بينما وصل إلى جنوب الجزائر وفد من الحكومة المالية للاطلاع على ظروف إقامة مؤقتة لرعايا ماليين صدر بشأنهم قرار بالطرد، احتجت الخارجية الجزائرية بشدة على ملاحظات سلبية، توصلت بها من المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة حول ترحيل آلاف المهاجرين السريين.
ويتكون الوفد المالي، حسب مصادر مطلعة، من ثلاثة أشخاص هم موسى كوني رئيس ديوان وزير الخارجية، وجيدو فطومة مستشارة فنية بالخارجية، والياسين كامارا مندوب بالخارجية، المكلف المهاجرين الماليين بالخارج. وقد أجرت البعثة مقابلات مع مسؤولي ولاية تمنراست الحدودية، بحثت حالة مئات الرعايا الماليين المقيمين بطريقة غير شرعية في المدن الجنوبية والشمالية أيضا، حيث جمعتهم السلطات في حافلات وقادتهم إلى تمنراست، ووضعتهم بـ«مراكز إقامة مؤقتة» تمهيدا لترحيلهم إلى بلدهم.
وحسب المصادر نفسه، فقد بحثت الاجتماعات أيضا تحديد المسارات الصحراوية داخل مالي، التي يأخذها المهاجرون السريون من بلدان أخرى بجنوب الصحراء، ممن صدر ضدهم قرار بالطرد، وذلك في طريق التحاقهم ببلدانهم. ويأتي اختيار المسارات لإبعاد احتمال وقوع المرحلين بين أيدي المتطرفين المنتشرين بكثرة في المناطق الحدودية.
وقال مهاجرون نيجريون مطرودون من الجزائر، في وقت سابق، إن سلطات البلد «تخلت عنهم بالحدود مع مالي»، حيث صادفوا في طريق عودتهم أفراد جماعة مسلحة ضربوهم، عندما لم يجدوا أشياء ثمينة يأخذونها منهم.
وجاء تنقل البعثة الرسمية المالية إلى جنوب الجزائر في سياق أحداث نشرتها تنظيمات حقوقية محلية ودولية، حول «معاملة لا إنسانية»، تعرض لها المرحلون الماليون الذين يشتغل غالبيتهم في ورشات للبناء الحكومية، دون وثائق رسمية تسمح لهم بالعمل. وقد احتج حقوقيون على «أعمال خطف المهاجرين من الشوارع»، بهدف ترحيلهم.
وقالت الجزائر، أول من أمس، إنها أبلغت مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في جنيف «استياءها الشديد من التصريحات غير المقبولة للناطقة باسمه حول ظروف يكون قد تم فيها ترحيل مهاجرين يقيمون بطريقة غير شرعية على أراضيها نحو بلدانهم الأصلية»، في إشارة إلى ملاحظات حادة وردت على لسان المتحدّثة باسم مفوّض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان، رافينا شامدساني، بخصوص حملة ترحيل المهاجرين.
وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أنها «طلبت توضيحات حول أسباب محاكمة النيات هذه بمثل هذا الاستخفاف المتهور». وأضاف البيان أن تصريحات شامدساني «تستند إلى ادعاءات جزئية غير دقيقة وغير مؤكدة، ومنقولة بصيغة الشرط، وهي تشكل خرقا خطيرا للحقيقة، وإخلالا جسميا بواجب الدقة والحذر والموضوعية، الذي يجب أن يتقيد به في كل الظروف مكتب حقوق الإنسان الأممي، خاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا حساسة كثيرا ومعقدة جدا».
ومما تضمنته تصريحات المسؤولة الأممية أن خبراء الأمم المتّحدة المعنيين بحقوق الإنسان زاروا خلال شهر مايو (أيار) الحالي، مناطق نيامي وأغاديس وأرليت التي تقع في النيجر، وأجروا حسبها مقابلات مع 25 مهاجرا، طردوا من الجزائر في الأشهر الأخيرة، وقد تحدّثوا حسبها إلى أشخاص آخرين يعيشون الوضع ذاته فأخبروهم أنّ السلطات الجزائريّة «غالبًا ما تقوم بدوريّات أمنيّة في مختلف أنحاء البلاد، تستهدف المهاجرين من بلدان جنوب الصحراء الأفريقيّة الكبرى». وأفيد بأنّ مداهمات الشرطة طالت مواقع البناء في الجزائر العاصمة، بالإضافة إلى الأحياء المعروفة بأنّها تأوي مهاجرين. كما أشار عدد آخر من الأشخاص إلى أنّهم احتجزوا بعد اعتقالهم في الشارع. ونقلت المسؤولة نفسها عن «تقارير»، أن «شروط الاحتجاز لا إنسانيّة ومهينة».
ودافع بيان الخارجية عن «حق الجزائر في اتخاذ كل الإجراءات، التي تراها ملائمة لضمان الأمن والسكينة لمواطنيها وللأجانب المقيمين بطريقة شرعية على أراضيها». مشيرا إلى أن «عمليات إعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى الحدود تجري طبقا للقانون الجزائري، والالتزامات الدولية للجزائر، وفي ظل الاحترام الصارم لحقوق الإنسان وكرامة الأشخاص المعنيين».
واللافت أن السلطات تصف عملية الترحيل بـ«إعادة المهاجرين إلى الحدود» التي دخلوا منها، فيما تصر التنظيمات الحقوقية وآليات الأمم المتحدة الخاصة بحقوق العمال المهاجرين على أن الأمر يتعلق بـ«طرد تعسفي» وبـ«احتجاز».
وفد مالي إلى الجزائر للاطلاع على ظروف «احتجاز» رعاياها
وفد مالي إلى الجزائر للاطلاع على ظروف «احتجاز» رعاياها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة