ميدان «السيدة زينب»... من هنا يبدأ رمضان القاهرة

الحي الشعبي القديم يغير جلده ويجتذب المئات في شهر الصوم

المحلات والشوادر تصطف جنباً إلى جنب في حي «السيدة زينب» («الشرق الأوسط»)
المحلات والشوادر تصطف جنباً إلى جنب في حي «السيدة زينب» («الشرق الأوسط»)
TT

ميدان «السيدة زينب»... من هنا يبدأ رمضان القاهرة

المحلات والشوادر تصطف جنباً إلى جنب في حي «السيدة زينب» («الشرق الأوسط»)
المحلات والشوادر تصطف جنباً إلى جنب في حي «السيدة زينب» («الشرق الأوسط»)

في خلفية المشهد ترتفع نغمات الأغنية الشهيرة «رمضان جانا وفرحنا به»، وفي جانب آخر تتقاطع معها نغمات أغنية «وحي يا وحوي»... وبين هذه وتلك يأتي المشهد ذاته بأبطاله... وبلا منازع تستحق «الفوانيس» البطولة الأولى، بأشكال وأحجام مختلفة وبألوان تسرّ الناظرين تحيط بزائر المكان... أمّا باقي الأبطال فيأتي ظهورها تباعاً... الياميش، والتمور، والكنافة، والأنوار، والزينة المُعبرة عن بهجة رمضان.
ما سبق هو المشهد الذي يمكن أن يعيشه الزائر لميدان «السيدة زينب» في القاهرة، الذي يمكن القول إنّ شهر رمضان المعظم يبدأ في القاهرة منه، فمع حلول شهر شعبان، ينتفض الميدان مغيراً جلده استعداداً لأيام الصيام المباركة، ومع العد التنازلي لبدء الشهر الفضيل تتوالى السّمات الرمضانية، فكل ركن من أركان الميدان يتهيأ لاستقبال الشهر المبارك، مكتسياً بالحُلل الرمضانية، كما يتغير زائروه الذين يقصدونه لشراء بضاعة رمضان، التي تمثل ركنا هاما من طقوس الشهر والتي ارتبطت بالمصريين منذ نعومة أظفارهم.
يُعدّ «السيدة زينب» أحد أحياء القاهرة الشعبية القديمة، الذي اشتق اسمه من وجود مسجد وضريح السيدة زينب رضي الله عنها به والذي يقصده العديد من الرواد سواء من المصريين أو البلاد العربية والإسلامية، وفي محيط المسجد ينتشر الباعة وتصطف المحلات والشوادر ذات البضائع المختلفة التي يقصدها الآلاف خلال أيام الشهر الكريم سواء خلال ساعات الصيام أو ما بعد الإفطار حتى مطلع الفجر.
وعلى الرّغم من ارتفاع الأسعار وحالة الغلاء العامة التي تسيطر على كل البضائع والسلع في مصر، فإنّ الميدان يحافظ على بضاعته وطقوسه وزائريه خلال هذه الأيام. مع الخطوات الأولى في الميدان يكون الزائر على موعد من «الفوانيس»، حيث تنتشر أسواق ومحال بيعها عارضة العديد من الموديلات المصنوعة من خامات مختلفة، مثل الصاج والخشب وأقمشة الخيامية وكذلك الورقية، لكي تلبي جميع الأذواق، وأيضا لكي تناسب جميع الطبقات من حيث الأسعار.
تقول إحسان، ربة منزل، التي كانت تفاضل بين عدد من الفوانيس لشراء أحدها، لـ«الشرق الأوسط»: «حضرت إلى الميدان لشراء فانوس لحفيدي، وحضرت خصيصاً إلى هنا، لأنّني أعلم أنّ الأنواع والأحجام متعددة، وهو ما وجدته بالفعل، فهذا التنوع يتيح فرصة أكبر لشراء الأجود. كما أنّ الأسعار مناسبة إلى حد ما مقارنة بمحلات بيع الفوانيس في أحياء القاهرة الأخرى».
تجاور الفوانيس بضاعة رمضانية رائجة لا يخلو منها المنزل المصري، ألا وهي ياميش رمضان المتمثل في المكسرات والتمور والمشروبات الطبيعية،. وتكثر في الميدان بل وتتجاور، أعداد كبيرة من المحلات والشوادر التي تبيع هذه الأصناف، وأمامها تكثر الزبائن التي تنتقي ما يروق لها ولإمكانياتها المادية.
بجوار سور مسجد السيدة زينب تنتشر بضاعة أخرى تلقى رواجاً مع بداية شهر رمضان تتمثل في بيع الآنية الفخارية والطواجن و«البريمات». يقول أحد باعتها علي متولي الذي قدم من محافظة سوهاج (في صعيد مصر) لعرض بضاعته، لـ«الشرق الأوسط»: «تلقى هذه الآنية إقبالاً مع الشهر الكريم، إذ تقبل السيدات على شرائها لطهي أنواع الطعام وصنعها خصيصا تلك التي تناسب أجواء الصيام، وتكون آنية صحية مصنوعة من الطينة الأسواني الشهيرة بجودتها، مما يعطي مذاقاً شهياً مختلفا للأطعمة مقارنة بالآنية الأخرى».
ويبين متولي، أنّ الإقبال على الأحجام الصغيرة، يكون كبيراً لأنّها تلائم صنع الزبادي وأصناف الحلوى، أمّا الأحجام الكبيرة فهي تناسب «العزومات» العائلية التي تكثر خلال الشهر الفضيل، حيث تطهى بداخلها اللحوم وغيرها من الأصناف.
من علامات ميدان «السيدة زينب» محل «عرفة الكنفاني»، أحد أقدم محال الكنافة في مصر، حيث توارث أبناء العائلة هذه المهنة أبا عن جد، وحيث كان الجد الكبير عرفة أول من أعاد صناعة الكنافة إلى مصر في عام 1870، بعد أن اختفت لعشرات السنين. ولهذه العراقة لا يخلو المحل دائما من الزبائن، الذين يقصدونه من أحياء القاهرة وكذلك المحافظات القريبة من العاصمة، حرصاً على شرائها بمذاقها المميز خلال شهر رمضان.
في الميدان أيضا تعرف المهن الرمضانية طريقها، ومنها على سبيل المثال محلات بيع المخللات وتصنيعها أو «الطرشي»، كما يسميها المصريون، فهو فاتح الشهية الأول والذي لا تخلو منه موائد الإفطار الرمضانية. وعلى الرّغم من انتشار محلات بيع وتصنيع الطرشي في ميدان السيدة زينب، إلّا أنّ محلات طرشي «الحريف» هي الأشهر، حيث يعتبر التوقيت الحالي هو موسم عملهم السنوي. كما تنتشر محلات بيع العصائر الطبيعية التي تلائم طبيعة الشهر، مثل التمر الهندي والعرقسوس والخروب والكركديه، فقبل أيام من شهر رمضان تبدأ المحلات في الميدان بإعداد هذه العصائر التي يكون عليها إقبال كبير من جانب المصريين للتهوين عليهم من شدة الحر والعطش الذي يعيشونه خلال الصيام طوال النهار.
يضم ميدان «السيدة زينب» كذلك، العديد من المطاعم الشعبية التي عدت العدة لاستقبال الشهر الفضيل، حيث تجتذب الكثير من الزبائن لا سيما المشاهير لارتيادها، خاصة على وجبة السحور التي يكون قوامها الفول والفلافل.
في خلفية جميع هذه المشاهد والزحام، تتلألأ أنوار المسجد الزينبي في ساعات الليل خلال هذه الأيام، جرياً على عادتها السنوية، لتعطي شعوراً بالبهجة التي يعيشها المصريون خلال الشهر الكريم، فيما تتزين الشوارع الجانبية بالزينات الورقية مختلفة الألوان.



محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
TT

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)

تباينت نهايات الحلقات الأخيرة من مسلسلات شهر رمضان، التي تزامن عرْض بعضها مساء (الجمعة) مع أول أيام عيد الفطر في كثير من دول العالم، بين النهايات السعيدة والصادمة وأخرى دامية.
كما اتّسم أغلبها بالواقعية، والسعي لتحقيق العدالة في النهاية، ولاقى بعضها صدى واسعاً بين الجمهور، لا سيما في مسلسلات «جعفر العمدة»، و«تحت الوصاية»، و«عملة نادرة»، و«ضرب نار»، و«رسالة الإمام»، و«ستهم».
وشهدت الحلقة الأخيرة من مسلسل «جعفر العمدة» نهاية سعيدة، وفق محبّيه، انتهت بمواجهة ثأرية بين المَعلّم جعفر (محمد رمضان) وزوجته دلال (إيمان العاصي)، حيث طلب من نعيم (عصام السقا) إبلاغ الشرطة لإلقاء القبض عليها، بعدما تمكّن الأول من تسجيل فيديو لزوجته وشقيقيها وهي تقتل بلال شامة (مجدي بدر) واعترافاتها بكل ما قامت به.
وبعد ذلك توجّه جعفر مع ابنه سيف (أحمد داش) إلى بيته في السيدة زينب، حيث اقتصَّ من شقيقَي زوجته دلال، ثم أعلن توبته من الربا داخل المسجد ليبدأ صفحة جديدة من حياته، ولم تتبقَّ سوى زوجته ثريا (مي كساب) على ذمته.
وأشاد الجمهور بأداء الفنانة إيمان العاصي وإتقانها دور الشر، وتصدرت ترند «تويتر» عقب انتهاء الحلقة، ووجهت الشكر للمخرج محمد سامي والفنان محمد رمضان، وكتبت عبر «فيسبوك»: «مهما قلتُ وشكرت المخرج الاستثنائي بالنسبة لي، ونجم الشعب العربي الكبير الذي يحب زملاءه ويهمّه أن يكونوا في أحسن حالاتهم لن يكفي بوست واحد لذلك».
مشهد من مسلسل «ضرب نار» (أرشيفية)

