مساعد الأمين العام للأمم المتحدة: مأساة السوريين هي الأسوأ في العالم

TT

مساعد الأمين العام للأمم المتحدة: مأساة السوريين هي الأسوأ في العالم

وصف مساعد الأمين العام للأمم المتحدة، والمنسق الإقليمي الإنساني للأزمة السورية بانوس مومتزيس، الوضع في سوريا بـ«الأسوأ في التاريخ الحديث لجهة استهداف المدنيين، وضرب المنشآت الصحية».
ورأى أن ما يحصل في سوريا يعبّر عن «فشل ذريع لمجلس الأمن الدولي وللمجتمع الدولي في حماية المدنيين، وهذا مصدر غضبنا». وأكد أنه «لا يشجّع على عودة النازحين السوريين إلى بلادهم»، مناشداً لبنان والأردن وتركيا عدم «ممارسة ضغوط على النازحين لإعادتهم إلى الداخل السوري، لأن ذلك يشكّل خطراً على حياتهم».
واعتبر خلال وجوده مع فريق عمله في بيروت ولقائه عدداً من الصحافيين اللبنانيين أن «الوضع في سوريا مقلق للغاية، وفيها أكبر عدد حوادث تطال منشآت صحية»، مؤكداً أن «70% من الضربات وأعمال العنف العالمي موجودة في سوريا»، كاشفاً عن «112 هجوماً وقع ما بين الأول من يناير (كانون الثاني) 2018 و4 مايو (أيار) 2018، استهدفت مؤسسات الرعاية الصحية في مناطق عدة في سوريا». وقال: «في الغوطة الشرقية تمّ الإبلاغ عن 40 هجوماً طال 14 مستشفى و11 مركزاً طبياً، واثنين على محطات سيارات الإسعاف ومخزن طبي واحد، وقد تم الهجوم على بعض المرافق أكثر من مرّة».
أما وضع محافظة إدلب فـ«لا يقلّ سوءاً عن الغوطة»، ولفت مومتزيس إلى أن «37 هجوماً وقع في إدلب واستهدف 11 مستشفى و10 مراكز طبية، وشملت الهجمات بنكاً للدم ومحطات لسيارات الإسعاف ومستودعاً طبياً»، مشيراً إلى أن «الهجمات في حماة شملت مستشفى كفرزيتا التخصصي مرات عدة خلال هذا العام»، مؤكداً أن هجمات مماثلة طالت مستشفيات ومراكز طبية في حلب وحمص ودرعا، ووضعتها خارج الخدمة نهائياً».
وجدد المنسق الإقليمي الإنساني في سوريا، مطالبة الأمم المتحدة بـ«تحييد المنشآت الصحية والعاملين فيها عن العنف، واحترام حياة المدنيين والعائلات المدنية، خصوصاً في المناطق المحاصرة، والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية والطبية لهم»، آملاً في الوصول إلى حلّ سلمي ينهي معاناة الشعب السوري الأسوأ في العالم». وكشف المسؤول الأممي أن الوضع في إدلب «يمثل التحدي الأكبر أمام الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية التابعة لها»، لافتاً إلى أن «أكثر من 2.5 مليون سوري يقيمون في مناطق إدلب، 60% منهم نازحون من مناطق سورية أخرى»، مؤكداً أن «80% من سكان إدلب بحاجة إلى مساعدات عاجلة، ونأمل من الأطراف كافة تسهيل وصول هيئات الإغاثة إليهم». وإذ أقرّ مومتزيس بأن معظم المنشآت الطبية المدمرة، تقع في مناطق سيطرة المعارضة، ودمرت بقصف من الطائرات الحربية، رفض الإعلان عن أن النظام السوري وحلفاءه يقفون خلفها، وأضاف: «لست بصدد تسمية المسؤولين عن هذه الهجمات، وما إذا كان النظام أو غيره، لكنّ الفريق القانوني المتخصص بالحماية القانونية، يسجّل تقارير دورية ويحدد المسؤولين عن هذه الهجمات، ويرفعها إلى الهيئة القانونية في جنيف، وهناك فريق محاسبة يتولى المسؤولية». وأشار إلى أن «ما يقال خلف الأبواب المغلقة لا يمكنني البوح به الآن، لأن هدفنا أنا وفريق عملي هو حماية المدنيين وإيصال المساعدات الغذائية والطبية للمحاصرين».
وأضاف: «نحن غاضبون جداً حيال ما يجري في سوريا، واللامبالاة بحياة النساء والأطفال والمسنين، ونرفع الصوت عالياً ونحذّر من انتقال سيناريو الغوطة الشرقية إلى إدلب»، معتبراً أن «ما شهدناه في الغوطة وحمص وحلب ودرعا، يكرّس الفشل الذريع لمجلس الأمن وللمجتمع الدولي العاجزين عن وضع حدّ للكارثة الإنسانية اللاحقة بالشعب السوري». وتابع: «الوضع الأمني والإنساني في سوريا غير مناسب إطلاقاً لعودة اللاجئين من دول الجوار، من هنا نحن لا نشجّع على عودة أي نازح سوري إلى بلاده إلا إذا اختار هو العودة الطوعية، ونناشد السلطات الرسمية في لبنان والأردن وتركيا، عدم ممارسة أي نوع من الضغوط على السوريين لإعادتهم»، معتبراً أن «الحديث عن وجود مناطق آمنة مبالَغٌ فيه، خصوصاً في غياب ضمانات أمنية لهم».
وسأل: «ما مسوغات العودة، في وقت لم يُسمح لنا بإيصال المساعدات إلى الموجودين في الداخل؟». وكشف أن «الأمم المتحدة تقدمت بأكثر من 100 طلب إلى الحكومة السورية منذ بداية عام 2018 للحصول على إذن يمكننا الوصول إلى المحاصرين ومساعدتهم، ولم تستجب الحكومة إلا لـ7% من هذه الطلبات، في وقت حصلنا في عام 2017 على 27% من هذه الأذونات من أصل نحو 200 طلب». وأكد أن هيئات الأمم المتحدة «تعاني من صعوبة التنقل من منطقة إلى أخرى، والاستجابة إلى نداءات الاستغاثة، بسبب الأعمال العسكرية التي تهدد حياة العاملين في هذه الهيئات».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.