مرض «باركنسون»... الأعراض والعلاج

اضطراب تدميري للجهاز العصبي يؤثر على نظام الحركة

مرض «باركنسون»... الأعراض والعلاج
TT

مرض «باركنسون»... الأعراض والعلاج

مرض «باركنسون»... الأعراض والعلاج

مرض باركنسون Parkinson›s disease (PD) أو «الشلل الرعاش» هو اضطراب تدميري طويل الأمد للجهاز العصبي المركزي يؤثر أساساً على النظام الحركي، ويتمكن المصابون به من التعايش معه لعقود بعد التشخيص باستخدام العلاج المناسب.
وتقدر الإحصاءات عدد الأشخاص المصابين بمرض باركنسون بحوالي 7 ملايين شخصا حول العالم. وفي الولايات المتحدة، هناك ما يقرب من مليون مصاب، يصاب منهم حوالي 2 - 10 في المائة قبل سن الخمسين ويطلق عليه مرض «الشلل الرعاش» الشبابي. ويعد مرض باركنسون ومضاعفاته المتسبب رقم 14 للوفاة في الولايات المتحدة، وفقا لتصنيف مراكز مراقبة الأمراض والوقاية منها (CDC).
وفي حالات نادرة، يمكن أن تظهر الأعراض الشبيهة بالباركنسون عند الأطفال والمراهقين، فيطلق عليه «الشلل الرعاش» عند الصغار، وغالباً ما يرتبط بطفرات جينية محددة ذات مخاطر عالية.
ومحليا، تشير البيانات إلى أن هناك نحو 7000 مريض يعانون من مرض الشلل الرعاش في السعودية في الوقت الحالي (وفقا لإحصاءات الجمعية السعودية للأعصاب).
-- أسباب وأعراض
أما سبب المرض فلا يزال مجهولا إلى حد كبير. وكذلك العلاج فليس هناك علاج متخصص للمرض وما زال الطب، إلى الآن، عاجزا عن تقديم أي علاج لإبطاء أو حتى وقف تطور المرض. والمتوفر من خيارات العلاج في الوقت الحالي موجه لتحسين الأعراض فقط دون إبطاء أو وقف تطور المرض
تبدأ الأعراض بشكل خفي ثم تتطور ببطء على مدى سنوات قد تصل إلى 20 سنة، ثم تبدأ في الظهور في مراحل لاحقة من المرض عندما يتم فقدان كمية كبيرة من الخلايا العصبية الصبغية، أو تكون قد أصيبت بالضعف. وفي هذه المرحلة تتكون تجمعات بروتينية تسمى أجسام ليوي Lewy bodies (وهي تراكم غير طبيعي لبروتين ألفا سيناكلين synuclein) في الخلايا العصبية.
وتختلف الأعراض من شخص لآخر بسبب تنوع المرض، ومن الأعراض الشائعة:
- أعراض متعلقة بالحركة: الرعاش tremor الذي يحدث عادة في حالة الراحة، بطء الحركة، تصلب الأطراف، ومشاكل في المشي والتوازن.
- أعراض غير متعلقة بالحركة: من أمثلتها: اللامبالاة، الاكتئاب، الإمساك، اضطرابات سلوك النوم، وفقدان حاسة الشم والضعف الإدراكي. وغالباً ما يكون الأشخاص المصابون بالمرض أكثر تأثراً بهذه المجموعة من الأعراض غير الحركية مقارنة بالأعراض الحركية.
-- حقائق مرض باركنسون
فيما يلي مجموعة من الحقائق العلمية حول المفاهيم السائدة بين الناس حول مرض باركنسون ومعالجته، نقدمها من أجل التمييز بين الواقع والخيال وتحسين مستوى العناية وجودة الحياة للمريض، وهي:
> العديد من الأعراض الشائعة التي يعاني منها المريض لا علاقة لها بالحركة وتظل «غير مرئية» وقد تؤثر على الحياة اليومية أكثر من صعوبات الحركة الأكثر وضوحا، وتشمل: ضعف حاسة الشم، اضطرابات النوم، أعراض معرفية، الإمساك، أعراض المثانة، التعرق، الضعف الجنسي، التعب، الألم (خاصة في الأطراف)، الوخز، الدوار، والقلق والاكتئاب. إن من الأخبار السارة هنا أن معظم هذه الأعراض غير الحركية قابلة للعلاج بشكل كبير.
> أعراض باركنسون متقلبة، وليست كلها مرئية. لهذا السبب، قد لا تعكس الطريقة التي يظهر بها المريض في لحظة ما حقيقة ما يشعر به بقية الأوقات. أيضا، قد لا يشعر بحالة جيدة بسبب الأعراض غير الحركية. والنصيحة أن يحتفظ المريض بمذكرة يومية للأعراض، فإذا كانت أعراضه تتقلب خلال النهار، فعندئذ يجب عليه تتبع نمط «الأوقات» التي تعمل خلالها الأدوية بشكل فعال، والأوقات التي تتوقف فيها عن العمل، وهذا يمكِّن الطبيب من تحسين التحكم في الأدوية.
