبلات وأشهرها التبولة والفتوش، والأخير يقدم مع الجبن الحلوم، أما المميز فهو الحمص الذي يقدم ثلاثياً، أي بـ3 مذاقات و3 ألوان مختلفة في طبق واحد، حيث يمكن تجربته بالريحان ذي اللون الأخضر، والحار ذي اللون الأحمر، والحمص العادي بلونه الداكن، وهو من أكثر المقبلات التي تعجب الزوار.
في مقدمة الأطباق الرئيسية تبرز الشاورما بأنواعها، يضيف الشيف: «الجديد لدينا هو تقديم الشاورما بسمك القاروص المدخن»، أما الفتة فهي متعددة الأنواع، ومن بينها فتة الجمبري، فهي مختلفة عما يقدم في لبنان، حيث يمكن تجربتها بالزبادي والسبانخ، وهو طبق صحي للغاية، ويقبل عليه الأجانب في المقام الأول لقيمته الغذائية العالية، كذلك فتة لسان الضأن، مع الحمص والزبادي والصنوبر.
ولهواة المشويات على الفحم، فأمامهم أطباق «الشيش طاووك»، و«الميكس غريل»، ومكعبات اللحم المشوي، والدجاج المسحب، والجمبري المشوي، من أبرز ما تضمه قائمة الطعام.
«من ابتكارات الشيف»... عبارة تقابلك مع مطالعة قائمة الطعام، منها، طبق الفريك الذي يقدم بلحم الضأن المخلي، مع المشمشية والزبيب والمكسرات، والكبة التي تُحشى بالمأكولات البحرية والسلمون وليس باللحم المفروم كالمعتاد، وكذلك الجمبري مع الخضراوات المشكلة وصلصة الكمون والثوم.
وهي الابتكارات التي يقول «المحمدي» عنها: «تدربت مع الشيف (جو برزا)، وكان ذلك دافعا لي أن أبتكر وأطور بما يفيد المكان، لذا أوجه الطهاة الذين يعملون معي بأن نحافظ على المستوى الذي نقدمه دائماً، ومن أجل ذلك وضعت لهم دليلا للطهي لا نخرج عنه حتى لا نفقد المصداقية لدى الزبائن».
ويلفت الشيف إلى أن الانطباعات التي تصله من الزبائن تؤكد تقبلها الكبير للمطبخ اللبناني الحديث ولهذه الابتكارات، ويضرب مثالاً على ذلك قائلاً: «حضر السفير اللبناني لدى مصر إلى هنا مع عدد من ضيوفه، وبعد انتهائه من تناول الطعام قال لي: أرفع لك القبعة، تذوقت أطعمة كأنني في بيروت تماماً».
يقدم مطعم «أوك» لزواره أيضا مجموعة من الأطباق الخاصة التي تدعم قائمة الطعام الأساسية، ويتم تغييرها كل أسبوعين، ويمكن للزوار التشارك فيها، وتمتد الأطباق مع المناسبات المختلفة، كان آخرها على سبيل المثال عيد الحب «فالانتين»، وعيد الأم. أما كل يوم خميس فيمكن التمتع بعشاء رومانسي على ضوء الشموع والورد، مع أنغام موسيقى الجيتار والكمان.
أما الحلويات، فهناك المهلبية بالزعفران وماء الورد، وطبق الحلاوة بالشوكولاتة والبسكويت والمكسرات والتي تقدم في قالب واحد ومعها الآيس كريم، أما كعك الفزدقية فيقدم مع القشدة والمكسرات المتنوعة.
بدورها، توضح نيفين نادر، مديرة إدارة التسويق والاتصالات بفندق كونراد القاهرة، أن المطعم يستقبل ضيوفه يومياً لتناول وجبة العشاء من الساعة السادسة مساء إلى منتصف الليل شتاء وحتى الواحدة صباحا صيفا، ويتسع لـ50 فرداً.
يستقي المطعم مسماه من أخشاب الآرو أو البلوط (oak wood)، والتي تصنع منها براميل حفظ الأطعمة، والتي تُكسب رائحة للأطعمة الذي توضع فيها، كما أنها أفضل أنواع الأخشاب المستخدمة للتدخين.
وتضيف نيفين أن المطعم يضم فرنًا لتدخين اللحوم، حيث توضع فيه أخشاب البلوط التي يتم استيرادها من دول البلقان التي ينتشر فيها هذا النوع من الخشب، حيث يتم استخدام هذا الفرن لتدخين اللحوم والأسماك المقدمة لزبائن المطعم.
أما الديكورات فيغلب عليها اللون البني، كما ينعكس اسم المطعم على الديكورات، حيث تتواجد أخشاب البلوط في أركانه، كما أن الإضاءة تم اختيارها لتكون خافتة للغاية مما يعطي أجواء شديدة الكلاسيكية، بخلاف الشموع التي توجد على الطاولات، والموسيقى الهادئة التي تنساب من جنبات المطعم، إلى جانب تزيين الحوائط بالمرايا، وهو ما يعطي الزائر إحساسا كبيرا بالهدوء والرومانسية.
ولتميزه الشديد، استحق المطعم أن ينال جائزة من موقع (tripadvisor) العالمي للسفر والسياحة، حيث صنف من بين أفضل 10 مطاعم في مصر العام قبل الماضي.


مقالات ذات صلة

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

مذاقات «عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات الشيف البريطاني هيستون بلومنتال (الشرق الأوسط)

9 نصائح من الشيف هيستون بلومنتال لوجبة الكريسماس المثالية

تعد الخضراوات غير المطبوخة بشكل جيد والديك الرومي المحروق من أكثر كوارث عيد الميلاد المحتملة للطهاة في وقت يقومون فيه بتحضير الوجبة الأكثر أهمية في العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.