وفي مسلسل «ضرب نار» شهدت الحلقة الأخيرة نهاية دامية بمقتل مُهرة (ياسمين عبد العزيز) أثناء احتفالها وجابر (أحمد العوضي) بزواجهما مرة أخرى، حيث أطلق نجل تاجر مخدرات رصاصة لقتل الأخير، لكن زوجته ضحّت بنفسها من أجله، وتلقت الرصاصة بدلاً منه، قبل القبض على جابر لتجارته في السلاح، ومن ثم تحويل أوراقه للمفتي.
من جهته، قال الناقد الفني المصري خالد محمود، إن نهاية «(جعفر العمدة) عملت على إرضاء الأطراف جميعاً، كما استوعب محمد رمضان الدرس من أعماله الماضية، حيث لم يتورط في القصاص بنفسه، بل ترك القانون يأخذ مجراه، وفكّ حصار الزوجات الأربع لتبقى واحدة فقط على ذمته بعد الجدل الذي فجّره في هذا الشأن».
وأضاف محمود في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «نهاية مسلسل (ضرب نار) جاءت بمثابة صدمة للجمهور بمقتل مُهرة، لكن المسلسل حقق العدالة لأبطاله جميعاً؛ مُهرة لكتابة ابنها من جابر باسم زوجها الثاني وتضحيتها بحبها، وجابر لقتله كثيراً من الناس، كما اقتص من زيدان (ماجد المصري)».
بوستردعائي لمسلسل «تحت الوصاية» (أرشيفية)

بينما انحاز صناع مسلسل «تحت الوصاية» لنهاية واقعية، وإن بدت حزينة في الحلقة الأخيرة من المسلسل، حيث قام بحارة بإشعال النار في المركب بإيعاز من صالح (محمد دياب)، وفشلت محاولات حنان (منى زكي) والعاملين معها في إخماد الحريق، ثم تم الحكم عليها بالسجن سنة مع الشغل والنفاذ في قضية المركب.
وشهد مسلسل «عملة نادرة» ذهاب نادرة (نيللي كريم) إلى حماها عبد الجبار (جمال سليمان) في بيته للتوسل إليه أن يرفع الحصار عن أهل النجع فيوافق، وبينما يصطحبها إلى مكان بعيد حيث وعدها بدفنها بجوار شقيقها مصوّباً السلاح نحوها، سبقته بإطلاق النار عليه ليموت في الحال آخذة بثأر أخيها.
وانتقدت الناقدة الفنية المصرية صفاء الليثي نهاية مسلسل «عملة نادرة» بعد قيام البطلة (نادرة) بقتل عبد الجبار، ثم تقوم بزراعة الأرض مع ابنها وكأن شيئاً لم يحدث، وسط غياب تام للسلطة طوال أحداث المسلسل، «وكأن هذا النجع لا يخضع للشرطة، ومن الصعب أن أصدّق أن هذا موجود في مصر في الوقت الحالي».
مشهد من مسلسل «ستهم» (أرشيفية)

بينما حملت نهاية مسلسل «ستهم» من بطولة روجينا عديداً من المفاجآت، حيث قام الرئيس بتكريمها ضمن عدد من السيدات اللاتي تحدَّين الظروف ومارسن أعمالاً شاقة وسط الرجال، حيث أشرق وجهها فرحة بعد سنوات من المعاناة.
واختار المخرج السوري الليث حجو، نهاية ثوثيقية للمسلسل الديني «رسالة الإمام» عبر تتر الحلقة الأخيرة، الذي تتّبع كيف انتهت رحلة شخصيات المسلسل الذي تناول سنوات الإمام الشافعي في مصر، موثقاً هذه الحقبة المهمة في تاريخ مدينة الفسطاط، ومن بينها تنفيذ السيدة نفيسة وصيةَ الشافعي وقيامها بالصلاة عليه بعد وفاته، لتبقى في مصر حتى وفاتها عام 208 هجرية.