مفوضية الانتخابات العراقية تكسر صمتها وتؤكد صحة النتائج

دعت المشككين إلى اللجوء للقضاء

TT

مفوضية الانتخابات العراقية تكسر صمتها وتؤكد صحة النتائج

بعد أسبوع من الشكوك والاتهامات والدعوات إلى الإلغاء التي صاحبت عملية إعلان النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية في العراق، خرج مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات المستقلة عن صمته أمس، وأصدر بيانا مطولا رد فيه على مجمل الاعتراضات والاتهامات حول العملية الانتخابية ونتائجها.
وكشف مجلس المفوضين أن صدور بيانه جاء تماشيا مع «توجيهات حكومية وتحرك بعض أعضاء مجلس النواب» بخصوص نتائج الانتخابات، كما جاء في سياق «إظهار الحقائق إلى الجهات الرسمية وأطراف المجتمع المحلي والدولي والرأي العام».
وحول المعدات والأجهزة الإلكترونية التي دخلت في عمليات العد والفرز الإلكتروني وما شابها من شكوك تتعلق بعدم دقتها وإمكانية التلاعب بها، ذكر البيان أن استخدامها «قد نص عليه قانون انتخابات مجلس النواب رقم (45) لسنة 2013 المعدل، وتحتم على المفوضية استكمال العمل بها وإجراء الانتخابات بها وهي نجحت بشكل كامل».
ولم يشر بيان مجلس المفوضين إلى موضوع إحالتهم إلى هيئة النزاهة من قبل رئيس الوزراء حيدر العبادي على خلفية عدم التعاقد مع شركات فاحصة للأجهزة قبل يوم الاقتراع، لكنه قال: «إذا ما أريد عرض أي ملفات للتحقيق نؤكد أن المفوضية على استعداد لتقديم كل الأوليات والوثائق المتعلقة بهذه العقود، علماً بأن جميع هذه العقود دققت من قبل ديوان الرقابة المالية ولا توجد أي ملاحظات عليها».
وبشأن ما أثير حول عمليات اختراق رافقت عمليات نقل البيانات بمساعدة «قراصنة» من بيلاروسيا ولبنان، كما أفاد أول من أمس النائب جواد البولاني، أشار بيان المفوضين إلى أنه «تم التأكد من نقل البيانات بشكل آمن ومشفر مع تقديم تقارير فنية أظهرت أن الوسط الناقل والسيرفرات (خوادم بيانات) مؤمنة بشكل كامل وغير ممكن اختراقها». وزاد: «لم تكتف المفوضية بهذه الإجراءات وإنما عملت على تجهيز سيرفرات جديدة لا ترتبط بأي شبكة داخلية أو خارجية ويتم نقل بيانات الاقتراع من خلال عصا الذاكرة الخارجية (يو إس بي فلاش) المرتبطة بجهاز تسريع إعلان النتائج بعد انتهاء عملية الاقتراع».
وأشار مجلس المفوضين إلى أن أجهزة الذاكرة الخارجية تحتوي على جميع بيانات الاقتراع وصور أوراق الاقتراع والتقارير الأخرى والتي كانت مشفرة أيضا، حيث تم نقل وتحميل هذه البيانات على السيرفرات المنفصلة وبعد ذلك تمت عملية المطابقة ما بين البيانات الواردة عبر الوسط الناقل بعيد انتهاء الاقتراع مع البيانات الواردة عن طريق عصا الذاكرة، معتبرا أن النتائج النهائية «كانت مطابقة 100 في المائة ولَم يظهر لدينا أي اختلاف بين النتائج مطلقاً، وأن العملية أجريت في جميع المحافظات باستثناء محافظة كركوك والتي تعذر تسلم عصا الذاكرة بسبب سيطرة جماهير بعض الأحزاب على مخازن ومراكز الاقتراع التابعة للمفوضية»، في إشارة إلى عدم قبول المكونين العربي والتركماني في كركوك بنتائج الانتخابات التي أظهرت تفوق المكون الكردي وتجمهر أتباعهم أمام مخازن المفوضية في المحافظة.
كما أوضح البيان أن الإجراءات الانتخابية تحتم «طباعة تقارير ورقية في محطات الاقتراع وتزويدها إلى وكلاء الأحزاب في جميع المحطات في يوم الاقتراع»، كذلك «تسليم ملفات إلكترونية لنتائج الاقتراع إلى الأحزاب لتدقيق بيانات الاقتراع المتوفرة لديها مع البيانات التي طبعت على تقارير النتائج».
وحول الاعتراضات على انتخابات الخارج والتصويت المشروط والنازحين، بيّن مجلس المفوضين أن «عددها لا يمثل سوى 2 في المائة من عدد محطات الاقتراع وقد ظهر لدينا بعض الخروقات مما اضطرنا إلى إلغاء أعداد كبيرة من هذه المحطات بعد التحقق».
وخلص البيان إلى أن «جميع الخطوات تمت بعلم مجلس الوزراء والأمم المتحدة وشركاء العملية الانتخابية ولَم يكن هنالك أي شيء تخفيه المفوضية»، معربا عن استعداده لاستقبال أي جهة حكومة أو قضائية أو تشريعية يتم تكليفها بشكل قانوني ودستوري «فيمكننا تزويدهم بالبيانات والمعلومات اللازمة لزيادة الاطمئنان للعملية الانتخابية». مهيبا بجميع من لديهم اعتراضات على نتائج الانتخابات «اتباع السياقات القانونية والدستورية من خلال تقديم الطعون إلى الهيئة القضائية للانتخابات».
من جهة أخرى، أبلغ مجلس القضاء الأعلى، أمس، مفوضية الانتخابات، قبول الشكاوى المقدمة من المعترضين على نتائج الانتخابات ليتسنى للمتضررين الطعن لدى الهيئة القضائية. وقال المتحدث الرسمي باسم المجلس عبد الستار بيرقدار، في بيان إن «مجلس القضاء الأعلى خاطب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في كتاب رسمي أصدره اليوم (أمس)، نص على ضرورة قبول الشكاوى المقدمة من المعترضين على نتائج الانتخابات بموجب أحكام المادة (8) من قانون رقم (11) لسنة 2007 من أجل البت بها ونشر القرارات الصادرة بخصوصها»، مضيفا أن «ذلك جاء لكي يتسنى للمتضرر الطعن بها لدى الهيئة القضائية للانتخابات المشكلة في محكمة التمييز الاتحادية».
من جانبها، ردت المحكمة الاتحادية العليا دعوى بطلب إلزامها بعدم المصادقة على نتائج انتخابات عضوية مجلس النواب بذريعة الخروقات التي رافقت العملية الانتخابية. وقال المتحدث باسم المحكمة إياس الساموك في بيان إن «القضاء لا يخاصم ولا يعد خصماً في وقائع ينسب صدورها إلى الغير، أشخاصاً أو جهات، حيث إن الموضوع يخص المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وهي صاحبة الشأن في قبول الشكاوى والاعتراضات على الخروق المدعى بها».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.