> لا ينبغي أبدا أن يعزو المريض أي عرض يشعر به لمرض باركنسون. على سبيل المثال، لا تعتبر الحمى من أعراض المرض، وعادة ما تشير إلى وجود عدوى. الصداع، وفقدان الرؤية، والدوار، وفقدان الإحساس، وفقدان قوة العضلات وألم الصدر ليست من أعراض المرض. فيجب على الأطباء استبعاد الأسباب الأخرى لهذه الأعراض، فالأعراض المفاجئة مثل ألم الصدر، وضيق التنفس، والضعف، وصعوبة الكلام، أو الدوار - تتطلب عناية طبية فورية لاستبعاد حالة طارئة.
> إذا تعرض المريض لتفاقم أعراض المرض فجأة خلال أيام أو أسابيع، فمن الضروري البحث عن سبب آخر كامن. يمكن لتغيرات الأدوية، أو العدوى، أو الجفاف، أو الحرمان من النوم، أو الجراحة الحديثة، أو الإجهاد، أو غيرها من المشاكل الطبية أن تزيد من تفاقم الأعراض. ومثلا فإن التهابات المسالك البولية (حتى بدون أعراض المثانة) هي سبب شائع بشكل خاص. كما أن بعض الأدوية يمكن أن تتسبب في تفاقم الأعراض، وتشمل هذه الأدوية مضادات الذهان، وحامض الفالبرويك الليثيوم، وأدوية الغثيان. وعلى المريض أن يتحدث مع طبيب الأعصاب قبل البدء بأحد هذه الأدوية، لمعرفة ما إذا كان هناك بديل أفضل.
> إن عقار ليفودوبا Levodopa لا يتوقف عن العمل بعد خمس سنوات، كما يعتقد بعض المرضى ويشاركهم في ذلك بعض الأطباء، نعم هو لا يعالج جميع الأعراض ولكنه يستخدم منذ عقود في تعطيل الأعراض الحركية بفاعلية كبيرة، كما ثبت أنه يعمل على تحسين نوعية الحياة.
> عقار ليفودوبا Levodopa يكون أكثر فعالية عندما يؤخذ في وقته المحدد بانتظام، فنسيان جرعة منه قد يتسبب في تعطيل عمل الجرعة التالية بالفعالية المطلوبة لبقية اليوم.
> ألوان أقراص carbidopa - levodopa تكون ثابتة نسبيا بين العلامات التجارية، فمثلا الجرعة الأكثر شيوعاً من carbidopa - levodopa هي 25-100 مليغرام تكون دائما صفراء اللون بغض النظر عن العلامة التجارية. فإذا تغير لون الأقراص بدون سبب واضح، وجب التحقق من أنك لا تزال تتلقى الجرعة الصحيحة.
-- مقياس تطور باركنسون
لا يزال العلماء حاليا يعكفون للكشف عن طرق لتحديد المؤشرات الحيوية لمرض باركنسون والتي يمكن أن تؤدي إلى تشخيص مبكر وإلى علاجات أكثر تخصصاً في إبطاء عملية تطور المرض.
ويستخدم الأطباء غالباً مقياس هوهن وياهر Hoehn وYahr لقياس مدى تطور المرض على مر السنين، ويشمل على مراحل تبدأ من صفر إلى خمسة، حيث «صفر» يعني عدم وجود أي علامات تشير لمرض باركنسون و«خمسة» يعني وجود المرض في مرحلة متقدمة.
وللوقاية من هذا المرض ومضاعفاته والتمتع بنوعية حياة جيدة، ينصح المرضى بضرورة تفهم المرض وتطوراته، والمتابعة المنتظمة مع الطبيب المعالج واتباع نصائحه حول طرق استخدام أدوية بدائل الدوبامين لتعويض مستويات الدوبامين المنخفضة أو المعدومة في الدماغ بسبب ضعف الخلايا العصبية (العصبونات) في المادة السوداء للدماغ، وفقا للدكتور أحمد الكوزي، زميل اضطرابات الحركة في جامعة فلوريدا، مركز التميز التابع لمؤسسة باركنسون، www.parkinson.org).
علاج المرض
لأكثر من 100 سنة، عرف العلماء البصمات العصبية والمرضية لمرض باركنسون والتي تسمى أجسام ليوي (Lewy bodies) وهي عبارة عن تجمعات للبروتين مع فقدان الخلايا العصبية الصبغية في الدماغ الأوسط. وهذا الأخير يعكس التنكس العصبي للخلايا العصبية المفرزة لهرمون الدوبامين في المادة السوداء (substantia nigra) في الدماغ.
ومنذ عام 1961، تم اكتشاف العقار المشهور لـدوبا ((L - Dopa كبديل للدوبامين في علاج مرض باركنسون، لأكثر من 50 عاماً. ونظرا لفعالية هذا العقار الكبيرة في الحد من الأعراض الحركية للمرض، فقد اعتبر مرض باركنسون، ولوقت طويل، اضطرابا حركيا فقط.
ثم ظهرت تقنية التحفيز العميق للدماغ (deep brain stimulation، DBS) لنواة تحت المهاد، وكان له تأثير إيجابي في الحد، أيضا، من الأعراض الحركية للمرض.
وهذه الإنجازات العلاجية العرضية لمرض باركنسون قد تفسر سبب إهمال تطوير علاجات أخرى لمجموعة واسعة من الأعراض غير الحركية المصاحبة للمرض والتي تؤدي إلى إعاقة المريض طوال فترة المرض. وبالإضافة إلى ذلك، تم تنفيذ جهود بحثية على تطوير العقاقير المعدلة للمرض إلى حد كبير في نماذج القوارض إلا أن نتائجها قد فشلت أن تُترجم إلى عقاقير ناجحة سريريا، من الوجهة العلمية العصبية. وما زالت الأبحاث قائمة.
واعتبارا من العام الماضي 2017، وللمرة الأولى في التاريخ، ظهر بصيص أمل لمرضى باركنسون وذويهم وحتى أطبائهم المعالجين عن التوصل لمواد ذات تأثير محتمل لتعديل مسار المرض، هي في طور الدراسة والتطوير.
-- اليوم العالمي للشلل الرعاش
> شاركت المملكة دول العالم في اليوم العالمي لمرض الشلل الرعاش المعروف بـ«باركنسون» والذي صادف يوم 11 من شهر أبريل (نيسان) الحالي. وقد أقيمت ندوة بهذه المناسبة في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض، بهدف زيادة التوعية حول هذا المرض.
وأوضح البروفسور سعيد بوحليقة رئيس الجمعية السعودية للأعصاب والاستشاري الأول في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، أن مرض الشلل الرعاش هو مرض عصبي تدريجي يؤثر على الوظائف الحركية للمريض، بما يمكن أن يؤدي إلى أعراض حركية وأخرى غير حركية.
ويؤكد البروفسور بوحليقة ضرورة رفع مستوى الوعي العام حول مرض الشلل الرعاش بعد اكتشافه، فمن تجربته الخاصة أن العديد من الناس لا يعرفون سوى القليل عن هذه الحالة، وهذا مما يسبب قلقاً لما يمكن أن تؤول له الأمور من عدم رغبة المرضى في الحصول على العلاج المناسب وعزل أنفسهم عن حياتهم الاجتماعية بسبب أعراض المرض.
وأضاف أن الأشخاص المصابين بمرض الشلل الرعاش، غالباً، ما ينكرون في البداية إصابتهم بالمرض، ويكونوا غير متأكدين من كيفية التعايش معه، ومن هنا تبرز أهمية تثقيف المرضى والعائلات من أجل الحفاظ على نوعية حياة جيدة، وخلافاً لذلك يمكن أن تؤدي الإصابة بالمرض إلى وصمة اجتماعية، واكتئاب شديد وعبء كبير على الأسرة، حيث يجب ألا يعالج الأمر بهذه الطريقة.
وأكد أنه على الرغم من عدم وجود علاج لهذا المرض حالياً، إلا أن أبحاث مرض الشلل الرعاش أظهرت تقدماً كبيراً على مدى السنوات القليلة الماضية، فعلى سبيل المثال، كان هناك بحث مرتبط بالمؤشرات الحيوية يمكن أن يساعد في توضيح ما إذا كان الشخص عرضة لهذه الحالة فيتم التشخيص مبكرا، وهناك أيضاً خيارات علاجية فعالة يمكن أن تساعد المرضى على التعايش مع الحالة لمدة تصل إلى 20 - 30 سنة بعد التشخيص الأصلي، فتشخيص مرض الشلل الرعاش لا يعد حكماً بالإعدام.
وأخيرا يقدم البروفسور بوحليقة نصيحة لمرضى باركنسون ومن يعتقدون أنهم سوف يواجهون أعراض المرض: ضرورة طلب المشورة الطبية والتشخيص المبكر والعلاج إذا لزم الأمر، وعليهم ألا يقبلوا بالوضع الحالي فإذا لم يتم التحكم في الأعراض بشكل صحيح سوف تسوء حالتهم، أما بالنسبة للعائلات، فإنه يحثهم على تثقيف أنفسهم والقراءة حول هذه الحالة وفرص العلاج المتاحة حتى يكونوا في أفضل وضع لدعم مريضهم.


مقالات ذات صلة

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19»....

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».